تنظيم المحتوى والرقابة عليه, المراقبة / التصنت, الخصوصية وحماية البيانات والاحتفاظ بها
بافولوتسكي، كلاوديو وآخرون ضد فيشر الأرجنتين ش. م.
الأرجنتين
قضية مُنتهية الحكم يُعزز من حُرية التعبير
حرية التعبير العالمية هي مبادرة أكاديمية، ولذلك، نشجعك على مشاركة وإعادة نشر مقتطفات من محتوانا طالما لا يتم استخدامها لأغراض تجارية وتحترم السياسة التالية:
• يجب عليك الإشارة إلى مبادرة جامعة كولومبيا لحرية التعبير العالمية كمصدر.
• يجب عليك وضع رابط إلى العنوان الأصلي للتحليل القضائي أو المنشور أو التحديث أو المدونة أو الصفحة المرجعية للمحتوى القابل للتنزيل الذي تشير إليه.
معلومات الإسناد وحقوق النشر والترخيص لوسائل الإعلام المستخدمة من قبل مبادرة حرية التعبير العالمية متاحة على صفحة الإسناد الخاصة بنا.
هذه القضية متاحة بلغات إضافية: استعرضها بلغة أخرى: English استعرضها بلغة أخرى: Español استعرضها بلغة أخرى: Français
اعتبر أغلب أعضاء المحكمة الدستورية في البيرو أن الاستخدام المستمر لتقنيات المراقبة يُمثل انتهاكا لحقوق الخصوصيّة. تقدّمت ناشطة بيئية محليّة بدعوى ضد شركة تعدين بعد استخدامها كاميرات مُراقبة وطائرات بدون طيار سجلت والتقطت صورا لمنزلها. شدّدت المحكمة على أن استخدام هذه الأدوات ليس مخالفا للدستور في حد ذاته بل فقط لمّا يتمّ استخدامها بطرق غير معقولة أو غير متناسبة. كما رأت المحكمة أن الاستخدام الدائم لكاميرا الفيديو وإمكانية التحليق المستمر فوق مكان إقامة المُدّعية يشكلان قيدا على حرياتها وخصوصيتها.
في فبراير / شباط 2016، رفعت ماكسيما أكونما أتالايا دعوى ضد شركة مينيرا ياناكوتشا للمثول أمام المحكمة أملا في إصدار أمر قضائي بالامتناع عن أنشطة المراقبة. ذكرت المُدّعية أنّ شركة التعدين عمدت خلال شهر يناير/كانون الثاني بتحليق طائرة بدون طيار فوق منزلها والحقول المجاورة. كما ادعت أن الشركة المُدّعى عليها قامت بتركيب كاميرات مراقبة مُوجّهة نحو منزلها.
اعتمدت شركة مينيرا ياناكوتشا في إجابتها على حقيقة أن المدعية وعائلتها لم يكونوا أصحاب الحقل ولكنهم استحوذوا عليه بشكل عشوائي وأقرّت المدعية بوجود إجراءات جنائية ومدنية قائمة ضدها بسبب الاستحواذ غير المشروع. ووفقا للمدعى عليها، فقد تمّ استخدام الطائرة بدون طيار لرعاية ممتلكاتهم الخاصة وكانت قد حلّقت في الهواء لمدة 10 دقائق فقط لأنها كانت رحلة تجريبية. أمّا فيما يتعلق بكاميرا المراقبة، فقد التقطت فقط أنشطة أشخاص اتبعوا المسلك المُحدّد ولم تتبع سلوك المدعية أو خصوصيّتها على وجه التحديد.
في مايو 2016، رفضت الغرفة الأولى للتسميات الجنائية في كاخاماركا إجراء أمر الإحضار والمثول أمام المحكمة. قدّمت المُدّعية طعنا في التظلم الدستوري ضد هذا القرار فتمّت إحالة الإجراء أمام المحكمة الدستورية.
أصدرت غالبية أعضاء المحكمة الدستورية في البيرو حكما بشأن استخدام تقنيات المراقبة لترويع ناشطة بيئية وعائلتها. تمثّلت القضية الرئيسية المعروضة أمام المحكمة فيما إذا كان وضع كاميرا فيديو وتحليق طائرة بدون طيار فوق منزل العائلة والحقول المجاورة يُمثل انتهاكا لحقوقهم الخصوصية.
