المراقبة / التصنت, حرية الصحافة والإعلام, تنظيم المحتوى والرقابة عليه, الخصوصية وحماية البيانات والاحتفاظ بها
مركز امابهونجاني للصّحافة الاستقصائية ضدّ وزير العدل والخدمات الاصلاحيّة
جنوب أفريقيا
قضية مُنتهية الحكم ذو نتيجة مُتباينة
حرية التعبير العالمية هي مبادرة أكاديمية، ولذلك، نشجعك على مشاركة وإعادة نشر مقتطفات من محتوانا طالما لا يتم استخدامها لأغراض تجارية وتحترم السياسة التالية:
• يجب عليك الإشارة إلى مبادرة جامعة كولومبيا لحرية التعبير العالمية كمصدر.
• يجب عليك وضع رابط إلى العنوان الأصلي للتحليل القضائي أو المنشور أو التحديث أو المدونة أو الصفحة المرجعية للمحتوى القابل للتنزيل الذي تشير إليه.
معلومات الإسناد وحقوق النشر والترخيص لوسائل الإعلام المستخدمة من قبل مبادرة حرية التعبير العالمية متاحة على صفحة الإسناد الخاصة بنا.
هذه القضية متاحة بلغات إضافية: استعرضها بلغة أخرى: English استعرضها بلغة أخرى: Español استعرضها بلغة أخرى: Français
اعتبرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن القيود المفروضة على نشر المعلومات الخاصة لا تنتهك حقوق المادة 10 للناشر إلّا أنّ رسوم النجاح المفرطة مُقابل تكاليف للمسؤولية تشكل انتهاكا للمادة 10. كان صاحب الدّعوى ” صحيفة ديلي ميرور” وهو ناشر صحيفة ديلي الوطنية في المملكة المتحدة. نشرت الصّحيفة عدة مقالات تتعلق بإدمان السيدة ناعومي كامبل للمخدرات. استعرضت المقالات تفاصيل عن الإدمان والعلاج وصورتين للسيدة كامبل تنتظر خارج مكان العلاج. في قرارها رقم 6:1، اعتبرت المحكمة أن الكشف عن أن السيدة كامبل كانت مدمنة مخدرات في العلاج كان في المصلحة العامة لأن السيدة كامبل نفت علنا في السابق تعاطي المخدرات. لكن التفاصيل الإضافية عن طريقة علاجها وصورتين لها لم تكن في المصلحة العامة وانتهكت حق السيدة كامبل في الخصوصية. تمّت دعوة صاحب الدّعوى إلى دفع 95٪ و100٪ من التكاليف في مجلس اللوردات كرسوم نجاح للمحامين المعنيين. واعتبرت المحكمة أن رسوم النجاح تُمثلُ تدخلا غير متناسب مع حق صاحب الدّعوى في حرية التعبير لأن ذلك يُمكنُ أن يُؤثر سلبا على المؤسسات الإعلامية فثنيهم عن نشر معلومات مشروعة وتشجّعهم على تسوية الدّعاوى بدلا من الدفاع عنها.
تعلّقت القضية بسلسلة من المقالات نشرتها صحيفة ديلي ميرور اليومية ضدّ السيدة ناعومي كامبل وهي عارضة الأزياء البريطانية الشهيرة. كشفت المقالات التي نُشرت في شباط / فبراير 2001 تفاصيل عن إدمان العارضات للمخدرات وخطتهن للعلاج وتضمنت صورا خفية لوقوفها خارج مراكز المخدرات المجهولة تحت عنوان “العلاج: اجتماع ناعومي الخارجي” و “طلب المُساعدة: ناعومي تغادر اجتماع المدمنين المجهولين الأسبوع الماضي بعد تلقيها العلاج في معركتها ضد المخدرات غير المشروعة”. 6]. رفعت السيدة كامبل دعوى قضائية ضد إم جي إن، ناشر ديلي ميرور ومقدم الطلب في القضية الحالية مدعية خرق الثقة بموجب قانون حماية البيانات في المملكة المتحدة لسنة 1998.
