حرية الاجتماع و تنظيم التجمعات / الاحتجاجات, التعبير السياسي
المدعي العام ضد حركة بدنا نحاسب
لبنان
قضية جارية الحكم يُعزز من حُرية التعبير
حرية التعبير العالمية هي مبادرة أكاديمية، ولذلك، نشجعك على مشاركة وإعادة نشر مقتطفات من محتوانا طالما لا يتم استخدامها لأغراض تجارية وتحترم السياسة التالية:
• يجب عليك الإشارة إلى مبادرة جامعة كولومبيا لحرية التعبير العالمية كمصدر.
• يجب عليك وضع رابط إلى العنوان الأصلي للتحليل القضائي أو المنشور أو التحديث أو المدونة أو الصفحة المرجعية للمحتوى القابل للتنزيل الذي تشير إليه.
معلومات الإسناد وحقوق النشر والترخيص لوسائل الإعلام المستخدمة من قبل مبادرة حرية التعبير العالمية متاحة على صفحة الإسناد الخاصة بنا.
هذه القضية متاحة بلغات إضافية: استعرضها بلغة أخرى: English
رفعت محكمة الاستئناف الأمريكيّة للدّائرة التّاسعة وقفا صادرا بتاريخ 27 أوت/أغسطس 2020 لتعيد العمل بالأمر القضائي الذي يمنع الأعوان الفدراليّين من تفريق أو اعتقال أو استخدام القوة البدنية إزاء الصحفيين والمراقبين القانونيين أثناء الاحتجاجات في مدينة بورتلاند. رفع الدّعوى في شهر جوان/يونيو كلّ من ناشر الصّحف Index Newspapers و مجموعة من الصّحفيّين و المصوّرين و المراقبين القانونيّين. قال المدّعون أن الأعوان الفيدراليين في وزارة الأمن الداخلي الأمريكية و دائرة الشرطة الأمريكية (“المدعى عليهم الفيدراليون”) استهدفوا الصحفيين والمراقبين القانونيين في انتهاك لحقوقهم بمقتضى التّعديلين الأوّل و الرّابع للدّستور.
وبنقض الوقف على الأمر القضائيّ الأوّلي، قضت أغلبية الآراء بأن المدعى عليهم لم يبدوا احتمالا قويا للنجاح بناء على الأسس الموضوعيّة للقضيّة. ورأت المحكمة، استناداً إلى الاعتراف الراسخ بحق الشعب في الاحتجاج وبأهمية الصحافة المقبولة على نطاق واسع، أن المدعين أثبتوا إمكانية النجاح استنادا إلى الأسس الموضوعية لمطالبتهم بحقّ النّفاذ بمقتضى التّعديل الأوّل للدّستور.
المدّعون في هذه القضيّة هم Index Newspapers LLC، صحيفة تصدر مرّتين في الأسبوع وشركة تعمل في مجال الاعلام مقرّها في مدينة بورتلند في ولاية أورغون إلى جانب عدد من المدّعين الفرادى من بينهم صحفيّين ومصوّر فوتوغرافي يعمل لحسابه الخاصّ ومراقبين قانونيّين متطوّعين ومحامي مستقلّ. كان جميع المدّعين حاضرين في الاحتجاجات التي دارت في مدينة بورتلند إثر وفاة جورج فلويد وكانوا يرتدون علامات تشير إلى انّهم ينتمون إلى سلك الصّحفيّين لكنّهم تعرّضوا إلى العنف من قبل السّلط الفدراليّة.
المدّعى عليهم هم مدينة بورتلند و “العديد من الأشخاص الذين لم يذكر اسمهم والمسؤولين في مكتب الشرطة في بورتلند” ووكالات أخرى تعمل مع مكتب الشرطة في بورتلند ووزارة الأمن الداخلي الأمريكية ودائرة الشرطة الأمريكيّة. يشار إلى وزارة الأمن الدّاخلي ودائرة الشرطة الأمريكيّة معا بتسمية ” المدّعى عليهم الفدراليّون”.
يوم 25 ماي/مايو 2020 فارق رجل أمريكي يدعى جورج فليود الحياة وهو من أصول أفريقية في السّادسة والأربعين من عمره بعد أن تمّ إيقافه خارج متجر في مدينة مينيابوليس في ولاية مينيسوتا. أدى نشر لقطات على الإنترنت لجورج فلويد وهو مثبّت على الأرض من قبل ضابط شرطة أبيض البشرة لمدة تسع دقائق تقريبًا قبل وفاته إلى احتجاجات واسعة النطاق في جميع أنحاء الولايات المتحدة الأمريكيّة. في مدينة بورتلند من ولاية أورغون، ادّعى عدد من المراقبين المحايدين للاحتجاجات من ضمنهم صحفيّون ومحامون انّهم واجهوا هجومات عنيفة من قبل المدّعى عليهم الفدراليّين. وقعت إحدى هذه الهجومات يوم 15 جويلية/يوليو 2020 عندما تمّ رمي عبوة غاز مسيل للدموع مباشرة على المصور الصحفي، جاستن ياو رغم أنّه كان يقف على بعد 40 قدمًا من المتظاهرين ليبيّن بوضوح أنه لم يكن مشاركا في الاحتجاجات. كما تمّ أيضا إطلاق النّار بالذّخيرة الحيّة على كلّ من المصوّرين الصّحفيّين، كونقو كيم ونواه برجي دون أيّ تحذير مسبق.
يوم 28 جوان/يونيو 2020، رفع المدّعون دعواهم الأصلية ضد مدينة أورغون. وفي 30 جوان/يونيو طلب المدّعون إصدار أمر تقييدي مؤقت وأمر قضائيّ أولي. قال المدّعون أن ترهيب الصّحافة من قبل ضبّاط الشرطة قد انتهك التعديلين الأول والرابع لدستور الولايات المتحدة الأمريكيّة والمادتين 8 و26 من دستور ولاية أورغون.
