Are you a cartoonist concerned about your freedom of expression online? Please take part in the largest survey ever conducted on cartoonists’ online experiences!

Deadline June 15, 2025 – see here for more info.



فياتشيسلافوفا ضد أوكرانيا

قضية مُنتهية الحكم يُعزز من حُرية التعبير

Key Details

  • نمط التعبير
    تجمع عام
  • تاريخ الحكم
    مارس ١٣, ٢٠٢٥
  • النتيجة
    المحكمة الأوروبية لحقوق الانسان, انتهاك لمادة غير متعلقة بحرية التعبير
  • رقم القضية
    ٣٩٥٥٣/١٦
  • المنطقة والدولة
    أوكرانيا, أوروبا وآسيا الوسطى
  • الهيئة القضائية
    المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان
  • نوع القانون
    القانون الدولي / الإقليمي لحقوق الإنسان
  • المحاور
    التعبير السياسي, حرية الاجتماع و تنظيم التجمعات / الاحتجاجات
  • الكلمات الدلالية
    الحق في معرفة الحقيقة, مراقبة الاحتجاجات, القمع الحكومي

سياسة اقتباس المحتوى

حرية التعبير العالمية هي مبادرة أكاديمية، ولذلك، نشجعك على مشاركة وإعادة نشر مقتطفات من محتوانا طالما لا يتم استخدامها لأغراض تجارية وتحترم السياسة التالية:

• يجب عليك الإشارة إلى مبادرة جامعة كولومبيا لحرية التعبير العالمية كمصدر.
• يجب عليك وضع رابط إلى العنوان الأصلي للتحليل القضائي أو المنشور أو التحديث أو المدونة أو الصفحة المرجعية للمحتوى القابل للتنزيل الذي تشير إليه.

معلومات الإسناد وحقوق النشر والترخيص لوسائل الإعلام المستخدمة من قبل مبادرة حرية التعبير العالمية متاحة على صفحة الإسناد الخاصة بنا.

هذه القضية متاحة بلغات إضافية:    استعرضها بلغة أخرى: English

تحليل القضية

ملخص القضية وما انتهت اليه

رأت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن أوكرانيا قد انتهكت الحق في الحياة للمقدّمين، بموجب المادة ٢ من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، بسبب فشلها في منع والرد بفعالية على الاشتباكات العنيفة بين المتظاهرين والحريق المميت الذي وقع في مدينة أوديسا بتاريخ ٢ مايو ٢٠١٤، وكذلك لإجرائها تحقيقًا معيبًا بعد ذلك. نشأت القضية بعد مقتل ٤٨ شخصًا في ظل اضطرابات سياسية بين جماعات مؤيدة لميدان ومعارضة له. جادل المقدّمون بأن أوكرانيا انتهكت المادة ٢ من الاتفاقية بفشلها في منع العنف في أوديسا يوم ٢ مايو ٢٠١٤، وبسبب إجرائها تحقيقًا غير فعّال ويفتقر إلى الاستقلالية. ردّت أوكرانيا بأن الأحداث وقعت في سياق حملة أوسع لزعزعة الاستقرار وأقرت بوجود إخفاقات مؤسسية معينة، كما شددت على نطاق جهودها التحقيقية والتزامها بالمساءلة.
بحسب المحكمة، وبالرغم من وجود معلومات استخباراتية تشير إلى خطر حقيقي وفوري بحدوث اضطرابات جماعية، فقد فشلت السلطات الأوكرانية في اتخاذ تدابير وقائية أو التدخل بمجرد اندلاع العنف. اعتبرت المحكمة أن الشرطة بقيت سلبية خلال الاشتباكات بين المتظاهرين وأن هناك مؤشرات موثوقة على تواطؤ مع نشطاء مناهضي ميدان وأن خدمات الطوارئ تأخرت في الاستجابة للحريق لمدة تُقدّر بحوالي ٤٠ دقيقة. كما أوضحت المحكمة أن التحقيق المحلي في الأحداث المذكورة كان معيبًا بشكل جسيم ويفتقر إلى الاستقلالية وكان مشوبًا بتأخيرات غير مبررة ولم يضمن مشاركة أسر الضحايا أو الرقابة العامة.
بناءً على ذلك، أمرت المحكمة أوكرانيا بدفع تعويضات للمقدّمين عن الأضرار غير المادية وتكاليف التقاضي.


