المراقبة / التصنت, حرية الصحافة والإعلام, تنظيم المحتوى والرقابة عليه, الخصوصية وحماية البيانات والاحتفاظ بها
مركز امابهونجاني للصّحافة الاستقصائية ضدّ وزير العدل والخدمات الاصلاحيّة
جنوب أفريقيا
قضية مُنتهية الحكم يُعزز من حُرية التعبير
حرية التعبير العالمية هي مبادرة أكاديمية، ولذلك، نشجعك على مشاركة وإعادة نشر مقتطفات من محتوانا طالما لا يتم استخدامها لأغراض تجارية وتحترم السياسة التالية:
• يجب عليك الإشارة إلى مبادرة جامعة كولومبيا لحرية التعبير العالمية كمصدر.
• يجب عليك وضع رابط إلى العنوان الأصلي للتحليل القضائي أو المنشور أو التحديث أو المدونة أو الصفحة المرجعية للمحتوى القابل للتنزيل الذي تشير إليه.
معلومات الإسناد وحقوق النشر والترخيص لوسائل الإعلام المستخدمة من قبل مبادرة حرية التعبير العالمية متاحة على صفحة الإسناد الخاصة بنا.
هذه القضية متاحة بلغات إضافية: استعرضها بلغة أخرى: English استعرضها بلغة أخرى: Español استعرضها بلغة أخرى: Français
اعتبرت محكمة العمل للاستئناف في بوينس آيرس أن قيام شركة بتثبيت تطبيقة لتتبع هواتف موظفيها عند سفرهم يُعتبرُ غير مُبرّرا وتعسّفيّا لأنه يُشكّل تدخلا في حميمية وخصوصية الموظفين. فالبرمجيات التي وفّرتها الشركة تستخدم تقنية تحديد المواقع (GPS) لتتبع أماكن تواجد الموظفين بالتدقيق لمدة 24 ساعة حتى قبل وبعد يوم العمل وخلصت المحكمة إلى أن الإجراء الذي اتخذه صاحب العمل لا يتوافق مع مبادئ المعقولية والضرورة لقانون عقد العمل أو لوائح حماية البيانات. وفقا للمحكمة، فقد فشلت الشركة في تقديم تفسير معقول لهذا الإجراء ولم تقدم للعمال معلومات كافية حول كيفية معالجة المعلومات. وأشارت المحكمة إلى أن الأجهزة النقالة لا تقتصر على الأنشطة المهنية بما أن تكاليف الخدمات يتكبّدها الباعة ويُمكن بالتالي استخدامها لأغراض شخصية.
في أغسطس 2012، طلبت شركة فيشر ش. م. من موظفيها المسافرين تثبيت برمجيّة اقتفاء في هواتفهم لمراقبة الزبائن والعُملاء الذين يزورونهم. توفّر التطبيقة التي أُطلق عليها اسم “بيان الموقع” لصاحب العمل الموقع الدقيق للهاتف في كل لحظة وبشكل مُباشر بفضل استخدام إشارة تحديد المواقع (GPS). برّرت الشركة استخدام البرنامج لمزيد تعزيز الأداء التشغيلي والإداري.
قدّم المُدّعون حكما استعجاليّا ضد الشركة يطالبون فيه بالعودة إلى وضع ما قبل فرض التطبيقة. واعتبروا في شكواهم بأن البرنامج يًشكّل انتهاكا غير مبرر لحقوقهم في الخصوصية معتبرين أن صاحب العمل سيعرف موقعهم على مدار 24 ساعة في اليوم بغض النظر عما إذا كانوا يعملون أم لا. يقوم البرنامج بجمع البيانات الخاصة بالموقع حتى لو لم يكن التطبيق مفتوحا، وأضافوا بأنّهم لا يعرفون من يقوم بمُعالجة البيانات وكيف تتمّ مُعالجتها ولأي أغراض.
وفّر الحُكم الصّادر عن المحكمة الابتدائية الحماية للمُدّعين. استأنف المُدّعى عليه شكواه أمام محكمة استئناف العمل في بوينس آيرس.
في تشرين الأول / أكتوبر 2015، أدلى القاضي باليستريني برأي المحكمة.