يوم 2 جويلية/يوليو، أصدرت محكمة المقاطعة أمرًا تقييديًا مؤقتًا ضد مدينة بورتلاند ينظم استخدام السلطات المحلية لأساليب السيطرة على الحشود ضد الصحفيين والمراقبين القانونيّين. يوم 16 جويلية/يوليو، اتّفقت كلّ من المدينة والمدّعون على طلب إصدار أمر قضائيّ أوّلي.
في 17 جويلية/يوليو، وافقت المحكمة على طلب المدعين رفع دعوى ثانية معدلة ضد المدّعى عليهم الفدراليّين. دارت العديد من الاحتجاجات حول مبنى محكمة مارك أو هاتفيلد الفيدرالية وبما أنّ مقرّ المحكمة هو من الممتلكات الفدراليّة، نشر المدعى عليهم الفدراليّون قوات الشرطة الفدراليّة لحماية الممتلكات في بورتلاند. لا جدال في أن حدة الاحتجاجات تصاعدت بعد وصول المدّعى عليهم الفدراليّين وقد سعت الدّعوى التي رفعها المدعون إلى منع المدّعى عليهم الفيدراليين من ” الاعتداء على مراسلي الأخبار والمصورين والمراقبين القانونيين وغيرهم من الأطراف المحايدة الذين يعملون على توثيق الردّ العنيف من جانب الشرطة على الاحتجاجات على مقتل جورج فلويد. حيث انّ جهود الشرطة الرّامية إلى ترهيب الصحافة وقمع الإبلاغ عن سوء سلوك الشرطة نفسها تسيء إلى الحماية الدستورية الأساسية وتضرب في صميم ديمقراطيتنا.” (ص. 2 من الأمر التّقييدي المؤقت ضدّ المدعى عليهم الفدراليّين). يوم 22 جويلية/يوليو، قدمت مدينة بورتلاند مذكرة لدعم طلب المدعين للحصول على أمر تقييدي مؤقت ضد المدعى عليهم الفدراليّين.
يوم 23 جويلية/يوليو، أصدرت المحكمة أمرا تقييديّا مؤقّتا يمنع الأعوان الفيدراليين من الاعتداء على الصحفيين والمراقبين القانونيين وتفريقهم. واحتجّ المدعون بأنّ الأعوان الفدراليّين انتهكوا الأمر القضائي “في غضون ساعات” من صدوره واستمروا في القيام بذلك خلال الليالي الموالية.
يوم 28 جويلية/يوليو، قدم المدعون طلبا لتتبّع المدّعى عليهم الفدراليّين بتهمة ازدراء المحكمة. اعتبر المدعون في طلبهم أن الانتهاكات لم تكن عفويّة بل كانت ” أعمالا متعمدة من قبل رئيس مارق عن القانون، أرسل قواته شبه العسكرية لإطلاق النار في شوارع بورتلاند وإغراق وسط المدينة في ضباب من الغازات الكيميائية السامة وإطلاق نداءات بإعادة انتخابه في ازدراء صارخ للأمن العام وسيادة القانون وأهمّ المبادئ الأساسية لدستورنا.”(ص. 7، الالتماس المقدم من المدعين لتوجيه تهمة انتهاك حرمة المحكمة وتسليط العقوبات النّاتجة عن ذلك ضد المدعى عليهم الفدراليّين)
استشهد المدّعون بعشر مناسبات تعرض فيها الصحفيون والمراقبون القانونيون للاعتداء من قبل الأعوان الفدراليّين رغم التعرّف بوضوح على صفتهم المهنيّة تلك ورغم انّهم لم ينخرطوا في أيّ أعمال مخالفة للقانون. من بين الحوادث المسجّلة ذكر المدّعون إطلاق النّار على الصحفي جوناثان ليفنسون من قبل الأعوان الفدراليّين بتاريخ 23 جويلية/ يوليو، في نفس الليلة التي أصدرت فيها المحكمة الأمر التّقييديّ المؤقّت. تمّ إطلاق النّار على جوناثان ليفنسون بينما كان يحمل على نحو جليّ
بطاقة مهنيّة تشير إلى انتمائه إلى OPB (شبكة البثّ الإعلامي العمومي في ولاية ارغون) تحمل اسمه وصورته وشعار OPB و كلمة “إعلام” فضلا عن خوذة كتب عليها بالبنط العريض من الأمام و من الخلف كلمة “صحافة” . (ص.9 من نفس المرجع)
في 30 جويلية/يوليو، رداً على الطّلب الذي تقدّم به المدّعون لتوجيه تهمة انتهاك حرمة المحكمة للمدّعى عليهم الفدراليّين، دفع المدعى عليهم نحو إعادة النظر في الأمر التّقييدي المؤقّت معتبرين أنّه “غير قابل للتطبيق” ويحول دون قيامهم بعملهم في مدينة بورتلاند، طالبين إلغاءه.
في 6 أوت/أغسطس، مددت المحكمة في صلاحيّة الأمر التّقييدي المؤقت لمدة 14 يومًا إضافيا حتى 20 أوت/أغسطس 2020 على الساعة الخامسة بعد الظّهر ورفضت طلب المدعى عليهم الفيدراليين بإعادة النظر في الأمر التقييدي المؤقّت.
في 27 أوت / أغسطس، وافقت محكمة الاستئناف الأمريكيّة للدّائرة التّاسعة على وقف إداري مؤقت على الأمر القضائي الأولي الذي أصدرته محكمة المقاطعة في أوريغون
في 9 أكتوبر، رفعت محكمة الاستئناف الأمريكية الوقف الإداري المؤقت، وأعادت العمل بالأمر القضائي الصّادر عن محكمة المقاطعة الذي منع الأعوان الفيدراليين من الاعتداء على الصحفيين والمراقبين القانونيين أو تفريقهم.
محكمة المقاطعة في أورغون (بتاريخ 20 أوت/أغسطس 2020)
قدّم القاضي مايكل ه. سايمن رأي محكمة المقاطعة في أورغون.
