العنف ضدّ المتحدّثين/الإفلات من العقوبة
تصنيف عملية اختطاف وتعذيب واغتصاب الصحفية جينيث بيدويا كجريمة ضدّ الانسانية
كولومبيا
قضية مُنتهية الحكم يُعزز من حُرية التعبير
حرية التعبير العالمية هي مبادرة أكاديمية، ولذلك، نشجعك على مشاركة وإعادة نشر مقتطفات من محتوانا طالما لا يتم استخدامها لأغراض تجارية وتحترم السياسة التالية:
• يجب عليك الإشارة إلى مبادرة جامعة كولومبيا لحرية التعبير العالمية كمصدر.
• يجب عليك وضع رابط إلى العنوان الأصلي للتحليل القضائي أو المنشور أو التحديث أو المدونة أو الصفحة المرجعية للمحتوى القابل للتنزيل الذي تشير إليه.
معلومات الإسناد وحقوق النشر والترخيص لوسائل الإعلام المستخدمة من قبل مبادرة حرية التعبير العالمية متاحة على صفحة الإسناد الخاصة بنا.
هذه القضية متاحة بلغات إضافية: استعرضها بلغة أخرى: English استعرضها بلغة أخرى: Español
أدانت هيئة قضائيّة في الباراغواي فيلمار “نينيتشو” أكوستا، المحافظ الأسبق لإقليم ايباجهو في مقاطعة كانيندايو على خلفيّة إصداره الأمر باغتيال الصحفي بابلو مدينة. يوم ١٩ ديسبمر ٢٠١٧ صدر حكم ضدّ أكوستا بالسّجن لمدّة ٢٩ سنة و ١٠ سنوات من التّدابير الأمنيّة. كان بابلو قد نشر قبل مقتله مقالات حول المشاركة المزعومة لجماعة أكوستا في جرائم قتل وفي الاتّجار بالمخدّرات وقد تولّى مكتب المدّعي العام التّحقيق في هذه المزاعم. بناء على المعايير الدوليّة ومن ضمنها بالتّحديد لجنة البلدان الأمريكيّة لحقوق الانسان والحقوق المنصوص عليها في دستور الباراغواي خلصت المحكمة إلى انّ القضيّة لا تتعلّق فقط بجريمة ضدّ حقّ الصّحفي في الحياة بل أيضا بخرق لحريّة التّعبير ولحقّ جميع المواطنين في النّفاذ إلى المعلومة. كما أنّ الدّول ملزمة أساسا بالتّحقيق وبمعاقبة المسؤولين عن مقتل الصحفيّين وكذلك الأطراف التي حرّضت على ذلك.
مثّل هذا الحكم غير المسبوق محطّة فارقة في فقه القضاء في الباراغواي بشأن حماية الحقّ في حريّة التّعبير والممارسة الحرّة للصحافة وكان أوّل حكم يصدر في الباراغواي بعقوبة جنائيّة ضدّ طرف خطّط لمقتل صحفيّ.
كان الصّحفي بابلو مدينة فيلاسكيز يعمل كمراسل لفائدة الصّحيفة المحليّة ABC color في البارغواي وكان بصدد إعداد مقال حول وباء حشريّ كان يهدّد المحاصيل في العديد من المزارع في منطقة كلونيا كرشنسيو.
يوم ١٦ أكتوبر ٢٠١٤ اتّجه على متن شاحنة نحو مجموعة محليّة من السكّان الأصليّين (Ko’ê Porã) مع مساعدته انطونيا ماريبال المادا كامورو وشقيقتها خوانا روث المادا كامورو لزيارة إحدى المزارع. في طريق العودة اعترضهما شخصان استعملا أسلحة ناريّة لقتل بابلو وأنكزنيا ماريبال أمّا خوانا روث فقد اختفت تحت الكرسيّ الخلفيّ للشّاحنة ونجت بذلك من الموت. تمّ التّعرّف على هويّة الشّخصين: ويلسون أكوستا ماركيس و فلافيو أكوستا ريفاروس، و هما تباعا شقيق و ابن أخت فيلمار أكوستا ماركيس.
ركّز بابلو معظم أعماله على التّقاطع بين الاتّجار في المخدّرات وإزالة الغابات والفساد في إقليم ايباجهو والمدن المجاورة. بدأ بالتّحقيق وبنشر مقالات صحفيّة مختلفة حول جماعة أكوستا وعلاقتهم بالاتجار في المخدّرات وعدد من الاغتيالات سنة ٢٠١٠.
تلقّى بابلو تهديدات بالقتل من فيلمار أكوستا تحصّل على إثرها على حماية أمنيّة لمدّة زمنيّة محدّدة.
أدلى القاضي رامون ت. زلايا بقرار المحكمة.
حلّلت المحكمة بالتّفصيل دوافع الجريمة وصلتها بالعمل الصحفيّ الذي يقوم به مدينة من خلال الإشارة إلى المقالات التي تمّ نشرها في السنوات التي سبقت مقتله وتبيّنت من شهادة الشّهود أنّ الجميع كان يعلم بأنّ فيلمار أكوستا كان منزعجا من إصدارات الصحفيّ. كما تبيّنت المحكمة أنّ فيلمار أكوستا كان قد عبّر عن رغبته في اخماد صوت بابلو قبل الجريمة بفترة طويلة وبالتّحديد عندما كتب بابلو عن مقتل الخصم السياسي لفيلمار أكوستا وعندما فشل هذا الأخير في كسب دعوى قضائيّة بالتّشهير كان قد رفعها ضدّ الأول. ذكرت المحكمة أيضا أنّ بابلو تلقّى تهديدات بالقتل على نحو متواصل في علاقة مباشرة بمقالاته حول “مجموعة أكوستا” ممّا جعل الشرطة تخصّص له ضابط شرطة لحمايته.
