الأمن القومي
سوريك وأوزديميرف ضد تركيا
تركيا
قضية مُنتهية الحكم يُعزز من حُرية التعبير
حرية التعبير العالمية هي مبادرة أكاديمية، ولذلك، نشجعك على مشاركة وإعادة نشر مقتطفات من محتوانا طالما لا يتم استخدامها لأغراض تجارية وتحترم السياسة التالية:
• يجب عليك الإشارة إلى مبادرة جامعة كولومبيا لحرية التعبير العالمية كمصدر.
• يجب عليك وضع رابط إلى العنوان الأصلي للتحليل القضائي أو المنشور أو التحديث أو المدونة أو الصفحة المرجعية للمحتوى القابل للتنزيل الذي تشير إليه.
معلومات الإسناد وحقوق النشر والترخيص لوسائل الإعلام المستخدمة من قبل مبادرة حرية التعبير العالمية متاحة على صفحة الإسناد الخاصة بنا.
هذه القضية متاحة بلغات إضافية: استعرضها بلغة أخرى: English استعرضها بلغة أخرى: Français
عمل مُنتج الأفلام النرويجي ألريك امتياز رولفسن على إعداد شريط وثائقي حول التطرّف الإسلامي وخاصة حول استقطاب المُقاتلين الأجانب من طرف الدّولة الإسلامية (داعش). ركّز الشريط أساسا على مواطن نرويجي كان تحت رقابة جهاز أمن الشرطة بالنرويج. بعد إيقافه واتهامه بالعمل على الالتحاق بداعش بسوريا بحثت أجهزة الشرطة على شريط رولفسن المُتعلق بالمّتهم بالإرهاب وصادرته.
أكّدت محكمة مُحافظة أسلو في يونيو ٢٠١٥ العريضة المرفوعة من طرف أجهزة الشرطة من أجل الاستمرار في مصادرة التسجيل وأيّدت هذا القرار فيما بعد محكمة الاستئناف ببورغاتينغ بحُجّة أن الظروف الخاصة للقضية المُتعلقة أساسا بالمصلحة العامة للأمن القومي تُشكّل استثناء في مجال حُرّية المصادر. لكن المحكمة العليا بالنرويج نقضت في شهر نوفمبر ٢٠١٥ قرار المصادرة إذ اعتبرت بأن محتوى الشريط لا يرتفع إلى درجة الاستثناء بمعنى القسم ١٢٥ من قانون الإجراءات الجزائية لأن “دلالته لا تُشكل أمرا حيويا” للأبحاث الجارية ضد الشخص المتهم بالِإرهاب.
بالإضافة إلى ذلك قيّمت المحكمة الفائدة من حماية المصادر بالمقارنة مع فائدة العموم في الوقاية ضد الجرائم الخطيرة حسب ما تنصّ عليها المادة ١٠ من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان فانتهت إلى أن الشريط الوثائقي لرولفسن يُمثل جوهر “صحافة الاستقصاء” وأن الحماية الفعلية لمصادره ضرورية لإعداد الشريط. من ناحية أخرى وجدت المحكمة انه يُمكن لأجهزة الشرطة الاعتماد على طرق استقصائية أخرى بحوزتها وأن حتمية الاعتماد على الشريط في أبحاث مقاومة الإرهاب لم تكن بديهية.
شرعت أجهزة الشرطة الأمنية في أبريل ٢٠١٥ في أبحاث استقصائية سرية حول عدد من المُواطنين النرويجيين المشبوه فيهم بدعم تنظيم داعش بسوريا وباستقطاب مُقاتلين أجانب. شمل البحث أيضا شخصا شارك ظاهريا بصفته مُحاور مجهول الهوية في برنامج وثائقي أداره ألريك امتياز رولفسن. يُركّز الشريط بالأساس على التطرّف الإسلامي وتجنيد المقاتلين الأجانب من طرف داعش. في ٧ يونيو ٢٠١٥ أوقفت الشرطة متهما بالإرهاب عندما كان يُحاول الصعود على متن طائرة في اتجاه سوريا. عند الإيقاف عاينت الشرطة الأمنية اتصالا بين متهم إرهابي آخر يسّر عملية السفر ومصوّر شريط رولفسن. دفعت فيما بعد هذه المكالمة أجهزة الشرطة إلى الاعتقاد بأن استوديو رولفسن يُمكن أن يحتوي على أدلة هامة تتعلّق بالمتهم المُعتقل. وفي يوم ٨ يونيو ٢٠١٥ قامت الشرطة الأمنية بمداهمة للأستوديو وفتشته وصادرت شرائح تخزين وقرص صلب وكل التسجيلات المتعلقة بالمشبوه فيه وتتمثل في تسجيلات تتراوح مدتها بين ستة وثمانية ساعات. تمّت عملية المصادرة بمُقتضى القسم ١٩٧ لقانون الإجراءات الجزائية بالنرويج الذي ينصّ على إمكانية النفاذ إلى غرف التحرير دون أمر قضائي إذا ما كان التأجيل قد يضرّ بالتحقيقات الجارية.