كانت المسألة المعروضة على المحكمة تتمثّل في منح المدعين من عدمه أمرا قضائيّا أوّليا ضد المدّعى عليهم الفدراليّين: وزارة الأمن الداخلي الأمريكية ودائرة الشرطة الأمريكية. يسمح إصدار الأمر القضائي الأوّلي بالتّمديد في الأمر التّقييدي المؤقّت الذي أصدرته المحكمة في 23 جويلية/يوليو وتمّ التّمديد في مفعوله إلى 20 أوت/أغسطس.
بدأ القاضي سايمن حكمه بإبراز التداعيات الهامّة للتعديل الأول للدّستور على لهذه القضية. إشارة إلى قضيّة لاي ضدّ سالازار 677 F. 3d 892, 897 (الدّائرة التّاسعة، 2012) تساءل القاضي سايمن عما إذا كان المبدأ القائل بأن “الصحافة الحرة هي الوصي على المصلحة العامة والقضاء المستقل هو الوصي على الصحافة الحرة” لا يزال قائما أم أنه “مجرد كلمات جوفاء.”(ص. 2، الرأي والأمر اللذين صدر بموجبهما الأمر القضائي الأوّلي)
قال المدعون أن أعوان المدّعى عليهم الفدراليّون في جميع أنحاء الولايات المتحدة، وخاصة أولئك المتمركزين في مدينة بورتلاند بولاية أوريغون لحماية المحكمة الفيدرالية، «استهدفوا مرارا الصحفيين والمراقبين القانونيين المعتمدين واستخدموا ضدّهم القوة البدنية ” بينما كانوا يغطّون احتجاجات حركة “حياة السّود مهمّة”. (ص. 3) وزعموا أيضا أن أولئك الأعوان لم يتلقوا تدريبا خاصا في مجال السيطرة على الحشود المدنية.
جادل المدعى عليهم الفيدراليون بأنهم قاموا فقط بحماية المحكمة الفيدرالية من الهجمات العنيفة وأنّ أي مساس بحقّ المدّعين المكتسب بمقتضى التّعديل الأوّل للدّستور ليس سوى “امرا عرضيّا”. كما جادل المدعى عليهم بأن المدعين يحاولون الحصول على ” حماية خاصة للصحفيين والمراقبين القانونيين بموجب التعديل الأول ” بينما هم ليسوا مخوّلين للتمتّع “بحقوق أكثر من تلك الممنوحة للجميع بشكل عام.” (ص.4) تأييدا لموقفهم هذا، استشهد المدّعى عليهم بقضيّة برانزبورق ضدّ هايس،
408 U.S. 665, 680-82 (1972) التي رأت فيها المحكمة أن الحماية الممنوحة بمقتضى التعديل الأول لفائدة جمع الأخبار لا تشكّل دفاعا للصحفيين الماثلين أمام هيئة المحلفين الكبرى. اعتبرت المحكمة العليا أنّه قد: ” ثبت عموما أن التعديل الأول لا يمنح للصحافة حقا دستوريا في النّفاذ الخاص إلى المعلومات غير المتاحة للجمهور بشكل عام.”( برانزبورق ضدّ هايس، 684) وعليه، اعتبر المدعى عليهم أن المدعين يحاولون انتهاك التفسير التقليدي “لعدم التمييز” للبند الخاصّ بالصّحافة في التعديل الأول.
رفض القاضي سايمن احتجاج المدعى عليهم بأن المدعين يسعون للحصول على حقوق أكبر من الحقوق المتاحة للجميع بشكل عام. واعتبر أنّ المدعى عليهم الفدراليين لا يمتلكون السلطة للإعلان عن أعمال الشغب والأمر بتفريق شوارع المدينة ولا يمتلك تلك السّلطة سوى المدينة وقوات الشرطة المحليّة. وكان المدعون والمدينة قد طلبوا الحصول على أمر قضائي أولي يمنع شرطة بورتلاند من اعتقال أو تنفيذ الأمر بتشتيت الصحفيين أو المراقبين القانونيين. وعليه، لم تثر أمام المحكمة مسألة ما إذا كان للصحفيين والمراقبين القانونيين الذين يتصرفون بصورة قانونية الحق بمقتضى التعديل الأول في عدم الامتثال لأمر تشتيت المحتجّين الصادر عن سلطات الولاية أو السلطات المحلية. ومع ذلك وحتّى وإن لم ترفض المحكمة التفسير التقليدي للبند الخاصّ بالصحافة، أشار القاضي سايمن إلى أنه “قد يخضع إلى إعادة تقييم” مستشهدا بسونيا ر.ويست عندما كتبت في
Favoring the Press, 106 CAL. L. REV. 91, 94 (2018) : “إن وجهة النظر غير التّمييزيّة في البند الخاصّ بالصحافة معيبة للغاية لسبب بسيط هو أن الصحافة مختلفة وقد تم الاعتراف دائما بذلك الاختلاف.” وبالفعل “فمنع الحكومة من الاعتراف بالاختلافات بين المتحدّثين من الصحفيين وغير الصّحفيّين يهدّد بتقويض الدور الحيوي للسّلطة الرابعة.”(ص.5).
