غويرا ضدّ رويز-نافارو

قضية مُنتهية الحكم يُعزز من حُرية التعبير

Key Details

  • نمط التعبير
    التواصل الإلكتروني / القائم على الإنترنت, الصحافة / الصحف
  • تاريخ الحكم
    ديسمبر ١٢, ٢٠٢٢
  • النتيجة
    ما انتهي اليه الحكم من الناحية الاجرائية, نقض حكم محكمة أدني درجة, الحكم الذي قضت به المحكمة, الحكم لصالح المدعى عليه
  • رقم القضية
    ٤٥٢/٢٢
  • المنطقة والدولة
    كولومبيا, أمريكا اللاتينية والكاريبي
  • الهيئة القضائية
    المحكمة الدستورية
  • نوع القانون
    القانون الدستوري, القانون الدولي لحقوق الإنسان
  • المحاور
    الحقوق الرقمية, المضايقة القضائية, حرية الصحافة
  • الكلمات الدلالية
    المصلحة العامة, الحق في النسيان, العنف القائم على الجندر

سياسة اقتباس المحتوى

حرية التعبير العالمية هي مبادرة أكاديمية، ولذلك، نشجعك على مشاركة وإعادة نشر مقتطفات من محتوانا طالما لا يتم استخدامها لأغراض تجارية وتحترم السياسة التالية:

• يجب عليك الإشارة إلى مبادرة جامعة كولومبيا لحرية التعبير العالمية كمصدر.
• يجب عليك وضع رابط إلى العنوان الأصلي للتحليل القضائي أو المنشور أو التحديث أو المدونة أو الصفحة المرجعية للمحتوى القابل للتنزيل الذي تشير إليه.

معلومات الإسناد وحقوق النشر والترخيص لوسائل الإعلام المستخدمة من قبل مبادرة حرية التعبير العالمية متاحة على صفحة الإسناد الخاصة بنا.

هذه القضية متاحة بلغات إضافية:    استعرضها بلغة أخرى: English    استعرضها بلغة أخرى: Español    استعرضها بلغة أخرى: Français

تحليل القضية

ملخص القضية وما انتهت اليه

اعتبرت المحكمة الدستورية في كولومبيا أن الصحفيّتين كاتالينا رويز-نافارو وماتيلد دي لوس ميلاغروس لوندونو لم تنتهكا الحق في الشرف والسمعة الطيبة وقرينة البراءة للمخرج السينمائي سيرو غويرا من خلال نشر مقال اتّهمته فيه ثماني نساء بالتحرش والاعتداء الجنسيّين ولا من خلال تقديم المزيد من التعليقات حول المقال في لقاءات إعلاميّة لاحقة. رفع غويرا دعوى دستورية ضد الصحفيّتين طلب فيها التّراجع عن الأقوال أو سحب المقال من الإنترنت. اطّلعت المحكمة الدستورية على القضية واعتبرت أن الصحافة النسوية وممارسة الاحتجاج لفضح الجناة (Escrache) والتعبير عن العنف القائم على النوع الاجتماعي تحظيان بحماية دستورية خاصة. بالإضافة إلى ذلك، اعتبرت المحكمة أن التحقيق الذي أجرته كلّ من رويز-نافارو ولوندونو كان صادقًا ودقيقًا وناقش مسائل ذات مصلحة عامّة. رأت المحكمة أيضًا أنه على ضوء اختلال ميزان القوى بين الطرفين وادعاءات غويرا غير المتناسبة في العديد من الإجراءات القضائية وغير القضائية توجد بعض عناصر المضايقة القضائية ضد الصحفيتين.


الوقائع

في ٢٤ يونيو ٢٠٢٠، نشرت كاتالينا رويز-نافارو وماتيلد دي لوس ميلاغروس لوندونو، على البوابة الإلكترونية للموقع الإعلامي فولكانيكا، قصة بعنوان “ثماني تهم ضد المخرج السينمائي سيرو غويرا بالتحرش الجنسي والاعتداء الجنسيّ.” عرض المقال، الذي نُشر باللغات الإنجليزية والإسبانية والفرنسية، شهادات لثماني نساء يزعمن أنهن كن ضحايا لسلوك غير لائق من قبل المخرج السينمائي الكولومبي سيرو غويرا.

كنت القصة نتاجًا لتحقيق استمر ٥ أشهر أجرت فيه كلّ من رويز-نافارو ولوندونو مقابلات مع النساء المتضررات والجهات التي كانت لديها معرفة غير مباشرة بالأحداث. تضمن المقال أيضًا صورا لمحادثات على منصّة واتساب ولمسارات سيّارات أجرة باستعمال خدمات شركة أوبر.

وجّهت الصحفيّتان دعوة لغويرا لإجراء لقاء معه قبل نشر المقال وسألتاه عما إذا كان قد تحرش بأي امرأة أو حضر في دورة تدريبيّة حول الوقاية ضد التحرش الجنسي. أجاب غويرا بأنه لم يتحرش بأي امرأة وأنه حضر ندوة حول هذا الموضوع.

تم في المقال المنشور تغيير أسماء الضحايا لحماية هويتهنّ وخصوصيتهنّ تحسّبًا للأعمال الانتقاميّة. إضافة إلى الشهادات، أجرت الصحفيّتان تقييمات لسلوك غويرا ووصفتاه بأنه تحرش واعتداء جنسيّين. كما اعتبرت كلّ من رويز-نافارو ولوندونو أن غويرا استغل منصبه كمخرج لترهيب ضحاياه واستغلال خوفهنّ.

بعد نشر المقال، نظّمت العديد من وسائل الإعلام لقاءات مع رويز-نافارو التي أشارت إلى غويرا على أنه متحرش ومعتدي جنسي وجادلت بأنه لا ينبغي السماح له بإخراج المزيد من الأفلام وأنه لا حاجة إلى رفع دعاوى جنائية للقول بأنّ هذا الشّخص أو ذاك مسيء وانّ الحقيقة ليست حكرًا على العدالة الجنائيّة.

