تنظيم المحتوى والرقابة عليه, التشهير / السمعة
هيريرا أولوا ضد كوستاريكا
كوستاريكا
قضية مُنتهية الحكم يُعزز من حُرية التعبير
حرية التعبير العالمية هي مبادرة أكاديمية، ولذلك، نشجعك على مشاركة وإعادة نشر مقتطفات من محتوانا طالما لا يتم استخدامها لأغراض تجارية وتحترم السياسة التالية:
• يجب عليك الإشارة إلى مبادرة جامعة كولومبيا لحرية التعبير العالمية كمصدر.
• يجب عليك وضع رابط إلى العنوان الأصلي للتحليل القضائي أو المنشور أو التحديث أو المدونة أو الصفحة المرجعية للمحتوى القابل للتنزيل الذي تشير إليه.
معلومات الإسناد وحقوق النشر والترخيص لوسائل الإعلام المستخدمة من قبل مبادرة حرية التعبير العالمية متاحة على صفحة الإسناد الخاصة بنا.
هذه القضية متاحة بلغات إضافية: استعرضها بلغة أخرى: English استعرضها بلغة أخرى: Français
مثلت العقوبات الجنائية المُجحفة المُسلّطة من طرف بوركينا فاسو على لوهي عيسى كوناتي بتُهمة التشهير على إثر نشره لعدد من المقالات الصحفية اتهمت مُدعي دولة بأعمال فساد تدخلا غير مُتناسب مع حقوقه المضمونة في حُرية التعبير.
كتب في شهر أغسطس ٢٠١٢ الصحفي لوهي عيسى كوناتي مقالين في صحيفة الأوراغون اتهم فيهما مُدعي عام للدولة بالفساد. فقام المُدعي برفع شكوى ضد السيد كوناتي ومُتّهم ثاني بتُهمة التشهير والقدح العلني وازدراء المحكمة. كما اتُهم المُدّعى عليهما جنائيا وطولبا بالتعويض.
وفي أكتوبر ٢٠١٢ أكدت المحكمة العُليا بوغادوغو التهمة على السيد كوناتي وحكمت عليه بسنة سجن وبغرامة مالية قدرُها ثلاثة آلاف دولار أميركي علاوة على تعويضات بتسعة آلاف دولار أميركي لفائدة المُدّعي. بالإضافة إلى ذلك علُقت المحكمة صدور صحيفة الأوراغون التي نشرت المقالين لمُدّة ستة أشهر. أكدت هذا القرار فيما بعد محكمة الاستئناف بوغادوغو. وفي يونيو ٢٠١٣ رُفعت دعوى قضائية باسم السيد كوناتي أمام المحكمة الاٌفريقية لحقوق البشر والشعوب للتعبير عن أن العقوبات المُفرطة التي وقع تسليطها تنتهك حقوقه في حُرية التعبير المنصوص عليها في المادة ٩ من المعاهدة الإفريقية لحقوق البشر والشعوب (“يجب أن يتمتع كل الأفراد بالحق في التعبير عن آرائهم ونشرها في إطار القانون”) والمادة ١٩ من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية (“يجب أن يتمتع الجميع بالحق في حُرية التعبير”) والمادة ٦٦(٢)(ج) من ميثاق المجموعة الاقتصادية لدّول غرب إفريقيا (يتعين على الدول ضمان احترام حقوق الصحفيين) وكلها اتفاقيات انضمّت إليها بوركينا فاسو.
أثارت الدعوى مبادرة الدفاع القانوني على الإعلام وهي مُنظمة غير حكومية تعمل على توفير الدعم القانوني للإعلام المُستقل والصحفيين والمُدونين المُهددين بسبب منشوراتهم. تهدف مُبادرة الدفاع القانوني على الإعلام إلى تعزيز حُرية التعبير في وسائل الإعلام حسب المعايير الدولية وقامت بتقديم المُساعدة إلى أكثر من ألف وخمسمائة صحافي في مُختلف أنحاء العالم وتعتز بتوفير الدفاع القانوني ذات الجودة العالية في مجال حرية التعبير.
جاء في نص الدعوى أنه يتعين على المحكمة الإفريقية النظر في هذه القضية لبناء فقه قضاء حول حُرية التعبير بما أن المحكمة الإفريقية لم تستمع بعد إلى قضية مُتصلة بحرية التعبير قبل هذا القرار. وذكرت الدعوى بصفة خاصة أن “الحُكم على صحفي بالسجن وبدفع غرامة مالية وبتقديم تعويضات مدنية يُمثل خرقا لحقه في حُرية التعبير وهو حق تحميه مُختلف الاتفاقيات والمُعاهدات التي انضمت إليها بوركينا فاسو”.
