تم نشر هذا التقرير في الأصل بواسطة منظمة سمكس وتم إعادة نشره هنا بإذن منها.
شهد لبنان خلال السنوات الأربعة الماضية تراجعاً فيما خصّ حرية التعبير على الويب، فقد عمدت السلطات إلى معاقبة المواطنين والصحافيين وممثلي المجتمع المدني الذين ينتقدون مسؤولين حكوميين أو يسخرون من شخصيات دينية، وذلك بشكل يؤثر سلباً على البيئة العامة لحرية التعبير على الإنترنت. ويشير أحدث تقرير لنا بعنوان “تحليل مشهد حرية التعبير على الويب في لبنان لعام ٢٠١٨”، كيف تواصل المحاكم والسلطات والشخصيات العامة ذات النفوذ تقييد الحقّ في حرية التعبير.
أطلقت “سمكس” موقع “مُحال” (Muhal.org)، مرصد حرية التعبير على الإنترنت، لتوثيق الانتهاكات التي ترتكبها السلطات بحق حرية التعبير في لبنان. سجّل المرصد في عام ٢٠١٨ نحو ٣٦ حالة تقييد لحرية التعبير على الإنترنت، مقارنة بـ ١٥ حالة فقط في عام ٢٠١٧ و٧ حالات في عام ٢٠١٦. أما في عام ٢٠١٩، فقد رصدت “سمكس” ٥٦ حالة متعلقة بحرية التعبير على الإنترنت حتى الآن.
يجري إسكات الانتقادات الموجّهة للسياسيين ومشاريع القطاع الخاص التي تضرّ الصالح العام والمنشورات الساخرة من شخصيات دينية عن طريق الاستناد إلى مواد في قانون العقوبات وقانون القضاء العسكري وقانون المطبوعات. وقد سجّلنا في عام ٢٠١٨ أنّ معظم الدعاوى التي أقامها المدعي العام طالت الخطاب على “فيسبوك” والمواقع الإخبارية و”واتساب” و”تويتر”، في حين انضمّ “إنستغرام” إلى القائمة في العام الجاري.
لم تنجح المحاكم اللبنانية في إرساء اجتهاد قضائي متّسق بشأن حرية التعبير على الإنترنت. في حين يشير قانون المطبوعات إلى وجوب محاكمة الصحافيين أمام محكمة المطبوعات، شهد عام ٢٠١٨ مثول عدد من الصحافيين وغير الصحافيين أمام قضاة منفردين جزائيين، وكذلك أمام محاكم أخرى مثل المحكمة العسكرية في قضايا محدّدة. ويجدر بالذكر أنّ محكمة المطبوعات توفر حماية أكبر للمدّعى عليهم، بينما يمكن أن يتعرّض من يمثل أمام قضاة جزائيين منفردين وأمام محاكم أخرى لعقوبات أشدّ، مما يعزّز جواً من الرقابة الذاتية.
ومن الأمور التي تثير القلق أكثر هي استدعاء المدّعى عليهم وتوقيفهم من قبل هيئات غير قضائية – ِمثل مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية وحماية الملكية الفكرية ومديرية مخابرات الجيش ومديرية أمن الدولة والمديرية العامة للأمن العام – سواء بناءً على طلب من المدّعي العام أو من تلقاء نفسها. وقد وثّقت “سمكس” في عام ٢٠١٨ نحو ٢٥ عملية احتجاز لعبت فيها أجهزة الأمن دوراً من أصل ٣٦ حالة تتعلق بحرّية التعبير على الإنترنت. وغالباً ما تحصل عمليات التوقيف والاحتجاز من دون حضور محامٍ، وتمتدّ إلى فترات زمنية طويلة، فيما قد يُستخدم العنف في بعض الأحيان.
وللأسف، استمرّت الحملة على حرية التعبير على الويب في عام ٢٠١٩ حيث تضاعفت أعداد الأشخاص المستدعين تقريباً. هذا التشدّد في الرقابة لا يقمع حرية التعبير فحسب، بل يصدّ أيضاً الإبداع ويوجِد نوعاً من الرقابة الذاتية التي تمنع صاحبها من الإدلاء برأيه، وذلك وسط مشهد تساهم في تعزيزه القرارات الإدارية والقضائية على مدى السنوات الأربع الماضية.