غامبيا ضدّ فيسبوك

قضية جارية الحكم يُعزز من حُرية التعبير

Key Details

  • نمط التعبير
    التواصل الإلكتروني / القائم على الإنترنت
  • تاريخ الحكم
    سبتمبر ٢٢, ٢٠٢١
  • النتيجة
    ما انتهي اليه الحكم من الناحية الاجرائية, أيدت جزء ونقضت جزء من حكم محكمة أدني درجة, منح تصريح بالوصول إلى المعلومات
  • رقم القضية
    1:20-mc-00036-JEB-ZAF
  • المنطقة والدولة
    الولايات المتحدة الأمريكية, أمريكا الشمالية
  • الهيئة القضائية
    محكمة أول درجة
  • نوع القانون
    قانون الإثبات
  • المحاور
    الإشراف على المحتوى, الحقوق الرقمية, الخصوصية وحماية البيانات والاحتفاظ بها, خطاب الكراهية

سياسة إسناد المحتوى

تُعد مبادرة جامعة كولومبيا لحرية التعبير العالمية إحدى المبادرات الأكاديمية، وبالتالي، فهي تشجع على مشاركة وإعادة نشر مقتطفات من المحتوى الخاص بها طالما لا يتم استخدامه لأغراض تجارية وذلك بالإضافة إلى احترام سياستها التالية:
  • نسب المحتوى للمبادرة باعتبارها مصدره.
  • ربط ما يتم مشاركته أو نشره من تحليل قضايا، منشورات، تحديثات، مدونات، إلى عنوان URL الأصلي التحديث أو المدونة أو الصفحة الخاصة بالمحتوى القابل للتحميل الذي تشير إليه.
يمكن الاطلاع على معلومات أكثر عن الإسناد وحقوق النشر والترخيص فيما يخص الوسائط التي تستخدمها المبادرة والمتوفرة على صفحة الاعتمادات الخاصة بالمبادرة.

هذه القضية متاحة بلغات إضافية:    استعرضها بلغة أخرى: English    استعرضها بلغة أخرى: Español    استعرضها بلغة أخرى: Français

تحليل القضية

ملخص القضية وما انتهت اليه

أقرّت محكمة الإقليم الأمريكية، في 22 سبتمبر 2021، بالواجب المحمول على فيسبوك للكشف عن المستندات المحرّضة على الكراهية القائمة على أساس العرق ضدّ أقليّة الروهينجا المسلمة في ميانمار. في نوفمبر 2019، شرعت غامبيا في إجراءات ضدّ ميانمار بدعوى خرق التزاماتها بموجب القانون الدولي بسبب سوء معاملتها لأقلية الروهينجا.

أقرّت محكمة العدل الدّولية، في جانفي/يناير 2020، تدابير مؤقتة تطالب من خلالها ميانمار بوقف ارتكاب أعمال الإبادة الجماعية ضدّ مسلمي الروهينجا. نظرا للدّور المحوري الذي كانت فيسبوك تضطلع به باعتبارها المنصّة الاعلاميّة الأساسيّة في تلك الفترة في ميانمار، تقدّمت غامبيا بطلب لدى محكمة الاقليم بمقاطعة كولومبيا للكشف عن الاتصالات العامة والخاصة وكذلك الوثائق المتعلقة بالمحتوى الذي حذفته منصّة فيسبوك على خلفيّة الإبادة الجماعية.

وافقت المحكمة على طلب غامبيا للكشف عن المحتويات التي حذفتها شركة فيسبوك من المنصة والوثائق المتعلّقة بالتحقيق الدّاخلي، معتبرة أنّ المحتوى الذي حذفته فيسبوك لا يخضع إلى قاعدة عدم الإفشاء المنصوص عليها في “قانون الاتصالات المخزّنة” كما اعتبرت المحكمة أنّ الصفحات والمنشورات الّتي كان الوصول إليها متاحا للعموم  قبل حذفها من طرف فيسبوك تدخل في نطاق الاستثناء القانوني لمبدأ عدم الإفشاء.