الوقائع

وقعت أحداث هذه القضية في سياق أزمة سياسية عميقة في أوكرانيا، بدأت بعد تعليق المفاوضات بشأن اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي في نوفمبر ٢٠١٣. أدت الاحتجاجات التي قادتها حركة “ميدان” إلى الإطاحة بالرئيس يانوكوفيتش وأثارت مظاهرات مؤيدة لروسيا في عدة مناطق من البلاد. في أوديسا، تصاعدت المواجهات بين المتظاهرين المؤيدين لميدان (الداعمين للوحدة الوطنية) والجماعات المناهضة لميدان (المؤيدة للفدرالية والمتعاطفة مع روسيا) على مدى عدة أشهر.

في ٢ مايو ٢٠١٤، دعا مشجعو ناديي كرة القدم تشيرنوموريتس (أوديسا) وميتاليست (خاركيف) إلى مسيرة تحت شعار “من أجل أوكرانيا موحدة”، تنطلق من ساحة سوبورنا باتجاه ملعب يبعد ٢.٥ كيلومتر. في المقابل، نشر نشطاء مناهضو ميدان منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي وصفوا فيها المسيرة بأنها “تجمّع نازي” ودعوا إلى تعطيلها، ما أثار مخاوف من احتمال اندلاع اضطرابات. في ذلك اليوم، نشرت الشرطة عددًا محدودًا من العناصر وفق بروتوكولات المباريات الرياضية، لكنها لم تتدخل عند بدء تجمّع المتظاهرين المناهضين لميدان قرب نقطة انطلاق المسيرة. بمجرد بدء المسيرة، تعرّض المتظاهرون المؤيدون للوحدة لهجوم باستخدام أسلحة نارية وقنابل مولوتوف وشعلات مضيئة وحجارة وقنابل صوتية، بينما فشلت الشرطة في احتواء الاشتباكات.

في الساعة ٤:١٠ مساءً، أُصيب المتظاهر المؤيد للوحدة إيفان إيفانوف بطلق ناري وتوفي أثناء الجراحة. بعد عشر دقائق، أُصيب المتظاهر بيريوكوف بجروح قاتلة. بحلول الساعة ٥:٤٥ مساءً، أطلق أحد الأشخاص النار من شرفة باتجاه المتظاهرين المناهضين لميدان، ما أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص آخرين: زولكوف وياڤورسكي وبيتروف. أسفرت الاشتباكات في وسط المدينة عن سقوط ٦ قتلى.

بعد أن تفوّق المتظاهرون المؤيدون للوحدة في المواجهات، توجّهوا نحو مخيم مناهضي ميدان الواقع في ساحة كوليكوفي بولي. لجأ النشطاء المؤيدون لروسيا إلى مبنى النقابات العمالية المكوّن من خمسة طوابق، حيث تحصّنوا باستخدام الأثاث ومواد من المخيم، بما في ذلك قنابل المولوتوف. من سطح المبنى، ألقى بعض المتظاهرين مناهضي ميدان قنابل مولوتوف على الحشد. ردّ المتظاهرون المؤيدون للوحدة بإلقاء قنابل مولوتوف على المبنى. تم الإبلاغ عن تبادل لإطلاق النار من كلا الجانبين. في الساعة ٧:٤٥ مساءً، اندلع حريق داخل المبنى وكانت خراطيم المياه وأجهزة الإطفاء غير صالحة للاستعمال. على الرغم من تكرار النداءات لرجال الإطفاء، لم تستجب خدمات الطوارئ فورًا بسبب أوامر من رئيس جهاز الطوارئ الإقليمي، الذي اشترط الحصول على إذن صريح قبل إرسال الفرق. حاول بعض الأشخاص الهرب بالقفز من النوافذ، من بينهم ديمترييف، الذي نجا. بينما توفي آخرون، مثل والد السيدة ڤياتشيسلافوفا، وابنا السيدة رادزيخوفسكا والسيدة نيكيتيكو، بسبب السقوط أو الحريق. أخيرًا، في الساعة ٨:٣٠ مساءً، دخل رجال الإطفاء المبنى وتمكنوا من إخماد الحريق.

أسفر الحريق عن وفاة ٤٢ شخصًا. احتجزت السلطات ٦٣ ناشطًا من مناهضي ميدان كانوا داخل المبنى أو على سطحه، لكن تم الإفراج عنهم بعد يومين عندما اقتحم المتظاهرون مركز الشرطة المحلي.

