التشهير / السمعة, حرية التعبير, الحريات الرقمية
المدعي العام ضد ثلاثة متهمين (هوية المتهمين محمية)
تونس
قضية مُنتهية الحكم يُعزز من حُرية التعبير
حرية التعبير العالمية هي مبادرة أكاديمية، ولذلك، نشجعك على مشاركة وإعادة نشر مقتطفات من محتوانا طالما لا يتم استخدامها لأغراض تجارية وتحترم السياسة التالية:
• يجب عليك الإشارة إلى مبادرة جامعة كولومبيا لحرية التعبير العالمية كمصدر.
• يجب عليك وضع رابط إلى العنوان الأصلي للتحليل القضائي أو المنشور أو التحديث أو المدونة أو الصفحة المرجعية للمحتوى القابل للتنزيل الذي تشير إليه.
معلومات الإسناد وحقوق النشر والترخيص لوسائل الإعلام المستخدمة من قبل مبادرة حرية التعبير العالمية متاحة على صفحة الإسناد الخاصة بنا.
هذه القضية متاحة بلغات إضافية: استعرضها بلغة أخرى: English
حكمت محكمة القضاء الإداري في مصر بإلغاء القرار الإداري الصادر من شيخ الأزهر، بمنع نشر ثلاثة كتب قام المدعى بتأليفها. أن الأزهر بوصفه المؤسسة المسؤولة عن الترخيص بطبع وتوزيع المؤلفات الإسلامية، رفض بداية طلب المدعى بالتصريح بنشر كتابه الثالث خارج البلاد. قام المدعي بالتظلم لشيخ الأزهر الذي أكد على رفض النشر على أسباب منها احتواء الكتاب على أخطاء قد تربك القارئ كما أصدر قراراً بحظر نشر الثلاثة كتب داخلياً. أشارت المحكمة أن كلا من الدستور المصري ومبادئ الاسلام تحمى وتعزز حرية الرأي والتعبير. كما وجدت المحكمة أن محتوى الكتب يعرض رأى المدعي وأن هذه الأفكار لا تتعدى على الأُسس والثقافة الإسلامية. بالتالي ألغت المحكمة القرار المطعون فيه لمخالفته للقانون والدستور، وحكمت بمبلغ ٥٠٠٠ جنية مصري للمدعى على سبيل التعويض.
قام المدعي بتأليف ثلاثة كتب (رأي في الفكر الإسلامي، حقائق الإسراء والمعراج، الإيمان والإسراء والمعراج) يناقش اموراً في الفكر الإسلامي بتناوله واقعة الإسراء والمعراج – المعروفة ايضاً برحلة النبي محمد إلى الأقصى أو رحلة الليل والصعود للسماء – والتي تعتبر عقيدة راسخة في الإسلام. كما أنتقد المدعي الرأي المجمع عليه من أغلبية فقهاء الإسلام عن الواقعة.
تقدم المدعي بطلب إلى الأزهر للتصريح له بنشر أحد كتبه خارج البلاد (الكتاب الثالث) والذي تم رفضه. بناء على ذلك الرفض تقدم المدعي بتظلم لشيخ الأزهر مرفقاً به الكتابيين الأخرين. قام شيخ الأزهر بإحالة الكتب الثلاث إلى “مجمع البحوث الإسلامية” للمراجعة. أصدر “مجمع البحوث الإسلامية” تقريراً تضمن احتواء الكتاب الأول على أخطاء علمية واستنتاجات مغلوطة. في حين أن الكتاب الثاني لم يتبع منهج البحث العلمي، ولم يتضمن شيئًا سوى ثرثرة سطحية مشوهة، رددها العلمانيون، وأخيراً وصف الكتاب الثالث بأنه لا طائل من ورائه ويسعى فقط إلى غرس الارتباك في ذهن القارئ…تأسيساً على ذلك قام المدعى عليه (شيخ الأزهر) بإصدار قرار بمنع نشر الكتب الثلاثة.
بناءً على ذلك، قام المدعي في ١٧ نوفمبر ١٩٩٦ برفع دعوى أمام محكمة القضاء الإداري طلب (١) وقف تنفيذ قرار شيخ الأزهر بحظر نشر الكتب (٢) إلغاء القرار (٣) التعويض بمبلغ ١٠٠ ألف جنية مصري مقابل الأضرار المادية والمعنوية. دفع المدعي بمخالفة قرار شيخ الأزهر للقانون، وانتهاك حقه في حرية الرأي والتعبير المحمية بموجب الدستور، مسبباً له أضراراً مادية ومعنوية.