 


الوقائع

في عام 2012، شهدت ميانمار موجة من أعمال العنف في جميع أنحاء ولاية راخين ، موطن مسلمي الروهينجا. تسبّب العنف في نزوح واسع النطاق شمل الراخين والمسلمين إلى جانب حرق ونهب المنازل والإعدام بإجراءات موجزة. خلصت العديد من المنظمات الدولية لحقوق الإنسان، بما في ذلك مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة (“بعثة الأمم المتحدة”)، إلى أن العنف في راخين كان “مخططا له مسبقا ومُحرّضا عليه وأن قوات الأمن في ميانمار كانت متورطة ومتواطئة بطريقة نشيطة” [ص. 3].

انطلاقا من شهر أكتوبر 2016، قام جيش ميانمار “بعمليات تطهير” مما أدى إلى ارتكاب عمليات قتل جماعي موجّهة وإعدام واختفاء واحتجاز وتعذيب للمدنيين من الروهينجا بالإضافة إلى الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي والجندري.

تعلّقت إحدى الاستنتاجات التي خلصت إليها البعثات الأمميّة في ميانمار بالدّور المؤثّر الذي اضطلعت به منصّة  فيسبوك في نشر المقالات باعتبارها “منصّة التّواصل الاجتماعي المشتركة بين الجميع  في ميانمار والأكثر استعمالا، دون منازع” لنشر الأخبار عبر الانترنت [ص. 4]. اعتمد المسؤولون في ميانمار مرارا على فيسبوك لنشر الأخبار والمعلومات، كما استخدمتها وسائل الإعلام كوسيلة أساسية لنشر القصص. رداً على هذه الادعاءات، طلبت شركة فيسبوك في أكتوبر 2018   تقييما لتأثير حضورها في ميانمار على وضعية حقوق الإنسان. ووفقًا لتقرير تقييم الأثر على حقوق الإنسان، فإنّ فيسبوك “[كانت] تمثّل الإنترنت” في ميانمار وكان المسؤولون في ميانمار قادرين على “نشر شائعات حول النّاس والأحداث على نحو موثوق به ” من خلال استخدام هذه المنصة [ص. 5]. نتيجة لذلك، تكون منصّة فيسبوك ساهمت بشكل كبير في تشكيل رأي عام معادِي للروهينجا حيث تم توظيف المنصّة لنشر المشاعر المعادية للمسلمين والمعلومات المضلّلة التي أدت إلى العنف الطائفي والمحاكمات الشعبية. علاوة على ذلك، شهدت حملة الكراهية عدة حالات تمّ فيها تصنيف جميع أفراد الروهينجا في خانة “المهاجرين غير الشرعيين”. على سبيل المثال، في 1 جوان/يونيو 2012، نشر زاو هتاي، المتحدث باسم رئيس ميانمار، بيانا على حسابه على فيسبوك مثّل فيه الروهينجا “بالإرهابيين” ممّا ساهم بشكل كبير في أعمال العنف لسنة 2012 التي دارت بعد أسبوع من نشره للبيان.

في عام 2018، أصدرت شركة فيسبوك تحديثًا بشأن ميانمار أقرّت فيه بأنّها كانت “بطيئة جدًا في منع التضليل والكراهية” [ص. 6].

في أوت/أغسطس 2018، حظرت فيسبوك حسابات الأفراد والمنظمات الرئيسية في ميانمار (حساب القائد العام للقوات المسلحة في ميانمار، مين أونغ هلينغ وحساب شبكة التلفزيون التابعة للجيش) وحذفت كذلك الأخبار المستقلة وصفحات الرأي التي نشرت رسائل جيش ميانمار بطريقة خفية.

حذفت منصّة فيسبوك 438 صفحة و17 مجموعة و160 حسابا على الفيسبوك وانستغرام تعدّ
قرابة 12 مليون متابع معبرة أنّها تمثّل “انتهاكات لشروط الخدمة”، ذلك لانخراطها في “سلوك مزيّف ومنسق” لتكريس المعلومات المضللة وخطاب الكراهية ضد الروهينجا [ ص. 6] لكنّ  فيسبوك احتفظت  بالمحتوى الذي حذفته.