أثار غويرا عدة إجراءات ضد رويز-نافارو ولوندونو. في ٢ يوليو ٢٠٢٠، تقدّم بشكوى جنائية بتهمة التشهير ضد الصحفيّتين مطالبًا بتعويضات بقيمة ١٥٠ ألف دولار أمريكي. في ٢٦ يناير ٢٠٢١، رفع غويرا دعوى مدنية ضد رويز-نافارو ولوندونو طالب فيها بتعويضات بقيمة ٨٧٥ ألف دولار أمريكي. ادعى غويرا أنه بسبب الاتهامات الموجّهة ضدّه في المقال، تم إلغاء مشروعي فيلمين كان معنيًّا بهما.

بتاريخ ١٨ ديسمبر ٢٠٢٠، رفع غويرا دعوى دستوريّة ضد رويز-نافارو ولوندونو بحجة أن حقوقه في السمعة الطيبة والشرف وقرينة البراءة قد انتهكت من خلال مقال فولكانيكا واللقاءات الاعلاميّة التي أجرتها رويز-نافارو فيما بعد. قال غويرا إن المدعى عليهما اتّهمتاه بسلوك إجرامي وهو أمر لا تحميه حرية التعبير والرأي. كما اعتبر المخرج أن الصّحفيّتين جانبتا الحياد لأنّهما قدّمتا نسخة مشوهة ممّا حدث من خلال عرض شهادة غويرا في نهاية المقال أو من خلال عدم تقديم مصادر أخرى فيما يتعلق بمكان وجود غويرا عند وقوع الأحداث. طلب غويرا في دعواه إزالة المقال من موقع فولكانيكا ومن صفحاتها عبر شبكات التّواصل الاجتماعي والتّراجع عن جميع التّصريحات التي تتهم غويرا بالاعتداء الجنسي والتحرش وإصدار أمر قضائي للمدّعى عليهما بالامتناع أبدًا عن نشر أي اتهام ضد غويرا فيما يتعلق بالوقائع الإجرامية المنقولة في مقال ٢٤ يونيو ٢٠٢٠.

في ٤ مارس ٢٠٢١، رفض قاضي الدائرة الجنائية الخامسة في بوغوتا الدّعوى الدّستوريّة التي تقدّم بها غويرا. وفقًا للقاضي، فالصّحفيّتان عرضتا فقط شهادات الضحايا المزعومين وعلّقتا على ذلك الوضع بالتالي فقد مارستا حريّة التعبير دون التعدي على حقوق المدّعي. علاوة على ذلك، اعتبر القاضي أن الإجراءات الجنائيّة الجارية بتهمة التشهير هي أنسب مسار إجرائي لتسوية القضيّة الذي تقدّم بها غويرا.

في ٢٦ يونيو ٢٠٢١، ألغت الغرفة الجنائية للمحكمة العليا في بوغوتا قرار المحكمة الابتدائية الصادر عن قاضي الدائرة الجنائية الخامسة في بوغوتا. وفقًا لهذه المحكمة، لم تلتزم رويز-نافارو ولوندونو بمبدأي الحياد والصدق لأن المدعى عليهما لم تمكّنا غويرا من فرصة لتقديم وجهة نظره لأنه لم يتمّ إعلامه على النّحو المطلوب بالأحداث والتّهم المحددة الموجهة إليه. كما رأت المحكمة أن بعض أجزاء المقال توجّه الجمهور إلى الاعتقاد بأن غويرا قد أدين جنائيًا. والتالي، أمرت المدّعى عليهما بتصحيح المعلومات الواردة في مقالهما من خلال الالتزام بالمبادئ المذكورة أعلاه.

في ٢٩ أكتوبر ٢٠٢١، قرّرت المحكمة الدستورية في كولومبيا النّظر في القضية.


نظرة على القرار

نطقت القاضية ديانا فاجاردو ريفيرا برأي الغرفة الأولى للمحكمة الدستورية في كولومبيا. فيما يتعلق بحرية التعبير، حددت المحكمة مسألتين رئيسيتين. أولًا، كان على المحكمة أن تحدد هل أنّ الصحفيتين كاتالينا رويز-نافارو وماتيلد دي لوس ميلاغروس لوندونو – مديرتي موقع فولكانيكا – انتهكتا الحقوق الأساسية لسيرو غويرا بيكون في السمعة الطيبة والشرف ومبدأ قرينة البراءة من خلال نشر مقال “ثماني تهم ضد المخرج السينمائي سيرو غويرا بالتحرش والاعتداء الجنسيّين” في الموقع الإعلامي النّسوي فولكانيكا [الفقرة ١٦٧] ومن خلال إجراء مقابلات مع وسائل الإعلام الوطنية الأخرى لمناقشة محتوى المقال؛ أم هل هما بالعكس مارستا حريتهما في التعبير عن طريق النشر المشروع لمعلومات ذات مصلحة عامة. كما حللت المحكمة ما إذا كانت الإجراءات التي أثارها غويرا ضد المدعى عليهما تشكّل مضايقة قضائية.

بالإضافة إلى الحجج المقدمة في الحالات السابقة، ذكر الدّفاع عن غويرا أنه لا يمكن لوسائل الإعلام أو الرأي العام أن يحلّوا محلّ المحاكم وأن السلطات القضائية فحسب هي التي تتمتع بصلاحية تحديد من يتحمل المسؤولية بعد اتخاذ الإجراءات المناسبة. قال المدّعي أيضًا إن الصحفيّتين حرّفتا الحقيقة لا فقط في مقالهما بل وأيضًا في اللقاءات اللاحقة بشأنه في وسائل الإعلام الأخرى. اعتبر المخرج السينمائي أن رويز-نافارو ولوندونو جانبتا الحياد والصّدق وانتهكا مبدأ قرينة البراءة.