بدأت الإجراءات الجنائية الوطنية بطريقة مجزأة وغير منسّقة وبمشاركة سلطات مختلفة تبعًا لما إذا كان الأشخاص المعنيون من المدنيين أو رجال الشرطة أو خدمات الإطفاء. وقد توقفت العديد من التحقيقات أو أُغلقت بسبب تقادم الجرائم. وفي عدة حالات، تمّت تبرئة المتهمين بسبب نقص الأدلة أو لأن التحقيقات افتقرت لضمانات رئيسية مثل الحفاظ على الأدلة الجنائية وإجراء المعاينات في الوقت المناسب والاستماع إلى شهادات شهود رئيسيين.

رغم أن جثمان ڤياتشيسلافوف قد تم التعرف عليه وتشريحه بين مايو ويونيو ٢٠١٤، احتفظت السلطات الأوكرانية بالجثمان لأكثر من عام، بحجة الحاجة إلى خبرات فنية. لم يتم تسليمه لابنته إلا في ديسمبر ٢٠١٥، بعد تدخل بعثة الأمم المتحدة للمراقبة.

حتى مايو ٢٠٢٠، لم يُدان أي شخص في الوفيات الـ٤٨ التي وقعت في ذلك اليوم. بحلول فبراير ٢٠٢٥، لم تصدر سوى إدانة واحدة غيابيًا ضد القائم بأعمال رئيس الشرطة الإقليمية السابق، لدوره في تسهيل الاضطرابات وعرقلة تدخل الشرطة.

بين ٢٧ يونيو ٢٠١٦ و١ أكتوبر ٢٠١٨، قدّم المقدّمون سبع شكاوى أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، مدّعين أن أوكرانيا انتهكت المادة ٢ (الحق في الحياة) من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، بسبب فشلها في اتخاذ تدابير وقائية لمنع الاضطرابات والوفيات التي وقعت خلال احتجاجات ٢ مايو ٢٠١٤ في أوديسا، وكذلك لفشلها في الاستجابة الفعالة خلال الحريق في مبنى النقابات العمالية. كما أدانوا أوجه القصور الجسيمة في التحقيقات الداخلية، مستندين إلى المادة ١٣ (الحق في وسيلة انتصاف فعّالة) والمادة ٣ (حظر المعاملة اللاإنسانية أو المهينة)، بسبب غياب تحقيق مستقل وجاد ومتيسّر.

وأكد المقدّمون كذلك أن التحقيقات المحلية شابتها أوجه قصور خطيرة أفقدتها الفعالية. لفتوا إلى الإخفاق في الحفاظ على الأدلة وجمعها في وقت مبكر والتأخيرات غير المبررة التي سمحت بسقوط بعض الجرائم بالتقادم وإصدار إدانة واحدة فقط غيابيًا ضد مسؤول فارّ منذ ٢٠١٤. كما طعنوا في استقلالية الهيئات المحققة وادّعوا أن هناك تحيزًا في التركيز على ملاحقة نشطاء مناهضي ميدان دون النظر بالقدر ذاته في مسؤوليات الطرف الآخر. وأخيرًا، انتقدوا غياب الشفافية في عملية التحقيق، سواء تجاه أسر الضحايا أو الرأي العام، مما قوض مبدأ المساءلة المنصوص عليه في المادة ٢ من الاتفاقية.

أما أوكرانيا، فقد ردّت بأن أحداث ٢ مايو ٢٠١٤ لا ينبغي تحليلها بمعزل، بل في إطار حملة لزعزعة الاستقرار تقودها جهات مرتبطة بالعدوان الروسي ومسؤولين سابقين معارضين للحكومة الجديدة. كما أكدت أن الاضطرابات كانت مُعدّة سلفًا لتشويه صورة السلطات وليست نتيجة صدام عفوي بين المتظاهرين. مع ذلك، أقرت أوكرانيا بوجود إخفاقات جسيمة من جانب الشرطة وخدمات الطوارئ، بما في ذلك الفشل في منع العنف رغم التحذيرات وسوء التنسيق بين عناصر الشرطة والتأخير في عمليات الإنقاذ أثناء الحريق.

