الخصوصية, الخصوصية وحماية البيانات والاحتفاظ بها
المنتدى النوبي لحقوق الإنسان ضد النائب العام
كينيا
قضية مُنتهية الحكم ذو نتيجة مُتباينة
حرية التعبير العالمية هي مبادرة أكاديمية، ولذلك، نشجعك على مشاركة وإعادة نشر مقتطفات من محتوانا طالما لا يتم استخدامها لأغراض تجارية وتحترم السياسة التالية:
• يجب عليك الإشارة إلى مبادرة جامعة كولومبيا لحرية التعبير العالمية كمصدر.
• يجب عليك وضع رابط إلى العنوان الأصلي للتحليل القضائي أو المنشور أو التحديث أو المدونة أو الصفحة المرجعية للمحتوى القابل للتنزيل الذي تشير إليه.
معلومات الإسناد وحقوق النشر والترخيص لوسائل الإعلام المستخدمة من قبل مبادرة حرية التعبير العالمية متاحة على صفحة الإسناد الخاصة بنا.
هذه القضية متاحة بلغات إضافية: استعرضها بلغة أخرى: English استعرضها بلغة أخرى: Español استعرضها بلغة أخرى: Français
قضت المحكمة الدستورية في جنوب أفريقيا بأن الكشف عن معلومات طبّية خاصة وسرية في كتاب دون الموافقة الكاملة والمستنيرة من الأفراد المعنيّين يُمثل انتهاكا لحقهم في الخصوصية. علمت ثلاث نساء مصابات بفيروس نقص المناعة البشرية اشتركن في تجربة عقاقير سريرية لفيروس نقص المناعة ونُشرت أسماؤهن في تقرير أكاديمي رسمي ذي صلة بالتجارب أن أسمائهن وحالة إصابتهن بفيروس نقص المناعة قد نُشرت في سيرة ذاتية لشخصيّة سياسية دون موافقتهن. لجأت النّساء إلى المحكمة العليا بحجة أن هذا المنشور ينتهك حقوقهن في الخصوصية والكرامة والسلامة النفسية. رأت المحكمة العليا أنه لم يكن هناك أي انتهاك للحقوق ورفضت محكمة الاستئناف العليا النظر في استئنافهن. اعتبرت المحكمة الدستورية أنه لا توجد حاجة لتطوير القانون العام حول انتهاكات الخصوصية لتشمل المسؤولية عن الإهمال لأن مؤلفة الكتاب تصرفت بنية كافية في نشر الحقائق الخاصة بالنساء لأنها لم تتخذ الخطوات اللازمة لتحديد ما إذا كانت النساء قد وافقن على نشر هوياتهن. وشدد حكم الأقلية على الحاجة إلى تحقيق التوازن بين الحق في الخصوصية والحق في حرية التعبير وكان من شأنه أن ينص على ضرورة تطوير القانون العام، وأنه – نظرا لموقعها كعضو في وسائل الإعلام – تصرفت صاحبة البلاغ بشكل معقول بالاعتماد على المعلومات المقدمة في تقرير أكاديمي رسمي.
نشرت دار ‘كتب أفريقيا الجديدة’ (نيو أفريكا بوكس) في مارس 2002 سيرة ذاتية لعضو برلمان جنوب إفريقيا باتريشيا دي ليل كتبتها شارلين سميث. تضمن الكتاب فصلا عن عمل دي ليل في الحملات من أجل حقوق المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز. تحصّلت النائبة دي ليل في عام 2001 على نُسخة من تقرير شتراوس (تحقيق في تجارب سريرية أجرتها جامعة بريتوريا) تضمن إشارة إلى ثلاث نساء مصابات بفيروس نقص المناعة البشرية كانت تخضع لتجارب سريرية للبحث عن أدوية – ن. م ، س. م و ل. ه. تسلّمت سميث تقرير شتراوس ولكنها لم تستلم كما لم تستلم النائبة دي ليل المرفقات المتعلقة باستمارات موافقة المشاركين في التقرير. لم تسمح استمارات الموافقة بالكشف العلني الكامل عن هوية المشارك وحقيقة إصابته بفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز ولكنها تسمح فقط بالكشف المحدود لأغراض البحث الأكاديمي. حاولت سميث الحصول على ملحقات التقرير من البروفيسور غروف لكنه لم يرد على مكالماتها ثم تخلت عن محاولة الحصول على الملحقات وبذلت محاولات للقاء ن. م و س. م و ل. ه ولكنها لم تفلح. من ناحية أخرى، اعتقدت سميث أنه لا يوجد شيء في التقرير ولا في الرسالة المُصاحبة المُرسلة إلى دي ليل تُشير بأن التقرير كان سريا.