جادلت المدّعى عليهما بأن مقالهما كان نتيجة لتحقيق استمر ٥ أشهر لم يكن يهدف إلى إلحاق الضّرر بالحياة المهنيّة لغويرا بل التركيز على شهادات الضحايا اللاتي لم يتم الكشف عن هوياتهنّ لحمايتهنّ من الوصم. كما ذكرتا أن غويرا أتيحت له الفرصة لتقديم روايته للقصة وأن الصحفيّتين تأكّدتا من الظروف التي وقعت فيها الأحداث مع عدة مصادر، بما يتماشى مع المعايير الصحفية الجاري بها العمل. أوضحت كلّ من رويز-نافارو ولوندونو أن فولكانيكا هو موقع إعلامي إلكتروني مخصص لتغطية قضايا ذات مصلحة عامّة مثل العنف القائم على النوع الاجتماعي.

علاوة على ذلك، عارضت المدّعى عليهما الحجة القائلة بأنه لا يسمح لوسائل الإعلام الإدلاء بتصريحات حول المسائل ذات المصلحة العامة قبل صدور قرار قضائي بشأنها حيث اعتبرتا أنّ ذلك من شأنه أن يؤثّر بشكل سلبيّ على الصحافة الاستقصائية والاتهامات بالعنف الجنسي في السياقات التي يكون فيها الإثبات معقدًا من الناحية القانونية ولا يتوصّل النظام القضائي إلى مقاضاة المتّهمين بنجاح فتتعرّض النّساء اللاتي توجّهن الاتهامات للوصم من قبل الرأي العام ويكون فيها معدل الإفلات من العقاب على هذه الجرائم مرتفع.

ذكر دفاع المدّعى عليهما أن عملهما محمي بموجب الحق في حرية التعبير وأن التّسليم بأنّ الصحفيّ لا يمكنه التّعبير عن رأي أو إجراء أبحاث إلا بعد انتهاء التحقيقات القضائية يعيق الصحافة الديمقراطية ونوع الصحافة التي تسعى إلى منح صوت للفئات الأكثر تضررًا في المجتمع- في قضيّة الحال النساء اللاتي كنّ في وضع هشّ وموضع تبعيّة وسقطن ضحايا للعنف القائم على النوع الاجتماعي.

قالت المدّعى عليها أيضًا إن غويرا أساء استخدام النظام القانوني بشكل غير متناسب لإسكاتهما وترهيبهما لأنه استخدم آليات قضائية متعددة (إجراءات مدنية وجنائية ودستورية) لفرض رقابة على مقالاتهما.

نظرت المحكمة أولًا فيما إذا كانت الدّعوى الدّستوريّة مقبولة وحلّلت في ذلك صفة التّقاضي في علاقة بالمدّعى عليهما. قالت المحكمة إن هذا النوع من الإجراءات الدستورية لا يجري إلا في ظل استثناءات معينة ضد الأفراد. لكن، وعملًا بالمادة ٤٢.٧ من المرسوم ٢٥٩١ لسنة ١٩٩١، يمكن رفع دعوى دستوريّة ضد وسائل الإعلام. رأت المحكمة أن المدعى عليهما هما من ضمن الأفراد العاديين لكنّهما تمتلكان وتديران أيضًا فولكانيكا، الموقع الإعلاميّ إلكتروني الذي نُشر فيه المقال المعني بالدّعوى. هكذا، اعتبرت المحكمة أن رويز-نافارو ولوندونو تتوفّر فيهما صفة التّقاضي في قضيّة الحال.

اعتبرت المحكمة أيضًا إن هذه المسألة تحمل جانبًا دستوريًا لأن المدّعي يعتبر أنّ حقوقه الدّستوريّة قد انتهكت وهو يطالب بحمايتها. أشارت المحكمة إلى أن غويرا لم يسع، في سياق هذه الدعوى، إلى سبل انتصاف مدنية أو جنائية. علاوة على ذلك، رأت المحكمة الدستورية أنّ إثارة المدّعي لدعاوى جنائية ومدنية لا يمنعه من إمكانية التماس سبل انتصاف دستورية.

قبل النظر في القضية، لخصت المحكمة رأيها باستفاضة حول المسائل الدستورية التي اعتبرتها ذات صلة بتسوية القضية وأوضحت أن حرية التعبير حق إنساني متعدد الأوجه ينطوي على الحق في نقل الآراء أو الأفكار ونشرها وتلقيها.

أبرزت المحكمة أن حرية التعبير لها بعد جماعي يشمل حق الناس في تلقي المعلومات. وتهدف حرية تداول المعلومات إلى “الإبلاغ بشأن جوانب من العالم يمكن التحقق منها.” [الفقرة ١٧٤] من ثم، يجب أن يلتزم هذا الحق بمبدأي الحياد والصدق.

يفترض هذان المبدآن وممارسة حرية الإعلام إمكانيّة “نقل أو سرد أو الأخبار عن وقائع حدثت.” [الفقرة ١٧٥] لكنّ المحكمة أوضحت أن الحقيقة مسألة معقدة من الناحية المعرفية. نتيجة لذلك، فإن الصدق والحياد واجبان يتطلّبان فهما معقولًا ويمكن الوفاء بهما عند بذل درجة كافية من الجهد في التحقق من الوقائع. اعترفت المحكمة أيضًا بأن الفرق بين المعلومات والآراء نادرًا ما يكون مطلقًا وأن حدودهما غالبًا ما تكون مبهمة والفصل بينهما “يمكن أن يؤدي إلى تقييد شديد لحرية التعبير.” [الفقرة ١٧٧]

فيما يتعلق بحرية التعبير، اعتبرت المحكمة أيضًا أن هذا الحق تكون له الغلبة عندما يتضارب مع الحقوق الأخرى وأن القيود التي تسلّط عليه تعتبر غير دستورية، بالتالي يجب إخضاعها لاختبار تناسب صارم – أي أن الإجراء يجب أن يكون منصوصًا عليه في القانون وضروريًا لتحقيق هدف مشروع ويجب ألا يقيد حرية التعبير بشكل مفرط.