كما أكدت أوكرانيا أن السلطات باشرت فورًا جهود تحقيق مكثّفة، شملت مقابلات مع الشهود ومداهمات وفحوصات جنائية وقدمت بيانات إحصائية لإثبات نطاق هذه الجهود. رغم اعترافها ببعض التأخيرات، فقد عزتها إلى فرار المشتبه بهم، مما استدعى تعليق الإجراءات. كذلك أشارت إلى أن عدة قضايا بلغت مرحلة المحاكمة وأكدت أنه تم توجيه اتهامات إلى كبار مسؤولي الشرطة كدليل على التزام الدولة بالمساءلة. وبناءً عليه، تمسّكت أوكرانيا بعدم وجود مبرر للتشكيك في دقة أو فعالية التحقيقات بشكل عام.

في ١ أكتوبر ٢٠١٨، قررت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان النظر في الطلبات السبع ضمن حكم واحد مشترك.


نظرة على القرار

أصدرت الغرفة الخامسة بالمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان حكمًا بالإجماع بتاريخ ١٣ مارس ٢٠٢٥. وتناول الحكم قضيتين رئيسيتين: (١) ما إذا كانت أوكرانيا قد أخفقت في اتخاذ تدابير وقائية وحمائية كافية لتفادي أعمال العنف الجماعي وضمان جهود الإنقاذ في الوقت المناسب خلال الحريق الذي وقع في أوديسا، بما يشكل انتهاكًا للجانب الموضوعي من المادة ٢؛ (٢) وما إذا كانت التحقيقات الوطنية فعّالة وسريعة ومستقلة وتشاركية، بما يتوافق مع الجانب الإجرائي من المادة ٢.

جادل مقدمو الطلبات بأن الدولة انتهكت المادة ٢ من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان بسبب فشلها في اتخاذ تدابير وقائية لتجنب الاشتباكات العنيفة التي وقعت يوم ٢ مايو ٢٠١٤ في أوديسا، وكذلك لضمان استجابة فعالة أثناء اندلاع الحريق في مبنى النقابات العمالية. كما نددوا بالتحقيقات المحلية واعتبروها غير فعّالة، مشيرين إلى التأخيرات وفقدان الأدلة الرئيسية وغياب الاستقلالية. احتجّوا أيضًا بالمادة ١٣ (الحق في وسيلة انتصاف فعّالة) والمادة ٣ (حظر المعاملة اللاإنسانية أو المهينة).

من جانبها، دفعت أوكرانيا بأن أحداث ٢ مايو ٢٠١٤ يجب أن تُفهم في سياق أوسع يتمثل في حملة لزعزعة الاستقرار تقودها أطراف مرتبطة بالعدوان الروسي ومسؤولين سابقين معارضين للحكومة الجديدة. ادعت أن الاضطرابات كانت مدبرة مسبقًا بهدف تقويض السلطات، وليس مجرد اشتباك عفوي بين جماعات متعارضة. مع ذلك، أقرت أوكرانيا بوجود إخفاقات خطيرة من قبل أجهزة إنفاذ القانون وخدمات الطوارئ، كما ذُكر أعلاه. كذلك أكدت الدولة أنها شرعت في تحقيقات شاملة ووجّهت اتهامات ضد عدد من كبار مسؤولي الشرطة، كما سبق بيانه.

في مستهل تحليلها، أوضحت المحكمة مضمون المادة ٢ من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، والتي تفرض التزامًا سلبيًا على الدولة بعدم إزهاق الأرواح عمدًا، بالإضافة إلى التزام إيجابي باتخاذ تدابير تنظيمية وتشغيلية فعالة لحماية الحياة.

بعد ذلك، حللت المحكمة ما إذا كانت السلطات قد أوفت بالتزامها بمنع العنف في أوديسا يوم ٢ مايو ٢٠١٤. أشارت في إطار تحليلها إلى السياق الأوسع لحملات التضليل والدعاية الروسية، مستشهدة بقرار البرلمان الأوروبي رقم ٢٠١٦/٢٠٣٠، لإبراز تأثير الدولة المجاورة في الأحداث الجارية. كما قيّمت المحكمة توافر معلومات تفصيلية تؤكد وجود خطر حقيقي وفوري على الحياة. وخلصت إلى أن السلطات كانت على علم بالحقائق الحاسمة: “كانت المعلومات التي حصلت عليها السلطات كافية لتأكيد وجود خطر حقيقي وفوري على الحياة، خاصة وأنها كانت على علم أيضًا بموعد ومكان انطلاق المسيرة المؤيدة للوحدة، بالإضافة إلى موقع مخيم خيام مناهضي الميدان.” [الفقرة ٣٤٢]