وفي ٩ يونيو ٢٠١٥ طلبت الشرطة الأمنية من محكمة مقاطعة أوسلو الاستمرار في مصادرة التسجيلات. بينما أقرّت المحكمة بأحقية رولفسن كصحفي الاستشهاد بالقسم ١٢٥ من قانون الإجراءات الجزائية لحماية مصادره فقد اعتبرت بأن التسجيلات المصادرة “لا تهمّ إلا مصادر معلومة لدى الشرطة الأمنية” وبالتالي لا ينطبق عليها القسم ١٢٥. كما اعتبرت المحكمة بأن المادة ١٠ من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان حول حُرية التعبير لا تحمي المواد غير المنشورة التي لا تُعرّف بالمصادر المجهولة.
في ١٧ يونيو ٢٠١٥ أكّدت محكمة الاستئناف ببورغارتنغ هذا الحُكم. فبعد الاطلاع على أغلب المواد المصادرة اعتبرت المحكمة بأن عددا من مشاهد الشريط الوثائقي يحتوي على أشخاص مجهولي الهوية وبالتالي قد يُؤدّي حجز الشريط إلى الكشف عنها. لكن المحكمة انتهت إلى “أنه بوجود شكوك جسيمة ” حول الظروف المُحيطة بالقضيّة فإن ذلك يمثل استثناء في حماية المعلومات التي ينصّ عليها القسم ١٢٥.
استأنف رولفسن الحُكم أمام المحكمة العليا بالنرويج بالتعاون مع الجمعية النرويجية للمُحررين بصفتها طرف ثالث.
استعرض القاضي رينغنس الموقف المُتخذ بالإجماع من طرف المحكمة العُليا.
كان السؤال الأبرز المطروح أمام المحكمة يتعلق بما إذا استوجب تثبيت قرار حجز الشريط الوثائقي لرولفسن على ضوء ما جاء بالقسم ١٢٥ من قانون الإجراءات الجزائية بالنرويج وبالمادة ١٠ من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.
ذكرت الحكومة بأن محكمة الاستئناف فحصت كما ينبغي المواد التي تمت مصادرتها حسب مُقتضيات القسم ١٢٥ والتوجيهات المُتصلة الصادرة عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. وحسب الحكومة احتوى التسجيل على “أدلة مهمة جدا” لأجهزة الشرطة في مُحاربتها للإرهاب وذلك يستجيب للفقرة الثالثة من القسم ١٢٥ التي تُجيز الكشف عن المصادر “من أجل المصلحة العامة وعندما تحمل المعلومات أهمية قصوى لتوضيح أطوار القضية” (الفقرة ٦٠). كما اعتبرت أن التسجيل احتوى على مصادر مجهولة للمعلومات وهي بالتالي لا تخضع للقسم ١٢٥. وأخيرا أضافت الحكومة بأن الهدف من التحقيقات لم يكن الكشف عن المصادر التي تحصّل عليها رولفسن وبأن المصادرة كانت محدودة ومُركّزة.
ناقشت أولا المحكمة المعايير المُناسبة وأكدت بأن القسم ١١٥ “يعطي الحق لرفض عريضة وحجز مواد صحفي إلا إذا كان ذلك يُؤدّي بصفة مُباشرة وغير مباشرة إلى الكشف على المصادر المُستخدمة من طرف الصحفي” (فقرة ٥٣). لكن “لا يُمكن للصحفي رفض التصريح عن اتصاله بالمصدر إذا ما أصبح ذلك المصدر معلوما لدى العموم بعد أن يكون قد كشف عن نفسه”. كما اتجهت المحكمة للاتفاق مع “مفهوم كون الصحفي لا يُمكنه التمتع بالحماية بعد أن يقع التعرف على هوية مصادره بوسائل أخرى فيما لا يدعو مجالا للشك”. لكن ما زال هذا الحكم في انتظار الدراسة من طرف المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.
