تم نشر هذا التقرير في الأصل بواسطة IFEX تقديرًا لليوم العالمي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين وتم إعادة نشره هنا بإذن منها. بالإضافة إلى اللغة العربية، يتوفر هذا التقرير باللغات الإنجليزية والفرنسية والإسبانية.
بفضل عمل الصحفيين، تم الكشف عن جرائم مراقبة الدول لأول مرة. الآن، هم من بين الذين يتم ملاحقتهم.
كتابة: آني جايم
نحن نعلم أن المشاكل المتعلقة بالمراقبة الرقمية معقدة. فالجانب التقني للأدوات المستخدمة ووسائل التحايل عليها معقدة. إن رسم خطاً متشدداً بين ما قد يكون مقبولًا لمساعدة ضمان أمننا الشخصي وما يدفع مجتمعاتنا إلى منطقة أورويلية أمراً معقداً أيضاً.
كما يُظهر لنا الكشف عن مشروع بيجاسوس، فإن المراقبة غير القانونية هي أحدث سلاح في الترسانة المتنامية باستمرار المستخدمة ضد الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان. في الواقع، المراقبة في هذا السياق تعادل المطاردة. وهو نشاط ضار يمكن أن ينتقل بسهولة من المضايقات عبر الإنترنت إلى الاعتداءات الجسدية. إنه غير قانوني. ويؤثر بشكل غير متناسب على الذين ينتمون للفئات الأكثر ضعفاً، سواء بسبب جنسهم أو توجههم الجنسي أو عرقهم أو أصلهم. وإذا سُمح للناس بالتعقب مع إفلاتهم من العقاب، فلن تتوقف المشكلة.
يستخدم هذا النوع من المراقبة بشكل متزايد كتكتيك مركز كالليزر، كسلاح للترهيب وبث الخوف وشلّ عمل الصحفيين. كما يعرض المصادر الصحفية للخطر ويعيق الصحفيين عن تزويدنا بالمعلومات التي تساهم في كشف الجريمة والفساد، والتحدث عن الحقيقة حول الأشخاص الذين يتمتعون بالسلطة والقوة.
” لا أعتقد أن مشكلة الحكومة مع الصحفيين كأفراد. الحكومة لديها مشكلة مع الشعب […] فهي تريد الاستمرار في ارتكاب الجرائم في الظل حتى لا يكشف أحد عن تلك الحقائق أو يطرح أسئلة حولها. والصحفيون هم الذين يفسدون هذه الخطة”. – سيفينج واقفقيزي، ، صحفية أذربيجانية
في هذا اليوم العالمي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين، وهو اليوم الذي ناصرت آيفكس من أجله، نحتاج إلى تسليط الضوء على المراقبة كتكتيك يهدد سلامة الصحفيين، ولفت الانتباه إلى كيف أن الإفلات من العقاب يخلق الظروف الملائمة لتواصل ازدهار هذا التكتيك.
لطالما حذر أعضاء آيفكس من مخاطر البرامج الضارة مثل بيجاسوس. وهو أحد برامج مجموعة NSO الإسرائيلية، ويصيب هواتف الأشخاص المستهدفين ويكشف بياناتهم، ويصل إلى الكاميرات والميكروفونات. على الرغم من ادعاء الشركة أنها تقوم بفحص عملائها بناءً على سجلاتهم في مجال حقوق الإنسان، إلا أن شركة بيجاسوس باعت برامجها لأنظمة استبدادية – كما أن دول مثل المكسيك، تضمنت أهدافها شخصيات إعلامية وعالماً حكومياً ومحققين دوليين في مجال حقوق الإنسان – وجميعهم طرحوا أسئلة صعبة على الحكومة.
يمكن أن يكون التأثير الشخصي لمثل هذه المراقبة مدمرًا.
“عندما تتحدث أو تشاهد أو تفعل شيئًا مع شخص ما في منزلك أو في مقهى أو أينما كنت، فهم هناك يستمعون إليك ويشاهدون كل ما تفعله. كل ما تفعله في غرفة نومك أو في الحمام أو في مطبخك أو في مكتبك مع أصدقائك أو أي شخص آخر”. – كارمن أريستيجوي، صحفية مكسيكية، يمكن قراءة لمحة عنها هنا.
