الخصوصية, الخصوصية وحماية البيانات والاحتفاظ بها
روبنسون ضد المدعي العام
جامايكا
قضية مُنتهية الحكم يُعزز من حُرية التعبير
حرية التعبير العالمية هي مبادرة أكاديمية، ولذلك، نشجعك على مشاركة وإعادة نشر مقتطفات من محتوانا طالما لا يتم استخدامها لأغراض تجارية وتحترم السياسة التالية:
• يجب عليك الإشارة إلى مبادرة جامعة كولومبيا لحرية التعبير العالمية كمصدر.
• يجب عليك وضع رابط إلى العنوان الأصلي للتحليل القضائي أو المنشور أو التحديث أو المدونة أو الصفحة المرجعية للمحتوى القابل للتنزيل الذي تشير إليه.
معلومات الإسناد وحقوق النشر والترخيص لوسائل الإعلام المستخدمة من قبل مبادرة حرية التعبير العالمية متاحة على صفحة الإسناد الخاصة بنا.
هذه القضية متاحة بلغات إضافية: استعرضها بلغة أخرى: English استعرضها بلغة أخرى: Español استعرضها بلغة أخرى: Français
اعتبرت المحكمة العليا في كينيا أن جمع بيانات الحمض النووي ونظام تحديد المواقع العالمي يُشكّل انتهاكا لا مبرر له للحق في الخصوصية وهو بالتالي غير دستوري وأن الإطار العام لحماية البيانات غير كاف. التجأت ثلاث منظمات غير حكومية إلى المحكمة بعد سن تعديلات على قانون تسجيل الأشخاص لإنشاء قاعدة بيانات مركزية للمعلومات البيومترية وتنفيذ نظام لأرقام الهوية الفريدة. أقرّت المحكمة بالحاجة إلى جمع معلومات بيومترية مُعيّنة والاحتفاظ بها من قبل الدولة لكنها رأت أن المخاطر التي يطرحها جمع بيانات الحمض النووي ونظام تحديد المواقع العالمي تبقى أدنى من الفوائد وبالتالي لا يمكن تبريرها. على الرغم من اعتماد قانون حماية البيانات أثناء الإجراءات، فقد رأت المحكمة أن الإطار التنظيمي الذي يحكم جمع البيانات لم يكن شاملا بما فيه الكفاية وبالتالي اعتبرت أنه لا يمكن إرساء النظام بأكمله إلا بعد اعتماد إطار تنظيمي شامل لحماية البيانات.
تم سن تشريع القانون الأساسي (تعديل متنوع) رقم 18 لعام 2018 في كينيا في 20 نوفمبر 2018. عدّل هذا التشريع قانون تسجيل الأشخاص (الفصل 107 من قوانين كينيا) (القانون) وأنشأ النظام الوطني المتكامل لإدارة الهوية الذي يُمثل مصدرا واحدا للمعلومات الشخصية لجميع المواطنين والأجانب المقيمين في كينيا. حدد القسم 9 أ(2) وظائف النظام الوطني المتكامل لإدارة الهوية:
تم تعريف “البيومترية” في القانون على أنها مُعرّفات أو سمات فريدة بما في ذلك بصمات الأصابع وهندسة اليد وهندسة شحمة الأذن وأنماط شبكية العين والقزحية والموجات الصوتية والحمض النووي الديوكسي ريبونوكلييك في شكل رقمي وتم تعريف “خدمات تحديد المواقع العالمية” على أنها “المُعرّف الفريد للموقع الجغرافي الدقيق على الأرض معبّرا عنه بالحرف الأبجدي الرقمي كونه مزيجا من خطوط الطول والعرض”.
اعتبر كلّ من منتدى حقوق النوبيين وهو منظمة لحقوق الإنسان تحمي حقوق المجتمع النوبي في كينيا واللجنة الكينية لحقوق الإنسان واللجنة الوطنية الكينية لحقوق الإنسان أن هذه التعديلات تنتهك الحق في الخصوصية بموجب المادة 31 من الدستور. تنصّ المادة 31 من الدستور على ما يلي: “لكل شخص الحق في الخصوصية بما في ذلك الحق في عدم (أ) تفتيش شخصه أو منزله أو ممتلكاته (ب) مصادرة ممتلكاته وأصوله (ج) الكشف دون داع عن المعلومات المتعلقة بأسرته أو شؤونه الخاصة أو المُطالبة بها أو (د) انتهاك خصوصية اتصالاته”.