طلب المدعى عليه من المحكمة (١) رفض طلب المدعي لرفع الدعوى بعد المواعيد القانونية (٢) رفض الدعوى تأسيساً على قرار “مجمع البحوث الإسلامية” بوصفه الجهة المختصة لإصدار القرار الإداري المطعون فيه. لم يعتمد التقرير أغلب الأفكار التي تناولتها الكتب لمخالفتها لما هو مستقر علية من آراء عند أغلبية الفقهاء.
أصدرت الدائرة الأولى بمحكمة القضاء الإداري حكمها في ٢٠ مايو ٢٠٠٣
كانت المسائل الرئيسية المعروضة على المحكمة:
١) عدم قبول الدعوى لرفعها بعد المواعيد القانونية
٢) وقف تنفيذ قرار شيخ الزهر
٣) إلغاء القرار
٤) طلب التعويض عن الأضرار المقدم من المدعي
رفضت المحكمة (اولاً) دفع المدعى عليه بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد المواعيد القانونية، لعدم وجود ما يثبت علم المدعي بتاريخ صدور القرار المطعون فيه (ثانيا) رفضت المحكمة طلب المدعي المستعجل بوقف تنفيذ قرار شيخ الأزهر. أحالت المحكمة القضية إلى “هيئة المفوضين” قبل الحكم في طلب إلغاء قرار شيخ الأزهر، وذلك لإعداد الرأي في القضية وهو رأي غير ملزم للمحكمة. أوصت “هيئة المفوضين” بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع برفض الدعوى. بعد استلام تقرير المفوضين باشرت المحكمة نظر الدعوى فيما يتعلق بطلب الإلغاء والتعويض.
أسست المحكمة قرارها على النصوص التالية:
الدستور المصري لعام ١٩٧١:
• مادة (٤٧) نصت على ” حرية الرأي مكفولة، ولكل إنسان التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير في حدود القانون، والنقد الذاتي والنقد البناء ضمان لسلامة البناء الوطني”.
• مادة (٤٩) قررت “تكفل الدولة للمواطنين حرية البحث العلمي والإبداع الأدبي والفني والثقافي وتوفير وسائل التشجيع اللازمة لتحقيق ذلك”.
القانون رقم (١٠٣) لسنة ١٩٦١ بخصوص إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التي يشملها:
• مادة (٢) نصت على أن “الأزهر هو الهيئة العلمية الإسلامية الكبرى التي تقوم على حفظ التراث الإسلامي ودراسته وتجليته ونشره، وتحمل أمانة الرسالة الإسلامية إلى كل الشعوب، وتعمل على إظهار حقيقة الإسلام وأثرة في تقدم البشر ورقى الحضارة وكفالة الأمن والطمأنينة وراحة النفس لكل الناس في الدنيا والآخرة…”
• مادة (١٥) نصت على أن “مجمع البحوث الإسلامية هو الهيئة العليا للبحوث الإسلامية ويقوم بالدراسة في كل ما يتصل بهذه البحوث، وتعمل على تجديد الثقافة الإسلامية وتجريدها من الفضول والشوائب وآثار التعصب السياسي والمذهبي وتجليتها في جوهرها الأصيل الخالص، وتوسيع نطاق العلم بها لكل مستوى وفى كل بيئة وبيان الرأي فيما يجد من مشكلات، مذهبية أو اجتماعية تتعلق بالعقيدة، وحمل تبعة الدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة…”
اللائحة التنفيذية لقانون الأزهر:
• نصت المادة (٣٨) على أنه “إدارة الثقافة والبحوث الإسلامية هي الجهاز الفني لمجمع البحوث الإسلامية ومديرها هو أمين عام المجمع”.
• قررت المادة (٤٠) “تتولى إدارة البحوث والنشر على وجه خاص ما يأتي:
١) مراجعة المصحف الشريف والتصريح بطبعه وتداوله
٢) فحص المؤلفات والمصنفات الإسلامية أو التي تتعرض للإسلام وإبداء الرأي فيما يتعلق بنشرها أو تداولها أو عرضها
٣) تتبع كل ما يكتب عن الإسلام في الداخل والخارج والرد على كل ما يمس الإسلام فيها.
