تنظيم المحتوى والرقابة عليه, التشهير / السمعة, البذائة/الاباحية
رودريغيز ضد شركة جوجل
الأرجنتين
قضية مُنتهية الحكم يُعزز من حُرية التعبير
حرية التعبير العالمية هي مبادرة أكاديمية، ولذلك، نشجعك على مشاركة وإعادة نشر مقتطفات من محتوانا طالما لا يتم استخدامها لأغراض تجارية وتحترم السياسة التالية:
• يجب عليك الإشارة إلى مبادرة جامعة كولومبيا لحرية التعبير العالمية كمصدر.
• يجب عليك وضع رابط إلى العنوان الأصلي للتحليل القضائي أو المنشور أو التحديث أو المدونة أو الصفحة المرجعية للمحتوى القابل للتنزيل الذي تشير إليه.
معلومات الإسناد وحقوق النشر والترخيص لوسائل الإعلام المستخدمة من قبل مبادرة حرية التعبير العالمية متاحة على صفحة الإسناد الخاصة بنا.
هذه القضية متاحة بلغات إضافية: استعرضها بلغة أخرى: English استعرضها بلغة أخرى: Español استعرضها بلغة أخرى: Français
رأت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أنّ مصادرة كتاب مخصّص للقرّاء المراهقين يحتوي على فصول حول الجنس منها أقسام فرعية مخصصة لمواضيع مثل ممارسة العادة السّرية ووسائل منع الحمل والعادة الشهرية والأفلام الإباحية والشذوذ الجنسي والإجهاض وبعض العناوين للمساعدة والنصائح حول المشاكل الجنسية لا يُمثل انتهاكا للحق في حُرية التعبير. كانت هذه القضية من بين قضايا حرية التعبير الأولى التي نظرت فيها المحكمة، ووضعت معيارا صارما لدراسة هذه القضايا يقع العمل به لغاية اليوم. وأكّدت بالخصوص أنّ مبدأ “حرية التعبير” لا ينطبق فقط على ‘المعلومات’ أو ‘الأفكار’ التي يقع تلقّيها بصورة إيجابية أو التي تُعتبر غير مضرّة أو غير مستدعية للاهتمام، بل ينطبق كذلك على الأشخاص الذين يسيئون للدولة أو أيّ شريحة من الشعب أو يتسببون في حيرتها وإزعاجها.
وقع تحليل هذه القضية بمساهمة منظمة المادّة ١٩ ARTICLE 19
كان ريشارد هاندي سايد مالك دار النشر “ستيدج وان” قد قام بشراء حقوق النشر البريطانية لكتاب “ذا ليتل ريد سكول بوك” الذي شارك في تأليفه سورين هانسن وجيسبر جينسن. وقع نشر الكتاب في البداية سنة ١٩٦٩ في الدنمارك ونُشرت نسخ مترجمة لهذا الكتاب لاحقا في بلجيكا وفنلندا وفرنسا وألمانيا الغربية واليونان وأيسلندا وإيطاليا وهولندا والنرويج والسويد وسويسرا وعديد البلدان غير الأوروبية.
يحتوي أحد فصول الكتاب على قسم يتركّب من ٢٦ صفحة يتضمّن مواضيعا حول “الجنس”. أرسل هاندي سايد مئات النسخ لمراجعة الكتاب وقام ببحث صحفي لتنقية المنشورات من صحف محلية ووطنية إلى صحف تعليمية وطبية. كما وقع تخصيص إعلانات لترويج الكتاب الذي صار موضع تعاليق صحفية كثيرة وكانت ردود الأفعال متباينة حول محتواه.
وبعد تلقي عديد الشكاوى، طلب مدير النيابة العامة من شرطة المدينة التحقيق في الكتاب والتثبت من انتهاكه لقوانين الإباحية. وكانت النتيجة حجز أكثر من ألف نسخة للكتاب بموجب قانون المنشورات الإباحية إلى جانب أوراق الإعلانات والملصقات والرسائل المتعلقة بنشر وبيع الكتاب. وعقب ذلك، وقع إصدار مذكرات حضور ضدّ هاندي سايد لامتلاكه كتبا إباحية الغرض منها النشر للربح. أوقف هاندي سايد التوزيع وأمر المكتبات بفعل ذلك. وفي المحاكمة وُجد هاندي سايد مذنبا لامتلاكه منشورات إباحية لغرض الربح وغُرّمَ وأُمر بدفع النفقات. كما خسر القضية في الاستئناف.
رأت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أنّ إدانة هاندي سايد تُعتبر تدخّلا في حق حرية التعبير الذي ‘نصّ عليه القانون’ وطبقت الهدف الشرعي لحماية الأخلاقيات بقضية ما إذا كان التدّخل فيها ‘ضروريا في مجتمعِ مدني’ أم لا.