تمثّلت القضية الرئيسية المعروضة على المحكمة فيما إذا كان استخدام صاحب العمل لتطبيق التعقب مع إمكانية الاطّلاع على مكان تواجد العُمّال لمدة 24 ساعة ينطوي على انتهاك غير مُبرّر لحقوقهم في الخصوصية.
قدم المدعون التماسا للعودة إلى وضع ما قبل أغسطس 2012 عندما طلبت منهم الشركة تثبيت تطبيق التتبع “بيان الموضع” في هواتفهم. وقالوا إن البرنامج ينطوي على تدخل غير عادل في حياتهم الخاصة بما أنّ صاحب العمل يُمكنه أن يعرف بداية من الآن وعلى مدار كامل ساعات اليوم نوعيّة أنشطتهم المهنيّة وغير المهنيّة. أدّى هذا الوضع إلى “قلقهم وانعدام أمنهم لأن الأمر [يتعلّق] بمعلومات تعرض ممتلكاتهم وعائلاتهم للخطر في حين أنهم [لم] لا يعرفون على وجه اليقين من يجمع البيانات المذكورة” [ص 2]. علاوة على ذلك ووفقا لشروط العمل، لم يكن استخدام الهواتف المحمولة مُقيّدا: فالعُمّال هم الذين يدفعون تكاليف خدمات الهاتف وبالتالي يُمكنهم استخدامها للاتصالات الشخصية وبعد ساعات العمل. وأخيرا، ادّعوا أنهم لا يعرفون الغرض من الحصول على البيانات أو استخدامها لأن الشركة لم تقدم الأسباب المُبرّرة لتنفيذ نظام المراقبة هذا.
أجاب المُدّعى عليه أن البرنامج يتألف من تطبيق إداري وتجاري جديد يسعى إلى تعزيز المهام وتحسين أمن وسلامة العُمّال. أضاف المُدّعى عليه بأن الأجهزة يتمّ توفيرها من قبل الشركة وأن قرار استخدامها بعد ساعات العمل يبقى بيد العُمّال: “يُمكنهم الالتزام بتشغيله عند الوصول إلى العميل الأول و/أو إيقاف تشغيله بعد استكمال زيارتهم الأخيرة أو حتى بينهما” [ص 2]. وأشاروا إلى أن المعلومات كانت تُدار من قبل رئيس الفريق الذي يتولّى الإشراف على عديد المهام في الشركة وبالتالي لا يُمكنُه تتبّع كل موقع بشكل مُباشر. لهذا السبب، توفّر له البرمجيّة تقارير دورية. وأخيرا، ذكر المُدّعى عليه أن مقاومة المُدّعين كانت بسبب نيتهم إخفاء عدد الزيارات التي يقومون بها خلال يوم العمل.
وضعت المحكمة إطار المُناقشة لتحديد ما إذا كان استخدام التكنولوجيا الجديدة مشروعا وذلك بالنّظر في إطارين قانونيين مختلفين. أولا، ما إذا كان صاحب العمل قد امتثل للمتطلبات التي ينصّ عليها قانون عقد العمل لممارسة سلطات الرقابة على الموظفين. ثانيا، إذا كان الالتزام بتثبيت البرمجيّة يحترم اللوائح الوطنية والدولية المُتعلّقة بحماية البيانات الشخصية.
وجدت المحكمة أن تشغيل برمجيّة الاقتفاء الجديدة ينطوي على تدخل غير مقبول في الحياة الخاصة للمُدّعين. إذ ينتهك هذا الإجراء التدخلي حقوق الإنسان الدستورية والقانونية والدولية لكونه يعرض موقع العمال بمجرد تشغيل الجهاز. وأظهرت الأدلة أنه بعد تثبيت التطبيقة، أصبحت الشركة قادرة على النفاذ غير المُقيد إلى مواقع الموظفين وفي الوقت الحقيقي. بالإضافة إلى ذلك، عرّفت المحكمة الموقع الجغرافي بكونه يُمثل “معلومات حسّاسة للغاية” [ص. 3].
علاوة على ذلك، لم يكن لدى المُدّعين يقين بشأن من يمتلك المعلومات المُتعلّقة بموقعهم في مُختلف فترتن اليوم [ص 4]. وكون الأعباء المُنجرّة عن مهام رئيس الفريق لا تسمح له برصد المواقع في كل لحظة لا يحول دون إمكانية حدوث ذلك. لم يمنع قرار الشركة باستخدام التقارير اليومية بحُجّة تعزيز الإنتاجية أو أعباء العمل من المراقبة المُباشرة والحيّة. بعبارة أخرى، لم يُثر المدعون الجدل حول المُشاهدة الفعليّة لمواقعهم بعد ساعات العمل بل تعلّقت شكواهم باحتمال حدوث ذلك.