طبّقت المحكمة العليا معيار السرية المكوّن من ثلاثة أجزاء وهي ما إذا كان الكشف ينطوي على “النوعية اللازمة من الثقة” وما إذا تمّت “عمليّة الكشف في ظروف تستوجب التزاما بالثقة” وما إذا “تسبّب الكشف في محنتها الشديدة” لفائدة السيدة كامبل. [الفقرة 14]. سيعتبر أي شخص عاقل أن إفشاء المعلومات عن خطط العلاج واجتماعات المُدمنين المجهولين يجب أن يكون في المجال الخاص. بالإضافة إلى ذلك، فقد استقبالهم من طرف شخص من الداخل – إما موظف أو أحد الحاضرين في الاجتماعات، ويمكن أن يعيق ذلك تقدمها ومشاركتها في الاجتماعات المقبلة. وعند مُوازنة حقها في الخصوصية بموجب المادة 8 مع حق صاحب الدّعوى في النشر بموجب المادة 10، اعتبرت المحكمة العُليا أن نشر حقائق إدمانها وعلاجها كان في المصلحة العامة لأنها نفت علنا في السابق تعاطي المخدرات. لكن على الرغم من شهرتها، فإن نشر المعلومات التي تحمل “شارة السرية” في المجال العام يُشكّل انتهاكا للثقة [الفقرة 17].
نقضت محكمة الاستئناف حكم المحكمة العليا في مرحلة الاستئناف إذ اعتبرت أن التفاصيل المتعلقة بالعلاج في إطار اجتماعات المُدمنين المجهولين لا تُمثلُ إفصاحا عن التفاصيل السريرية للعلاج الطبي هي مُجرّد إفصاحا هامشيا لا تكفي لتبرير تدخّل المحكمة. بالإضافة إلى ذلك، أضافت الصور الشرعية إلى ادعاءات الصحفيين بأن السيدة كامبل تلقت العلاج من المُدمنين المجهولين إذ تمنح المادة 10 الصحفيين “حُرّية معقولة” فيما يتعلق بطريقة تقديم المعلومات [الفقرة 24].
وفي قرار رقم 3:2 بتاريخ 6 مايو2004 ، سمح مجلس اللوردات باستئناف السيدة كامبل وأعاد تصحيح حُكم المحكمة العليا.
اعترفت الأغلبية بالمصالح المتنافسة بين الحقوق المحمية بموجب المادة 8 والمادة 10 في مجتمع ديمقراطي.
يرى القاضي هوب أنّ اعتبار التقييد بموجب المادة 10 عادلا وعقلانيا وغي تعسفيا وأدنى يرتبط بالتّوازن بين واجب الصحافة في نقل المعلومات التي تهم الجمهور وحريتها في الرقابة التحريرية من ناحية، وحق السيدة كمببلز في الخصوصية من ناحية أخرى. كان حق الجمهور في تفاصيل علاج السيدة كامبل أقل بكثير من حقه في معرفة تصريحاتها المُضلّلة. في حين لم يكن للمعلومات المنشورة أي قيم سياسية أو ديمقراطية مرتبطة أو حاجة اجتماعية ملحة، إلا أنها تدخلت في الحياة الخاصة للعارضات. من ثم، وعلى الرغم من الأهمية التي ينبغي أن تولى لحرية الصحافة، فإن انتهاك الخصوصية ليس له ما يبرره.
وافقت البارونة هيل والقاضي كارسويل. بتطبيقها اختبار “التوقع المعقول للخصوصية”، وجدت البارونة هيل أنه على الرغم من أن المعلومات التي تم الكشف عنها لا تُمثل بيانات طبية سريريّة، إلا أنها تُشكّل جانبا مهما من صحتها العقلية والبدنية ويمكن أن يُهدّد مسار العلاج [الفقرة 34]. لم تكن الصور ضرورية لتأكيد المقال بل بالعكس فإنه يُمكنها أن تضرّ بها وتزرع الشكوك بأنه يتمّ مُلاحقتها.