رفعت ن. م و س. م و ل. ه دعوى قضائية ضد سميث ودي ليل ودار النشر نيو أفريكا بوكس للحصول على تعويضات أمام محكمة جوهانسبرج العليا على أساس أن نشر أسمائهن وإصابتهنّ بفيروس نقص المناعة البشرية ينتهك حقوقهن في الخصوصية والكرامة والسلامة النفسية.
يحمي دستور جنوب أفريقيا الحق في الخصوصية في المادة 14 التي تنصّ على ما يلي: “لكل شخص الحق في الخصوصية بما في ذلك الحق في عدم: (أ) الخضوع للتفتيش أو لتفتيش منزله (ب) تفتيش ممتلكاته (ج) مصادرة ممتلكاته أو (د) انتهاك خصوصية اتصالاته”.
وتحمي المادة 16(1) من الدستور الحق في حرية التعبير وتنص على ما يلي: “لكل شخص الحق في حرية التعبير التي تشمل: (أ) حرية الصحافة ووسائط الإعلام الأخرى (ب) حرية تلقي المعلومات أو الأفكار أو نقلها (ج) حرية الإبداع الفني (د) الحرية الأكاديمية وحرية البحث العلمي”.
رفضت المحكمة العليا طلب السّيدات في 13 مايو/أيار 2005. ثم قدمت ن. م و س. م و ل. ه التماسا إلى محكمة الاستئناف العليا التي رفضت طلب الإذن بالاستئناف دون إبداء الأسباب.
لجأت ن. م و س. م و ل. ه إلى المحكمة الدستورية. تم قبول معهد حرية التعبير كصديق استئناس للمحكمة.
أصدر القاضي مادالا حكم الأغلبية الصادر عن المحكمة الدستورية بينما أصدر القاضي ساكس حكما منفصلا يوافق الأوّل وأصدر كل من القاضي أوريغان ورئيس القضاة لانغا حكما مخالفا. وكانت القضية المركزية التي حكمت فيها المحكمة هي “ما إذا كان يتعيّن تطوير القانون العام المُنظم للخصوصية لمساءلة أولئك الذين ينشرون معلومات سرية بشكل عفوي” [الفقرة 21]. تمثل دور المحكمة في مقارنة حق المرأة في الخصوصية مع حق سميث في حرية التعبير.
اعتبرت ن. م و س. م و ل. ه بأن المحكمة العُليا فشلت في “حماية حقهنّ في الخصوصيّة والكرامة والسّلامة النفسية” [الفقرة 27].
أمّا سميث فقد اعتبرت بأن أسماء ن. م و س. م و ل. ه قد تم الكشف عنها سابقا في تقرير شتراوس وأن التقرير لم يتم التأشير عليه بكونه سرّيا. أكدت سميث بأن إصابة السيدات بفيروس نقص المناعة البشرية كانت في المجال العام عندما تم نشر الكتاب إذ شاركت النساء في اجتماع للحديث عن شكاواهن المتعلقة بمشاركتهن في التجارب السريرية وأنهن كنّ يُدركن بأنه من الأرجح أن يتمّ الإعلام بهذه المظالم إلى الجمهور وقد تمّ الإبلاغ عنها بحضور الصحفيين. وأضافت سميث أيضا بأن مقاضاة الكشف العفوي عن حقائق خصوصيّة من شأنه “إحباط الحق في حرية التعبير” من خلال فرض عبء إضافي على وسائل الإعلام. [الفقرة 67].