…
٩) العمل على نشر الثقافة الإسلامية عن طريق الكتب والمجلات”
أقرت المحكمة في حيثيات حكمها أن “أحكام الدستور قد كفلت لكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره سواء بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير طالما كان ذلك في حدود القانون، كما أقرت المحكمة أن حق الفرد في التعبير عن رأيه ليس معلقاً على صحة هذا الرأي أو مدى تماشيه مع الاتجاه العام في بيئة معينة، أو بما قد يترتب على إبداء هذا الرأي من تحقيق فائدة ما”.
علاوة على ذلك أقرت المحكمة بأن هذا الاتجاه الدستوري مرده أن حق الإعلان عن الرأي بحرية هو السبيل لإظهاره في المجتمع وتفاعله معه. كما أقرت أن هذا الحق يمثل قاعدة لكل تنظيم ديمقراطي لا يقوم إلا بها. لذلك كان لزاماً ألا تقيد حرية التعبير بتشريعات تمثل أغلالاً على ممارستها أو بفرض عقوبات تهدف إلى قمعها.
كما علقت المحكمة صراحة على سلطة “مجمع البحوث الإسلامية” خاصة من بين جملة أمور مراجعة وإبداء الرأي فيما يتعلق بنشر أو تداول أو عرض المؤلفات الإسلامية، حيث أكدت المحكمة “أن هذه السلطة المقررة لهذه الإدارات محكومة بالمبادئ الدستورية التي تتفق وأحكام الشريعة الإسلامية التي تقوم على حرية إبداء الرأي ومناقشته وإن اختلف مع رأى جمهور الفقهاء”.
كما، فصلت المحكمة بأن الكتب تقدم مجرد رأى المدعي، حيث أوضح التقرير المعني أن الكتب لا تتعدى على أسس الإسلام ولا على أصول الثقافة الإسلامية. فضلاً عن ذلك، أشارت المحكمة أنه بالرغم من أن الكتب تتبنى رأى مخالف لآراء أغلبية الفقهاء، فأن هذا لا يرتقي ليكون سبباً كافياً لتقييد حق المدعي في حرية الرأي والتعبير.
لذلك، رأت المحكمة أن التقرير الصادر عن “مجمع البحوث الإسلامية، والذي تسبب في رفض نشر الكتب لم يكن متوافقاً مع المبادئ الدستورية والقانونية التي تؤيد حرية الرأي والتعبير”.
بخصوص طلب التعويض، أقرت المحكمة بأن منع النشر تسبب بأضرار مادية للمدعي على أساس حرمانه من من نتاج فكره، ومعنوياً في رفض إنتاجه الفكري وما صاحب ذلك من أضرار مادية وأدبية لحقت به من جراء اللجوء إلى القضاء طعناً في قرار الإدارة، وعلى الرغم من ذلك قدرت المحكمة التعويض بـ ٥٠٠٠ جنيه مصري بدلاً من ١٠٠ ألف جنيه مصري التي طلبها المدعي، ورأت أن المبلغ كافي لجبر الضرر المادي والمعنوي.
انتهت المحكمة إلى إلغاء القرار المطعون فيه وألزمت الأزهر بدفع مبلغ وقدره ٥٠٠٠ جنية مصري للمدعى كتعويض.
يشير اتجاه الحكم إلى ما إذا كان الأخير يُوسع من مدي التعبير أم يُضيقه بناءً على تحليل للقضية.
يظهر حكم المحكمة بإلغاء القرار الإداري المطعون فيه الذي يحظر نشر الكتب الثلاثة توسعًا في تفسير الحقوق الدستورية المتعلقة بالحق في حرية التعبير ويؤكد الالتزام القانوني للسلطات بالامتناع عن انتهاك هذه الحقوق.
يوضح المنظور العالمي كيف تأثر قرار المحكمة بمعايير سواء من منطقة واحدة أو عدة مناطق.
تُشير أهمية هذه القضية إلى مدى تأثيرها وكيفية تغير مدى أهميتها بمرور الوقت.