أمّا من ناحية الرأي المخالف، فقد وجد القاضي هوفمان والقاضي نيكولز أن المعلومات والصور الإضافية المنشورة كانت ضمن حق الناشر في حرية التعبير. لم تضف تفاصيل علاجها سوى القليل إلى قصّة الإدمان التي وافقت الأغلبية على نشرها بشكل شرعي. لم تُسبّب الصور أي إحراج ولم تضف شيئا ذي طبيعة خاصة. وبالتالي فقد كان للصحفيين الحق في نشر المعلومات وكان التأثير على حق الآنسة كامبلز في الخصوصية ضئيلا نسبيا.
كما تناول مجلس اللوردات القضايا المتعلقة بالتكاليف القانونية. في المحكمة العليا ومحكمة الاستئناف، تصرّف محامو ومستشارو السيدة كامبل بمُقتضى توكيل عادي لكن الاستئناف المُقدّم إلى مجلس اللوردات تم بموجب اتفاقية رسوم مشروطة (CFA) تنصّ على أنه في حالة نجاح الاستئناف، يحق للمحامين والمُستشارين الحصول على التكاليف الأساسية بالإضافة إلى رسوم النجاح التي تبلغ على التوالي 95 ٪ و 100 ٪ من التكاليف الأساسية. اعتبر القسم 58 من قانون المحاكم والخدمات القانونية لعام 1990 اتفاقيّة الرّسوم المشروطة لعدد محدود من الدّعاوى القضائية. فهو “اتفاق بين العميل وممثل قانوني ينصّ على أن أتعابه ونفقاته أو أي جزء منها لا تُدفع إلا في ظروف محددة (إذا نجحت مثلا)” [الفقرة 177].
اعتبر صاحب الدّعوى أمام مجلس اللوردات بأن رسوم النجاح تطرح مسؤولية غير متناسبة تتعارض مع حقهم في حرية التعبير. تمّ رفض الاستئناف بالإجماع حيث اعتبر مجلس اللوردات أن اتّفاقية الرّسوم المشروطة القائمة على رسوم النجاح القابلة للاسترداد لا تتعارض مع الاتفاقية.
التجأ صاحب الدّعوى إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان مُدّعيا أن القرار الذي يدعم مطالبة السيدة كامبلز بخرق الثقة ورسوم النجاح التي يتعين دفعها نتيجة للقرار ينتهك حقهم في حرية التعبير المكفولة بموجب المادة 10.
في قرارها رقم 6:1، رأت المحكمة أنه لم يوجدُ أي انتهاك للمادة 10 في الكشف عن خرق للثقة من قبل صاحب الدّعوى.
اعتبر صاحب الدّعوى أن تفاصيل اجتماعات المُدمنين المجهولين والصور كانت مبررة لم ينجرّ عنها سوى تدخّل بسيط في حياة العارضات. واعتمادا على قرار الأقلية، أضاف صاحب الدّعوى بأن الأغلبية لم تُعر اهتماما كافيا لحُكم المحررين في نشر تفاصيل ضروريّة للحفاظ على مصداقية القصة. كما لم يكشف عن أي شيء بالإضافة إلى ما يُسمح بنشره بشكل شرعي ولم يُسبّب للسيدة كامبل أي إزعاج إضافي. في هذه الحالة، كان حقّ صاحب الدّعوى في حرية التصرف التحريري أثقل من حق السيدة كامبل في الخصوصية.
أمّا الحكومة فقد اعتبرت بأن قرار الأغلبية قد وازن بين الحقوق المتنافسة بموجب المادة 8 والمادة 10 قبل التوصل إلى استنتاجها وشدّدت على وجود فرق نوعي واضح بين كون السيدة كامبل مُدمنة على المخدرات تتلقّى العلاج ونشر تفاصيل عن علاجها. وبما أن العلاج مستمر، فإن الكشف عن هذه الحقائق يُمكن أن يعرض للخطر استعدادها أو قدرتها على مواصلة العلاج. يأتي قرار مجلس اللوردات في حدود هامش التقدير المسموح به.