وناقشت المحكمة طبيعة الحق في الخصوصية وذكرت بالإشارة إلى قضية برنشتاين ضد بيستر، أن “الخصوصيّة تشمل حق الشخص في أن يعيش حياته كما يشاء”. [المادة 33]. وأضافت أن الوقائع الخاصة هي تلك التي “تُسبّب ضائقة عقلية وأذى” إذا تم الكشف عنها. [الفقرة 34]. وشدّدت المحكمة على أن المعلومات الطبية حساسة بشكل خاص وتنطوي على مسائل “السلامة الجسدية والنفسية والاستقلاليّة الشخصية”. [الفقرة 40]. كما أكّدت على الحاجة إلى حماية المعلومات السرية وأنه يتعيّن بشكل خاص احترام خصوصية وسرية وضعية الفرد فيما يتعلّق بفيروس نقص المناعة البشرية – لا سيما في جنوب أفريقيا حيث يتعرّض المُصابون بفيروس نقص المناعة بالوصم. ورفضت المحكمة فكرة السماح بالنفاذ إلى المعلومات الطبية بمجرد الكشف عنها من قبل شخص مشارك في الرعاية الطبية للفرد، على أساس أنه يحق دائما للفرد التحكم في الكشف عن المعلومات المتعلقة به وأضافت أنه يجب توفّر “حاجة اجتماعية مُلحّة” إذا أريد انتهاك خصوصية الفرد [الفقرة 45].
رفضت المحكمة النتيجة التي توصلت إليها المحكمة العليا بأن سميث لم تكن مسؤولة عن الأضرار مُشيرة إلى أن سميث لم تبذل جهدا كافيا لتحديد ما إذا كانت النساء قد وافقن على الكشف عن إصابتهن بفيروس نقص المناعة أو إخفاء هويتهن. وبناء على ذلك، رأت المحكمة أن نشر سميث لأسمائهن وإصابتهن بفيروس نقص المناعة “يُشكّل نشرا غير مشروع لحقيقة خاصة وبالتالي فإن حق مقدمات الطلبات في الخصوصية قد تمّ انتهاكه”. [المادة 47].
وأشارت المحكمة إلى أن الدعوى القضائية – وهي الدعوى القانونية بموجب القانون العام التي تُشكّل أساس كلّ دعاوى التشهير والخصوصية – تحمي حقوق الفرد في الخصوصية والكرامة ورأت أن الكشف عن حالة النساء المُصابات بفيروس نقص المناعة البشرية ينتهك كرامتهن وسلامتهن النّفسية. حدّدت المحكمة عناصر الدعوى القضائية على أنها الإخلال غير المشروع والمتعمد بالخصوصية ولاحظت أن هذا يعني بأن الإهمال لا يكفي لقيام المسؤولية. ورفضت المحكمة تطوير القانون العام للدعوى القضائية ليشمل الإهمال على أساس أنه ليس ضروريا في هذه القضية. ورأت المحكمة أن سميث لم تتخذ الخطوات اللازمة للتأكد مما إذا كانت النساء قد أعطت الموافقة على هويتهن وإصابتهن بفيروس نقص المناعة البشرية ليتم الكشف عنها وهذا يعني في الواقع بأنها كانت “تُدرك بالتأكيد أن [النساء] لم تعط موافقتهن أو على الأقل توقعت إمكانية عدم إعطاء الموافقة على الكشف”. [الفقرة 64]. وأشارت إلى أنه بما أن سميث كانت “ناشطة مُحنّكة” في مجال حملات فيروس نقص المناعة البشرية، فقد كان عليها أن تعلم بأن النشر دون موافقة يُمثل عملا غير مشروعا بما أنه ينتهك حقوق الخصوصية للنساء. وجدت المحكمة أن سميث لم تدحض الافتراض بأنها تصرفت بنيّة ويعني ذلك أنها تصرفت عن قصد ولم يكن مُجرّد إهمال. بناء على ذلك، تم استيفاء أسس الدعوى القضائية.
