تنظيم المحتوى والرقابة عليه
أ. مدزيناراشفيلي ضدّ لجنة الاتّصالات الوطنيّة الجورجيّة
جورجيا
قضية مُنتهية الحكم ذو نتيجة مُتباينة
حرية التعبير العالمية هي مبادرة أكاديمية، ولذلك، نشجعك على مشاركة وإعادة نشر مقتطفات من محتوانا طالما لا يتم استخدامها لأغراض تجارية وتحترم السياسة التالية:
• يجب عليك الإشارة إلى مبادرة جامعة كولومبيا لحرية التعبير العالمية كمصدر.
• يجب عليك وضع رابط إلى العنوان الأصلي للتحليل القضائي أو المنشور أو التحديث أو المدونة أو الصفحة المرجعية للمحتوى القابل للتنزيل الذي تشير إليه.
معلومات الإسناد وحقوق النشر والترخيص لوسائل الإعلام المستخدمة من قبل مبادرة حرية التعبير العالمية متاحة على صفحة الإسناد الخاصة بنا.
هذه القضية متاحة بلغات إضافية: استعرضها بلغة أخرى: English استعرضها بلغة أخرى: Español استعرضها بلغة أخرى: Français
أعلنت المؤسسة النمساوية المعروفة بمعهد بريمنغر للإنتاج السمعي البصري خلال شهر مايو ١٩٨٥ عن بثها مجموعة من الأفلام تشمل عرضا ساخرا يحتوي على تصوير مُبسّط للمسيحية. وبما أن التصريح بالإعلان تم خلال نشرة عامة للأنباء رفع المُدّعي العام دعوى جنائية ضدّ المُؤسسة بطلب من الكنيسة المسيحية الرومانية مُتهما فيها الشريط بالاستهانة بالعقائد الدينية بمُقتضى القسم ١٨٨ من القانون الجنائي. واعتمادا على قانون النمسا للإعلام حجز فيما بعد المُدعي ذلك الفيلم ومنع نشره للعامة.
لم تعتبر المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان حجز الحكومة للفيلم انتهاكا للحق في حُرية التعبير بحسب المادة ١٠ للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. واعتبارا لغياب موقف موحّد في أوروبا بخصوص دلالة الدين في المُجتمع اعتبرت المحكمة أن السلطات الوطنية تتمتع بهامش لتقييم ضرورة فرض قيود تحول دون الإساءة للمُعتقدات الدينية.
كانت المؤسسة النمساوية معهد بريمنغر للإنتاج السمعي البصري جمعية خاصة بإينسبروك بالنمسا تعمل على دعم الإبداع والتواصل والترفيه من خلال وسائل الإعلام السمعية والبصرية.
أصدرت الجمعية سنة ١٩٨٥ إعلانا ببث ستة عروض لفيلم داس ليبسكونزيل (مجلس في الجنة). كان هذا الفلم ممنوعا لمن سنهم دون السابعة عشر. لم يحتو الإعلان على لقطات من الفيلم بل على بيان يُشير إلى وجود صور وحماقات تُجسّد الديانة المسيحية برسوم كاريكاتيرية.
وبطلب من الكنيسة المسيحية الرومانية رفع المُدّعي العام يوم ١٠ مايو ١٩٨٥ دعوى جنائية ضد المسؤول عن مؤسسة الإنتاج السيّد ديتمار زينغل بتُهمة “الاستهزاء بالمُعتقدات الدينية” التي يمنعها القسم ١٨٨ من القانون الجنائي.
اعتبرت أولا المحكمة أن مسألة حجز الشريط تهدف إلى غرض شرعي بحسب معنى المادة ١٠ من الاتفاقية. وذكرت بأن “الطريقة المُعتمدة لدحض أو مُعارضة المُعتقدات والأديان هي مسألة يُمكن أن تُثير مسؤولية الدول وهي أساسا مسؤوليتها في التأكد من الممارسة السلمية للحق المضمون بالمادة ٩ من طرف أصحاب تلك المُعتقدات أو الأديان”. (الفقرة ٤٧).