لكي يكون التقييد قيدا مسموحا به، يجب أن يستوفي المعايير المنصوص عليها في المادة 10 (2). في هذا الصدد، يجب على المحكمة أن تقرر ما إذا كان التدخل “منصوصا عليه في القانون” وما إذا كان يسعى إلى تحقيق واحد أو أكثر من الأهداف المشروعة الواردة في تلك الفقرة وما إذا كان “ضروريا في مجتمع ديمقراطي” من أجل تحقيق الهدف (أو الأهداف).
تأييدا لقرار الأغلبية في مجلس اللوردات، وجدت المحكمة أن التقييد منصوص عليه في القانون وسعى إلى الهدف المشروع المتمثل في حماية حق السيدة كامبل في احترام حياتها الخاصة وكان أيضا ضروريّا.
هذا واعترفت المحكمة بالدور الحاسم للصحافة في نشر المعلومات التي تهم الجمهور وبحريتها في تقرير أسلوب الإبلاغ واعتبرت أن “السلطة التقديرية التحريرية ليست مطلقة” [الفقرة 141].
واستنادا إلى قضية تشاسانو وآخرين ضد فرنسا رقم الدّعوى 25088/94 و28331/95 و28443/95 (29 نيسان/أبريل 1999) ، رأت المحكمة أن السلطات الوطنية تتمتّع بهامش تقدير عند مراجعة قرار السلطة الوطنية في الموازنة بين حقين تكفلهما الاتفاقية. في هذه القضية كان يجب موازنة حق الجمهور في الحصول على تفاصيل وصور عن علاج السيدة كامبل مع حق العارضة في الخصوصية.
استشهدت المحكمة بقضيّة كامبماني يي دييز دي ريفينجا ولوبيز جالياتشو بيرونا ضد إسبانيا رقم 54224/00 (12 ديسمبر 2000) من بين قضايا أخرى للتوصّل إلى أن نشر تفاصيل الحياة الخاصة لشخصية عامة لإرضاء فضول القارئ لا يمكن اعتباره مساهمة في مناقشة المصلحة العامة للمجتمع. ففي مثل هذه الحالات، تتطلّب حُرّية التعبير تفسيرا أضيق.
خلافا لحجة صاحب الدّعوى، أعطى مجلس اللوردات وزنا كافيا لحقوق وواجبات الصحفيين قبل أن يتخذ قراره. قامت جميع المحاكم الدنيا الثلاث بتمييز نوعي بين الحقائق الأساسية في المصلحة العامة بناء على ما نفته بالفعل علنا ومعلومات خاصة إضافية كانت تقصد الاحتفاظ بسرّيتها. اختلفت فقط في تطبيق هذه المبادئ على وقائع القضية.
بالنظر إلى هامش التقدير الممنوح للمحاكم الوطنية، تحتاج المحكمة إلى دوافع قويّة للتدخل في قرار مجلس اللوردات.
خلص مجلس اللوردات إلى أن نشر المعلومات الإضافية حول هذا العلاج يضر بالعلاج المستمر للسيدة كامبلز مع المُدمنين المجهولين ويُمكن أن يتسبّب في انتكاسة كبيرة في شفائها. تم التقاط الصور سرا باستخدام عدسة بعيدة المدى خارج مكان العلاج وكان يمكن أن يكون الأمر مُحبطا بشكل كبير لشخص لديه حساسية عادية في موقفه يتعرّض لنفس الدّعاية. لم يتم التقاط الصور بشكل عام ولكن بقصد تضمينها في المقالة وكانت مصحوبة بتعليقات توضح أنها غادرت اجتماعها مع المُدمنين المجهولين. وبما أن هذه كانت “أسبابا مُناسبة وكافية” لتقييد حرية التحرير، فقد رأت المحكمة أنّه “لا يوجد سبب قوي” للتدخل في القرار.