في نوفمبر 2019، رفعت جمهورية غامبيا دعوى أمام محكمة العدل الدولية ضد ميانمار بهدف محاسبة ميانمار على جريمة الإبادة الجماعية الّتي تستهدف الروهينجا استنادا إلى اتفاقية عام 1948 لمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها. في جانفي/يناير 2020، أقرّت محكمة العدل الدولية مجموعة تدابير مؤقتة تمنع بمقتضاها ميانمار من ارتكاب أعمال الإبادة الجماعية ضد الروهينجا وتدمير الأدلة. بينما كان طلبها قيد النّظر لدى محكمة العدل الدولية تقدّمت غامبيا في 5 جوان/يونيو 2020 بطلب لمحكمة مقاطعة كولومبيا الأمريكية طبقا للمادّة  28 الفقرة 1782  من قانون الولايات المتحدة الامريكيّة (تقديم المساعدة إلى المحاكم الأجنبية والدولية وإلى المتقاضين أمام هذه المحاكم) للكشف عن المحتويات الالكترونيّة  وتحديداً الكشف عن المستندات والمراسلات التي تم إنتاجها أوصياغتها أو نقلها أو نشرها من قبل الأفراد والهيئات الحكومية الذين تمّ تعليق أو فسخ حساباتهم على فيسبوك.  شمل الطلب أيضًا جميع المستندات الخاصة بالتّحقيقات الداخلية ذات العلاقة التي أجرتها فيسبوك بشأن انتهاكات سياسة المحتوى المتعلقة بهؤلاء الأفراد والكيانات. طلبت غامبيا على وجه الخصوص إفادة من فيسبوك طبقا للمادّة 30 (ب) (6) حتّى يتسنّى فهم الوثائق الّتي طُلب من الشركة تقديمها.

عارضت شركة فيسبوك الطلب، مؤكدة أنّ قانون الولايات المتحدة في المادّة 28 فقرة 2702 بشأن تخزين الاتّصالات (“SCA”) يمنعها من الكشف عن المادّة المطلوبة كما احتجّت بأن طلب الكشف عن المعلومات كان سيكلّفها عناء كبيرا كما كان بالإمكان البحث عن تلك المعلومات من خلال قنوات أخرى وطلبت شركة فيسبوك من المحكمة ممارسة سلطتها التقديرية لرفض الطلب.


نظرة على القرار

أصدر الحكم القاضي زياء فاروقي بمحكمة مقاطعة كولومبيا. تمثّلت المسألة الأساسية المطروحة على المحكمة في معرفة ما إذا كان يُخوّل لفيسبوك بموجب أحكام “قانون الاتّصالات المخزنة” إفشاء المحتوى المحذوف الذي طلبته غامبيا.

طبقا للمادّة 28، فقرة 2702 من القانون الأمريكي، يحق للمحكمة الفيدرالية الأمريكية أن تأمر بتقديم شهادة أو تقديم وثائق “للاستخدام في دعوى قضائية أمام محكمة أجنبية أو دولية” بناءً على طلب من هذه المحكمة أو “أي شخص له مصلحة من الطلب”. في الأساس، يجب التّأكد من توفّر ثلاثة شروط قبل اتخاذ قرار الموافقة على الطلب أو رفضه: (1) أن يكون الشخص المعنيّ يقيم أو يوجد في المقاطعة، (2) أن يتمّ استخدام الوثائق موضوع طلب الكشف في التقاضي أمام محكمة أجنبية أو دولية، و (3) أن يتقدّم بالطّلب شخص له مصلحة من الطلب [ص. 7]. بيد أنه بموجب البند 28، فقرة 2702 من القانون المذكور، “لا يجوز” للكيان الذي يقدم خدمة اتصالات إلكترونية للعموم “الإفصاح قصدا لأي شخص أو كيان عن محتويات الاتّصالات عندما تكون مخزة الكترونيّا من طرف الخدمة المذكورة “.

طبقا “لقانون الاتّصالات المخزنة”، “المستخدم ” هو كلّ شخص طبيعي أو كيان: أ-يستعمل خدمات الاتصال الالكتروني، ب -مخوّل له من قبل مزود الخدمة بان يقوم بذلك الاستخدام.”