كما نظرت المحكمة في حجة سميث ومعهد حرية التعبير بأن الحق في حرية التعبير سيتعرض للتهديد إذا أصبح الكشف اللامُبالي للوقائع الخاصة قابلا للمقاضاة. لكن بما أن المحكمة رأت أن سلوك سميث كان متعمدا وليس لامُباليا، وبما أنه لم يتم تطوير القانون العام، فإن مسألة التعدي الجديد على الحق في حرية التعبير لم تبرز.
عند تقييم الأضرار ، لاحظت المحكمة أنه “كلما زاد انتهاك الخصوصية زادت الحاجة إلى حماية مقدمي الطلبات وزادت منح التعويضات”. [الفقرة 77]. منحت المحكمة ن. م و س. م و ل ه 35 ألف رند (حوالي 2357 دولار أمريكي في عام 2021) لكل واحدة منهن مُقابل الضرر.
ركز حكم أوريغان المخالف على ما إذا كانت سميث قد تصرفت بنيّة في نشر أسماء ن. م و س. م و ل. ه وإصابتهن بفيروس نقص المناعة البشرية. شدّدت القاضية على أهمية حماية الخصوصية ولكن بما أن الدستور يحمي حرية التعبير وكذلك الخصوصية، فإنه يجب إضفاء التوازن بين الحقوق. وقدمت سببين لحماية الحق في الخصوصية: صلته بـ “مفهوم معنى أن تكون إنسانا” ومن ثم اختيار المعلومات الشخصية الخاصة بنا التي يتم نشرها في الأماكن العامة. [الفقرة 129] وباعتبارها “جزءا ضروريا من مجتمع ديمقراطي وقيدا على سلطة الدولة”. [الفقرة 133]. أكدت أوريجان أن المعلومات الطبية شخصية ومحمية بموجب الحق في الخصوصية لكنها أشارت إلى أن فيروس نقص المناعة البشرية يجب أن يعامل مثل أي مرض آخر يهدد الحياة لأغراض الخصوصية وأنّ والوصمة المرتبطة بفيروس نقص المناعة البشرية في جنوب أفريقيا لا تجعل الكشف عن حالات فيروس نقص المناعة مختلفا عن الإفصاح عن معلومات طبية شخصية أخرى.
في مُقارنتها بين الحق في الخصوصية وحرية التعبير، كان بإمكان أوريجان اعتبار أن سميث نشرت هويات النساء وإصابتهن بفيروس نقص المناعة البشرية دون موافقتهن ولكنها علّقت قائلة إن” الحق في الخصوصية قد يوحي بعدم نشر وقائع معينة في حين أن الحق في حرية التعبير قد يوحي في الوقت نفسه بأنه ينبغي نشر تلك الوقائع نفسها”. [الفقرة 144]. وعلقت على أهمية الحق في حرية التعبير والدور الذي يؤديه في تمكين الأفراد من تكوين آرائهم الخاصة بشأن المواضيع التي “تعزز كرامة الإنسان واستقلاليّته”. [الفقرة 145]. وعلقت القاضية بأن أي تطوير للقانون حول الحق في الخصوصية – وتحديدا الدعوى القضائية – يجب أن يتم بطريقة تحترم كلا من الحق في الخصوصية وحرية التعبير. وشدّدت أوريغان بشكل خاص على أدلة الصحفي الجنوب أفريقي أنطون هاربر ، الذي حدّد المبادئ الرئيسية الأربعة للصحافة على أنها “الالتزام بقول الحقيقة والالتزام بالحفاظ على الاستقلاليّة والالتزام بتقليل الضرر ومساءلة الصحفيين عن شرح عملهم والدفاع عنه” [الفقرة 149]. وافقت القاضية على أن معايير أخلاقيات وسائل الإعلام يمكن أن تكون مفيدة في تحديد حدود الخصوصية وحرية التعبير.