رأي مخالف للقاضي بي جي إرغفينسون
اختلف القاضي بي جي أورجفينسون الذي عبّر عن عدم اقتناعه بالتمييز الذي قامت به الأغلبية بين الرّواية الأصلية والمواد التكميلية.
استنادا إلى قضية فريسوز وروير ضد فرنسا رقم 29183/95 (21 كانون الثاني/يناير 1999) من بين قضايا أخرى، وجدت المحكمة أنه بالمُوازنة بين الحقوق المنصوص عليها في المادة 8 والمادة 10 فإن المحكمة تجري تقييما مستقلا للوقائع وبالتالي يتعيّن على المحكمة أن تعيد النظر لا فقط فيما إذا تمّ تطبيق المبادئ ذات الصلة بل وأيضا فيما إذا كانت قد طبقت تطبيقا صحيحا.
وافق على آراء اللورد هوفمان واللورد نيكولز واعتبر أن المعلومات الإضافية كانت مُكمّلة فقط للرّواية الأصلية “بإضافة اللون والقناعة” [ص. 62].
فيما يتعلّق بمسألة انتهاك المادة 10 المتعلقة برسوم النجاح القابلة للاسترداد، ذكر الناشر أن شرط دفع رسوم النجاح لمحامي السيدة كامبل يتعارض مع حرية مقدم الطلب في التعبير. في حين “ينصّ عليها القانون، فإنها لا تسعى إلى هدف مشروع وليس ضروريّة في مجتمع ديمقراطي.”[الفقرة. 162].
اعتبر صاحب الدّعوى بأنه بصرف النظر عن كونها مفرطة، فإن الرسوم كانت غير متناسبة وعقابية مما يُشكّل تأثيرا سلبيا على مقدم الطلب كمؤسسة إعلامية. يًشجّع التأثير المالي لاتفاقية الرسوم المشروطة المؤسسات الإعلامية على تسوية المطالبات بدلا من الدفاع عنها وردع المنظمات عن نشر مواد كان يتعيّن نشرُها. بالإضافة إلى ذلك، فقد فشلت رسوم النجاح في تحقيق هدفها المتمثل في تزويد المطالبين المُعوزين ولكنهم ممن يستحق النفاذ إلى العدالة. لا توجد التزامات أو آليات قائمة لمنع مُحامي من استخدام أتعاب النجاح المكتسبة في إحدى الحالات لتقديم العون لمُطالبين آخرين تعوزهم الإمكانيات ولكنهم يستحقوا المساعدة. كما تمّ أيضا تقديم مسُاهمات مشتركة من أطراف ثالثة مثل مبادرة عدالة المجتمع المفتوح ومبادرة الدفاع القانوني لوسائل الإعلام ومؤشر الرقابة والقلم الإنجليزي والشهود العالميين ومنظمة هيومن رايتس ووتش. سلّطت هذه المُنظمات الضوء على التأثير المروع للتكاليف المرتفعة في إجراءات التشهير على المنظمات محدودة الموارد مثل المنظمات غير الحكومية والمؤسسات الإعلامية الصغيرة لأنها غالبا ما تشارك في التقارير الاستقصائية ونشر المعلومات حول القضايا ذات الاهتمام العام.
ذكّرت الحكومة أن استرداد رسوم النجاح يخضع لعدد من الضمانات التي تحقق توازنا سليما بين مصالح الخصوم غير الناجحين والهدف المتمثل في توسيع نطاق النفاذ إلى العدالة تمشيا مع المادة 6 من الاتفاقية.
فيما يتعلق بمسألة ما إذا كانت رسوم النجاح القابلة للاسترداد ضدّ المدعى عليهم غير الناجحين “ضرورية في مجتمع ديمقراطي”، ذكرت المحكمة أنه يجب عليها أن تزن معقولية التكاليف ليس فقط مقابل التكاليف المعقولة والمتناسبة للمدعي ولكن أيضا بالنظر إلى احتمال تمكين الرسوم من تعميم النفاذ العام إلى العدالة. واعتمادا على قضية جيرسيلد ضد الدانمرك (23 أيلول/سبتمبر 1994، 31، السلسلة ألف رقم 298)، وافقت المحكمة على أن السلطة التشريعية تتمتع بهامش تقدير واسع في تنفيذ السياسات الاجتماعية والاقتصادية غير أنه يجب النظر بعناية في التدابير التي تتخذها سلطة وطنية قادرة على تثبيط مشاركة الصحافة في المناقشات المتعلقة بالمسائل ذات الاهتمام العام المشروع.