المعيار القانوني للأمر القضائي الأوّلي
أوّلا، لاحظ القاضي سايمن أنّ الأمر القضائي الأوّلي هو ” أحد سبل الانتصاف الاستثنائيّة التي لا يجوز اعتمادها سوى عندما يثبت بوضوح أنّ المدعي يحق له الحصول على مثل هذا الانتصاف القضائي”. في قضيّة وزير البحريّة دونالد ونتر ضدّ مجلس المحميّات الطبيعيّة 555 U.S. 7, 22 (2008)، للحصول على أمر قضائيّ أوّلي كان على المدّعي أن يثبت: “(1) أنّه له حظوظ في النّجاح بناء على الأسس الموضوعيّة للقضيّة؛ (2) ومن المرجح أن يلحق به ضرر لا مجال لجبره في غياب الامر القضائي الأولي؛ (3) وموازين القضيّة تميل لصالحه؛ و (4) أن يخدم إصدار الأمر القضائي الصّالح العام. ” (ص.7)
هناك أيضا اختبار “الأسئلة الهامّة ” الذي يمكن بموجبه منح أمر قضائي أولي. تسعى الأسئلة إلى تحديد ما إذا كان ” هنالك احتمال أن يلحق بالمدّعي ضرر لا مجال لجبره؛ و أسئلة تتعلّق بالأسس الموضوعية للدّعوى؛ و ميزان الصّعوبات الذي يميل بوضوح لصالح المدّعي؛ و أن يحفظ الأمر القضائي المصلحة العامة.”(ص. 7) (م.ر. ضدّ دريفوس ، 697 F.3d 706, 725 ( الدّائرة التّاسعة، 2012)
الأمر التّقييدي المؤقّت
في 23 جويلية/ يوليو، أصدرت المحكمة أمرا تقييديا مؤقتا ضد المدّعى عليهم الفدراليّين. حدد القاضي سايمن، حسب رأيه، الاعتداءات المستمرة التي تعرض لها المدعون بعد إصدار الأمر القضائيّ المؤقّت. أشارت المحكمة إلى اعتداء وقع يوم 24 جويلية/يوليو ضد المدعي والصحفي براين كونلي حيث رمى الأعوان الفدراليّون بعبوات للغاز المسيّل للدّموع في الشّارع الذي كان يعدّ حشودا ” أغلبها من الصحافة وعددا محدودا من المتظاهرين.”(ص.17) ورغمّ أنّ براين كونلي كان يصيح بأعلى صوته بأنّه صحفيّ ليتجنّب استهدافه مجدّدا بالغاز المسيّل للدّموع الا أنّ الأعوان الفدراليّين أصابوه على مستوى صدره وقدمه بالذّخيرة المطّاطيّة واستهدفوه بقنبلة صوتيّة ممّا “منعه تقريبا من المشي على قدميه” إثر الاعتداء. وقد كشف تسجيل تلك الأحداث عن كون براين كونلي لم يكن يقف بالقرب من المحتجّين وقت الحادث. استعرضت المحكمة بالتّفصيل عدة اعتداءات مماثلة.
ردا على ذلك، جادل المدعى عليهم الفيدراليون بأن الصحافة اختلطت مع المتظاهرين المتورطين في سلوك غير قانوني كما قدم المدعى عليهم أشرطة فيديو وأكّدوا أنّها تظهر سلوكا غير قانوني من قبل أفراد يحملون ما يشير إلى انّهم من سلك للصحافة. لم تتعرّف المحكمة في مجموع تلك الأشرطة سوى على شريطين فقط قدّم فيهما شخصان نفسهما دون وجه حقّ على كونهما ينتميان إلى سلك الصّحافة ولم يصوّر أيّ من الشّريطين أعمال عنف. بيد أنّ المدّعى عليهم الفدراليّين أكدوا أن الأشخاص الذين يحملون شارات الصحافة مارسوا سلوكا عنيفا وغير قانوني ومن بين العديد من أشرطة الفيديو المعروضة على المحكمة، لم يعترف القاضي سايمن سوى بشريطين فيهما أفراد لا ينتمون إلى الصحافة بينما أُعتبروا كذلك.
جادل المدعى عليهم الفدراليّون بأن الأمر التّقييدي المؤقّت غير مأمون وغير قابلة للتطبيق. ردا على ذلك، قدم المدعون بيانين لجيل كيرليكوسكي، ” الشّاهد والخبير المؤهل والموثوق والمقنع” في مجال إنفاذ القانون. (ص.23) قال جيل كيرليكوسكي انّ الحظر الوارد في الأمر التّقييدي المؤقّت آمن وقابل للتّطبيق من طرف أعوان الشرطة حيث أنّ حماية مبنى المحكمة لم يكن يتطلّب من الأعوان استهداف الصحفيّين أو تفرقتهم. وأضاف أنّ الصّعوبات في عدم الالتزام بالأمر التّقييدي تعود إلى ” ضعف التّدريب والخبرة والقيادة في مجال الاضطرابات المدنيّة”. (ص.24) ثالثا، شهد جيل كيرليكوسكي بأنّ ” جميع الإصابات تقريبا التي عانى منها الصحفيون المشتكون كانت نتيجة للاستخدام غير السليم للقوة.”(ص. 24) وأخيرا، قال كيرليكوسكي إن “أزياء التّمويه غير مناسبة للأوساط الحضرية” وأنه من واجب أعوان الشرطة أن يكونوا في مظهر ييسّر التعرف عليهم. (ص.25)
الصّفة القانونيّة
نظرت المحكمة بعد ذلك في ادعاء المدعى عليهم الفدراليّين بأن المدعين يفتقرون إلى المكانة القانونية الضروريّة لطلب أمر قضائيّ، معتمدين في ذلك على نفس الحجج التي قدموها بالنّسبة إلى الأمر التقييدي المؤقّت. عند إصدار الأمر التّقييدي المؤقّت في 23 جويلية/يوليو، رفضت المحكمة حجج المدعى عليهم الفدراليّين فيما يتعلق بالصّفة القانونيّة.
وقد سبق للمدّعى عليهم اعتبار انّ المدعين يفتقرون إلى تلك الصّفة القانونيّة بناء على سلوكهم غير القانوني وأنّهم يستطيعون الحصول على سبل انتصاف أخرى من ضمن السبل القانونيّة المتاحة. وقالوا أيضا أن أفعالهم ضد المدعين كانت “ضرورية لحماية الممتلكات الفدراليّة”. (ص. 10-11، الأمر التقييدي المؤقت ضدّ المدّعى عليهم الفدراليّين).
