المراقبة / التصنت, حرية الصحافة والإعلام, تنظيم المحتوى والرقابة عليه, الخصوصية وحماية البيانات والاحتفاظ بها
مركز امابهونجاني للصّحافة الاستقصائية ضدّ وزير العدل والخدمات الاصلاحيّة
جنوب أفريقيا
قضية مُنتهية الحكم يُعزز من حُرية التعبير
حرية التعبير العالمية هي مبادرة أكاديمية، ولذلك، نشجعك على مشاركة وإعادة نشر مقتطفات من محتوانا طالما لا يتم استخدامها لأغراض تجارية وتحترم السياسة التالية:
• يجب عليك الإشارة إلى مبادرة جامعة كولومبيا لحرية التعبير العالمية كمصدر.
• يجب عليك وضع رابط إلى العنوان الأصلي للتحليل القضائي أو المنشور أو التحديث أو المدونة أو الصفحة المرجعية للمحتوى القابل للتنزيل الذي تشير إليه.
معلومات الإسناد وحقوق النشر والترخيص لوسائل الإعلام المستخدمة من قبل مبادرة حرية التعبير العالمية متاحة على صفحة الإسناد الخاصة بنا.
هذه القضية متاحة بلغات إضافية: استعرضها بلغة أخرى: English
ألغت المحكمة الدّستوريّة الجورجيّة ثلاثة أحكام من اللائحة التّنظيميّة للجنة الاتصالات الوطنيّة الجورجيّة تجبر مصدري نطاقات الانترنت ومقدّمي خدمات الانترنت على الحدّ من بعض أنواع الخطاب عبر الانترنت. تقدّم بالدّعوى الكسندر دزيناراسفيلي، صاحب موقع الكتروني اعتبر أنّ الأحكام المتنازع بشأنها تعرقل حقّه في تلقّي المعلومات و نقلها بكلّ حريّة عبر الأنترنت. قضت المحكمة الدّستوريّة الجورجيّة بأنّ قرار فرض قيود على الخطاب عبر الانترنت يشكّل مسألة تهمّ الصّالح العام ولذلك ففرض القيود في هذه الحالة هو فقط من اختصاص أعلى هيئة تمثيليّة في البلاد بينما لجنة الاتّصالات الوطنيّة ليست كذلك.
الكسندر دزيناراسفيلي هو صاحب موقع الكتروني في جورجيا. تقدّم يوم ٨ نوفمبر ٢٠١٧ بدعوى أمام المحكمة الدّستوريّة الجورجيّة يطلب فيها بالحكم بعدم دستوريّة العديد من أحكام اللائحة التّنظيميّة (المادّة ١٠ (٢) (ب)، والمادّة ٢٥ (٤) (خ) والمادّة ٢٥ (٥) (ب) من القرار عدد ٣ للجنة الاتصالات الوطنيّة الجورجيّة (بشأن المصادقة على اللوائح المتعلّقة بتقديم الخدمات وحماية حقوق المستهلك في مجال الاتصالات الالكترونيّة (٢٠٠٦)).
نصّت اللائحة التّنظيميّة على العديد من الأحكام نذكر من بينها ما يلي:
١. يجب على الجهات التي تصدر نطاقات الانترنت أن تقوم على نحو دوريّ بفحص وحجب مواقع الويب لمنع نشر المحتويات غير المقبولة؛
٢. عند الاشعار من طرف مستعملي الانترنت، يجب على مقدّمي خدمات الانترنت اتّخاذ جميع الاحتياطات الضروريّة لمنع نشر المحتويات غير المقبولة.
تعتبر اللائحة التّنظيميّة الخطاب المحتوي على “أشكال خطيرة من الكراهية والعنف” أو على قذف أو ألفاظ نابية أو معلومات غير دقيقة أو يخلّ بمبدأ افتراض البراءة خطابا غير مقبول. بعبارة أخرى، تجبر لجنة الاتصالات الوطنيّة الجورجيّة مصدري نطاقات الانترنت ومقدّمي خدمات الانترنت على تحديد المحتوى غير المقبول وحجبه إذا ما تبيّن لهم ذلك.
أمّا اللجنة فقد اعتبرت أنّها تكتسب سلطتها لتنظيم الخطابات عبر الانترنت من نصّ القانون وأّنها مخوّلة لسنّ أحكام تحمي من خلالها حقوق مستخدمي الانترنت.
يوم ٢ أغسطس ٢٠١٩، أصدرت الدّائرة الأولى للمحكمة الدّستوريّة في جورجيا حكمها.
تتمثّل القضيّة الأساسيّة المطروحة أمام المحكمة الدّستوريّة الجورجيّة في تحديد ما إذا كانت صلاحيّة لجنة الاتصالات الوطنيّة الجورجيّة لفرض قيود على محتوى الخطاب الالكتروني تتطابق مع نصّ المادّة ١٧ من دستور جورجيا. تنصّ النقطتان (١) و (٢) من المادّة ١٧ على أنّه ” يجب ضمان حريّة الرّأي وحريّة التّعبير عنه …” وأنّ ” الجميع له الحقّ في تلقّي ونقل المعلومات بحريّة”. ولا تسمح النّقطة (٥) من المادّة ١٧ بفرض قيود على حريّة التّعبير سوى ” طبقا للقانون وفي حدود ما هو ضروريّ داخل المجتمع الدّيمقراطيّ لضمان الأمن الوطني أو السّلامة العامّة أو وحدة أراضي البلاد، ولحماية حقوق الغير، ولمنع الكشف عن المعلومات التي تعتبر سريّة، أو لضمان استقلال القضاء ونزاهته”.