في هذا السياق، رأت المحكمة الأوروبية أن السلطات الأوكرانية كانت على علم بتهديدات موثوقة بوقوع اضطرابات جماعية في أوديسا قبل الأحداث، بما في ذلك معلومات استخباراتية حول مسيرات مخططة ودعوات للعنف على وسائل التواصل الاجتماعي. مع ذلك، اعتبرت المحكمة أن السلطات أخفقت في اتخاذ خطوات فعّالة للحد من هذا الخطر. وأكدت المحكمة أن “الحكومة لم تقدم للمحكمة مثالًا واحدًا على أي إجراء وقائي أو حمائي تشغيلي تم اتخاذه.” [الفقرة ٣٤٣] كما انتقدت “السلبية غير المبررة” للمسؤولين بعد عقد اجتماع أمني رفيع المستوى قبيل اندلاع العنف.

رأت المحكمة أن استعدادات السلطات كانت موجهة نحو مباراة كرة قدم عادية وليس نحو اضطرابات جماعية محتملة، كما أقرّت بذلك التحقيقات المحلية. وأوضحت المحكمة أن غياب التعزيزات—سواء من حيث العدد أو جودة المعدات—بالإضافة إلى الإخفاق في الاستفادة من المعلومات الاستخباراتية المتاحة، تُظهر بوضوح أن التدابير المتخذة لم ترقَ إلى ما كان يمكن توقعه بشكل معقول في هذه الظروف.

بحسب المحكمة، بقيت الشرطة سلبية خلال الاشتباكات، ولم تتدخل عند حدوث إطلاق النار الأول. شددت المحكمة على أن هذا التقاعس، إلى جانب “مؤشرات واضحة على احتمال وجود تواطؤ بين الشرطة ونشطاء مناهضي الميدان، كان أحد الأسباب، إن لم يكن السبب الرئيسي، لموجة العنف اللاحقة.” [الفقرة ٣٤٩] كما أشارت المحكمة إلى أن خدمات الطوارئ لم ترسل سيارات الإطفاء إلا بعد أكثر من ٤٠ دقيقة من اندلاع الحريق في مبنى النقابات العمالية، على الرغم من قربها من الموقع.

وجدت المحكمة أيضًا أن السلطات الأوكرانية لم تتخذ أي إجراء لوقف العنف بين المتظاهرين بعد اندلاعه. فرأت أن الشرطة بقيت سلبية خلال الاشتباكات الأولية، على الرغم من الأدلة الواضحة مثل مقاطع الفيديو وشهادات الشهود على الهجمات المميتة ضد المتظاهرين المؤيدين للوحدة.

كما اعتبرت المحكمة أن إخفاق الضباط الذين كانوا يرتدون شارات تعريف حمراء في الرد على إطلاق النار في حضورهم هو دليل موثوق على تواطؤ محتمل بين عناصر الشرطة والنشطاء مناهضي الاحتجاج. قالت المحكمة إن هذا التقاعس لم ينتهك فقط واجب الدولة في منع المزيد من العنف، بل ساهم أيضًا في تصعيده وأن هذا التراخي جعل السلطات مسؤولة جزئيًا عن الوفيات اللاحقة، بما في ذلك تلك التي نتجت عن الحريق. كما أبرزت المحكمة أن غياب خطة طوارئ لمواجهة اضطرابات جماعية وسوء التنسيق بين أجهزة إنفاذ القانون وعدم كفاية المعدات تعكس فشلًا نظاميًا أوسع نطاقًا.

علاوة على ذلك، اعتبرت المحكمة أن الدولة لم تضمن اتخاذ تدابير إنقاذ كافية وفي الوقت المناسب خلال حريق مبنى النقابات العمالية. في رأيها، وعلى الرغم من تلقي عدة مكالمات طوارئ وقرب موقع الحريق من مركز الدفاع المدني، تأخرت الاستجابة لأكثر من ٤٠ دقيقة بسبب توجيه من رئيس الطوارئ الإقليمي الذي أمر مرؤوسيه بعدم التدخل دون موافقته. اعتبرت المحكمة أن هذا التأخير، إلى جانب فشل الشرطة في تسهيل الإخلاء السريع، ساهم بشكل كبير في فقدان الأرواح. لذلك، خلصت المحكمة إلى أن السلطات لم تفعل كل ما يمكن توقعه منها بشكل معقول لحماية الحياة في مثل هذا الوضع الحرج.