لاكتساب الصفة القانونيّة المخوّلة للانتصاف بطلب أمر قضائيّ يجب على المدعي أن يبيّن إمّا “تواصل الآثار السلبية حاليّا النّاتجة عن السّلوك غير القانوني السابق للمدعى عليه” أو ” احتمال تعرّضه للظّلم مرة أخرى بطريقة مماثلة.” (ص.9 الأمر التقييدي المؤقت ضدّ المدّعى عليهم الفدراليّين) (قضيّة فيلا ضدّ مدينة ماركوبا، 865 F.3d 1224, 1229 ( الدّائرة التّاسعة، 2017) ولا يمكن لضرر واحد تمّ تسجيله في الماضي أن يُكسب الصّفة القانونية المطلوبة بيد أنّ خطر التعرّض إلى الضّرر في المستقبل يكون كافيا عندما “يتمّ توثيق حوادث فعليّة متكرّرة” (ص.10، الأمر التقييدي المؤقت ضدّ المدّعى عليهم الفدراليّين) ( قضيّة طوماس ضدّ مدينة لوس انجلس، 978 F.2d 504, 507 ( الدّائرة التّاسعة، 1992)
عند تطبيق هذه المبادئ القانونية للإصدار الأمر التّقييدي المؤقّت، أشارت المحكمة إلى أن المدعين كانوا جميعا يغطّون الاحتجاجات أو يلاحظونها و تعرّضوا إلى ” العنف أو التهديدات أو التّرهيب من قبل أعوان فدراليّين.”(ص. 10 ، الأمر التقييدي المؤقت ضدّ المدّعى عليهم الفدراليّين) ذكر القاضي سايمن عدة أمثلة قام فيها الأعوان الفيدراليون ” بإلقاء قنابل صوتيّة على المدعي ترايسي وأطلقوا قنابل دخانيّة على المدعي ماهوني و رموا المدعي رودوف بالرّصاص المطّاطي من عيار 40 ملم.”(ص. 10 ، الأمر التقييدي المؤقت ضدّ المدّعى عليهم الفدراليّين)
ومع ذلك استمرّ المدعون في مراقبة الاحتجاجات وتغطيتها بينما استمرّ المدعى عليهم الفدراليّون في “تشتيت” الصحفيين والمراقبين القانونيين. رأت المحكمة أن أعمال العنف التي قام بها المدعى عليهم الفدراليّون تجاه المدّعين بلغت “نمطا من السلوك المسموح به رسميا.”(ص 10، الأمر التقييدي المؤقت ضدّ المدّعى عليهم الفدراليّين).
بناء على ذلك، أقرّت المحكمة دون أمر قضائي أن المدّعى عليهم الفدراليّين سيواصلون استهداف الصحفيين والمراقبين القانونيين مطالبين إياهمّ إمّا بالتفرّق أو “مواجهة القوة والعنف.” وعليه، فإن خطر وقوع الضّرر في المستقبل ليس من باب التّخمين أو الافتراض. وبما أنّ نمط السلوك السابق من قبل المدعى عليهم ونوايا كل من المدعين والمدعى عليهم يرقى إلى “تهديد حقيقي وفوري بالإصابة المتكررة” فذلك يشكّل الصّفة القانونيّة المطلوبة. (ص. 11، الأمر التقييدي المؤقت ضدّ المدّعى عليهم الفدراليّين (قضيّة مدينة لوس انجلس ضدّ ليونس، 461 U. S. 102 (1983))
رفضت المحكمة بالإضافة إلى ذلك الحجج التي قدمها المدعى عليهم الفدراليّون وخلصت إلى أنه من غير المعقول أن يطلب المدعى عليهم من المدعين التخلي عن سلوك يكفله الدّستور لتجنّب المواجهات العنيفة مع القوات الحكومية. ورفضت المحكمة أيضا ادعاء المدعى عليهم بأن المدعين يمكنهم الحصول على سبل انتصاف قانونية بديلة بما في ذلك رفع دعوى مدنيّة أو دعوى قضائية بموجب القانون الفدرالي للمسؤوليّة التقصيريّة. اعتبر القاضي سايمن أن سبل الانتصاف “المعكوسة” مثل المطالبة بالتعويض لا توفّر الانتصاف الذي يسعى إليه المدعون من خلال ممارسة حقوقهم المكفولة بمقتضى التّعديل الأوّل للدّستور. وأقرت المحكمة بتأثير سلوك المدعى عليهم عندما منعوا المدعين من ممارسة ذلك الحق إما بسبب مدّة التّعافي من الإصابات أو “المفعول السّلبي” الذي من شأنه أن يجعل بعض المدّعين يمتنعون عن تغطية الاحتجاجات تحسّبا من العنف الذي قد يمارسه الأعوان الفدراليّون. كما رفضت المحكمة طلب المدعى عليهم الفدراليّين إعادة النظر في هذا القرار أثناء جلسة الاستماع لإصدار الأمر القضائي الأوّلي إذ اعتبر القاضي سايمن أنهم لم يقدّموا ” أي أساس مقنع للمحكمة لتعديل قرارها السابق.” (ص.29)
طالب المدعى عليهم الفدراليّون أيضا بإثبات الصّفة القانونيّة في “مراحل التقاضي المتتالية” لكنّ المحكمة رفضت هذا الطّلب مشيرة إلى أن ” تقييم الصّفة يتمّ من خلال اعتبار الوقائع كما هي عليه عند رفع الدّعوى.”(ص. 29) (قضيّة أصدقاء الأرض ضدّ Laidlaw Envtl. Servs. ، 528 U.S. 167, 180 (2000)) علاوة على ذلك، أي تغيير طوعي يدخله في الأثناء الأعوان الفدراليّون على أساليب الانفاذ على غرار عدم المشاركة مؤخّرا في السيطرة على الحشود لا يمكنه إثارة الجدل بشأن الدعاوى التي تقدّم بها المدّعون أو تعليقها كما لم تعتبر المحكمة أن أي تغيير في أساليب الإنفاذ من شأنه أن يمثّل ” إجراء واضحا أو مقننا.”(ص.32)
بناء على ذلك، أكدت المحكمة قرارها السابق بأن المدعين يتمتّعون بالصّفة القانونيّة لالتماس اصدار أمر تقييديّ وقتيّ.
عناصر الأمر التّقييدي الوقتي
1- احتمال النجاح بناء على الأسس الموضوعية للقضية
زعم المدعون تعرّضهم للانتقام بسبب ممارستهم لحريّة التّعبير بمقتضى التّعديل الدّستوري الأوّل وزعموا أيضا انتهاكا لحقّهم في النّفاذ المكفول بمقتضى التّعديل الأوّل للدّستور. للحصول على أمر قضائيّ أولي، يجب على المدعين إثبات احتمال نجاحهم بناء على الأسس الموضوعيّة للقضيّة في واحدة على الأقلّ من الدّعويان وقد خلصت المحكمة إلى أن المدعين استوفوا هذا الشرط.
