تم نشر هذا التقرير في الأصل من قبل مؤسسة سمكس وتم إعادة نشره هنا بإذن منها.
في سياق تزايد سيطرة الحكومة على شبكات الهاتف النقال وانعدام الشفافية من قبل الحكومات والشركات على حدّ سواء في جعل هذه الضوابط واضحة، يسعى هذا التقرير إلى توثيق علانية السياسات الرئيسية من كافة شركات تشغيل شبكات الهاتف النقال في ٢٢ دولة من المنطقة العربية، وتحديدًا شروط الخدمة وسياسات الخصوصية. وبالإضافة إلى ذلك، نحن نهدف إلى تقييم مدى تتناول تلك العلانية الحق في حرية التعبير، وعلى نطاق أضيق الحق في الخصوصية، وذلك من خلال استخدام مجموعة من المؤشرات من منهجية تصنيف الحقوق الرقمية/مؤشر مساءلة الشركات.
يكمن هدفنا في تقديم أدلة لعرض جهود صناع السياسات في الحكومات والشركات، والصحفيين، والنشطاء، والباحثين. أمّا الهدف الأهمّ فهو تعزيز الشفافية المتزايدة بين مشغلي شبكات الهاتف النقال ومستخدميها من أجل تطوير ثقافة أعمال يطالب من خلالها العملاء بحقوقهم في الخصوصية وحرية التعبير، وتكون قوية بما فيه الكفاية لإقناع مزوّدي خدمات التكنولوجيا والاتصالات بما يلي: أولاً نشر وتعميم السياسات المؤسسية التي تحترم هذه الحقوق؛ وثانيًا، تمييز أنفسهم عن منافسيهم استنادًا إلى هذه السياسات؛ وثالثًا، الدفاع عن مستخدمي الهواتف النقالة في المنطقة من تجاوزات الحكومة والشركات.
لا يبدو أن أي مشغل للاتصالات في المنطقة العربية، حتى الشركات التابعة للشركات المتعددة الجنسيات، يأخذ في عين الاعتبار أو يلتزم بحقوق الإنسان عبر الإنترنت عند صياغة شروط الخدمة وسياسات الخصوصية الخاصة به. وكثيرون لا يجعلون وثائق السياسات الأساسية هذه متاحة علنًا.
ومن بين ٦٦ مشغل لشبكة الاتصالات النقالة في المنطقة، على سبيل المثال، لا يقوم سوى ١٤ منها بنشر شروط الخدمة؛ ٧ شركات فقط تنشر سياسات الخصوصية. ومن بين الشركات التي تنشر سياسة الخدمة، بعضها لا ينشرها باللغات الأساسية لمستخدميها. وعلاوة على ذلك، لا يوجد سوى اتساق لا يُذكر لدى الشركات في التزاماتها بتبليغ المستخدمين بالتعديلات في الخدمة أو توضيح العمليات المستخدمة لتنفيذ شروط الخدمة الخاصة بها. في الواقع، في حين أن معظم الشركات توفر معلومات عن أنواع المحتوى والأنشطة التي لا تسمح بها، فلا تزال الإجراءات التي تتبعها لتنفيذ قواعدها غير واضحة. ويشمل ذلك تقديم معلومات عن الإجراءات التي تتخذها بحقّ المستخدمين والحسابات المخالفة مثل قرارات تعليق الخدمة أو إنهائها؛ أو منع الوصول إلى بعض أنواع المحتوى، وكيف يتمّ اتخاذ قرارات مماثلة.
في حين يوفّر معظم المشغلين بعض الوسائل للعملاء لتقديم الشكاوى، لا توجد آلية معالجة قائمة تتضمن إما عملية لمعالجة الشكاوى المتعلقة بحرية التعبير أو دليل على أن الشركة تستجيب للشكاوى. وأخيرًا، لا يقوم أيّ من مشغلي البلدان العربية بنشر تقرير عن الشفافية (يمنع البعض القانون من القيام بذلك).
على الرغم من هذه النواقص، هناك بعض النقاط الإيجابية. تقوم أربع شركات، ليكا موبايل تونس، وفيرجن موبايل السعودية، وفودافون قطر، وزين الأردن بنشر شروط الخدمة وسياسة الخصوصية. وبدت دو في الإمارات العربية المتحدة كشركة رائدة نسبيًا من حيث إعلام وتثقيف مستخدميها في ما يتعلق بعمليات تنفيذ سياساتها. وقد حظيت الشركات التابعة لـ”إم تي إن” و”أورانج” و”فودافون”، وهي شركات متعددة الجنسيات يقع مقرّها خارج المنطقة، بتقدير جزئيّ لالتزامها بحقوق الإنسان بفضل قيادة الشركات الأم. ومع ذلك، يمكن تحسين أوجه كثيرة في سياساتها وممارساتها
من خلال توثيق هذه النواقص والإمكانات الواعدة في جميع أنحاء المنطقة وإطلاع الشركات ومستخدميها عليها، نحن نسعى إلى تحفيز المشغلين لكي يتحرّكوا في الاتجاه الصحيح. لقد قمنا بتضمين المقارنات مع الشركات المتعددة الجنسيات وشركات مصنّفة بحسب تصنيف الحقوق الرقمية/ مؤشّر مساءلة الشركات لتوضيح الاتجاهات على المستوى العالمي التي قد تساعد على المضيّ قدمًا. بالإضافة إلى ذلك، لأن هذا هو التحليل الأول من نوعه، وهو يتضمّن أربعة مؤشرات فقط ولأن هدفنا هو التشجيع لا التعييب على الشركات التي خضعت للتقييم، فقد اخترنا عدم عرض البيانات التي تم جمعها وفق ترتيب عددي أو بحسب النتائج، كما يفعل مؤشّر مساءلة الشركات لعام ٢٠١٧. غير أننا قد نعيد النظر في هذا النهج في عمليات التقييم المقبلة.
وعلاوة على ذلك، نأمل أن تستخدم المجموعات التي تعنى بحرية التعبير في المنطقة العربية والحقوق الرقمية وحقوق المستهلك هذه البيانات الواردة هنا للمناصرة ليس فقط من أجل جعل شروط الخدمة وسياسات الخصوصية متاحة علنًا من قبل المشغل إنّما أيضًا لاستخدام اللغة التي تضمن احترام حقوق المستخدمين بما يتماشى مع معايير الأعمال التجارية الدولية وحقوق الإنسان. وعلى حدّ علمنا، يعدّ هذا التقرير مصدرًا فريدًا لهذه البيانات ويضع أسسًا للمعرفة التي يمكن أن تدعم المطالبة ببيئة عمل أكثر احترامًا للحقوق بشكل عام، وفي المساحات الشبكية الرقمية، على وجه الخصوص. وتعتبر هذه المسألة ملحّة بصفة خاصة، حيث أصبحت هذه المساحات في السنوات الأخيرة المواقع الرئيسية لكلامنا الخاص والعام، ويجب حمايتها على هذا الأساس.
وأخيرًا، نقدم التوصيات للمشغلين حول كيفية دمج هذه المعايير، وللمستهلكين والمدافعين عن حقوق الإنسان حول ما ينبغي أن يتنبهوا إليه ويطالبون بسلوك يحترم الحقوق.