قدّمت المنظمات التماسات فردية إلى المحكمة العليا في كينيا وتم لاحقا توحيد الدّعاوى. انضمت بعد ذلك مُنظمات أخرى تشمل منظمة “مُسلمون من أجل حقوق الإنسان” ومركز هاكي وجمعية القانون في كينيا ومنظمة إنفور أكشن بصفتها أطراف مهتمّة تدعم أصحاب الدّعاوى.
أمّا قائمة المستجيبين فشملت المُدّعي العام وأمين مجلس الوزراء والأمين الدائم للداخلية وتنسيق الحكومة الوطنية ومدير التسجيل الوطني وأمين مجلس الوزراء لشؤون المعلومات والاتصالات والتكنولوجيا ورئيس البرلمان الوطني ولجنة إصلاح القوانين الكينية. انضمّت لاحقا مؤسسات وجمعية رعاية الطفل في كينيا وجمعية أجيبيك وبونج لا موانانشي ومجموعة السياسات الدولية ومبادرة دعم ضحايا الإرهاب إلى قائمة المُستجيبين لمعارضة الدّعاوى.
قبل الانتهاء من القضية، سن البرلمان الكيني قانون حماية البيانات عدد 29 لعام 2019.
أصدر القاضي مومبي نغوجي والقاضية بولين نيامويا والقاضي ويلدون كيبيغون كورير حكمهم في القضيّة. كانت القضايا الرئيسية التي تعيّن النظر فيها هي ما إذا كانت التعديلات تحدّ من الحق في الخصوصية من خلال السماح بجمع البيانات “بشكل مفرط وتدخلي وغير متناسب” أو ما إذا كانت توجدُ ضمانات وأطر حماية بيانات غير كافية وما إذا كانت القيود مُبرّرة.
شدّد أصحاب الدّعوى على أهمية الحق في الخصوصية واعتبروا بأنه “لا يمكن للدولة أن تُخفّف من حدّته و/أو تنتهكه و/أو تتدخل فيه دون مُبرّر مناسب” [الفقرة 709]. كما اعتبروا بأن جمع بيانات الحمض النووي ونظام تحديد المواقع اقتحاميّ وغير ضروري في غياب قيود قانونية تضمن الاحتفاظ بالبيانات، كما لم تقدم الحكومة الكينية أي تفسير لضرورة جمع هذه البيانات. وذكر أصحاب الدّعوى أنه يتمّ جمع البيانات دون موافقة الأشخاص المعنيين وأنه لا يوجد وضوح في القانون بشأن الغرض الذي يتمّ من أجله جمع تلك البيانات. بالإضافة إلى ذلك، ذكر أصحاب الدّعوى وجود خطر يتمثل في إمكانية وصول أطراف ثالثة غير مأذون لها إلى المعلومات الشخصية المخزنة في النظام الوطني المُتكامل لإدارة الهويّة وأنه في غياب ضمانات قوية، يُمكن أن يؤدي استخدام التكنولوجيات البيومترية إلى “تيسير التمييز والتنميط والمراقبة الجماعية” [الفقرة 712]. وفيما يتعلق بخصوصية الأطفال، اشتكى أصحاب الدّعوى بأن القانون ينصّ على أن أحكامه تنطبق على الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 18 عاما، فهو ببساطة لا ينطبق على الأطفال ولا يمكن استخدامه لجمع البيانات البيومترية للأطفال. وأضافوا أنه لا توجد على أي حال ضمانات لتنظيم استخدام بيانات الأطفال وأنه لا يوجد دليل على أن جمع البيانات البيومترية يمكن أن يمنع الجرائم ضد الأطفال. وقال أصحاب الدّعوى إنه لا توجد قوانين لحماية البيانات لمنع وقوع البيانات في أيدي غير مُصرّح بها وأنه “يتعيّن صياغة معايير تقنية وقانونية مناسبة لضمان أمن نظام التعريف الرقمي المقترح وخصوصية البيانات الشخصية التي يتم جمعها” [الفقرة 829]. كما اعتبر أصحاب الدّعوى أن الدولة لم تقدم أدلة تُبرّر أهمية الغرض من الفعل بحيث ينتهك الحق في الخصوصية أو أن الوسائل المعتمدة هي الطريقة الوحيدة الممكنة لتحقيق الغرض التشريعي كما لم تُقدّم أي دليل على الكيفية التي يمكن بها للنظام الوطني المُتكامل لإدارة الهوية أن يساعد في منع الجريمة – وهو أحد الأغراض المعلنة للنظام – أو أنه تم النظر في اتخاذ تدابير أقل تقييدا.