بناءً على هذه الوقائع، رأت المحكمة أن أوكرانيا لم تفِ بواجبها في منع العنف المتوقع ولم تتدخل بفعالية ولا نفذت عمليات إنقاذ في الوقت المناسب، مما يشكل انتهاكًا للجانب الموضوعي من المادة ٢.

علاوة على ذلك، رأت المحكمة أن التحقيقات كانت معيبة بشكل خطير. انتقدت فشل السلطات في تأمين مسارح الجريمة وغياب التنسيق بين الأجهزة وإهمال التحليلات الجنائية الأساسية والتأخيرات الكبيرة في التحقيق. كما شددت المحكمة على أن “التحقيق المحلي في القضايا الراهنة كان غير كافٍ” [الفقرة ٣٩٣] وأن “المدة المفرطة للإجراءات تمثل مؤشرًا قويًا على أن هذه الإجراءات معيبة لدرجة أنها تُشكّل انتهاكًا للالتزامات الإيجابية للدولة الطرف بموجب الاتفاقية.” [الفقرة ٤٠٠]

كما رأت المحكمة أن التحقيق افتقر إلى الاستقلالية، لا سيما بسبب مشاركة أجهزة الشرطة في التحقيق مع موظفيها، على الرغم من وجود مؤشرات موثوقة على التواطؤ. خلصت أيضًا إلى أن مقدمي الطلبات لم يُبلّغوا بشكل كافٍ أو يُشاركوا خلال العملية، كما لم يكن هناك إشراف علني كافٍ. قد قوّضت هذه العوامل الحق في معرفة الحقيقة.

بناءً على جميع الأسباب المذكورة أعلاه، قررت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن أوكرانيا انتهكت المادة ٢ من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان بسبب إخفاقها في منع والرد على أحداث العنف التي وقعت يوم ٢ مايو ٢٠١٤ ولإجرائها تحقيقًا معيبًا وغير فعّال في القضية.

أخيرًا، أمرت المحكمة أوكرانيا، كتعويض، بدفع مبالغ مختلفة لمقدمي الطلبات عن الأضرار المعنوية والتكاليف والمصاريف.


اتجاه الحكم

معلومات سريعة

يشير اتجاه الحكم إلى ما إذا كان الأخير يُوسع من مدي التعبير أم يُضيقه بناءً على تحليل للقضية.

الحكم يُعزز من حُرية التعبير

في حين أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لم تُقيّم القضية بشكل مباشر من منظور حرية التعبير أو التجمع، إلا أن الحكم يُشكّل مساهمة مهمة في حماية هذين الحقين. ففي سياق سياسي منقسم يشهد صدامات بين حركات احتجاجية متعارضة، شددت المحكمة على أن الدول تتحمل التزامات إيجابية تتمثل في منع العنف المتوقع والتدخل الفعّال وإجراء تحقيقات سريعة ومستقلة عندما تتصاعد التظاهرات العامة إلى صراعات مميتة أو خطيرة. ومن خلال تناولها لإخفاقات السلطات المحلية أثناء أحداث أوديسا وبعدها، يُرسّخ هذا الحكم سابقة قانونية مهمة بشأن كيفية تصرف الدول لضمان بيئة آمنة وتعددية للاحتجاجات حتى عندما يمثل المتظاهرون أجندات سياسية متعارضة.

المنظور العالمي

معلومات سريعة

يوضح المنظور العالمي كيف تأثر قرار المحكمة بمعايير سواء من منطقة واحدة أو عدة مناطق.

جدول المراجع المستند اليها

القوانين الدولية و/أو الإقليمية ذات الصلة

اهمية القضية

معلومات سريعة

تُشير أهمية هذه القضية إلى مدى تأثيرها وكيفية تغير مدى أهميتها بمرور الوقت.

يُنشئ القرار سابقة ملزمة أو مقنعة داخل نطاقه القضائي.

وثائق القضية الرسمية

وثائق القضية الرسمية:


المرفقات:

هل لديك تعليقات؟

أخبرنا إذا لاحظت وجود أخطاء أو إذا كان تحليل القضية يحتاج إلى مراجعة.

ارسل رأيك