تعبير فني, التعبير السياسي
النيابة العامة ضد ذبيان وناصرالدين
لبنان
قضية مُنتهية الحكم يُعزز من حُرية التعبير
حرية التعبير العالمية هي مبادرة أكاديمية، ولذلك، نشجعك على مشاركة وإعادة نشر مقتطفات من محتوانا طالما لا يتم استخدامها لأغراض تجارية وتحترم السياسة التالية:
• يجب عليك الإشارة إلى مبادرة جامعة كولومبيا لحرية التعبير العالمية كمصدر.
• يجب عليك وضع رابط إلى العنوان الأصلي للتحليل القضائي أو المنشور أو التحديث أو المدونة أو الصفحة المرجعية للمحتوى القابل للتنزيل الذي تشير إليه.
معلومات الإسناد وحقوق النشر والترخيص لوسائل الإعلام المستخدمة من قبل مبادرة حرية التعبير العالمية متاحة على صفحة الإسناد الخاصة بنا.
هذه القضية متاحة بلغات إضافية: استعرضها بلغة أخرى: English
رفضت المحكمة الإدارية في مصر طلب بوقف قرار وزير الثقافة بالتصريح بعرض فيلم “بحب السينما”. حيث إنه بعد أن شاهد المدعى الفيلم شعر بأن فكرة ورسالة الفيلم تُسيئ للمسيحين الأرثوذكس والكنيسة الأرثوذكسية، خاصة الطائفة القبطية، وأنه ينحاز لطائفة الإنجيليين.
وادعى المدعين أن الفيلم يكدر الاستقرار الاجتماعي ويثير الفتنة الطائفية. رفضت المحكمة ادعاءات المدعين، وأقرت بأن تناول الفيلم لأمور المسيحيين المصريين لا يرتقي ليعد انتهاكاً للنظام أو الأمن العام. وأكدت المحكمة على أن محتوى الفيلم يُشكل شكل من حرية الإبداع والتعبير. لذلك فإن القرار الإداري الصادر عن وزير الثقافة بعرض الفيلم كان وفقاً لأحكام الدستور والقانون.
قام المدعى علية “وزير الثقافة” بإصدار قراراً يصرح بموجبه بعرض فيلم “بحب السنيما”. وبعد أن شاهد المدعي المحامي نجيب جبريل ميخائيل وأخرين مشاهد في الفيلم، وشعروا بأن رسالة الفيلم تزدري المسيحيين الأرثوذكس والكنيسة الأرثوذكسية، وعلى وجه الخصوص الطائفة القبطية، كما أن الفيلم ينحاز للطائفة الإنجيلية. علاوة على ازدراء الفيلم للشعائر الدينية، أماكن العبادة وشعار المسيحية “الصليب”. وبالتالي فإن الفيلم يُعزز الفتنة الطائفية ويكدر السلام الاجتماعي. لذلك قام المدعي في ٨ يوليو ٢٠٠٤ برفع دعوى أمام القضاء الإداري بطلب مستعجل بوقف تنفيذ قرار وزير الثقافة رقم (٢٥) لسنة ٢٠٠١ والذي صرح بموجبه بعرض فيلم بحب السنيما.
وقد دفع المدعيين من جانبهم بأن قرار الوزير يخالف القانون رقم (٤٣٠) لسنة ١٩٥٥، حيث احتوى الفيلم على ممارسة الرذيلة داخل الكنيسة، ضرب وشتم قسيس، عبارات غير لائقة. كما دفعوا بمخالفة الفيلم للقيم الاجتماعية للمصريين وانتهاك حقوق الأطفال، على سبيل المثال أظهر مشهداً طفلاً يشاهد والدته وهي عاريه أو ظهور لوحات وصور تبرز العرى بشكل واضح.
من جانبه دفع المدعى عليه بأن الأعمال الفنية تقوم على الإبداع ولا تتعرض للآراء الدينية كما أن الفيلم تم تقييمه بموضوعية تم اعتماده من أعضاء لجنة الرقابة. وأضافوا أن الفيلم يقدم نموذج لأسرة مصرية تأثرت بالمجتمع المصري في ظل ظروف تاريخية وسياسية معينة.
أصدرت الدائرة الأولى بمحكمة القضاء الإداري هذا الحكم بعد انتقال أعضائها للمركز القومي للسينما لمشاهدة وتقييم الفيلم.
إن المسألة الأساسية التي عُرضت أمام المحكمة، هي ما إذا كان هناك أُسس كافية تُبرر النظر في طلب وقف تنفيذ قرار وزير الثقافة.
أشارت المحكمة (أولاً) إلى أن قرار وزير الثقافة هو قرار إداري، بالتالي يخضع لرقابتها، لذلك رفضت المحكمة الدفع بعدم اختصاصها بنظر الدعوى. كما رفضت المحكمة الدفع بمخالفة القانون رقم (٤٣٠) لسنة ١٩٥٥ لحرية الرأي والتعبير المصونة بموجب المواد ٤٧ و٤٩ من دستور ١٩٧١، حيث لم يُحدد المدعى عليه النصوص التي تتعارض مع أحكام الدستور.