“أفراد عائلتي هم أيضا ضحايا. المصادر كانوا ضحايا أيضاً، والأشخاص الذين كنت أعمل معهم، والذين أخبروني بأسرارهم الخاصة كانوا ضحايا”. – الصحفية الأذربيجانية خديجة إسماعيلوفا، يمكن قراءة لمحة عنها هنا.
على الصعيد العالمي، تم اختيار ما لا يقل عن 180 صحفيًا ليكونوا أهدافًا لبرنامج بيجاسوس.
تؤكد العقود التي قضتها شبكتنا في الترويج لسلامة الصحفيين أنه لا يمكن تحقيق ذلك بالكامل في مناخ يمكن فيه للأفراد – أو الدول – ترهيب وتهديد وإيذاء الصحفيين دون محاسبة. على مدار العام، يعمل أعضاء آيفكس من أجل تقديم الجناة إلى العدالة، وتهيئة الظروف التي تجعل من الصعب عليهم ارتكاب مثل هذه الجرائم في المقام الأول.
نحن نعلم أنها مهمة كبيرة جداً. فعلى الرغم من كون المراقبة غير قانونية بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، فإن الجهات الفاعلة الضالعة في المراقبة غير القانونية لا تخضع أبدًا للمساءلة.
يكمن التحدي في تحديد مكان التدخل، وأين نضع طاقتنا، وأين يمكن أن يكون لنا أكبر تأثير في وقف هذه الممارسة المفترسة – بما في ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، مواجهة الشركات والحكومات التي تمكّن وتشارك في المراقبة غير القانونية على الصحفيين.
إن المراقبة وحش متعدد الرؤوس. هناك نقاط دخول متعددة لإحداث التغيير، كالعمل على سياسات لوضع حدود لما يعتبر مراقبة “ضرورية ومتناسبة“، والضغط على الدول لاعتماد المعايير الدولية، ووضع ضوابط على صادرات برامج التجسس، ودعم التدابير الوقائية مثل تعزيز التشفير وجعله عمل طبيعي.
يجب أن يكون إنهاء الإفلات من العقاب على المراقبة غير القانونية جزءًا من هذا العمل. إنها لعبة طويلة، ليست لأصحاب القلوب الضعيفة، وهذا ينطبق أكثر عندما يكون مرتكبو الجرائم الدول نفسها. لكننا نعلم من تجربتنا في السعي للمساءلة على الاعتداءات الجسدية على الصحفيين أن هذا النوع من العمل المستمر يؤتي بثماره. منذ أكثر من أسبوع بقليل، أدى عقدين من المناصرة – من قبل عضو آيفكسFLIP ، وجينيث بيدويا ليما نفسها، والعديد من الفاعلين – إلى إصدار حكم تاريخي من محكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان في قضيتها بأنه كان هناك “أدلة جادة ودقيقة وثابتة على تورط الدولة في أعمال التعذيب الجسدي والجنسي والنفسي ضد الصحفية”. يشكل هذا الحكم سابقة مهمة للمنطقة بأسرها.
النبأ السار الآخر هو أنه لدينا الكثير لنعتمد عليه من جانبنا. هناك شبكة عالمية ضخمة من الأشخاص – ربما يعملون في مجالات مختلفة، أو يركزون على قضايا مختلفة – ولكن لديهم المهارات والخبرات والنفوذ المشتركة اللازمة لضمان أن المراقبة غير القانونية لا تمر دون اعتراض، وأن الذين يثبت عليهم ذلك يدفعون الثمن، وأن هذا الثمن يردع الآخرين بشكل فعال. طالما واصلنا الاستفادة من الفرص مثل اليوم العالمي لإنهاء الإفلات من العقاب للالتقاء والتعاون والتعلم من بعضنا البعض، ودعم بعضنا البعض، ورفع أصواتنا، والعثور على نقاط الضغط الاستراتيجية التي تمكننا من إحداث تأثير حقيقي، نحن نستطيع، وسنقوم بمكافحة بلاء المراقبة غير القانونية على الصحفيين.
آني جايم هي المديرة التنفيذية لآيفكس، الشبكة العالمية للمنظمات التي تنشر حرية التعبير وتدافع عنها