بحثت أوريجان عما إذا كان لدى سميث نية إيذاء النساء وأشارت إلى أن سميث تلقّت التقرير بأسماء النساء دون أي إشارة إلى ضرورة المُحافظة على سرّية هوياتهن. اختلفت أوريجان مع الأغلبية حول ما إذا كان على سميث اتخاذ ما يكفي من الاجراءات للتأكد من موافقة السّيدات وكان بالإمكان اعتبار أن سميث كان لديها ما يبرر افتراض وجود موافقة ضمنيّة لأن أسماء النساء نُشرت في تقرير ذاع صيته لم يحمل أي إشارة واضحة على ضرورة المُحافظة على سرّية هوياتهن إضافة إلى أنه تمّ إرسال التقرير على الأقل إلى بعض الصحفيين وأنّه لم يُطلب من دي ليل الحفاظ على سرية هويّة النساء. كانت القاضية قد رأت أن سميث لم تتصرف عمدا في نشر معلومات عن النساء وإصابتهنّ بفيروس نقص المناعة البشرية وبالتالي لم يتم استيفاء شروط الدعوى.
ثم فحصت أوريغان ما إذا كان ينبغي تطوير القانون العام المتعلقة بانتهاكات الخصوصية ليشمل الكشف غير المُتعمّد لحقيقة خاصة. وأشارت إلى أن محاكم جنوب أفريقيا وضعت القانون العام حول التّشهير وأشارت إلى قضايا باكيندورف ضد دي فلامنغ ووسائط الإعلام الوطنية ضد بوغوشي، وكومالو ضد هولوميسا، ومثيمبي-ماهانييلي ضد ميل وغارديان. وقد وضعت محكمة الاستئناف العليا القانون العام في بوغوشي بإضافة شرط أن وسائل الإعلام يمكن أن تتجنب المسؤولية عن التشهير إذا كان يمكن أن تظهر أنها لم تتصرف عمدا أو إهمال في نشر الحقائق التشهيرية. كانت أوريجان قد رأت أن قاعدة بوغوشي يجب أن تمتد إلى الحالات التي انتهكت فيها وسائل الإعلام الحق في الخصوصية. وشدّدت على أن سبب تمييز بوغوشي بين وسائل الإعلام والمدعى عليهم الآخرين في قضايا التشهير هو “حجم الضرر الذي يلحق بالفرد الذي يمكن أن يسببه هذا النشر الواسع النطاق” وأن وسائل الإعلام لديها بالتالي التزامات وحقوق. [الفقرة 177]. فالالتزامات التي يفرضها بوغوشي على وسائط الإعلام هي ضرورة تصرّفها بشكل معقول وليس بإهمال وعند تطبيقه على مفهوم الخصوصية يتطلب أن تعمل وسائط الإعلام “مع العناية والاحترام الواجبين للحق في الخصوصية قبل نشر المواد التي تنتهك هذا الحق”. [الفقرة 178]. بناء على ذلك، كانت أوريغان قد وضعت القانون العام ليشترط أن تثبت وسائط الإعلام أن “النشر معقول في ظل هذه الظروف وفي هذه الحالة سوف تدحض عدم المشروعية أو أنها لم تتصرف بإهمال في الظروف التي ستحتاج فيها إلى دحض شرط النية” [الفقرة 179]. كانت أوريجان تعتقد أن سميث ونيو أفريكا بوكس – ولكن ليس دي ليل-يجب اعتبارها جزءا من وسائل الإعلام وبالتالي كان عليهم أن يتصرفوا بشكل معقول.
في تحديد ما إذا كان تصرّفت سميث بشكل معقول، أشارت أوريجان إلى أنها اعتمدت على المعلومات المنشورة في تقرير أكاديمي حسن السمعة وذكرت أنه “يجب أن يكون للصحفيين الحق في نشر المعلومات المقدمة لهم من مصادر موثوقة دون إعادة التأكّد في كل حالة ما إذا كان النشر قانونيا إلّا إذا ما وُجد أساس مادي يمكن الاستناد إليه في الاستنتاج بوجود احتمال ألا يكون المنشور الأصلي مشروعا”. [الفقرة 187]. لا يُمكن رفع إجراءات لنشر معلومات غير صحيحة إلا ضد الناشر الأصلي وليس ضد الناشرين اللاحقين للمعلومات.