عملًا باجتهادها القضائي المنصوص عليه في الحكم ٣٩١/٢٠٠٧، ذكرت المحكمة أيضًا أن حرية التعبير تحمي محتوى التعبير ونبرته وشكله فوسائط التعبير المكتوبة أو الشفهية أو الرقمية أو التناظرية محمية كما هي التعبيرات الصادمة وغير العادية والمسيئة. ذكرت المحكمة أيضًا أن الرقابة في كولومبيا محظورة بشكل عام وهي تعتمد “معيارًا أعلى من المعيار المنصوص عليه في القانون الدولي لحقوق الإنسان الذي يحظر القيود المسبقة” [الفقرة ١٨٨] لأن ذلك الحظر يشكّل أخطر انتهاك لحرية التعبير ويؤثر على النظام الدستوري. لكن هذا الحق ليس مطلقًا وطبقًا للحكم المذكور أعلاه، توجد خمسة أشكال من الخطاب المحظور: “التحريض على الإبادة الجماعية وخطاب الكراهية والدعاية للحرب وتمجيد الجريمة واستغلال الأطفال في المواد الإباحية.” [الفقرة ١٩٥]

أوضحت المحكمة أنه يمكن الحدّ من حرية التعبير عندما تتعارض مع حقوق أخرى، لكن وكما ذُكر من قبل، يجب أن يتم ذلك بعد عملية موازنة دقيقة.

ومضت المحكمة لتقول إن هناك أشكالًا من التّعبير محمية على نحو خاص يُعتبر تقييدها مشبوهًا على وجه الخصوص حيث تتمتّع المواقف من القضايا السياسية أو القضايا ذات المصلحة العامة والخطاب المتعلّق بالموظفين العموميّين أو المرشحين للمناصب العامة والتعبير الفني والديني والاحتجاج السلمي والمراسلات والمناصرة لفائدة تنوّع الهويّة الجنسيّة والدفاع عن المساواة بين الجنسين والقضاء على العنف القائم على النوع الاجتماعي (كما جاء في الحكم ٢٨٩/٢٠٢١) بحماية دستورية خاصة.

كما جادلت المحكمة الدستورية بأنّه وفقًا للاجتهاد القضائي للمحكمة الأوروبيّة لحقوق الإنسان في قضايا مثل إيفشر برونشتاين ضد بيرو وهيريرا أولوا ضد كوستاريكا وريكاردو كانيزي ضد باراغواي وكيمل ضد الأرجنتين فالأشخاص الذين لهم تأثير على قضايا الرّأي العام “يعرضون أنفسهم لدرجة أعلى من التدقيق ويتعرّضون أكثر للنقد لأن أنشطتهم تخرج من المجال الخاص وتشكل جزءًا من النقاش العام.” [الفقرة ١٩٨]

ثمّ ناقشت المحكمة مسألة حرية الصحافة على وجه التحديد معتبرة أنّ الصحافة تضطلع بالعديد من المهام داخل الديمقراطيات مثل توفير التعليم وتعزيز النّقاش المدني والحوار وتضطلع أيضًا بدور الرّقابة العموميّة.

مضت المحكمة لتوضح استنادًا إلى المعايير المحددة في قضيتي غرانييه ضد فنزويلا (محكمة الدول الأمريكية لحقوق الإنسان) وشركة Verlagsgruppe Droemer Knaur Gmbh and Co. Kg ضد ألمانيا (المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان) أن مبدأ الصدق لا يقتضي أن تكون المعلومات صحيحة بشكل لا يمكن دحضه بل أن يكون قد تم التحقق منها ومقارنتها بمصادر مختلفة. وأنّه لا توجد نية لنشر استنتاجات خاطئة ولا نية خبيثة لانتهاك حق الآخرين في الشرف أو الخصوصية أو السمعة الطيبة. أما بالنسبة لمبدأ الحياد، فيتمّ الوفاء به عندما تُقدّم المعلومات بشكل كامل.

ذكرت المحكمة الدستورية أنه على الرغم من حظر الرقابة، يُسمح بإثبات المسؤوليّة وبفرض عقوبات ويتمّ تحريك المسؤوليّة المدنية والجنائية عند إساءة استخدام حرية التعبير. لكن المحكمة اعتبرت العقوبات الشديدة محظورة لأنها قد تتسبّب في تأثير عميق من شأنه أن يؤدّي إلى الرقابة أو الرقابة الذاتية.

اعتبرت المحكمة أن الخصوصية والشرف والسمعة الطيبة جميعها محميّ دستوريًا بموجب المادة ١٥ من دستور كولومبيا. على الرغم من ذلك، لاحظت أنه وفقا للحكم ١٧٢٣/٢٠٠٠، فإن حرية التعبير لها الأسبقية على الحقوق المذكورة أعلاه، ما لم يوجد دليل على تقديم وقائع كاذبة أو جزئية أو غير كاملة أو غير دقيقة قصد الإضرار بالحقوق الأساسية.

وفقًا للمحكمة، فإن طبيعة المعلومات المنشورة ومدى انتشارها والوسائل المستخدمة لنشرها وضع الشّخص المعني بالمساس بحقوقه داخل المجتمع، جميعها معايير ينبغي أخذها في الاعتبار عند تحليل حالات محددة تتضارب فيها حرية التعبير مع حقوق مثل الحقّ في الخصوصية الشرف والسمعة الطيبة.