في القضية الحالية كان الهدف من تطبيق القسم ١٨٨ من القانون الجنائي النمساوي قطع الطريق أمام كل سلوك يُمكن أن يعارض الدين فينتج عنه التالي “امتعاض مُبرّر”. فبالتالي وحسب المحكمة كان الهدف منه حماية المواطنين من خطر أن تُشتم مُعتقداتهم الدينية من خلال التعبير العام. اعتمادا على الصيغ المُستعملة من قبل المحاكم النمساوية وكيفية التعبير عنها لُغويا وجدت المحكمة أن عملية الحجز بصفتها تدخلا كانت فعلا تهدف إلى غاية شرعيّة (الفقرة ٤٨).
ناقشت ثانيا المحكمة ضرورة اجراء مثل هذا الحجز وكذلك المصادرة في المُجتمعات الديمقراطية. أكّدت في مرحلة أولى على أهمية الحكم المُتخذ في قضية هانديسايد ضدّ المملكة المُتحدة في الدّعوى رقم ٥٤٩٣-٧٢ (١٩٧٦) الذي اعتبر بأن المادة ١٠ من الاتفاقية لا تنطبق على “المعلومات” أو “الأفكار” التي يتقبلها العموم بارتياح وتُعتبر غير مُضرّة أو أنها لا تحمل أهمّية وكذلك على الأفكار التي تُصدم وتُسيئ وتُحرج الدولة أو أي فئة من المُجتمع. فتلك هي مطالب التعددية والتسامح والانفتاح التي لا يُمكن لمُجتمع ديمقراطي أن يستمرّ بدونها ” (الفقرة ٤٩).
رأت هنا المحكمة بأن المحكمة المحلية بالنمسا لم تتجاوز هامش التقييم المُتاح لها في الاعتبار بوجود “حاجة اجتماعية مُلحّة” للحفاظ على السلم الديني مع الأخذ بعين الاعتبار بكون نفاذ الجمهور للشريط موضوع القضية يمثل تعبيرا عاما قد يرتقي إلى درجة الإساءة.
كما رأت المحكمة بأن السلطات حاولت بحجزها الشريط الحفاظ على السلم الديني في المنطقة وتجنب شعور الناس بكونهم عُرضة للهجمات على أديانهم ومُعتقداتهم بصفة غير مبررة وعدائية. واعتمدت بعد ذلك نفس التفكير في عملية مصادرة الحكومة للشريط.
بالتالي اعتبرت بأن حجز الحكومة للشريط ومصادرته لا يرتقيان إلى انتهاك لأحكام المادة ١٠ من الاتفاقية .
(أنظر الدين والأخلاق والإلحاد والإباحة لمنظمة المادة ١٩ لمزيد من الآراء والمواقف حول تقييد حُرية التعبير لحماية الأخلاق العامة والمُعتقدات الدينية في النظام الأوروبي لحقوق الإنسان موجود على الرابط التالي: https://www.article19.org/pages/en/religion-morality-blasphemy-obscenity-more.html)
يشير اتجاه الحكم إلى ما إذا كان الأخير يُوسع من مدي التعبير أم يُضيقه بناءً على تحليل للقضية.
تُبرز هذه القضية بصفة واضحة حدود تطبيق هامش التقييم. وقع هنا تطبيق القضية المشهورة هانديسايد ضدّ المملكة المُتحدة في الدّعوى عدد ٥٤٩٣-٧٢ (١٩٧٦) وبالتالي يُمكن للسلطات المحلية تقييم الوضع والإقرار بالحساسيات السياسية والاجتماعية والثقافية بمنطقتها. يهم كثيرا عند تطبيق مبدأ هامش التقييم تحديد العواقب التي يُمكن أن تكون للمسألة على المُجتمع.
فهذه القضية لا تُعزز ولا تُقلص من حُرية التعبير بل تُسلط الأضواء على مسألة هامش التقييم وعلى التأويل المحلي للقوانين.
يوضح المنظور العالمي كيف تأثر قرار المحكمة بمعايير سواء من منطقة واحدة أو عدة مناطق.
تُشير أهمية هذه القضية إلى مدى تأثيرها وكيفية تغير مدى أهميتها بمرور الوقت.