بدأت المحكمة بالنظر في الأسس الموضوعية لتعرّض المدّعين للانتقام بسبب ممارستهم لحقّهم في التّعبير المكفول بمقتضى التّعديل الأوّل للدّستور. لإثبات هذا الادعاء، يجب على المدعين بيان ما يلي: “(1) انّهم كانوا يشاركون في نشاط يكفله الدّستور؛ (2) انّ تصرفات المدعى عليهم الفدراليّين من شأنها أن تمنع شخصا يتمتّع بدرجة عاديّة من الحزم من الاستمرار في الانخراط في النشاط المكفول دستوريّا؛ و (3) انّ النشاط المكفول دستوريّا هو عامل جوهري أو محفز لسلوك المدعى عليهم الفدراليّين.”(ص. 33-34) (قضيّة Pinard ضدّ Clatskanie Sch. Dist. Dist. 6J, 467 F.3d 755, 770 (الدّائرة التّاسعة ، 2006). بالنّسبة إلى العنصر الأوّل، يتمثّل “نشاط المدعين المحمي دستوريا في جمع الأخبار وتوثيق وتسجيل سلوك الحكومة.”(ص. 34) (Leigh, 677 F.3d at 898) و لم يعارض المدّعى عليهم ذلك. وفيما يتعلّق بالعنصر الثاني، قال المدعون انّهم “يخشون باستمرار تسليط القوة البدنية عليهم مستقبلا أو التهديد من قبل المدّعى عليهم الفيدراليين.”(ص. 34) ورفضت المحكمة ردّ المدّعى عليهم بأنّ ذلك الأمر “غير موضوعي وغير كاف”. وأشار القاضي سايمن إلى أن” الحزم العادي “هو معيار موضوعي لن” يسمح للمدعى عليه بالتهرّب من المسؤولية في انتهاك الحقوق المكفولة بمقتضى التّعديل الدّستوري الأوّل لمجرد أن البعض من المدّعين الحازمين على نحو غير عادي استمرّوا في ممارسة نشاطهم المكفول دستوريّا.”(ص.34) (قضيّة Mendocino Envtl. Ctr. ضدّ Mendocino Cty.، 192 F. 3d 1283, 1300 (الدّائرة التّاسعة، 1999). ذكرت المحكمة أن العديد من الصحفيين لم يتمكنوا في الإعلانات المقدمة قبل وبعد الأمر التنفيذي المؤقّت من مواصلة تغطية الأحداث بسبب إصابتهم أو ” قرروا عدم العودة أبدا خوفا على سلامتهم الشخصية.”(ص. 36) وأضاف القاضي سايمن أن ” وجود عدد من مرتكبي أعمال العنف لا يمنح المدّعى عليهم الفيدراليين تفويضا مطلقا لمهاجمة الصحفيين والمراقبين القانونيين وانتهاك حقوقهم المكفولة بمقتضى التّعديل الأوّل للدّستور.”(ص.36) أمّا بالنسبة إلى العنصر الثالث، اعتبر المدعى عليهم الفدراليّون أن المدعين فشلوا في إثبات أن “النشاط المكفول دستوريّا كان عاملا جوهريا أو محفزا في أي سلوك مزعوم.”(ص. 37) وزعموا أن المدعين تعرضوا “عن غير قصد” للضرب بسبب قربهم من المتظاهرين. رفضت المحكمة هذه الحجة بناء على تسجيل مصوّر يبيّن الأعوان الفدراليّين وهم يوجّهون رذاذ الفلفل “عمدا وعن قرب نحو وجوه وأعين الصحفيين أو المراقبين القانونيين.”(ص.38) ذكّر المدعى عليهم الفدراليّون أيضا بسياستهم الرسمية الدّاعمة للتّعديل الأوّل للدّستور محتجّين بأنّ المدعين فشلوا في إثبات خلاف ذلك. رفضت المحكمة ذلك أيضا معتبرة أن السياسة الرسمية غير كافية لحماية المدعى عليهم ” إذا كانوا في الواقع لا يمتثلون لتلك السياسة.” (ص.40) (قضيّة كاسترو ضدّ مدينة لوس انجلس، 833 F.3d 1060, 1075 n.10 (الدّائرة التّاسعة، 2016) وعليه رأى القاضي سايمن أن المدعين قد نجحوا على الأقلّ في إثارة “مسائل خطيرة” تتعلّق “بالنيّة الانتقاميّة” من جانب المدّعى عليهم الفدراليين على معنى التّعديل الأوّل للدّستور.
مرّت المحكمة للنّظر في الادّعاء الثاني المتعلّق بالحق في النّفاذ إلى الشوارع العامة والأرصفة. في البداية أوضح القاضي سايمن أن ” المحكمة العليا اعترفت منذ فترة طويلة بالحقّ المشروط في النّفاذ لصالح الصحافة والعموم لمراقبة الأنشطة الحكومية.” (ص.4) (Leigh, 677 F. 3d at 898). وبالفعل فوسائل الإعلام تعمل كـ “بدائل للعموم” من خلال الإبلاغ عن سلوك الحكومة.
(قضيّة Richmond Newspapers, Inc. ضدّ ولاية فرجينيا، 448 U. S. 555) جادل المدّعى عليهم الفدراليّون بأن الصحفيين ليس لديهم الحق في “البقاء والمراقبة والتوثيق” بعد أن أغلقت الحكومة الشوارع العامة لكنّ المحكمة رفضت هذه الحجة لأن الشرطة المحلية ، وليس الأعوان الفدراليّون ، هم الذين يتمتعون بسلطة “إغلاق” الفضاءات العامة المحلية و تلك التّابعة للولاية. ثانيا، رأت المحكمة أن دور الصحفيين يتمثّل في توثيق ما إذا كان قرار الحكومة بإغلاق الفضاءات العامّة مشروعا. ثالثا، أقرّ المدعى عليهم بعدم وجود ما يدل على أن أي صحفي أو مراقب قانوني ارتكب أي سلوك غير قانوني مثل إتلاف الممتلكات الفيدرالية أو إيذاء ضابط فيدرالي.