علاوة على ذلك، يعتمد “قانون الاتّصالات المخزنة” تعريفا واسعا “للشخص” ليشمل جميع ” موظّفي حكومة الولايات المتّحدة الأمريكيّة والأفراد “. (ص 10)

أبدت غامبيا اعتراضا أوليّا أمام محكمة مقاطعة كولمبيا يقوم على كون مسؤولي حكومة ميانمار ليسوا “مستخدمين محميين” بموجب “قانون الاتّصالات المخزنة” وبالتالي فهم لا يتمتّعون بالحق في حمايتهم ضدّ الكشف عن اتصالاتهم وافترضت أنّ الكونغرس سعى من خلال إدراج موظّفي الحكومة الأمريكية صراحةً في تعريف “الشخص” الى التخلّي  عن حماية موظّفي الحكومات الأجنبية بموجب “قانون الاتّصالات المخزّنة”. لكنّ غامبيا لم توفّق في محاولتها التّمييز بين الأصناف حيث أشارت المحكمة إلى أن جميع الأفراد ومن ضمنهم موظّفي الحكومات الأجنبية يتمتّعون بالحقّ في الحماية من النّفاذ إلى اتّصالاتهم دون موافقتهم وذلك بموجب “قانون الاتصالات المخزّنة”. كما تمّ اعتبار فيسبوك خدمة للاتصالات الالكترونيّة على معنى “قانون الاتّصالات المخزّنة”.

فيما يتعلق بما إذا كانت التّسجيلات التي طلبتها غامبيا تدخل ضمن تعريف “التخزين الإلكتروني” ، ميزت المحكمة بين نوعين من التخزين الإلكتروني ، الأول هو التخزين المؤقت ( “أي تخزين مؤقت أو وسيط لاتصال أو مراسلة إلكترونية عرضية بغرض إرسالها فيما بعد “) والثاني هو” التخزين الاحتياطي (“أي تخزين الاتّصالات بواسطة خدمة اتصالات إلكترونية بهدف الحماية الاحتياطية لتلك الاتصالات.”). اتفق الطرفان على أن السؤال المطروح على المحكمة هو ما إذا كان يمكن اعتبار التّسجيلات المطلوبة تخزينا احتياطيا.

تولّت المحكمة القيام بعمليّة تأويل لتحدّد مفهوم عبارة “التخزين الاحتياطي” وخلصت إلى أنّ المحتوى الّذي حذفته حذفه فيسبوك لا يمثّل “تخزينا احتياطيّا” بما أنّ المحتوى حُذِف بشكل نهائيّ من منصة فيسبوك ولا يمكن أن توجد نسخة احتياطية في غياب النسخة الأصلية وبهذا يكون من غير الممكن تطبيق قاعدة الكشف الّتي ينصّ عليها “قانون الاتّصالات المخزنة”. [ص.15].

على الرغم من أن المحكمة وافقت على منطق غامبيا الّذي اعتبر أنّ المحتوى المحذوف الذي لا يمكن للمستخدم النّفاذ إليه لا يشكل تخزينًا احتياطيًا، فإنّ فيسبوك احتجّت على هذا التمشّي باعتبار أنّ المحتوى الّذي تمّ تقديمه وإلغاء حذفه يشكّل تخزينا احتياطيّا فالمحتوى المحذوف يظلّ محفوظا في الحواسيب المركزيّة لفيسبوك إلى جانب المحتوى النّشط على المنصّة. وأقرّت المحكمة بأنّ فيسبوك تولّت تخزين البيانات للتقييم الذّاتي (بما أنّ الشركة صرّحت بأنّها احتفظت بالتسجيلات الفورية كجزء من تحليلها للدور الّذي لعبته في الإبادة الجماعية للروهينجا) ولا يندرج ضمن “التخزين الاحتياطي”.

اعتبرت محكمة مقاطعة كولمبيا أنّ الكونغرس تولّى تقييد نطاق تطبيق “قانون الاتّصالات المخزنة” لحماية التخزين الاحتياطي وليس كل أنواع التخزين الإلكتروني، وفي هذا الصدد، استشهدت المحكمة بالعديد من الأحكام لدعم وجهة نظرها (مثال، قضية Sartori ضدّ Schrodt  424 F. Supp. 3d 1121 (N.D. Fla. 2019); Flagg v. City of Detroit, 252 F.R.D. 346 (E.D. Mich. 2008); Theofel, 359 F.3d 1070 (9th Cir. 2004); Hately, 917 F.3d 785).