أما في خصوص قابلية التطبيق للمادة ١٠ من الاتفاقية الأوروبية اعتبرت المحكمة العليا بأن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان “تدعو لحماية واسعة للمواد التي لم يقع نشرها والتي يُمكن أن تكشف على مصادر مجهولة الهوية” (المادة ٧٨). استشهدت المحكمة أساسا بقضية نورديسك فيلم وتلفزة أ س ضدّ الدانمارك في الدّعوى رقم ٤٠٤٨٥ (٢٠٠٢) المُتعلّقة بحماية هوية شخص وقع تصويره دون علمه ولذلك لم يقع اعتباره مصدرا في تسجيل الشريط. قضت المحكمة بأنه على الرغم من كون المادة لم تشمل تفاصيل عن المصادر وكون هوية الشخص معلومة لدى أجهزة الشرطة “فإن الإلزام بالكشف العلني عن الهوية يُمكن أن تكون له ‘عواقب وخيمة’ على حُرّية الصحافة” (الفقرة ٥٧).
عند تطبيق الشروط السابقة على القضية الحالية قامت المحكمة في مرحلة أولى بالنظر فيما إذا يمكن أن يستفيد تسجيل رولفسن بالحماية المنصوص عليها بالقسم ١٢٥ من قانون الإجراءات الجزائية وما إذا برّرت الحكومة الاستمرار في مصادرة التسجيل باعتبار الفقرة الثالثة من القسم. فتوصلت إلى أن “وجود مصلحة عامة قصوى” يُعطي هيئة المُدّعي العام السلطة للنفاذ إلى المواد لأن “تحقيقات الشرطة حول التجنيد والمُشاركة في منظمات إرهابية ضرورية لضمان الأمن والسلم الاجتماعي ولمنع الشباب الهش من المشاركة في أنشطة قتالية” (الفقرة ٦١). لكن المحكمة لم تجد ما يكفي من الدلائل تُشير إلى أن المواد المحجوزة ذو “أهمّية قصوى لتحقيقات الشرطة وذلك جزئيا نظرا لشكوك محكمة الاستئناف “المتعلقة بالنسبة التي يُمكن للشرطة الاستفادة منها”. وبذلك اعتبرت المحكمة بأن المواد المحجوزة لا تقع تحت الاستثناءات المنصوص عليها بالقسم ١٢٥ وخاصة منه الفقرة الثالثة.
ثم انتقلت المحكمة إلى تقييم المصالح المطروحة في القضية الحالية بالنظر إلى المادة ١٠ من الاتفاقية الأوروبية. يقول المبدأ العام أنه “لا يُمكن تعليق حماية المصادر إلا بوجود مصلحة عامة قصوى” (الفقرة ٦٧). وبصفة أخصّ “إذا ما مثلت المعلومات التي يُقدّمها المصدر أهمية بالغة للعموم فإن حماية المصادر “أمر مُطلق إلى أبعد الحدود”. لكن إذا ما تعلق الأمر بجناية خطيرة يُمكن الاستثناء فيما يتعلق بحماية المصادر” (الفقرة ٦٧). هنا وصفت المحكمة العليا الشريط الوثائقي لرولفسن بكونه “جوهر الصحافة الاستقصائية” لأنه تمكن من وصف ما يحدث داخل الشبكة الإرهابية لداعش وخاصة الطريقة التي يعتمدها التنظيم في تجنيد مواطني النرويج للقتال في سوريا كما اعتمد نجاح هذا المشروع أساسا على الثقة التي كانت تربط المنتج السينمائي بمصادره. وبالتالي اعتبرت المحكمة أن الحماية الفعلية للمصادر أمرا “أساسيا لولاه لما وقع إنجاز الشريط. من ناحية أخرى لاحظت أن أجهزة الشرطة تعتمد على وسائل أخرى بحوزتها بينما لم تتضح قيمة وأهمية المعلومات الموجودة في الشريط للتحقيقات الأمنية الجارية.
بالاعتماد على التحليل السابق نقضت المحكمة العليا بالنرويج قرار محكمة الاستئناف وأمرت بانهاء مصادرة المواد سالفة الذكر.
يشير اتجاه الحكم إلى ما إذا كان الأخير يُوسع من مدي التعبير أم يُضيقه بناءً على تحليل للقضية.
يوضح المنظور العالمي كيف تأثر قرار المحكمة بمعايير سواء من منطقة واحدة أو عدة مناطق.
Article 10
Section 125
Section 147d
تُشير أهمية هذه القضية إلى مدى تأثيرها وكيفية تغير مدى أهميتها بمرور الوقت.
أصدرت هذا القرار المحكمة العليا بالنرويج لذلك يتعين على كل المحاكم بالبلاد التقيّد به.