طلبت المُدّعية وقف أعمال المضايقة المُتمثّلة في مراقبة ورصد أنشطة أسرتها. تشير أعمال المضايقة إلى 1) وضع كاميرا مراقبة بالفيديو على بعد 300 متر من منزلهم و2) تحليق طائرة بدون طيار فوق ممتلكاتهم. تعتبر الأسرة بأن ذلك يُمثل انتهاكا للحق في حرمة المنزل.
ومن ناحية أخرى، رفعت شركة مينيرا ياناكوتشا دفاعات الملكية الخاصة ونفت أي انتهاك للخصوصية وأكّدت أن السبب الذي دفعها إلى تركيب الكاميرات هو أن السيدة آكونا وأطراف أخرى دخلت حقول خاصة لتخريب الممتلكات وإلحاق الضرر بها. رأت شركة التعدين أن استخدام الكاميرا لم ينتهك أو يهدد حق الخصوصية للمدعية لأنها لم تُسجّل ما يحدث داخل منزلهم – بل سجّلت فقط ما يحدث خارج البيت حيث يمكن أن يمرّ أي شخص.
صاغت المحكمة الدّعوى لا بكونها تتعلّق بالحق في حرمة المنزل ولكن من منظور الحق في الخصوصية. وعلى الرغم من أن دستور البيرو لعام 1993 لا يعترف صراحة بالحق في الخصوصية فإن فقه القضاء الدستوري والمادة 11 من اتفاقية البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان يعوّضان عن هذا النقص. بالاعتماد على أحكام سابقة، عرّفت المحكمة الدستورية الحق في الخصوصية بأنه يُمثّل “البيانات أو الوقائع أو الحالات غير المعروفة لدى المُجتمع والتي تظلّ في الواقع محفوظة لدى الشخص نفسه ومجموعة صغيرة من الناس والتي يؤدي إفشاءها أو معرفتها من قبل الآخرين إلى بعض الضرر”. البيرو، المحكمة الدستورية، 06712-2006-PHC. [الفقرة 14].
فاستخدام كاميرات الفيديو لتسجيل الأماكن العامة أو الخاصة ليس مخالفا للدستور في حد ذاته ولا يكون مخالفا للدستور إلا عندما يُنتهك حقا من حقوق الإنسان بشكل غير معقول أو غير متناسب. إن شرعية وضع الكاميرات لن تسمح “بذكر بعض الاحتمالات […..]، أشكال الرصد أو المراقبة التي لا تتوافق إلا مع الإذن القضائي كما أنها لن تضفي الشرعية على احتمال مضايقة أو مطاردة أشخاص مُعيّنين بواسطة الكاميرات الموجودة في الأماكن العامة كما أنها لن تسمح بأشكال محظورة من التدخل في الأعمال الشخصية أو في الحياة الخاصة والعائلية على غرار التسجيل غير السليم أو غير الضروري للصور في الأماكن الخاصة” [الفقرة 21].
كما رأت المحكمة أن الاستخدام المستمر لكاميرا المراقبة من قبل شركة التعدين يُمثل انتهاكا لحق المُدّعية في الخصوصية. فقد أظهرت الأدلة أن كاميرا الفيديو وُضعت على بُعد 300 متر من منزل المدعية على هضبة تسمح برؤية البيت بشكل جيّد. حتى لو لم يتمّ تسجيل تعدي جسدي، فإن الوجود المستمر لأداة رصد يُمكن أن يُشكّل أمرا لا يُطاق من حيث المُراقبة والتتبّع. وفي هذه الحالة ، فإن” الاستمرار في استخدام كاميرا المراقبة بالفيديو من شأنه أن يكشف تفاصيل خاصة عن الحياة الشخصية أو العائلية قد لا تحدث بالضرورة داخل المنزل كما هو الشأن في هذه الحالة وفي الوقت نفسه [يُمكن] أن يعني شكلا من أشكال التقييد غير المُبرّر للحرية الشخصية”. [الفقرة 23]. لذلك اعتبرت المحكمة أن استخدام كاميرا المراقبة كان ضارا وغير مبررا يعكس انتهاكا للحقوق الخصوصية الأسرة.
من ناحية أخرى، يُمثّل استخدام الطائرات بدون طيار وفقا للمحكمة تحدّيا جديدا لحقوق الخصوصية نظرا لإمكانية إضافة كاميرات عالية الوضوح وميكروفونات وماسحات ضوئية حراريّة. ومع ذلك، فقد أشارت المحكمة إلى أنه ينبغي تفضيل الخصوصية. وبهذا المعنى حدّد القانون رقم 30740 لتنظيم استخدام وتشغيل الطائرات الموجهة عن بعد المسؤوليات في حالة انتهاك الخصوصية.