فيما يتعلّق باعتماد فيسبوك على قضيّة Hately بالتّحديد (حيث اعتبرت المحكمة أنّه يتمّ تخزين “التسجيلات أو المراسلات الالكترونية “بهدف حماية النسخة الاحتياطية” حين تكون “نسخة” أو نظيرا” من الاتّصال المخزّن ولتفادي “إتلافها”، ص.17)، أقرّت المحكمة أنّ شركة فيسبوك هي التي أتلفت المحتوى الخاص به ورغم الحفاظ على النّفاذ إلى المحتوى دون الرّبط بالإنترنت، لم يكن الهدف من ذلك الإجراء تفادي إتلاف المحتوى على المنصة.

احتجّت فيسبوك أيضًا على التأويل الضيق لـعبارة “التخزين الاحتياطي” باعتبار أنّ هذا التّأويل قد تترتّب عنه «آثار تمسّ من الخصوصية” بما أنّه حتّى في حالة تعطيل الحساب على منصّة فيسبوك، يظلّ محتوى اتّصالات المستخدم قابلا للكشف عنه لأيّ كان بما في ذلك حكومة الولايات المتحدة الأمريكيّة [ص18]. في البداية، أشارت المحكمة إلى أن مخاوف فيسبوك بأن يُلحق الكشف عن المحتويات ضررا بالحق في الخصوصية ليس لها أي أساس من الصحة خاصة وأن السلوكات الزّائفة والمنسقة (أي الحسابات المزيفة التي تنتهك شروط الخدمة) ليس لها أي حقّ في الخصوصية ينبغي على فيسبوك ضمانه  والأهم من ذلك هو أنّ  المحكمة اعتبرت  أنه من الأهميّة بمكان أن تتمّ  الموازنة بين الحق في الخصوصية والحاجة إلى الكشف عن سبب الإبادة الجماعية للروهينجا  مع الإشارة إلى أن التّداعيات على  الخصوصية محدودة لأن المحتوى المطلوب مازال فيما عدا ذلك  يتخلّل شبكات التواصل الاجتماعي.

وبصرف النظر عمّا ورد أعلاه، أقرّت المحكمة بوجود استثناءات “لقانون الاتصالات المخزّنة” سمحت في مناسبات أخرى بالكشف بمقتضى القانون عن محتويات محميّة والمثال الأكثر علاقة بالموضوع هو “استثناء الموافقة” الّذي يخوّل للمزود الكشف عن محتوى الاتّصالات بعد موافقة مصدر الاتصال. كما تمسّكت غامبيا في إطار دفاعها عن الكشف عن المحتويات الحساسة، بضرورة اللجوء إلى الاستثناء الّذي يهدف إلى “حماية مقدم الخدمة” (أي أنّ “مقدم الخدمة بإمكانه إفشاء محتويات الاتصالات … عندما يكون الإفشاء(الكشف) ضروريّا لتقديم الخدمة أو حماية حقوق أو ممتلكات مزوّد الخدمة”، ص 20).

وافقت المحكمة على حجة غامبيا مستشهدة بـالحكم الصادر في قضية شركة فيسبوك ضدّ Super.Ct (417، ص 3د 725،751 (2018)) واعتبرت أن” المحكمة قد تطالب بتسليم اتّصالات مستثناة من نظام الحماية الذي يضمنه “قانون الاتّصالات المخزّنة” على الرغم من أن استخدام “قد” من شأنه أن يفترض أنّ الكشف القائم على الاستثناءات في تطبيق القانون لا يكون سوى طوعيّا من جانب المزوّد.