أكّدت المحكمة على أن المُدّعين غير مُرتبطين بجدول عمل ثابت. بل بالعكس، يُمكنهم استخدام الهواتف المحمولة التي توفرها لهم الشركة في أي لحظة دون قيود وحتى بعد الانتهاء من يوم عملهم. وقد عزز هذا التأكيد كون العمال هم الذين يدفعون فواتير استخدامهم للهاتف. وخلصت المحكمة إلى أن المرونة في جداول العُمّال أعاقت اقتراح المُدّعى عليه بتشغيل الجهاز وإيقافه متى لم يستخدمُها العُمّال أو خلال أوقاتهم الشخصيّة.
وأبرزت المحكمة أن المُدّعى عليه هو الذي استخدم عبارة “لتوضيح” عند الإشارة إلى قدرات البرمجيّة الجديدة. فوفقا للمحكمة، يدلّ هذا بأن الآلية الجديدة تنطوي على ممارسة السيطرة على العمال والتحكّم في نوعية الواجبات وتنفيذها.
في الختام، لم يُقدّم المُدعّى عليه تفسيرا معقولا لتداخل سلطته الجديدة للسيطرة على الأداء والتعدي على الحقوق الإنسانيّة للعُمّال. كما لم يُوضّح المُدّعى عليه ضرورة التدبير بالنظر إلى حجمه ونطاقه، ولم يظهر شرطا بالموافقة للسّماح بذلك.
وأكدت المحكمة أنه بالنظر إلى الحقوق المعنية، فإن التفسيرات من المُدّعى عليه تتطلّب “دقة أكبر و/أو درجة من التفصيل (…) من شأنها أن تسمح بفهم ليس فقط كيفيّة تشغيل التطبيقة ولكن أيضا على سبيل المثال مُعالجة البيانات التي تمّ الحصول عليها ووجهتها المُحدّدة وكذلك الأسباب الفنية التي من شأنها منع الوصول إلى الموقع الجغرافي للعامل في جميع الأوقات (سواء علموا بها في الوقت الحقيقي و/أو بطريقة مؤجلة) والخصائص الأمنية للتطور التكنولوجي المعني من حيث حرمتها ضدّ الاختراق (رموز الوصول وعدم قابليتها للتحويل لاحقا ووجود أنظمة “جدار الحماية” وما إلى ذلك)” [ص 7-8].
إلّا أن المحكمة أكّدت على أن “القرار المعتمد لا يعني تجاهل سلطة صاحب العمل عل التحكم في الأنشطة التي يقوم بها العمال (حتى بواسطة تقنيات مُختلفة) ولكن الحقيقة هي أنه لا يُمكن اعتماد هذه الممارسة تحت أي ظرف من الظروف دون مراعاة كرامة وخصوصية العُمّال” [ص 8].
وأخيرا، أكّدت المحكمة قرار المحكمة الابتدائية وأمرت بالعودة إلى ظروف العمل قبل آب/أغسطس 2012.
يشير اتجاه الحكم إلى ما إذا كان الأخير يُوسع من مدي التعبير أم يُضيقه بناءً على تحليل للقضية.
عزّزت المحكمة حماية حقوق الخصوصية بالحدّ من كيفية استخدام أصحاب العمل لتكنولوجيا المعلومات للسيطرة على أنشطة العمال. وعند ممارستها تدابير الرقابة، يجب على الشركات احترام اللوائح الدولية والوطنية بشأن حماية البيانات والخصوصية.
يعترف الحكم بسُلطة أصحاب العمل على التحكم في الأداء وكيفية تنفيذ العمل ولكن إذا ما انجرّ عن ذلك تدخّلا في حقوق الإنسان، فيجب عليهم تقديم تفسيرات واضحة ومُفصّلة.
يوضح المنظور العالمي كيف تأثر قرار المحكمة بمعايير سواء من منطقة واحدة أو عدة مناطق.
تُشير أهمية هذه القضية إلى مدى تأثيرها وكيفية تغير مدى أهميتها بمرور الوقت.