في ردّهم، اعتبر المستجيبون المُمثلون عن الدّولة بأن جمع البيانات البيومترية بما في ذلك بيانات النظام العالمي لتحديد المواقع يُمثل ممارسة عالمية شائعة وأنه لا يوجد توقع معقول للخصوصية فيما يتعلق ببصمات الأصابع ومسح قزحية العين. وأكدت الدولة أن جمع البيانات البيومترية للأطفال يساعد في حماية الأطفال من الاتجار وفي إعمال حقوق الإنسان الأساسية للأطفال وأن جمع بيانات الحمض النووي مسموح به في كينيا ويساعد في تحديد أبوة الطفل. بيد أن الدولة أقرّت بأنه لا يتمّ عمليّا جمع أي بيانات عن الحمض النووي أو نظام تحديد المواقع في كينيا ولكن جمعها يكتي أهمّية من الناحية النظرية. وأكّدت الدولة أنه يوجدُ إطار قانوني كافيا لحماية البيانات واعتبرت بأن دستورية القانون لا يمكن تحديدها من خلال عدم وجود أطر قانونية أو تنظيمية. وأكدت الدولة من جديد أن الغرض من القانون هو إنشاء نظام وطني متكامل لإدارة الهوية وأن هذا هدف مشروع للدولة لا ينتهك بشكل غير متناسب الحق في الخصوصية.
قسّمت المحكمة القضايا المُتعلّقة بالحق في الخصوصية إلى أربعة أقسام: (أ) ما إذا كانت المعلومات التي تمّ جمعها “مفرطة وتدخلية وغير متناسبة مع الأهداف المعلنة من النظام الوطني المُتكامل لإدارة الهويّة”، (ب) ما إذا تمّ انتهاك خصوصية الأطفال (ج) “ما إذا كانت توجدُ ضمانات قانونية كافية وأطر حماية البيانات للمعلومات الشخصية التي يتم جمعها في النظام الوطني المُتكامل لإدارة الهويّة” و (د) ما إذا كانت التعديلات تشكل “تقييدا غير معقول وغير مبرر للحق في الخصوصية” [الفقرة 705].
أجرت المحكمة تحليلا لطبيعة الحق في الخصوصية وكيفيّة مُعالجة الولايات القضائية المقارنة لمسائل خصوصية المعلومات. لاحظت أن المادة 31 تحمي الحق و”تحمي من انتهاكات محددة للخصوصية بما في ذلك الكشف غير الضروري عن المعلومات المتعلقة بالشؤون الأسرية أو الخاصة” [الفقرة 742]. استشهدت المحكمة بالقضية المعروضة أمام المحكمة الدستورية لجنوب أفريقيا والمُتعلّقة ببرنشتاين ضد بيستر نو التي اتبعت في القضايا الكينية لإبراهيم ضد أشليز كينيا، ثمّ قضيّة الشبكة القانونية والأخلاقية الكينية المعنية بفيروس نقص المناعة البشرية والإيدز (كيلين) ضد أكاتب الدّولة لوزارة الصحة، وتوم أوجيندا تي/أ توم أوجيندا وشركاه المدافعون ضد لجنة الأخلاقيات ومكافحة الفساد، كما أشارت المحكمة إلى حماية الحق المنصوص عليه في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان واللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب. ووصفت المحكمة نطاق الحق بأنه “غير قابل للتعريف “وأنه” مجموعة أو سلسلة متصلة من الحقوق لها مُبرّرات متنوعة” [الفقرة 748]. تعلّق جانب الحق في هذه القضية بالحقّ في خصوصية المعلومات التي تشمل الحق في التحكم في المعلومات الخاصة واعتمدت المحكمة التعريف في قضية كيلين بأن الحق “يحمي من الكشف غير الضروري عن المعلومات المتعلقة بالأسرة أو الشؤون الخاصة للفرد …. ويحمي جوهر المجال الشخصي للفرد ويتوخى أساسا الحق في أن يعيش المرء حياته بأقل تدخل … [و] يقيد جمع المعلومات الخاصة واستخدامها والإفصاح عنها” [الفقرة 751]. بالإشارة إلى القضية جنوب إفريقيّة لميستري ضدّ المجلس الوطني المؤقت للطب وطب الأسنان في جنوب أفريقيا، لاحظت المحكمة أنه عندما تكون خصوصية المعلومات موضع خلاف، يجب على المحكمة تحديد ما إذا كان جمع المعلومات تدخلي وما إذا كانت المعلومات تتعلق بجوانب حميمة من حياة الفرد وما إذا يتمّ استخدام المعلومات لغرض آخر غير الغرض الذي قُدّمت من أجله وما إذا تمّ نشر المعلومات على نطاق واسع.