فيما يتعلق بقرينة البراءة، رأت المحكمة أنه ينبغي على الصحفيّ الامتناع عن التّأكيد بأن أشخاصًا قد أدينوا جنائيًا ما لم يصدر حكم قضائي بشأن القضيّة المعنيّة. بالإضافة إلى ذلك، رأت المحكمة أن الصحفيّ يجب أن يعتمد لغة دقيقة وأن “ينتقي الصيغ اللغوية الشرطيّة وغير الجازمة” [الفقرة ٢٤٢] عند الإشارة إلى الأشخاص الذين لم يدنهم القضاء. مع ذلك وتمشيًا مع سوابقها القضائية في قضايا مثل حكم رقم ٠٤٠/٢٠١٣ وحكم رقم ٢٧٤/٢٠١٩ وحكم رقم ٢٧٥/٢٠٢١، رأت المحكمة أن وسائل الإعلام لها “الحق وواجب التنديد علنا بالوضعيّات غير النظامية التي هي على علم بها” [الفقرة ٢٤٢] دون الحاجة إلى انتظار حكم قضائي للإبلاغ عن جريمة لأن “الحقيقة ليست حكرًا على السلطات العموميّة.” [الفقرة ٢٤٢]

إثر ذلك أشارت المحكمة إلى أن بعض أشكال التعبير تتمتع بحماية خاصة بسبب أهميتها وتأثيرها وهو الأمر بالنّسبة إلى التّعبير المستخدم لبيان وفضح العنف القائم على النّوع الاجتماعي ضد المرأة. بالإشارة إلى الحكمين رقم ٢٣٩/٢٠١٨ و٢٦١/٢٠١٩، قضت المحكمة بأن العنف القائم على النوع الاجتماعي هو مسألة تتعلق بالمصلحة العامة وأن المناقشات حول هذا الموضوع تهدف إلى الدفاع عن حقوق الإنسان لفئة مهمّشة إجمالًا . لذلك، فحماية هذا الخطاب تساعد على مكافحة التمييز.

علاوة على ذلك، أشارت المحكمة أيضًا إلى التوصية العامة رقم ٣٥ بشأن العنف القائم على النّوع الاجتماعي ضد المرأة الصادرة عن اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة. وفقًا للتقرير، يجب على الدول تشجيع الإبلاغ عن العنف القائم على النوع الاجتماعي ضد المرأة وتعزيز وتمتين الآليات القضائية لمقاضاة أعمال التحرش والاعتداء الجنسيين.

ثم ذكرت المحكمة، التزامًا بالسابقة التي أرستها في الحكم رقم ٢٧٥/٢٠٢١، أن “الدستور يكفل حق المرأة في توجيه الاتهامات على وسائل التواصل الاجتماعي عندما تكون ضحية للتمييز والعنف والتحرش وسوء المعاملة.” [الفقرة ٢٥٤] رأت المحكمة أن هذه الاتهامات تسهم في منع انتهاكات حقوق المرأة وملاحقة مرتكبيها كما رأت أنه لا ينبغي السّكوت عن هذه الاتهامات، لا سيما عند النظر في الحواجز التي تواجه المرأة للنّفاذ إلى سبل الانتصاف القضائية. لذلك “يتعين على المجتمع والدولة حماية النساء اللواتي يستخدمن وسائل التواصل الاجتماعي على الإنترنت “كصمّام انفلات” عندما لا تكون التدابير القضائية أو الإدارية كافية ومناسبة وآمنة وسريعة.” [الفقرة ٢٥٤]

بالإشارة إلى الحكم رقم ٢٨٩/٢٠٢١، جادلت المحكمة الدستورية بأن مبادئ الصدق والحياد تكون أكثر مرونة فيما يتعلق بالشخص الذي ينقل تجربة شخصية “خاصة إذا كان ضحية جريمة.” [الفقرة ٢٥٨] في مثل هذه الحالات، رأت المحكمة أنه لا ينبغي إجبار النساء اللاتي تروين قصصهن على استخدام الصيغ الشرطية أو التعبير عن الشك أو مواجهة المعتدي. علاوة على ذلك، عند تقييم التّضارب بين حرية التعبير والحق في الشرف والسمعة الطيبة، ينبغي للقضاة أن يأخذوا في الاعتبار حسن نية الضحية والحماية الخاصة الممنوحة للتعبير عن العنف القائم على النوع الاجتماعي.

أبرزت المحكمة أيضًا أهمية المرأة في الإعلام وجادلت مستشهدة بالحكم رقم ١٤٠/٢٠٢١ بأن المرأة في الصحافة تعزز التنوع وتدعم الديمقراطية و “تمكن التحولات القانونية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي لا غنى عنها للقضاء على التمييز والعنف ضد المرأة.” [الفقرة ٢٦٤]

ثم حللت المحكمة ممارسة الـEscrache وهي “استراتيجية نسوية لعرض حوادث التحرش والاعتداء الجنسي على العموم” [الفقرة ٢٨٩] وفضح المعتدين، عادة من خلال توجيه الاتهامات على وسائل التواصل الاجتماعي أو من خلال المظاهرات العامة. كما اعتبرت المحكمة أن هذه الممارسة تساعد في إنشاء شبكات الدعم ومنع وقوع أعمال عنف جديدة “بإبلاغ النساء الأخريات بالمخاطر التي تواجهها.” [الفقرة ٢٨٠]

بالإضافة إلى ذلك، اعتبرت المحكمة تلك الممارسة شكلًا من أشكال الاحتجاج وتعبيرًا فنيًا يهدف إلى طرح المسائل المخفيّة على النّقاش العام: “الـEscrache هو تسليط الضوء على شيء غير معروف عن شخص ما و هي ممارسة تسعى إلى التّناول بالحديث ما هو مصموت عنه ودعوة إلى المجتمع لمناقشة قضايا غير مريحة لكنها ضرورية لتحويله إلى فضاء خال من العنف.” [الفقرة ٢٨٨]