أصدرت القاضية جانين ريوس جونزالس رأيا موسّعا يُعتبر جزء من قرار المحكمة أبرزت فيه أهميّة حماية ممارسة الحقّ في حريّة التّعبير واستشهدت بما بيّنه المقرّر الخاصّ للجنة البلدان الأمريكيّة لحقوق الانسان المعني بحريّة التّعبير للتّأكيد على أنّ اغتيال الصحفيّين يشكّل أخطر انتهاك للحقّ في حريّة التّعبير لأنّه يمنع حقّهم في الحياة ويقضي على حقّهم في التّعبير الحرّ عن أفكارهم ويحدّ من حقّ المجتمع في المشاركة في التدفّق الحرّ للمعلومات (الصّفحة ٣٢٤).
ذكرت المحكمة أنّه طبقا لمعايير البلدان الأمريكيّة، يجب حتما على الدّول التّحقيق في اغتيالات الصحفيّين وفرض عقوبات على مقترفيها وذكّرت القاضية ريوس بأنّ لجنة البلدان الأمريكيّة لحقوق الانسان تعتبر أنّ عدم القيام بتحقيق معمّق لمحاسبة الجناة يشكّل انتهاكا للحقّ في حريّة التّعبير. وقالت أنّ هذا الواجب مهمّ لضمان الحقّ في الحياة وكذلك الممارسة الحرّة والتامّة للحقّ في حريّة التّعبير (ص.٣٢٥-٣٢٦) وأضافت أنّ الامتثال لواجب التّحقيق هو من أهمّ السّبل لمنع الاعتداءات على الصحفيّين.
إلى جانب مسؤوليّة الدّولة في الوقاية والحماية والتّحقيق والمقاضاة أشارت القاضية ريوس إلى التّأثير السلبيّ الشّامل للجرائم المرتكبة ضدّ الصحفيّين على الإعلاميّين وعلى المجتمع اجمالا وذكّرت بأنّ لجنة البلدان الأمريكيّة لحقوق الانسان تعتبر أنّ العنف ضدّ الصحفيّين لمجرّد إخماد صوتهم يشكّل انتهاكا لحقّ المجتمع في النّفاذ الحرّ إلى المعلومة (ص.٣٢٤). أكّدت المحكمة على كون الإفلات من العقاب يؤثّر سلبا على الحقّ في حريّة التّعبير ممّا قد يؤدّي إلى فرض الرّقابة.
حسب المحكمة يتمثّل الدّور الأساسي للسّلطة القضائيّة فيما يتعلّق بالعنف ضدّ الصحفيّين وكلّ من يمارس حقّه في التّعبير الحرّ في تطبيق المعايير الدوليّة ذات الصّلة أي التّحقيق في الجريمة وإصدار حكم لتحقيق العدالة وفرض عقوبات أو اصدار الحكم الملائم.
أخيرا ذكّر قرار المحكمة بأهميّة تحديد الأطراف التي شاركت في الاغتيال ومن خطّط له أو حرّض عليه لمحاسبة الجميع على ما اقترفه (ص. ٣٢٧-٣٢٨). قاتلا الصحفي بابلو هما ويلسون أكوستا ماركيس، الذي مازال في حالة فرار و فلافيو أكوستا ريفاروس الذي تمّ إيقافه في البرازيل و تسليمه إلى الباراغواي.
يوم ١٩ ديسمبر ٢٠١٧ حكمت المحكمة على فيلمار أكوستا بالسّجن لمدّة ٢٩ سنة مع ١٠ سنوات من التّدابيرالأمنيّة على خلفيّة إصداره الأمر بقتل الصّحفي بابلو مدينة.
يشير اتجاه الحكم إلى ما إذا كان الأخير يُوسع من مدي التعبير أم يُضيقه بناءً على تحليل للقضية.
يُعزز هذا الحكم من نطاق حريّة التّعبير من خلال الاعتراف بأنّ أعمال التّرهيب على غرار اغتيال صحفيّ تمثّل شكلاً من أشكال فرض الرّقابة للحدّ من حريّة الصحفيين والمجتمع ككلّ في التّعبير من خلال ممارسة تأثير سلبيّ على تبادل المعلومات. كما أشار القرار إلى معايير البلدان الأمريكيّة المتعلّقة بالواجب المحمول على الدّولة للوقاية والحماية ومكافحة الإفلات من العقاب في الجرائم المقترفة ضدّ الصحفيّين. أبرز أيضا الدّور المحدّد الذي تضطلع به السّلطة القضائيّة فيما يتعلّق بالتّحقيق ومقاضاة وعقاب المذنبين.
يشكّل هذا القرار حكما تاريخيّا واستثنائيّا بالنّسبة إلى حماية الحقّ في حريّة التّعبير والممارسة الحرّة للصحافة وهي القضيّة الأولى التي تمّ فيها فرض أقصى عقوبة على الطّرف الذي خطّط لاغتيال صحفيّ.
يوضح المنظور العالمي كيف تأثر قرار المحكمة بمعايير سواء من منطقة واحدة أو عدة مناطق.
تُشير أهمية هذه القضية إلى مدى تأثيرها وكيفية تغير مدى أهميتها بمرور الوقت.