اعترفت المحكمة بأن حماية البيانات البيومترية بما أنها تحتوي على معلومات شخصيّة تندرج تحت المادة 31 وأن البيانات التي يتمّ جمعُها بموجب النظام الوطني المُتكامل لإدارة الهويّة تُشكّل معلومات شخصية. ولاحظت أن هذا الأمر مهم لأن “وصف البيانات البيومترية بأنها بيانات شخصية له عواقب هامة فيما يتعلق بحماية هذه البيانات ومعالجتها وبالتالي يدعو إلى خطر انتهاك الحق في الخصوصية في حالة عدم كفاية تدابير الحماية” [الفقرة 760]. قبلت المحكمة تصنيف “البيانات الحساسة” المنصوص عليه في اللائحة العامة لحماية البيانات في الاتحاد الأوروبي واتفاقية الاتحاد الأفريقي بشأن الأمن السيبري وحماية البيانات الشخصية وقانون حماية البيانات الذي تم اعتمادُه حديثا، واعتبرت أن البيانات البيومترية والحمض النووي “يجب حمايتها من النفاذ غير المأذون به وينبغي أيضا تقييد النّفاذ إلى هذه البيانات باعتماد أساليب أمان كافية للبيانات يتمّ تصميمها لمنع الكشف غير المأذون به وانتهاكات البيانات” [الفقرة 762].
كما اعتبرت المحكمة أنه لمّا تمّ عرض النظام الوطني المُتكامل لإدارة الهويّة، لم يكن يوجد التزام للفرد للموافقة على البيانات البيومترية التي يتمّ جمعها وبالتالي فعلى الرغم من أن قانون حماية البيانات يتطلب الآن موافقة الفرد وقدرته على الاعتراض على معالجة البيانات الخاصة به فإنّ التعديلات تسمح بجمع البيانات دون موافقة. وأشارت المحكمة هنا إلى وثيقة عمل الهيئة الاستشارية للاتحاد الأوروبي بشأن حماية البيانات والخصوصية والمُتعلّقة بالبيانات البيومتريّة في أن جمع بعض البيانات البيومترية المسموح بها بموجب النظام الوطني المُتكامل لإدارة الهويّة كان تدخلي وأعطى مثالا على جمع معلومات الحمض النووي دون علم الأشخاص المعنيّين. وفيما يتعلق بجمع بيانات النظام العالمي لتحديد المواقع، أشارت المحكمة إلى قضية المحكمة العليا للولايات المتحدة ضد أنطوان مشيرة إلى أن التعديلات تتطلب “تنظيما أكثر تفصيلا وصرامة بشأن استخدام إحداثيات النظام العالمي لتحديد المواقع” لمنع إساءة استخدامها. [الفقرة 771].
بناء على ذلك، رأت المحكمة أن جمع البيانات البيومترية وبيانات النظام العالمي لتحديد المواقع يُشكّل جمعا لمعلومات شخصية وحساسة تتطلب الحماية وتُلزم الدولة باعتماد تدابير لحماية البيانات.