عليه، قالت المحكمة، إن هذه الممارسة والصحافة النسوية حليفان يتقاسمان أجندة مشتركة ورأت أن مهمة الصحافة النسوية تتمثّل في “تسليط الضوء على دور المرأة وغيرها من الفئات المهمشة إجمالًا، داخل المجتمع والإبلاغ عن أعمال العنف ضدها.” [الفقرة ٢٩٢]. ثم اعترضت المحكمة على فكرة أن الصحافة يجب أن تكون محايدة، لا سيما فيما يتعلق بحقوق الإنسان وحقوق المرأة. لذلك، من الطبيعي أن تدافع وسائل الإعلام، بدافع استقلاليتها، عن الأفكار المتنوعة سياسيًا، طالما تتوخّى في ذلك الصّرامة المهنيّة.

فيما يتعلق بموضوع المضايقة القضائية، رأت المحكمة أن الغرض منها هو كبح التعبير، عادة بشأن المسائل التي تهم المصلحة العامة، من خلال إساءة استخدام النظام القضائي وغالبًا ما يكون لدى المتحرش موارد وفيرة لدفع تكاليف التمثيل القضائي وتغطية النفقات القانونية. بالإضافة إلى ذلك، يوجد في حالات المضايقة القضائية اختلال في توازن القوى بين الأطراف حيث “يجعل الطرف الأقوى من المستحيل الوفاء بالمطالبات، ولا سيما التعويضات المفرطة.” [الفقرة ٣٠٥] كما سلطت المحكمة الضوء على كون المضايقات القضائية توجّه أيضا رسالة تحذير إلى المواطنين الآخرين لالتزام الصّمت، أي أنّ تلك المضايقات لها تأثير مثبّط على التّعبير.

بعد تفصيل الإطار القانوني المذكور أعلاه، قامت المحكمة بتحليل القضية المطروحة. بدأت المحكمة بتسليط الضوء على الخلفية المهنية لرويز-نافارو ولوندونو كصحفيتين ومدافعتين على حقوق المرأة تسعيان إلى الإبلاغ عن حالات التحرش والاعتداء الجنسي، فضلًا عن القضايا الأخرى التي تؤثر بشكل رئيسي على النساء ومجتمع الميم -عين. ثم وصفت المقال المعنون “ثماني تهم ضد المخرج السينمائي سيرو غويرا بالتحرش والاعتداء الجنسيّين” بأنه مقال يجمع “أصوات وأفكار ومشاعر وعواطف ثماني نساء مجهولات لن تشكك المحكمة في وجودهن.” [الفقرة ٣٢١]

أوضحت المحكمة أنه إدراكًا منها للدور الاجتماعي الهام للصحافة النسوية ضد المؤسسات الأبوية، ستنجز التّحليل من خلال منظور جنساني يأخذ في الاعتبار “اختلال توازن القوى بين الأطراف وأن صوت فولكانيكا ينقل أصوات أخرى يحميها الدستور.” [الفقرة ٣٢٣]

بالنسبة للمحكمة، جمع المقال موضوع النّزاع ثماني شهادات من نساء بشأن “حالات تقرّب فيها سيرو غويرا منهن أو تلفظ بعبارات أو قام بأفعال ذات طابع جنسي، دون موافقتهن.” [الفقرة ٣٢٦] أبرزت المحكمة أن خمسا من تلك الشهادات احتوت على درجة عالية من التفصيل. كما احتوى المقال على صور لمحادثات على منصّة واتساب ولمسارات سيّارات أجرة باستعمال خدمات شركة أوبر إلى جانب شهادات من أصدقاء مقربين للضحايا. بعد كل شهادة، قدّمت كلّ من رويز-نافارو ولوندونو تعليقات تحريرية لتسليط الضوء على أنماط السلوك التي اعتمدها غويرا، لنسج “رواية معقدة حول كيف أدّت اختلالات القوى وعروض التوظيف والشهرة وإقحام الأسماء داخل دوائر الإعلام السّمعي والبصري إلى الأحداث المبلغ عنها.” [الفقرة ٣٢٨]

لمزيد فهم النزاعات في المسائل المتعلقة بحرية التعبير، تولّت المحكمة تحليل هذه المعايير: (١) من هي الجهة التي تقوم بعمليّة الاتّصال (٣) فيما يتعلّق الاتّصال و بمن (٣) أو بماذا (٤) لمن يتم نقل المعلومات و (٥) كيف يتم نقل تلك المعلومات.

فيما يتعلق بالسؤال الأول، رأت المحكمة أن صحفيتين نسويتين كتبتا المقال لفائدة فولكانيكا، الموقع الإعلامي الالكتروني المستقلّ الذي يغطّي مسائل تتعلّق بالنوع الاجتماعي وبحقوق المرأة. ذكرت المحكمة، للإجابة على السؤالين الثاني والثالث، أن المقال نقل اتهامات بالتحرش والاعتداء الجنسيّين – وهو موضوع يكتسي أهمية اجتماعية وسياسية في علاقة بحقّ المرأة في حياة خالية من العنف والتمييز – ضد سيرو غويرا، المخرج السينمائي المشهور.