وعليه لا يمكن للسّماح للصحفيّين والمراقبين بالبقاء على عين المكان أن يمسّ بضرورة حماية الممتلكات الفيدرالية وسلامة الضبّاط الفدراليّين. كما رفضت المحكمة ادعاء المدعى عليهم بأن المدعين يعتمدون بشكل غير صحيح على قضيّة Press-Enterprise Co. ضدّ المحكمة العليا 478 U. S. 1 (1986) كمعيار عند تقييم احتمال نجاح الدّعوى في حقّ النّفاذ.
اعتبر المدعى عليهم أن هذه القضية تتعلّق فقط بحقّ النّفاذ إلى الإجراءات القضائية بيد أنّ المحكمة رأت أنّ هذا الأمر قد رفضته بعد الدائرة التاسعة التي تعتمد قضيّة Press-Enterprise II في حالة الصحفيين الذين يطلبون النّفاذ لتغطية تظاهرات وأحداث حكوميّة المتمثّلة في قضيّة الحال في خروج وحدات ودوريّات الفرسان. وعليه رأت المحكمة أن قضيّة Press-Enterprise II تنطبق في هذه الحالة. وضعت قضيّة Press-Enterprise II اختبارا من جزأين للدّعاوى المتعلّقة بحقّ النّفاذ: أولا، يجب على المحكمة أن تحدد ما إذا كان الفضاء مفتوحا تاريخيا للصحافة وما إذا كان نفاذ الجمهور يكتسي دورا هامّا في العملية المعنية. ثانيا، عندما ترى المحكمة أن الحق ينطبق، لا يمكن للحكومة أن تتخطّى ذلك الحقّ سوى عند إظهار “مصلحة عليا” تدلّ على أنّ “الإغلاق ضروري للحفاظ على القيم العليا وهو يقتصر حصريّا على خدمة تلك المصلحة.” (ص.43) (قضيّة Press-Enterprise II، 478 U.S. at 9)
بعد تطبيق الاختبار، لاحظت المحكمة أن الشوارع العامة كانت مفتوحة تاريخيا للصحافة وأن التقارير الصحفية حول أجهزة إنفاذ القانون لها ” دور إيجابي هامّ في ضمان الحفاظ على تناسق السّلوك والتصرّفات مع الدستور.”(ص.43)
نظرت المحكمة بعد ذلك في ادّعاء المدعى عليهم الفدراليّين بأن الأمر القضائيّ الأوّلي “غير قابل للتطبيق.” أقرّت المحكمة “بالمصلحة القويّة للمدّعى عليهم في حماية الممتلكات الفدراليّة” لكنها لم تعتبر أنّ ذلك يسمح بفرض عبء لا مبرّر له على الحقوق المكفولة بمقتضى التّعديل الأوّل للدّستور. كما أشارت المحكمة إلى الأمر القضائي الأولي المذكور بين مدينة بورتلاند والمدعين كدليل على أن “إعفاء الصحفيين والمراقبين القانونيين إجراء قابل للتّطبيق.”(ص. 44) بعد إصدار الأمر التّقييدي المؤقّت الأول ضد المدينة، جاء الأمر القضائي الأولي الموالي “مطابقا تقريبا” للأمر التّقييدي الأصلي الذي لم يطالب الصحفيين والمراقبين القانونيين المعتمدين بالتفرّق. اعتبرت المحكمة أن غياب التعديلات المطلوبة من جانب المدينة إضافة إلى الشّهادة التي أدلى بها الخبير جيل كيرليكوسكي أمر يدلّ على أنه “من العملي والممكن تفريق المتظاهرين بشكل عام لكن لا يتطلب تشتيت الصحفيين والمراقبين القانونيين المعتمدين.” (ص. 45) علاوة على ذلك، فإن أي “تعرض للصحفيين والمراقبين القانونيين بشكل عرضيّ لآليّات مكافحة الشّغب ليس انتهاكا للأمر القضائيّ.”(ص. 45) كما لا يحمي الأمر القضائي الأولي أي شخص ينتحل صفة الصحفيّ لارتكاب أعمال غير قانونية. أخيرا، رفضت المحكمة إفادة المدعى عليهم الفدراليّين بشأن قلقهم إزاء قابليّة استخدام “علامات موحّدة من حجم أكبر تميّز” الأعوان الفدراليّين معتبرة أن ” العلامات المميّزة الحاليّة غير بارزة بما فيه الكفاية.”(ص.46) وبناء على ذلك نجح المدعون في إثارة أسئلة هامّة على الأقلّ فيما يتعلّق بانتهاك حقهم في النّفاذ.