وفقا لذلك، رأت أوريجان أنه من المناسب تطوير القانون العام لمطالبة وسائل الإعلام بالتصرف بشكل معقول في نشر الحقائق الخاصة وحيث بدى في هذه الحالة أن سميث تصرّفت بشكل معقول وبالتالي لا ينبغي أن تكون مسؤولة عن نشر هويات السيدات ن. م و س. م و ل. ه وإصابتهن بفيروس نقص المناعة البشرية.
اختلف قاضي القضاة لانغا مع الأغلبية في أن سميث لم تدحض افتراض النية واعتبر أن الحقائق لم تكشف بأن سميث ودي ليل ونيو أفريكا بوكس “تنبأوا بإمكانية تسبب أفعالهم في ضرر”. [الفقرة 93]. وصف قاضي القضاة سميث ونيو أفريكا بوكس كمتهمين إعلاميين واتفق مع القاضية أوريجان على أنه يجب على وسائل الإعلام أن تكون بمستوى أعلى من الأفراد العاديين “لضمان عدم استخدام الحق الحيوي في حرية التعبير على نحو ينتهك بصورة غير سليمة الحقوق الدستورية للآخرين”. [الفقرة 94]. وأشار أيضا إلى أدلة هاربر على أن الصحفيين لا يمكنهم الكشف عن الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية للفرد دون موافقة الفرد المستنيرة وشدد على أن كون الوثيقة التي يعتمد عليها الإعلام قد تكون تقريرا رسميا لا يخول الإعلام أن يفترض أنه يستطيع تلقائيا نشر أي معلومات ضمن ذلك التقرير دون مزيد من التحقيق. كان رئيس القضاة قد رأى أن صحفيا حازما ” كان يتوقع إمكانية عدم وجود موافقة” وكان سيتخذ خطوات لتجنب الضرر الذي قد يحدث إذا تم نشر هويات النساء [الفقرة 111].
كما ناقش القاضي ساكس تطوير القانون العام في بوغوشي وأشار إلى أن إدخال شرط المعقولية هو “استباق التأثير المروع غير المبرر للمطالبات المحتملة الضخمة بالتعويض عن الأضرار الناتجة عن خطأ عفوي” كما يوفّر أداة دفاع عن وسيلة إعلامية لإثبات أنها اتخذت خطوات معقولة للتحقق من صحة ادعاء ما [الفقرة 203]. وعلق القاضي ساكس أنه لا يوجد شيء يشير إلى أن سميث لم تكن نزيهة في اعتقادها غير الصحيح أن النساء قد أعلمن الجمهور بإصابتهن بفيروس نقص المناعة البشرية لكنه شدد على أنه “بالنظر إلى الحساسية الشديدة للمعلومات المعنية، كان ينبغي لها ألا تدّخر وسعا في سعيها للتحقق”. [الفقرة 205]. اعتبر القاضي ساكس أن سلوك سميث لم يكن حكيما.
يشير اتجاه الحكم إلى ما إذا كان الأخير يُوسع من مدي التعبير أم يُضيقه بناءً على تحليل للقضية.
وازنت المحكمة الدستورية بين الحق في الخصوصية والحق في حرية التعبير ووضعت التزامات كبيرة على وسائل الإعلام لاتخاذ خطوات للتحقق من المعلومات قبل نشر الحقائق الخاصة بما في ذلك اشتراط ضمان منح الموافقة الكاملة والمستنيرة على الكشف عن المعلومات الطبية السرية.
يوضح المنظور العالمي كيف تأثر قرار المحكمة بمعايير سواء من منطقة واحدة أو عدة مناطق.
تُشير أهمية هذه القضية إلى مدى تأثيرها وكيفية تغير مدى أهميتها بمرور الوقت.