بعد ذلك، وضعت المحكمة سبعة معايير لتحديد مواصفات الخصوصية عند استخدام الطائرات بدون طيار:
يجب حظر التحليق فوق الحشود. يُحافظ الناس على خصوصيتهم وحقوق الصورة حتى في الأماكن العامة.
بعد أخذ هذه المعايير السبعة في الاعتبار، بحثت المحكمة في مسألة ما إذا كانت المنطقة المُحيطة بمنزل المدعية والأرض المجاورة له يشكّلان مساحة يمكن فيها الاطّلاع عن كثب على الحياة الخاصة للأشخاص. تعتبر المحكمة بأنه يمكن استيفاء شرطين لتحديد المنطقة الخاصة: التوقعات الذاتية والتوقعات الموضوعية. يُبدي شخص ما توقعا ذاتيّا للخصوصية “بإبدائه اهتماما بالحفاظ على فضاء خاص”. [المادة 34]. من ناحية أخرى، ينبغي أن يكون التوقع الموضوعي “مقبولا من المجتمع بوصفه معقولا”. [المادة 34]. نظرا لصعوبة تحديد نوع التوقعات المطبقة في هذه القضية – حيث يتمّ تنفيذ الأنشطة في أماكن مفتوحة – صاغت المحكمة مفهوم “مبدأ الحقول المفتوحة”. [المادة 34] إذ خلصت المحكمة إلى أن هذه الأدلة تُظهر “عناصر مضايقة للحرية الفردية للمُدّعية”. [المادة 37]. على الرغم من أن الأدلة أظهرت أن الطائرة بدون طيار حلقت فوق المنطقة المحيطة بمنزل المُدّعية مرّة واحدة فقط ولمدة عشر دقائق، إلا أن المنطقة تُمثل في الواقع مساحة مفتوحة تتيح إمكانية حدوث انتهاكات جديدة من قبل المدعى عليه. ورأت المحكمة أنه “نظرا لأنها كانت رحلة تجريبية كما يزعم المدعى عليه، فقد كان بإمكان الشركة نقل الطائرة بدون طيار فوق أي منطقة من ممتلكاتها الواسعة وتجنب الاقتراب من المجال الجوي المحيط بمنزل المُدّعية”. [المادة 37].
وفي الختام، منحت المحكمة الأمر بالإحضار وأمرت شركة مينيرا ياناكوتشا بإنهاء الإجراءات ضد الحياة الخاصة للمُدّعية وتفكيك أجهزة المراقبة وتجنب استخدام الطائرات بدون طيار بالقرب من منزلهم.
صوّت القاضيان فيريرو كوستا وغاردن دي تابوادا على رفض أمر الإحضار حتى يتم توضيح الحقائق حول ملكية الأراضي والمنزل وأشارا إلى أن كاميرات المراقبة تم تركيبها داخل ممتلكات المدعى عليه ولم يكن من الواضح ما إذا كانت المُدّعية قد استقرّت بالمكان بشكل قانوني أو غير قانوني.
يشير اتجاه الحكم إلى ما إذا كان الأخير يُوسع من مدي التعبير أم يُضيقه بناءً على تحليل للقضية.
عزّزت المحكمة الدستورية حماية الحياة الخاصة من خلال الإشارة إلى قدرات تقنيات المراقبة الرقمية إذ يُمكن للاستمرار في استخدام كاميرا الفيديو أن يكشف عن تفاصيل خاصة عن الحياة الشخصية أو الأسرية حتى لو لم توضع داخل المنزل وفي الوقت نفسه يُمكن أن يُمثّل ذلك شكلا من أشكال التقييد غير المبرر للحرية الشخصية.
وعلاوة على ذلك، وضعت المحكمة سبعة معايير ينبغي أخذها في الاعتبار لتحقيق التوازن بين الخصوصية واستخدام الطائرات بدون طيار. كما يجب أن يكون أي اقتحام للأماكن الخاصة مُرخّصا له من طرف مالك الحقل بما في ذلك الأماكن المفتوحة، وأن يكون معقولا ومتناسبا مع الهدف.
يوضح المنظور العالمي كيف تأثر قرار المحكمة بمعايير سواء من منطقة واحدة أو عدة مناطق.
تُشير أهمية هذه القضية إلى مدى تأثيرها وكيفية تغير مدى أهميتها بمرور الوقت.