أقامت المحكمة قرارها وفقاً للنصوص التالية:
– الدستور المصري: مادة (٤٧) التي تكفل وتحمي حرية التعبير والرأي والمادة (٤٩) التي تؤكد على أهمية حرية البحث العلمي الإبداع الفني والثقافي.
– العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية: مادة (١٨) حرية الوجدان والدين والمادة (١٩) حرية الرأي والتعبير.
– القانون رقم (٤٣٠) لسنة ١٩٥٥: المادة (الأولى) التي نصت على أن “جميع أشرطة السينما، المنولوج، الأغاني، والأشرطة الصوتية والتسجيلات وما يشابهها تخضع للرقابة من أجل حماية القيم العامة والحفاظ على النظام والأمن العام والمصلحة العليا للدولة” المادة (٢) والتي أقرت “غير مصرح بعرض أشرطة السنيما بدون تصريح من وزير الثقافة”
– القانون رقم (١٥٠) لسنة ١٩٨٠: الفصل (٢) مادة (٧) والتي حددت “أن يكون للمجلس الأعلى للثقافة أمانه عامة مسؤولة عن رقابة الأعمال الفنية”.
أشارت المحكمة (أولا) أن الدستور المصري يساير الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان في التأكيد وكفالة حرية التعبير باعتبارها من الحقوق الأساسية والذي من خلاله انبثقت الحقوق الأخرى مثل الحق في نقد الظواهر والتغييرات الاجتماعية. كما أكدت المحكمة أن ذلك الحق هو أساس قيام المجتمعات الديمقراطية، مؤكدة على أن حق الفرد في التعبير عن الرأي لا يشترط بالضرورة توافقه مع القيم الاجتماعية العامة التي تتبناها الدولة. كما أنه يحتاج الأشخاص عامة والمفكرين على وجه الخصوص أن يمارسوا الحق في حرية التعبير حتى لو تجاوز المألوف في المجتمع، طالما كان التجاوز لا يؤثر بشكل كبير على مبادئ ومعتقدات الأمة.
كما أوضحت المحكمة (ثانياً) أن الإبداع ينصرف إلى كل مختلف عن المألوف من الأمور، ولكون الاختلاف سمته، فإن الاتفاق عليه يغدو مستحيلاً، علاوة على ذلك أوضحت المحكمة أن الإبداع حق من الحقوق الدستورية التي يجب حمايتها ويجب على الدولة كفالتها على وجه يحقق حمايتها المتمثلة في كونها أداة التقدم والنمو في كافة المجالات، كما أشارت المحكمة أن العمل الفني يلزم تقييمه في إطار كونه عملاً فنياً. مؤكده على أن السينما لديها قوة التنوير، وذلك بإلقاء الضوء على الماضي وتصور المستقبل دون تدقيق خارجي ولكن فقط على أساس خيال المؤلف. وأوضحت المحكمة أن الفيلم عرض القيم السياسية والاجتماعية، وبالرغم من تصوريه الحياة اليومية لأسرة مسيحية مصرية، لكنه تناول أموراً تواجه الأسر المصرية بوجه عام.
أخيراً أكدت المحكمة أن “المعتقدات السماوية تدعم وتعترف بحرية الفكر والإبداع طالما لا تنال من أصولها الثابتة ومبادئها الراسخة” ورأت المحكمة أن المشاهد المتنازع عليها مقبولة في سياق العمل الفني المصرح به، وأن الفيلم لا يحابى طائفة مسيحية عن أخرى كما أدعى المدعيين.
لذلك انتهت المحكمة أن التصريح المطعون فيع صدر وفقاً للقانون، حيث إن الأفكار التي تناولها الفيلم تشكل شكل من حرية التعبير المحمية بموجب الدستور والاتفاقيات الدولية المتعلقة، بالتالي رفضت المحكمة طلب المدعين بوقف عرض فيلم بحب السينما.
يشير اتجاه الحكم إلى ما إذا كان الأخير يُوسع من مدي التعبير أم يُضيقه بناءً على تحليل للقضية.
يوسع قرار المحكمة تفسير الحق في حرية التعبير، لاسيما في مثل هذا المجتمع المحافظ دينياً. وأكدت المحكمة أن القرار يتوافق مع الأحكام الدستورية المتوافقة مع المعاهدات الدولية المتعلقة بحرية التعبير؛ المادتان ١٨ و١٩ من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على وجه الخصوص.
استنتجت المحكمة أن “المعتقدات السماوية (الإسلام والمسيحية واليهودية) تعترف وتدعم حرية الفكر والإبداع طالما أنها لا تمس أصولها ومبادئها الأساسية”. ومع ذلك، كان على المحكمة أن توضح بالضبط ما هي هذه المبادئ الأساسية حيث لا توجد سوابق قانونية في هذا الخصوص. كان من الممكن أن يوفر هذا مرجعًا مهمًا للقضايا المستقبلية وكان بمثابة إرشادات للسلطات التشريعية والتنفيذية
يوضح المنظور العالمي كيف تأثر قرار المحكمة بمعايير سواء من منطقة واحدة أو عدة مناطق.
تُشير أهمية هذه القضية إلى مدى تأثيرها وكيفية تغير مدى أهميتها بمرور الوقت.