أمّا بالنّسبة إلى السؤال الرابع، اعتبرت المحكمة أن فولكانيكا هي موقع إعلامي مفتوح للجميع مجانًا. يتألّف جمهوره من “أشخاص مهتمين بالحركة النسويّة وبالمناقشات حول القضايا الجنسانية.” [الفقرة ٣٥١] للإجابة على السؤال الخامس، ذكرت المحكمة أن موقع فولكانيكا تواصل من خلال عمل صحفي استقصائي نشره كموقع إعلامي نسويّ مستقلّ. تم نشر المقال في ثلاث لغات مختلفة لتغطية جمهور أوسع. شددت المحكمة على أنه من السهل في المقال التمييز بين شهادات الضحايا وتعليقات الصحفيّتان. علاوة على ذلك، لاحظت المحكمة أن القال خصص “حيزًا لنسخ المكالمة الهاتفية التي أجريت مع سيرو غويرا.” [الفقرة ٣٥٢]

ثم ذكرت المحكمة أنه يسمح بدرجة أعلى من التدقيق عندما يتعلق الأمر بالشخصيات العامة مثل غويرا الذي اكتسب من خلال عمله اعترافًا اجتماعيًا كبيرًا حيث رشحت أفلامه لجائزة الأوسكار و”تلقى تمويلات عموميّة لإنتاجها ومثل البلاد في مهرجانات سينمائية مختلفة حول العالم.” [الفقرة ٣٥٦] أكدت المحكمة مجدّدًا على أن التعبيرات التي تدافع عن حقوق المرأة والقضايا الجنسانية تحظى بحماية خاصة، لا سيما عندما تتناول “التحرش والاعتداء والعنف الجنسي. [هذه المسائل] لا تتعلّق بالمصلحة العامة فحسب، بل لا غنى عنها لفهم التمييز الهيكلي.” [الفقرة ٣٥٥]

عند تحليل الشهادات المقدمة في المقال والتعليقات التحريرية الواحدة تلو الأخرى، اعتبرت المحكمة أنها لم تنتهك حقوق غويرا وأن بنية المقال تسمح للقراء بالتمييز بين صوت الضّحايا وصوت الصحفيّتين. ورأت أيضًا أن الشهادات والتعليقات التحريرية، بسبب الموضوع الذي تتناوله، تحظى بحماية دستورية خاصة وأن الصّحفيّتين استوفتا مبدأ الصدق حيث يشير عملهما البحثي والآراء التي أدليتا بها على الدقة والموثوقيّة.

قالت المحكمة أيضا إن المساعي الصحفية لا ينبغي أن تكون مشروطة “بوجود قرار جنائي صادر عن قاض لأن هذا من شأنه أن يفرغ الغرض من الإبلاغ عن المخالفات والوظيفة الوقائية للـEscrache و للصّحافة النسوية من معناها.” [الفقرة ٣٧٣] بالتالي، ليست وسائل الإعلام مطالبة بالحصول على قرار قضائي للإبلاغ عن القضايا المتّصلة بالمصلحة العامة ولممارسة حريتها في التعبير.

قالت المحكمة مرّة أخرى أنّ المعلومات الواردة في المقال هي شكل من أشكال التعبير المحمي الذي له صلة بإنشاء فضاءات أكثر أمانًا للنساء. رأت المحكمة أن الاتهامات الواردة في المقال تسمح للقراء بفهم “كيف أنّ عدم تناسق القوة يفضي إلى أوضاع يستحيل للضحيّة فيها أن تقاوم لا فقط الإكراه الجسدي[…]لكن أيضًا العقلي والنفسي من خلال توظيف وضعيّة الهيمنة في مجال العمل والاعتراف العام[…]لممارسة الضّغط وترهيب الضحايا.” [الفقرة ٣٨٩]

رأت المحكمة الدستورية أن المدعى عليهما لم تقصدا إيذاء المدعي بل أرادتا طرح اتّهامات على النقاش العام بعد أن وثّقتاها على نحو جيّد ملتزمتين في ذلك بالمعايير الصحفية المعمول بها، فيما يتعلق بالعنف ضد المرأة في سياق ملائم بما أنّ “معدل العنف الجنسي في بوغوتا يرتفع سنويًا بنسبة ٨.٨٦٪ حيث تشكّل المرأة أعلى نسبة من الضحايا (أكثر من ٨٠٪).” [الفقرة ٣٩٠] لذلك اعتبرت المحكمة أنّ رويز-نافارو تصرّفت دون مكر وأبلغت عن مسألة ذات مصلحة العامة.

فيما يتعلق باللقاءات التي أجرتها رويز نافارو مع العديد من وسائل الإعلام، رأت المحكمة أن هذه اللقاءات أيضًا لم تنتهك حقوق سيرو غيورا. للوصول إلى هذا الاستنتاج، أخذت المحكمة في الاعتبار حقيقة أن (١) التصريحات أدلت بها صحفية نسوية (٢) تشير إلى مقال حول مسألة تتعلق بالمصلحة العامة (٣) استخدمت فيها الصحفية لغة توضح أنها كانت تقدم آراء ولا تنقل معلومات و (٤) أن الجمهور هو المجتمع ككل الذي له مصلحة مشروعة في المسألة المعنية. وعليه رأت المحكمة أن رويز-نافارو مارست حقها في حرية الرأي بصورة مشروعة وأنّ ذلك التّعبير يحظى بحماية خاصّة.

رأت المحكمة أيضًا أن مبدأ الحياد تمّ احترامه عندما أدرجت كلّ من رويز-نافارو ولوندونو في مقالهما نسخًا لمحتوى المكالمة الهاتفية التي أجريت مع غويرا. بالنسبة للمحكمة، يمكن أن يكون هذا المبدأ أكثر مرونة في حالة توجيه اتّهامات بالعنف الجنسي لتجنب “وقوع ضحية جديدة من خلال التكرار المستمر للأحداث[…]ويجب ألا يفضي ذلك إلى مساحة من المواجهة بين الضحايا والشخص الذي يعتبرونه المعتدي عليهم.” [الفقرة ٤٢٢]

فيما يتعلق بمسألة المضايقة القضائية ضد رويز-نافارو ولوندونو، خلصت المحكمة إلى توفّر العديد من مقوّماتها ورأت أنّه يوجد اختلال في ميزان القوى بين الطرفين لأن المدعي هو شخصيّة عامّة تتمتّع باعتراف اجتماعي واسع النطاق على الصعيدين الوطني والدولي وموارد اقتصادية ضخمة لتغطية نفقات الاجراءات القضائية المختلفة التي أثارها ضد المدعى عليهما.