ذكرت الدعوى عديد الاتفاقيات والمُعاهدات الدولية وانتهت إلى أن بوركينا فاسو مُطالبة بحماية الحق في حُرية التعبير. ارتكز هذا التحليل على مُعاهدات واتفاقيات دولية وإقليمية صادقت عليها بوركينا فاسو وعلى دستور البلاد وعلى اعتراف المجموعة الدولية بالحق في حُرية التعبير. بالنظر إلى هذه القضية لاحظت الدعوى أن الإدانة بالتشهير وبالنشر انتهكت حق المُتهمين في حُرية التعبير لأسباب مُتعددة. تشمل هذه الأسباب “(١) القوانين التي تم بمقتضاها إدانة المتهم تنتهك الحق في حُرية التعبير (٢) الإدانة الجنائية تنتهك الحق في حُرية التعبير (٣) السجن من أجل التشهير ينتهك الحق في حُرية التعبير (٤) انتقاد الموظفين العموميين تحميه القوانين المنظمة للحق في حُرية التعبير و (٥) العقوبات الصارمة المُسلطة على المدعي عليه تنتهك الحق في حُرية التعبير”.
ركّزت المحكمة أساسا على التسامح القانوني في مجال التشهير ببوركينا فاسو بالنظر إلى المعاهدات والمواثيق المذكورة سابقا. ونظرت المحكمة بصفة خصوصية فيما إذا أدّت العقوبات الجنائية ضد التشهير إلى تكثيف القيود غير الجائزة على حق الأشخاص في حُرية التعبير. للإجابة على هذا السؤال درست المحكمة الشروط التي يتعين على القانون الوطني احترامُها للحدّ من حرية التعبير وليكون القانون جائزا. يرتكز هذا التحليل على ثلاثة أسئلة: أولا هل أن اللغة المُعتمدة في القانون المحلي واضحة بما فيه الكفاية لكي تحترمُها جميع الأطراف دون أدنى صعوبة؟ ثانيا، هل يخدم التقييد أي هدف مشروع؟ وثالثا هل التقييد في القانون ضروري لتحقيق ذلك الهدف؟
بالنسبة للسؤالين الأولين وجدت المحكمة أن قوانين التشهير في بوركينا فاسو التي أدت إلى العقوبات الجنائية تستجيب للشروط المذكورة. فمن ناحية أولى حدّدت القوانين بصفة واضحة أشكال التقييد وأنواع العقوبات التي يجب تسليطُها. ثانيا تخدم تلك العقوبات أهدافا مشروعة. ولا يقع انتهاك حُرية التعبير إلا إذا ما اعتمد التقييد على مصلحة عامة شاملة. إن الهدف هنا من قوانين التشهير هو حماية شرف وأعراض الناس من انتهاكات الآخرين وهذا ما اعتبرته المحكمة يخدم المصلحة العامة.
لكن القضية تعلقت بالسؤال الثالث: هل كان التقييد المُسلّط ضروريا لتحقيق الهدف؟ ركّز تحليل هذا السؤال على محاولة التعرف على ما إذا كانت العقوبات المُسلطة والتي كانت جنائية في هذه الحالة، تتناسب مع الحق في حرية التعبير. بمعنى آخر يجب أن تكون صرامة العقوبات مرتبطة بقدر الضرورة بتحقيق الهدف والهدف هنا من قوانين التشهير هو حماية شرف المُدّعي العام. واعتبرت أيضا المحكمة أن التدخل يجب أن يكون محدودا أكثر في سياق النقاش العام حول الشخصيات المعروفة.
توصلت المحكمة هنا إلى الخُلاصة بأن العقوبات الجنائية التي تنص عليها قوانين التشهير ببوركينا فاسو غير مُناسبة. كما لاحظت المحكمة أن العقوبات الجنائية ضد التشهير يُمكن أن لا تكون مناسبة على الإطلاق في حالة ما إذا كانت النصوص المدنية كافية بالقدر المطلوب وأكثر لمنع نشر مواد ومقالات تشهير. بما أن قوانين بوركينا فاسو طالبت بفرض عقوبات جنائية على المُتهمين بالتشهير فإن تلك القوانين نفسها لم تكن مُناسبة مع الحق في حُرية التعبير التي تحميها الاتفاقيات والمُعاهدات المذكورة أعلاه وذلك بنصها على عقوبات غير مناسبة. بالإضافة إلى ذلك فإن الغرامة المالية المُسلّطة على السيد كوناتي والتي تبلغ اثني عشر ألف دولار والمقرونة مع تعليق صدور صحيفته تبدو كذلك مُجحفة. وبالتالي فإن الحكم الذي اتخذته المحكمة المحلية ضد السيد كوناتي يبدو حكما غير مُناسب بمعنى القانون الدولي لأنه انتهك بصفة غير شرعية حقه المضمون في حرية التعبير.