ونظرت المحكمة فيما إذا كان جمع البيانات الشخصية ضروريا. بالإشارة إلى القضية الهنديّة بوتاسوامي ضد اتحاد الهند (II) ووثيقة العمل المتعلقة بالبيانات البيومتريّة الصادرة عن الفرقة العاملة المعنية بحماية البيانات بموجب المادة 29، لاحظت المحكمة أن الغرض من جمع البيانات البيومتريّة هو التحقق من هوية الشخص وأنه حتى تكون عمليّة الجمع مسموحا بها، ينبغي أن تكون البيانات البيومترية التي يتم جمعها شاملة وفريدة ودائمة [الفقرة 778]. واعتبرت أن معظم البيانات التي تم جمعها في إطار النظام الوطني المُتكامل لإدارة الهويّة قد استوفت هذه المعايير ولكن جمع بيانات الحمض النووي لم يمتثل لنفس هذه المعايير. وأشارت المحكمة إلى قضية المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان (س) و (ماربر) ضد المملكة المتحدة في القضيّة عدد 30562/04 في اعتبارها أن جمع بيانات الحمض النووي في إطار النظام الوطني المُتكامل لإدارة الهويّة يُشكّل انتهاكا للحق في الخصوصية كما اعتبرت أن الحاجة إلى جمع بيانات نظام تحديد المواقع العالمي ليست واضحة خاصة بالنظر إلى المخاطر التي تُهدّد الخصوصية التي يُشكّلها جمع البيانات.
وبناء على ذلك، رأت المحكمة أن جمع بيانات الحمض النووي ونظام تحديد المواقع العالمي كان “تدخلي وغير ضروري” وغير دستوري ولكن جمع البيانات البيومترية الأخرى لم يكن انتهاكا للمادة 31 كما أقرّت المحكمة بأن الغرض الأساسي من النظام الوطني المُتكامل لإدارة الهويّة هو الإذن للأفراد والتحقق منهم مما يتطلب إنشاء قاعدة بيانات مركزية ورأت أن منافع النظام الوطني المُتكامل لإدارة الهويّة “تصبّ في المصلحة العامة وليست غير دستورية”. 790].
قيّمت المحكمة في تحليلها التالي ما إذا كانت إجراءات النظام الوطني المُتكامل لإدارة الهويّة تنتهك حق الأطفال في الخصوصية. اعتبرت المحكمة أن الأسباب التي قدمتها الدولة لتبرير تسجيل الأطفال في إطار النظام الوطني المُتكامل لإدارة الهويّة – أي القدرة على مكافحة الإرهاب والاتجار بالأطفال وعمالة الأطفال فضلا عن حماية الحقوق الدستورية للأطفال في عدد من المجالات منها التعليم والتغذية والمأوى والرعاية الصحية وضد إساءة المعاملة – هي أسباب “معقولة وجديرة بالثناء” [الفقرة 809] وبناء على ذلك، رأت المحكمة أن جمع البيانات البيومترية للأطفال أمر دستوري لكنّها اعتبرت أن المُصطلحات المُستخدمة في القانون وهيكله لا يُساعدان النظام الوطني المُتكامل لإدارة الهويّة حتى ينطبق على الأطفال.
تتعلق المرحلة الثالثة من تحقيق المحكمة بتقييم ما إذا كانت الضمانات القانونية وأطر حماية البيانات كافية. قبلت المحكمة حجج مُنظمة الخصوصية الدولية بشأن مخاطر الاستبعاد وخرق البيانات و “التوسّع الزاحف للمهام” (جمع البيانات لغرض مُحدّد واستخدامها لغرض آخر) التي تطرحُها أنظمة الهوية البيومترية وأشارت إلى أن النفاذ غير المًصرّح به وسوء الاستخدام يمكن أن يؤدّيا إلى خطر “التمييز والتنميط ومراقبة الأشخاص المعنيين بالبيانات وسرقة الهوية” وأن التخزين المركزي يعني أن الأشخاص ليس لديهم سيطرة على استخدام بياناتهم [الفقرة 880]. بالإشارة إلى تقرير خصوصية البيانات الصادر عن مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، ذكرت المحكمة أن “جميع الأنظمة البيومترية سواء كانت مركزية أو لامركزية وسواء كانت تستخدم تكنولوجيا مغلقة أو مفتوحة المصدر تتطلب سياسة أمنية قوية وإجراءات مُفصّلة بشأن حمايتها وأمنها تتوافق مع المعايير الدولية” [الفقرة 883]. نظرت المحكمة في اللائحة العامة لحماية البيانات ومبادئ الأمم المتحدة بشأن حماية البيانات الشخصية والخصوصية ومبادئ الخصوصية لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية واتفاقية الاتحاد الأفريقي بشأن الأمن السيبراني وحماية البيانات الشخصية. ووجدت المحكمة أن قانون حماية البيانات قد أدرج “معظم مبادئ حماية البيانات المعمول بها” ولكنه لا ينطبق على قانون تسجيل الأشخاص – وهو التشريع ذي الصلة في هذه القضية – وأن اللوائح اللازمة لقانون حماية البيانات لم تصدر.