كما لاحظت المحكمة أن غويرا لجأ إلى سيناريوهات قضائية وغير قضائيّة مختلفة للمطالبة بتعويضات لن يتمكّن موقع إعلامي ناشئ مواجهتها. طلب غويرا على وجه التّحديد سحب المقال أو حذفه وطالب في إطار الإجراءات الجنائية تعويضات بقيمة ١٥٠ مليون بيزو وطالب في إطار دعوى مدنية أخرى تعويضًا بقيمة ٨٧٥ ألف دولار أمريكي. إضافة إلى ذلك، لاحظت المحكمة وجود نمط من الإساءة في طلب غويرا بأن تمتنع المدعى عليهما ابدًا عن ذكر المخرج السّينمائي في علاقة بأيّ حدث إجراميّ واعتبرت المحكمة ذلك شكلًا من أشكال التقييد المسبق أو الرقابة التي يحظرها القانون.

في النهاية، اعتبرت المحكمة الدستورية أن غويرا أثار عدّة قضايا للمطالبة بتعويضات ماليّة غير متناسبة ومطالبة بفرض الرّقابة.

على ضوء كلّ ما سبق، خلصت المحكمة إلى أن رويز-نافارو ولوندونو لم تنتهكا حقوق سيرو غويرا في الشرف والسمعة وقرينة البراءة، وألغت قرار الدّرجة الثانية من التّقاضي ورفضت الدعوى التي قدّمها المدّعي. أمرت المحكمة أيضًا بإرسال نسخة من قرارها إلى قاضي الدّارة ٤٧ في بوغوتا والمدعي العام المحلي ٢٩٢ المكلفين تباعا بالدعاوى المدنية والجنائية التي أثارها غويرا ضد رويز-نافارو ولوندونو لإبلاغهما بالمبادئ التوجيهية التي وضعتها المحكمة في ما يتعلق بالمضايقة القضائية وإساءة ممارسة الحق في التّقاضي، فضلًا عن الحاجة إلى معالجة قضايا التمييز ضد المرأة من منظور جنساني.


اتجاه الحكم

معلومات سريعة

يشير اتجاه الحكم إلى ما إذا كان الأخير يُوسع من مدي التعبير أم يُضيقه بناءً على تحليل للقضية.

الحكم يُعزز من حُرية التعبير

في هذا القرار التاريخي، وفرت المحكمة الدستورية في كولومبيا حماية واسعة لحرية التعبير على مستويات مختلفة وشددت على الحماية الخاصة الممنوحة للصحافة النسوية، والإبلاغ عن العنف القائم على النوع الاجتماعي و الاحتجاج لفضح الجناة (escrache) باعتبارها قضايا مجتمعية ملحة ذات مصلحة عامة. علاوة على ذلك، وسعت المحكمة نطاق حرية التعبير من خلال الحماية ضدّ الرّقابة لفائدة الصحافة الاستقصائية وبالتّحديد فيما يتعلق بتوجيه اتّهامات بالعنف الجنسي والآراء حول هذه القضية. كما وضعت المحكمة معايير لفهم المضايقات القضائية في السياق الكولومبي ضد الصحافة والتعبير في قضايا المصلحة العامة وأوضخت المحكمة تأثيرها السلبي على التعبير معتبرة أنّ العديد من عناصر المضايقة القضائية متوفّرة في هذه القضية.

المنظور العالمي

معلومات سريعة

يوضح المنظور العالمي كيف تأثر قرار المحكمة بمعايير سواء من منطقة واحدة أو عدة مناطق.

جدول المراجع المستند اليها

القوانين الدولية و/أو الإقليمية ذات الصلة

معيار أو قانون أو فقه وطني

  • كولومبيا٬ مرسوم ٢٥٩١ (١٩٩١)
  • كولومبيا٬ المحكمة الدستورية٬ حكم رقم ٣٩١/٠٧
  • كولومبيا٬ المحكمة الدستورية٬ حكم رقم ١٧٢٣/٠٠
  • كولومبيا٬ المحكمة الدستورية٬ حكم رقم ٢٨٩/٢١
  • كولومبيا٬ المحكمة الدستورية٬ حكم رقم ٠٤٠/١٣
  • كولومبيا٬ المحكمة الدستورية٬ حكم رقم ٢٧٤/١٩
  • كولومبيا٬ المحكمة الدستورية٬ حكم رقم ٢٧٥/٢١
  • كولومبيا٬ المحكمة الدستورية٬ حكم رقم ٢٣٩/١٨
  • كولومبيا٬ المحكمة الدستورية٬ حكم رقم ٣٦١/١٩
  • كولومبيا٬ ريستريبو بارينتوس ضد جريدة كولومبيانو٫ حكم رقم ١٤٠/٢١ (٢٠٢١)
  • كولومبيا٫ الدستور الكولومبي٬ المادة رقم ١٥

اهمية القضية

معلومات سريعة

تُشير أهمية هذه القضية إلى مدى تأثيرها وكيفية تغير مدى أهميتها بمرور الوقت.

يُنشئ القرار سابقة ملزمة أو مقنعة داخل نطاقه القضائي.

تمت الإشارة للحكم في:

وثائق القضية الرسمية

وثائق القضية الرسمية:


المرفقات:

هل لديك تعليقات؟

أخبرنا إذا لاحظت وجود أخطاء أو إذا كان تحليل القضية يحتاج إلى مراجعة.

ارسل رأيك