اعتبرت المحكمة أنّه لا يوجد إجماع أوروبي على حماية الأخلاقيات العامة ولا سّيما فيما يتعلّق بالأطفال. لذلك يجب ترك هامش من التقدير للدولة في تفسير ما إذا كان إجراء من الإجراءات المعينة ‘ضروريا’. وفي نفس الوقت أكّدت المحكمة أنّ اختبار ‘الضرورة’ صارم: في حين تكون الصفة ‘ضروري’… ليست مرادفة للصفة ‘لا غنى عنه’… الكلمات ‘ضروري جدّا’ و ‘له ضرورة قصوى’ …ليس لديها مرونة على غرار ‘مسموح’ و’عادي’ و’مُجدي’ و’محبّذ’. (الفقرة ٤٨)
كما أفادت المحكمة أنّه من الضروري الانتباه الشديد للمبادئ التي يُميّز بها ‘المجتمع الديمقراطي’. وترى بالتحديد أنّ “حرية التعبير تمثّل أساسا من الأسس الضرورية لمجتمع ديمقراطي وشرطا من الشروط الأساسية لتقدّمها وتطوّر كلّ الأفراد. وبخضوعها لقيود شرعية، فهي لا تنطبق فقط على “المعلومات” أو “الأفكار” التي وقع تلقيها بصورة إيجابية أو التي تُعتبر غير مضرّة أو غير مستدعية للاهتمام، بل تنطبق كذلك على الأشخاص الذين يسيئون للدولة أو أيّ شريحة من الشعب أو يتسببون في حيرتها وإزعاجها. هكذا هي مطالب التعددية والتسامح والتفتّح الذهني التي ليس ‘للمجتمع الديمقراطي’ مكان بغيابها. هذا يعني من بين عدّة أشياء أنّه يجب على أيّ ‘تصرّف’ أو ‘شرط’ أو ‘قيد’ أو ‘عقاب’ مفروض في هذا المجال أن يكون متناسبا مع الهدف المشروع المنشود.” (الفقرة ٤٩)
وعلّقت المحكمة أهمية خاصّة لحقيقة أنّ نشر الكتاب كان موجّها قبل كلّ شيء للأطفال والمراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين ١٢ و١٨. ونظرا لمحتواه المباشر والمختزل في الأساسيات من حيث الأسلوب، كان من السهل فهمه حتّى من طرف قارئيه الأصغر سنّا. وأوضح المدّعي مخططه لتسويق الكتاب وإشهاره على نطاق واسع، كما أنّه حدّد سعرا منخفضا لبيعه واختار عنوانا يوحي بأنّه نوع من الكتيبات المخصصة للاستعمال المدرسي. بينما يحتوي الكتاب على معلومات واقعية بحتة صحيحة ومهمّة بصفة عامّة فهو يتضمّن أيضا مقاطعا كان من الممكن أن يفسرها الأشخاص الذين هم في سن مبكرة وفي مرحلة حرجة من نموهم كتشجيع على انغماسهم في أنشطة مبكرة تضرّ بهم أو حتّى على ارتكاب جرائم. كما اعتبرت المحكمة أنّ عدم اتّخاذ إجراءات ضدّ النسخة المنقحة التي اختلفت كثيرا عن النسخة الأصلية في النقاط التي هي محلّ القضية يوحي برغبة السلطات في الاكتفاء بما هو ضرورة قصوى. ولهذه الأسباب لم تجد المحكمة أيّ انتهاك لحق حرية التعبير.
يشير اتجاه الحكم إلى ما إذا كان الأخير يُوسع من مدي التعبير أم يُضيقه بناءً على تحليل للقضية.
رغم أنّ المحكمة لم تعتبر مصادرة الكتاب انتهاكا للحق في حُرية التعبير فإن الحكم إذا تمّت قراءته كاملا يحدد معيارا عاما صارما لحماية حق حرية التعبير. وأصبح هذا القول المأثور خاصة أساس فقه حرية التعبير: “تمثّل حرية التعبير أحد أهم أسس هذا المجتمع وأهم الشروط الأساسية لتقدّمه وتطوّر كل الأفراد… فهي لا تنطبق فقط على “المعلومات” أو “الأفكار” التي وقع تلقيها بصورة إيجابية أو التي تُعتبر غير مضرّة أو غير مستدعية للاهتمام، بل تنطبق كذلك على الأشخاص الذين يسيئون للدولة أو أيّ شريحة من الشعب أو يتسببون في حيرتها وإزعاجها. هكذا هي مطالب التعددية والتسامح والتفتّح الذهني التي ليس ‘للمجتمع الديمقراطي’ مكان بغيابها. هذا يعني من بين عدّة أشياء أنّ أيّ ‘تصرّف’ أو ‘شرط’ أو ‘قيد’ أو ‘عقاب’ مفروض في هذا المجال يجب أن يكون متناسبا مع الهدف المشروع والمنشود.”
يوضح المنظور العالمي كيف تأثر قرار المحكمة بمعايير سواء من منطقة واحدة أو عدة مناطق.
تُشير أهمية هذه القضية إلى مدى تأثيرها وكيفية تغير مدى أهميتها بمرور الوقت.
أحكام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ملزمة لأطراف القضية وتشكّل تفسيرا موثوقا به لمعنى حقوق الاتفاقية لكل البلدان الأخرى التي هي طرف في الاتفاقية.
استشهدت المحاكم حول العالم بحكم هاندي سايد كحجة مقنعة في قضايا حرية التعبير.