تمثل القرار النهائي للمحكمة في كون بوركينا فاسو انتهكت التزاماتها بمُقتضى المادة التاسعة للمعاهدة الإفريقية لحقوق البشر والشعوب والمادة ١٩ من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والمادة ٦٦ (٢) (ج) من ميثاق المجموعة الإفريقية لدول غرب إفريقيا. وبالتالي اعتبرت المحكمة أنه يتعين على بوركينا فاسو تنقيح قوانينها الداخلية لمنع إصدار عقوبات جنائية ضد تهم التشهير. علاوة على ذلك، قد يتلقى السيد كوناتي تعويضات من بوركينا فاسو في وقت لاحق، بعد تقديمه موجزًا حول هذه المسألة.
يضع هذا القرار المعايير الضرورية لمنع الحكومات من تجريم حرية التعبير وذلك بإلغاء أحكام سجن الصحفيين من أجل التشهير وهي المرة الأولى في إفريقيا توضع فيها مثل هذه المعايير من أجل حرية التعبير وتُمثل بالتالي سابقة قوية وهامة لكامل المنطقة.
يشير اتجاه الحكم إلى ما إذا كان الأخير يُوسع من مدي التعبير أم يُضيقه بناءً على تحليل للقضية.
يتمثل المغزى العام لهذا القرار في هو أنه يُمكن الإقرار بكون قوانين الثلب المنادية بتسليط عقوبات جزائية تمثل تقييدا لحُرية التعبير إلا في حالات نادرة جدا. وبالتالي يتعين على الدول الإفريقية المُصادقة على الميثاق الإفريقي لحقوق البشر والشعوب عدم تسليط أحكاما جزائية من أجل الثلب لأن في ذلك انتهاكا لقواعد حُرية التعبير المنصوص عليها بالميثاق.
بدأ وقع هذه القضية يظهر في عدد من الدول الإفريقية إذ اعتمد القضاة في أوغندا على قرار المحكمة لاعتبار قوانين الافتراء بالبلاد بكونها غير دستورية.
يوضح المنظور العالمي كيف تأثر قرار المحكمة بمعايير سواء من منطقة واحدة أو عدة مناطق.
“The operative words in Article 56(3) are disparaging and insulting and these words must be directed against the State Party concerned or its institutions or the African Union. According to the Oxford Advanced Dictionary, disparaging means to speak slightingly of … or to belittle … and insulting means to abuse scornfully or to offend the self-respect or modesty of …”
“[…]to be considered as “law”, norms have to be drafted with sufficient clarity to enable an individual to adapt his behaviour to the rules and made accessible to the public. The law cannot give persons who are in charge of its application unlimited powers of decision on the restriction of freedom of expression. Laws must contain rules which are sufficiently precise to allow persons in charge of their application to know what forms of expression are legitimately restricted and what forms of expression are unduly restricted.”
“Though in the African Charter, the grounds of limitation to freedom of expression are not expressly provided as in other international and regional human rights treaties, the phrase “within the law”, under Article 9 (2) provides a leeway to cautiously fit in legitimate and justifiable individual, collective and national interests as grounds of limitation.”
“[T]he phrase “within the law” must be interpreted in reference to international norms which can provide grounds of limitation on freedom of expression.”
“[T]he reasons for possible limitations must be based on legitimate public interest and the disadvantages of the limitation must be strictly proportionate to and absolutely necessary for the benefits to be gained.”
“[P]eople who assume highly visible public roles must necessarily face a higher degree of criticism than private citizens; otherwise public debate may be stifled altogether.”
Criminal defamation laws should be used only as a last resort.
Only hate speech and incitement of violence should warrant a prison sentence.
Civil proceedings are preferred over criminal proceedings in defamation actions.
States should only use criminal defamation as a last resort.
Imprisonment for defamation is disproportional.
تُشير أهمية هذه القضية إلى مدى تأثيرها وكيفية تغير مدى أهميتها بمرور الوقت.
بوركينا فاسو عضو في المحكمة الإفريقية لحقوق البشر والشعوب ويتعين عليها بذلك احترام وتطبيق قرار المحكمة.