فيما يتعلق باستثناء الموافقة، فبينما أقرّت المحكمة بعدم وجود عدد سحريّ من المشاهدين الذين يمكنهم الوصول إلى المحتوى لتفعيل استثناء الموافقة، فقد حاولت بدلا من ذلك الإجابة على السّؤال التّالي: “هل تولّى المستخدم ضبط خصائص تقنيّة ملائمة للحدّ بالقدر الملائم من نفاذ العموم إلى ما نشره على المنصّة “[ص. 22] واستناداً إلى الوقائع، خلصت المحكمة إلى أن مسؤولي ميانمار كانوا يهدفون إلى أن تصل منشوراتهم للعموم لأن تخصيص حساباتهم وصفحاتهم كان سيفشل هدفهم المتمثل في تأجيج الكراهية ضد الروهينجا. نتيجة لذلك وباستثناء الاتصالات الخاصة، فإنّ المحتوى الذي طلبته غامبيا يدخل في نطاق استثناء الموافقة وبالتالي كان طلب الكشف عنه في محلّه.  ومع ذلك لم توافق المحكمة على استثناء حماية مقدم الخدمة الذي احتجّت به غامبيا.

من الحجج الأخرى التي أثارتها شركة فيسبوك نذكر الطبيعة الفضفاضة لطلب غامبيا باعتبار أنّ هذا الطلب لا يقدّم معيارا واضحا لتحديد الحسابات ممّا يكلّفها عناء كبيرا. مع ذلك، رفضت المحكمة هذه الحجة مشيرة إلى أن نطاق طلب غامبيا كان محددًا للغاية، بما أنّه يبحث عن المحتوى المحذوف من منصّة فيسبوك الّذي يعود تاريخه إلى سنة 2012 في علاقة بقضية محكمة العدل الدولية (أي المستندات المتعلقة بخطاب الكراهية والتحريض على العنف على فيسبوك). حسب المحكمة، لا تطرح هذه المراجعة صعوبات تذكر بما أنّ فيسبوك تبجّحت للعموم بقوّة فريقها المختصّ في لغة ميانمار وقدراته على  مراجعة المحتوى. رفضت المحكمة الاستئناف الّذي تقدّمت به فيسبوك إلى المحكمة لمطالبة غامبيا باستنفاذ السبل البديلة للكشف عن البيانات وذكرت المحكمة في هذا الصدد أنه لا يوجد قانون يدعم شرط استنفاذ السبل البديلة في هذه القضية.

أخيرًا، وفيما يتعلق بطلب تقديم وثائق التحقيق الداخلية لشركة فيسبوك وبناءً على أسس مماثلة، أمرت المحكمة المنصة بتسليم كافّة الوثائق غير المحميّة المتّصلة بالتحقيق الداخلي. لاحظت المحكمة أن الغرض من طلب غامبيا لتسجيلات التحقيق الداخلي غرض عمليّ يتمثّل في توضيح الطّريقة التي اعتمدتها فيسبوك   لربط الصّلة بين الحسابات التي تبدو زائفة والمسؤولين الحكوميّين في  ميانمار  وما هي الحسابات أو الصفحات التي يديرها أولئك المسؤولون  أو من نفس المواقع الحكومية. اعتبرت المحكمة أنّ مطلب غامبيا إفادة من فيسبوك طبقا للمادّة 30 (ب) (6) يشكّل عبئا مفرطا على فيسبوك ولذلك رفضته.

في الختام، أقرّت المحكمة بأنّ «قانون المراسلات المخزّنة” يتطلّب تحديثا يتماشى مع الأوضاع الحالية بيد أنّها أرست مسارًا راسخًا للكشف عن المحتوى المحذوف وكان على فيسبوك الالتزام بطلب غامبيا الكشف عن المحتويات التي تم حذفها من المنصّة وكلّ ما اتّصل بها من وثائق التحقيق الداخلي.

 


اتجاه الحكم

معلومات سريعة

يشير اتجاه الحكم إلى ما إذا كان الأخير يُوسع من مدي التعبير أم يُضيقه بناءً على تحليل للقضية.