في مستهلّ الحكم أكّدت المحكمة الدّستوريّة على أنّ الأحكام المتنازع فيها ذكرت الواجب المحمول على مصدري نطاقات الانترنت ومقدّمي خدمات الانترنت بتقييد النّفاذ إلى أنواع معيّنة من الخطابات. وبناء عليه فإنّ الأحكام المتنازع فيها تفرض قيودا على محتوى الخطاب.
ذكّرت المحكمة الدّستوريّة بأنّ النّقطة (٥) من المادّة ١٧ من الدّستور لا تسمح بالحدّ من حريّة التّعبير سوى وفقا للقانون وفسّرت المحكمة ذلك بأنّ الحدّ من حريّة التّعبير لا يجوز سوى لأعلى سلطة تمثيليّة وهي البرلمان في حالة جورجيا لأنّ البرلمان يستمدّ شرعيّته من الشّعب. يمكن للبرلمان تفويض بعض صلاحيّاته للسّلطة التّنفيذيّة ما لم يمنع الدّستور صراحة ذلك التّفويض وما لم يفوّض البرلمان إحدى وظائفه الأساسيّة وقد اشارت المحكمة إلى أنّ الدّستور لا يمنع البرلمان صراحة من تفويض سلطة تنظيم حريّة التّعبير للّجنة وبناء عليه اعتبرت المحكمة الدّستوريّة أنّه لا بدّ من تحديد ما إذا كانت سلطة تنظيم حريّة التّعبير تمثّل إحدى الوظائف الأساسيّة للبرلمان.
أكّدت المحكمة الدّستوريّة على أنّ الأحكام تفرض قيودا على حريّة التّعبير بناء على المحتوى وأنّ ذلك يمثّل شكلا من اشدّ أشكال التدخّل في الحقّ في حريّة التّعبير واشارت إلى أنّ منع بعض المحتويات هو أشبه بفرض أداة على عقول الأفراد تتولّى غربلة المعلومات. كما ذكرت أنّ حريّة التّعبير تضطلع بدور كبير في تنمية المجتمعات الحرّة وأنّ الدّولة الدّيمقراطيّة في حاجة للمجتمع الحرّ ولبيئة اعلاميّة مفتوحة حيث يكون التبادل الحرّ للمعلومات وتقارع الأفكار مضمون للجميع. ورغم أنّ لجنة الاتصالات تمثّل هيئة حكوميّة هامّة فإنّ فرض قيود على حريّة التّعبير يشكّل مصلحة عامّة بالغة الأهميّة وهو بالتّالي وظيفة لا يمكن سوى للبرلمان الاضطلاع بها. ولذلك يمسك البرلمان لوحده بالحقّ الحصريّ بناء على حوار سياسيّ موسّع وشفّاف في تنظيم محتوى الخطاب ويمنع بناء على ذلك تفويض هذه الوظيفة.
ذكرت المحكمة الدّستوريّة في نفس الوقت أنّه إضافة إلى فرض قيود تقوم على المحتوى فإنّ الأحكام المتنازع فيها نصّت على الوسائل التقنيّة لإنفاذ تلك القرارات (مثال: توجيه أمر لمصدري نطاقات الانترنت بحجب المواقع التي نشرت المحتوى غير المقبول) وقالت أنّ البرلمان يمكنه تفويض الوسائل التقنيّة لهيئة تنفيذيّة لكنّه لم يمنح تلك السّلطة إلى لجنة الاتّصالات.
بالتّالي اعتبرت المحكمة الدّستوريّة أنّ الأحكام المتنازع فيها هي أحكام تنتهك المادّة ١٧ من دستور جمهوريّة جورجيا.
يشير اتجاه الحكم إلى ما إذا كان الأخير يُوسع من مدي التعبير أم يُضيقه بناءً على تحليل للقضية.
يوسّع هذا الحكم في نطاق حماية حريّة التّعبير وقد أعلنت المحكمة الدّستوريّة أنّ فرض قيود تقوم على المحتوى يمثّل أمرا بالغ الأهميّة في الدّيمقراطيّة ولذلك للبرلمان، أعلى سلطة تمثيليّة لرغبة الشّعب، وحده أن يأخذ مثل تلك القرارات. يعتبر هذا الحكم حكما فريدا من نوعه في فضاء الاعلام الرّقمي المعاصر لأنّه يقطع تماما مع الممارسات العامّة المتمثّلة في تفويض مهمّة تنظيم محتوى المعلومات أو الاتّصالات إلى السّلطة التّنفيذيّة.
يوضح المنظور العالمي كيف تأثر قرار المحكمة بمعايير سواء من منطقة واحدة أو عدة مناطق.
تُشير أهمية هذه القضية إلى مدى تأثيرها وكيفية تغير مدى أهميتها بمرور الوقت.