نحن بحاجة إلى تقدير ودعم العمل النقدي للصحفيين في مواجهة المعلومات الخاطئة والمضللة التي تغرق قنواتنا للتواصل، لا سيما أثناء الأزمات والصراعات والانتخابات. والخبر السار هو أنه عندما تعمل وسائل الإعلام والمجتمع المدني معًا، فإنهم يخلقون مناخًا أفضل للمعلومات – ومساحة مدنية أكثر صحة – لنا جميعًا.
يتوفر هذا التقرير باللغات الإنجليزية والفرنسية والإسبانية.
الخبر السيئ هو أن تلوث المعلومات في أعلى مستوى له على الإطلاق. واقع يزداد صحة في وقت الأزمات، عندما تمتلئ خلاصاتنا الإخبارية بسيل من “المعلومات” – يكثر فيها التزييف، والتضليل، والتلفيق الصريح.
النبأ السار هو أن الشراكات الإبداعية بين وسائل الإعلام والمجتمع المدني تساهم في معالجة هذه الآفة بشكل مباشر، في جميع أنحاء العالم، وعلى مدار السنة؛ مما يعزز من إبقاء مجتمعاتنا أكثر اطلاعا وأفضل جاهزية للتعامل مع القضايا التي تعمل على تحسين حياتهم.
على سبيل المثال، تستخدم “بيلينج كات” Bellingcat نموذجها التعاوني الموزع لتصحيح سيل القصص ومقاطع الفيديو المزيفة التي يتم تداولها حول الحرب الروسية في أوكرانيا.
بالإضافة إلى ذلك، تتشارك العديد من منظمات المجتمع المدني مع الصحفيين ووسائل الإعلام لفضح نظريات المؤامرة، بالإضافة إلى ضمان وصول المعلومات الأساسية والدقيقة إلى الناس حتى يتمكنوا من الحفاظ على سلامتهم أثناء جائحة كوفيد-19.
من ناحية أخرى، يدعم آخرون الصحفيين، ويعملون معهم للدفاع عن العملية الديمقراطية – كشف وتصحيح المعلومات المضللة التي يتم تسليحها بهدف تضليل الناخبين وقمع التصويت أثناء الانتخابات في جميع مناطق العالم.
أود أن أشاركم بمثال واحد عن هذه المشاريع الكثيرة؛ تعمل منظمة “فاكت- تشيك غانا” Fact-Check Ghana على مكافحة انتشار الأخبار المزيفة، والمعلومات المضللة، والترويج المنظم في غرب إفريقيا، خاصة أثناء الانتخابات، والمناظرات السياسية، والصحة العامة، وحالات الطوارئ الأخرى.
في اليوم العالمي لحرية الصحافة، دعونا نلقي نظرة سريعة على مناخ المعلومات لدينا، والمكان الملائم لوسائل الإعلام، ومدلولات كل ذلك بالنسبة لبقيتنا.
لعل الصحفيين هم الأكثر حضورا كمزودين للأخبار؛ فهم الذين يوفرون معلومات موثوقة، ودقيقة، وسهلة المنال، بالإضافة إلى الحقائق المدققة التي تسهل اتخاذ القرارات التي تشكل حياتنا ومجتمعاتنا.
تعاني وسائل الإعلام، بشكل متزايد، من نقص الموارد، وحد الإنترنت، والتقييد بدعاوى قضائية استراتيجية مرفوعة ضدها من قبل الأثرياء وذوي النفوذ، فضلاً عن الإهانة والتشهير من قبل شخصيات عامة بارزة، بالإضافة إلى التهديد، والمضايقة، والسجن، والاعتداء من قبل الطغاة.
يساهم ذلك في وقف تدفق المعلومات الحيوية والموثوقة، مما يفضي إلى خسارتنا جميعًا، ويسفر عن ترك فجوة كبيرة، تسدها وسائل التواصل الاجتماعي – مكان خصب للمعلومات المضللة، فضلاً عن كونها نموذجا يعمل على تعزيز، واستقطاب، وترسيخ وجهات النظر القائمة على الآراء والأكاذيب، بدلاً من الحقائق.
النتيجة هي مناخ معلوماتي فوضوي يفقدنا الثقة في قدرتنا على التمييز بين الحقيقة والأكاذيب، مما يسهم في جعلنا أكثر تقبلاً للإجابات السهلة والمحدودة للمشكلات الحقيقية والمعقدة.
هذا المناخ يلائم المستبدين؛ فهم سعداء بتقديم إجابات سهلة في نفس الوقت الذي يلقون فيه اللوم، بكل بساطة، على أولئك الذين يملكون الأدوات لتحدي تلك الروايات الكاذبة، كما يذمون الإعلام، ويعرضون الصحفيين للخطر بخطاب لاذع، يهدف إلى تقويض مصداقيتهم لدى الجمهور – مما يؤدي إلى تهديد وسائل الإعلام الحرة والمستقلة ووضعها في مأزق حرج.
يأتي دور المجتمع المدني هنا تحديدا: في دعم عمل الصحفيين، والارتقاء به، والترويج له، وإبراز حاجتنا الجماعية إلى سلامة المعلومات، وإدانة الممارسات التي تهدف إلى تقويض حرية الصحافة التي يعتمد عليها المجتمع المدني.
هذه واحدة من أفضل وأهم وسائل الحماية التي يمكننا توفيرها لوسائل الإعلام – للتأكد من مواصلة الناس لتقييم المعلومات والثقة بها، ولتحدي القوانين التي تعرقل عملهم، ولتعزيز سلامتهم، والدعوة بلا كلل من أجل العدالة عندما يتعرضون للاعتداء بدون محاسبة.
لسنا ساذجين؛ ندرك جيدا أن هناك جهات فاسدة في كل مؤسسة، ووسائل الإعلام ليست استثناء، ولكن عندما يتعلق الأمر بضمان حقنا في الحصول على المعلومات، فإن وسائل الإعلام هي أعظم حلفائنا – ونحن بحاجة إلى أن نكون ركيزة لهم.
مع احتفالنا باليوم العالمي لحرية الصحافة 2022، يتوجب علينا، كمجتمع مدني، مضاعفة جهودنا للدفاع عن حرية الصحافة؛ لأننا في هذه الأوقات، لا نحتاج إلى بقائها فحسب- بل نحتاج إلى ازدهارها.
نحن ملتزمين على المدى الطويل. لا بديل عن ذلك.
***
آني جايم هي المديرة التنفيذية لمنظمة آيفكس، شبكة عالمية تعزز وتدافع عن حرية التعبير والمعلومات كحق أساسي من حقوق الإنسان. آيفكس هي حلقة الوصل في مجال حرية التعبير، حيث ترتكز على مساهمة أكثر من 120 منظمة عضو، وتغطي 90 دولة، وتلتزم بالتعاون والمناصرة التحويلية.