الحكم يُعزز من حُرية التعبير

يمثّل هذا القرار مزيجا نادرا من المسائل المتعلّقة بالخصوصية والاشراف على المحتوى وحريّة التعبير عبر الأنترنت و قد اعتبر المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحرية التعبير في تقرير صدر عام 2019 أنّ إشراف فيسبوك على المحتوى الّذي يتمّ نشره في ميانمار كان من ضمن الأدوات الحاسمة للتحكم في المحتويات التي تطرح إشكالا ومع ذلك اعتبرت المحكمة أنّ رفض فيسبوك الاستجابة لطلب الكشف على أساس مبدأ عدم الكشف والخصوصية يشكّل  تقييدا لحرية التعبير كما أقرّت المحكمة في هذه القضية بأن “التساؤل عن سبل احترام منصات وسائل التواصل الاجتماعي لحرية التعبير للمستخدمين مع حمايتهم من الأذى يشكّل واحدا من أكثر التحديات إلحاحًا في عصرنا” [ص. 13] و أقرّت في الوقت ذاته بضرورة الموازنة بين الحق في الخصوصية في هذه الحالة والحاجة إلى الكشف عن سبب الإبادة الجماعية للروهينجا [ص. 18].

فيما عدا ذلك، تمثّل هذه القضية انتصارًا مهمًا للعديد من مبادرات المساءلة في مجال حقوق الإنسان، على غرار قضية غامبيا أمام محكمة العدل الدوليّة، التي تواصل محاربة التّطبيق العشوائي من قبل فيسبوك للمعايير المجتمعيّة ومناهضة القرارات التي تتخذها بشأن المحتويات المنشورة من طرف الجهات الحكومية في مختلف الولايات القضائية مثل ميانمار.

المنظور العالمي

معلومات سريعة

يوضح المنظور العالمي كيف تأثر قرار المحكمة بمعايير سواء من منطقة واحدة أو عدة مناطق.

جدول المراجع المستند اليها

معيار أو قانون أو فقه وطني

  • U.S., Optiver Australia Pty. Ltd. and Anor. v. Tibra Trading Pty. Ltd. and Ors., 2013 WL 256771 (N.D. Cal. 2013).
  • U.S., Anzaldua v. Ne. Ambulance and Fire Prot. Dist., 793 F.3d 822 (8th Cir. 2015).
  • U.S., Hately v. Watts, 917 F.3d 770 (4th Cir. 2019).
  • U.S., Crispin v. Christian Audigier, Inc., 717 F. Supp. 2d 965 (C.D. Cal. 2010).
  • U.S., Sartori v. Schrodt, 424 F. Supp. 3d 1121 (N.D. Fla. 2019).
  • U.S., Theofel v. Farey-Jones, 359 F.3d 1066 (9th Cir. 2004).
  • U.S., Jennings v. Jennings, 736 S.E.2d 242 (S.C. 2012).
  • U.S., Gonzales v. Uber Techs., Inc., 2018 WL 4616266 (N.D. Cal. 2018).
  • U.S., Flagg v. City of Detroit, 252 F.R.D. 346 (E.D. Mich. 2008).
  • U.S., Delaware Dep’t of Nat. Res. and Env’t Control v. EPA, 895 F.3d 90 (D.C. Cir. 2018).
  • U.S., United States v. Sykes, 2020 WL 8484917 (E.D. Tenn. 2020).
  • U.S., United States v. Wenk, 319 F. Supp. 3d 828 (E.D. Va. 2017).
  • U.S., PPG Indus., Inc. v. Jiangsu Tie Mao Glass Co., 273 F. Supp. 3d 558 (W.D. Pa. 2017).
  • U.S., In re Facebook, Inc., 923 F. Supp. 2d 1204 (N.D. Cal. 2012).
  • U.S., Facebook, Inc. v. Super. Ct., 417 P.3d 725 (2018).
  • U.S., Negro v. Superior Court, 179 Cal. Rptr. 3d 215 (2014).

اهمية القضية

معلومات سريعة

تُشير أهمية هذه القضية إلى مدى تأثيرها وكيفية تغير مدى أهميتها بمرور الوقت.

لم تشكل هذه القضية سابقة ملزمة أو مقنعة سواء داخل أو خارج نطاقها القضائي. لا يمكن تحديد أهمية هذه القضية في هذه المرحلة الزمنية.

وثائق القضية الرسمية

التقارير والتحليلات والمقالات الإخبارية:


المرفقات:

هل لديك تعليقات؟

أخبرنا إذا لاحظت وجود أخطاء أو إذا كان تحليل القضية يحتاج إلى مراجعة.

ارسل رأيك