كما نظرت المحكمة فيما إذا كان نظام الحماية كافيا لحماية البيانات الإعلامية للأطفال وانتهت إلى أنه لا توجد حماية في القانون نفسه وأنه على الرغم من أن قانون حماية البيانات قد أدخل بعض الحماية فإن عدم وجود أحكام حماية خاصة بالأطفال يجعل الإطار التشريعي غير كاف فيما يتعلق بحماية بيانات الأطفال.
بناء على ذلك، رأت المحكمة أن “الإطار القانوني المُتعلّق بعمليات النظام الوطني المُتكامل لإدارة الهويّة غير كاف ويُشكّل خطرا على أمن البيانات التي سيتمّ جمعُها في النظام الوطني المُتكامل لإدارة الهويّة” [الفقرة 885].
أخيرا، نظرت المحكمة فيما إذا كانت القيود المفروضة على الحق في الخصوصية غير ضرورية وغير معقولة وغير مُبرّرة، من خلال جمع بيانات الحمض النووي ونظام تحديد المواقع العالمي وبسبب أوجه القصور في إطار حماية البيانات. بموجب الدستور الكيني، لا يُمكن تقييد الحق إلا بموجب المادة 24 التي تقضي بأن يكون التقييد متفقا مع القانون و”فقط بقدر ما يكون التقييد معقولا ومبررا في مجتمع مفتوح وديمقراطي يقوم على كرامة الإنسان والمساواة والحرية مع مراعاة طبيعة الحق أو الحرية الأساسية” [الفقرة 912]. وشدّدت المحكمة على أنه يجب على المحاكم أن تقيم الغرض من التقييد وأهميته وما إذا كانت توجدُ وسائل أقل تقييدا يُمكن من خلالها تحقيق ذلك الغرض.
اعتبرت المحكمة أن جمع بيانات الحمض النووي ونظام تحديد المواقع العالمي دون ضمانات وإجراءات مناسبة يُمثل أمرا لا مُبرّر له. ورأت أيضا أن الإطار المنصوص عليه في القانون غير مكتمل وبالتالي لا ينشئ إطارا شاملا لجمع البيانات الشخصية وبالتالي فهو غير واضح ولا لُبس فيه. بناء على ذلك، رأت المحكمة أن العملية غير مبررة وغير دستورية.
أعلنت المحكمة أن الأقسام التي تتطلب جمع بيانات الحمض النووي والنظام العالمي لتحديد المواقع غير دستورية واعتبرت أنه يمكن للدولة وضع النظام الوطني المُتكامل لإدارة الهويّة “بشرط وجود إطار تنظيمي مناسب وشامل بشأن تنفيذ النظام يتوافق مع المتطلبات الدستورية المعمول بها” [الفقرة 1047].
يشير اتجاه الحكم إلى ما إذا كان الأخير يُوسع من مدي التعبير أم يُضيقه بناءً على تحليل للقضية.
من خلال التأكيد على الحاجة إلى تشريعات مناسبة وإطار تنظيمي شامل لجمع البيانات البيومترية، قام القضاة بتقييد السلطات التعسّفية للحكومة لانتهاك حق الأفراد في الخصوصية.
يوضح المنظور العالمي كيف تأثر قرار المحكمة بمعايير سواء من منطقة واحدة أو عدة مناطق.
تُشير أهمية هذه القضية إلى مدى تأثيرها وكيفية تغير مدى أهميتها بمرور الوقت.