لاحظت المحكمة عدة نقاط حول العيوب المتأصلة في استرداد رسوم النجاح في التقاضي المدني بعد مراجعة جاكسون بتكليف من وزارة العدل.
شملت هذه العيوب تأثير” الابتزاز “أو “التأثير المروّع” لنظام رسوم النجاح القابلة للاسترداد. تسببت التكاليف في عبء مفرط على الأطراف المتنازعة مما دفع المدعى عليهم إلى التسوية المبكرة على الرغم من احتمال نجاح الدفاع. ثانيا، لم يُقدّم النظام أي حوافز لأصحاب المطالبات لتتبع نفقاتهم القانونية وأدّى ذلك إلى زيادة التكاليف. أخيرا يُمكّن هذا النظام للمحامين من فرصة “انتقاء” القضايا التي توفّر رسوم نجاح مرتفعة. نتيجة لذلك، لم يُحقق القانون هدفه المتمثل في تحسين النّفاذ إلى العدالة بل بدلا من ذلك، فقد مكّن المحامين من تقديم مُطالبات تستند إلى الجدارة برسوم نجاح عالية والامتناع عن تمثيل دعاوى أقل جدارة تستحق أيضا أن يُستمع إليها والبت قيها [الفقرة 210]. أقر تقرير مجلس العموم اللاحق لعام 2010 بعيوب مماثلة. في مارس 2010، سعت وزارة العدل إلى تخفيض رسوم النجاح من 100 ٪ إلى 10 ٪ من التكاليف الأساسية في قضايا التشهير والخصوصية كمقترح مؤقت تدخلت فيه الانتخابات العامة في أبريل.
استنادا إلى هذه المناقشات، قبلت المحكمة أن التدابير تجاوزت هامش التقدير الممنوح للدولة لمتابعة المصالح الاجتماعية والاقتصادية وبالتالي انتهكت المادة 10 من الاتفاقية.
يشير اتجاه الحكم إلى ما إذا كان الأخير يُوسع من مدي التعبير أم يُضيقه بناءً على تحليل للقضية.
يُقيّد القرار حق الصحافة في نشر المعلومات الشخصية والخاصة. اعتبرت المحكمة أنه يتعيّن على الناشرين توخي الحذر من طبيعة المعلومات والتأثير الذي يمكن أن تحدثه على الشخص بغض النظر عن كونه شخصية عامة. لمّا يكشف المشاهير أنفسهم عن بعض المعلومات من مجالهم الخاص فإنّه يحقّ للصّحافة الكتابة عنها من أجل المصلحة العامة. لكنّ قد تؤدّي أي معلومات إضافية إلى خطر السقوط من الحماية الممنوحة بموجب المادة 10.
مُقابل ذلك، عزّز الحكم حُرّية الصحافة باعتباره أن رسوم النجاح كانت غير متناسبة وخلقت عبئا مفرطا يُمكن أن يكون له تأثير سلبي على قدرة الصحافة على الإبلاغ عن المسائل ذات الاهتمام العام. ووجدت المحكمة أن نظام الرسوم لم يحسن النفاذ إلى العدالة لأنه مليء بالحوافز السلبية إذ قد لا يتم الاستماع إلى القضايا المهمة بالضغط على المتهمين للتسوية المبكرة على الرغم من احتمالات نجاح مسار الدّفاع.
يوضح المنظور العالمي كيف تأثر قرار المحكمة بمعايير سواء من منطقة واحدة أو عدة مناطق.
تُشير أهمية هذه القضية إلى مدى تأثيرها وكيفية تغير مدى أهميتها بمرور الوقت.