2- الضّرر الذي لا يمكن جبره
العنصر الثاني الذي يجب أن يتوفّر لإصدار أمر قضائيّ أوّلي هو ” احتمال تعرّض المدّعين لضرر لا يمكن جبره في غياب الانتصاف المؤقّت.” (ص. 47) (Winter, 555 U.S. at 20)
احتجّ المدعى عليهم الفدراليّون بأن المدعين لا يواجهون أي تهديد بإصابة فوريّة خاصّة بعد إدخال تغييرات على تقنيات إنفاذ القانون التي يعتمدونها واعتبروا أيضا أن المدعين فشلوا في إثبات أن ” احتمال مواجهة ضابط فيدرالي خلال الاحتجاجات هي أعلى في شهر أوات/أغسطس 2020 مما كانت عليه في أوت/أغسطس 2019 أو أوت/ أغسطس 2018.”(ص. 47) رفضت المحكمة هذه الحجة مشيرة إلى ضعف القيادة والخبرة لدى الأعوان الفدراليّين إضافة إلى حضورهم المستمرّ في المدينة .وبعد أن أقرّت المحكمة فعلا بوجود ضرر لا يمكن جبره لصالح الأمر التّقييدي المؤقّت أشارت المحكمة إلى أن المدعين قدموا المزيد من الأدلة التي تفيد بأنّ حقوق الصّحفيّين المكفولة بموجب التعديل الأول قد تمّ التّأثير عليها سلبا. والفرق الوحيد بين الأمر التّقييدي المؤقّت والأمر القضائي الأولي هو الوقف الطوعي لبعض أساليب إنفاذ القانون. ومع ذلك، قررت المحكمة أنه لا يوجد “أي مؤشر” على أن سياسات مكافحة الشّغب ستتغير إذا ما تعامل المدّعى عليهم مجدّدا مع المحتجين دون صدور الأمر القضائي. ولم تعتبر المحكمة أنّ أي وقف طوعي لتقنيات معينة لمكافحة الشّغب يشير إلى ” التوقف الفعلي وأنّه مازالت بعض المسائل الهامّة مطروحة فيما يتعلق باحتمال إصابة المدعين في المستقبل.”(ص.53)
بالإضافة إلى ذلك، تساءلت المحكمة عما إذا كان المدعى عليهم الفدراليّون قد “امتثلوا تماما للأمر التّقييدي المؤقّت الأصلي الصّادر عن المحكمة.”(ص.51) وكما هو موضح في دعوى المدعين بتوجيه تهمة ازدراء المحكمة التي رفعوها بتاريخ 28 جويلية/يوليو يبدو أن المدّعى عليهم الفدراليّين ” قد صدر عنهم على الأقل سلوك يستهدف الصحفيين والمراقبين القانونيين في انتهاك للأمر التّقييدي المؤقّت الذي أصدرته المحكمة.” (ص.54) أعربت المحكمة عن قلقها من أنّ ذلك قد يشير إلى تواصل “السلوك غير السليم “إذا لم يتمّ إصدار أمر قضائيّ. وأخيرا، أشارت المحكمة إلى الطّابع “الفظيع بشكل خاص” للانتهاكات الأخيرة التي ارتكبها الأعوان الفدراليّون في بورتلاند.
طبق القاضي سيمون هذه الوقائع على “العناصر المهمة في التنبؤ باحتمال حدوث انتهاكات في المستقبل” المنصوص عليها في قضيّة Fed. Election Comm’n ضدّ Furgatch 869 F.2d 1256, 1263 n.5 ( الدّائرة التّاسعة، 1989) (ص. 53) تشمل تلك العناصر من ضمن عناصر أخرى “درجة النيّة والقصد؛ و الطّابع المعزول أو المتكرر للمخالفة; واعتراف المدعى عليه بعدم مشروعيّة سلوكه “. (ص.53) اعتبرت المحكمة أولا أن الانتهاكات السابقة التي ارتكبها المدعى عليهم الفدراليّون “توحي بشدة” إلى احتمال وقوع أضرار مستقبليّة. ثانيا، هناك “درجة عالية من نيّة” الانتهاك تتعلق باستهداف الصحفيين والمراقبين القانونيين وليس الأمر مجرّد ضرر عرضي تعرّض له المدّعون. ثالثا، لم تكن الحوادث منعزلة بل واسعة الانتشار. رابعا، لم يعترف المدعى عليهم الفدراليون ” بالطّابع غير المشروع ” لسلوكهم ولم يتّخذوا بشأن ذلك أي تدابير تأديبية. خامسا، تشير” الخصائص المهنية والشخصية ” للمدّعى عليهم الفيدراليين إلى درجة عالية من احتمال حدوث انتهاكات في المستقبل. أخيرا، لم تعتبر المحكمة أي ضمان من الضمانات ضد حدوث الانتهاكات مستقبلا “صادقا”.
وبناء على ذلك، خلصت المحكمة إلى أن المدعين أثبتوا بما فيه الكفاية أن الانتهاكات التي قد يرتكبها المدعى عليهم الفدراليّون في المستقبل ستسبب في أضرار غير قابلة للجبر.
3- المصلحة العامّة وموازين القضيّة
عندما تكون الحكومة طرفا في الدّعوى تلتحم مسألة المصلحة العامة بموازين القضيّة (قضيّة Drakes Bay Oyster ضدّ Jewell، (747 F.3d 1073, 1092 ( الدّائرة التّاسعة، 2014). فيما يتعلق بالمصلحة العامة، أشار القاضي سايمن إلى أن ” المحاكم التي تنظر في طلب الحصول على أمر قضائيّ أوّلي دأبت على الاقرار بالمصلحة العامة في التمسك بالمبادئ التي يكرّسها التّعديل الأوّل للدّستور.” (قضيّة Associated Press ضدّ Otter 682 F. 3d 821, 826 (الدّائرة التّاسعة، 2012)) فيما يتعلق بموازين القضيّة أشار القاضي سايمن إلى أنّه في الحالات التي يثير فيها المدّعي “مسائل هامّة في علاقة بالتعديل الأول للدّستور ، فإن الميزان بميل بشكل حاد لصالح [المدعين].”(ص.5) ( قضيّة Cmty. House, Inc. ضدّ مدينة بويز، 490 F.3d 1041, 1059 (الدّائرة التّاسعة، 2007)
جادل المدعى عليهم الفيدراليون بأن مصالح الحكومات في حماية الممتلكات الفيدرالية وما يترتّب عنها من حماية سلامة الأعوان والحفاظ على النظام العام تفوق مخاوف المدّعين بشأن حقوقهم المكفولة بموجب التّعديل الأوّل للدّستور. وعلى الرغم من ادعاء المدعى عليهم بأن أشخاصا يعرّفون أنفسهم على أنّهم ينتمون إلى سلك “لصحافة “ارتكبوا أفعالا غير قانونيّة، اعتبرت المحكمة أن الأدلة الداعمة لهذا الادعاء كانت إما” غامضة “أو لا تشير إلى” سلوك غير قانوني.” إضافة إلى كون كلّ من يعرّف نفسه على أنّه ينتمي إلى سلك “الصّحافة” ويشارك في أعمال غير قانونيّة ليس محميّ بموجب الأمر القضائي الأولي كما أنّ الأمر القضائي الأولي ينصّ صراحة على أن ” ما يدلّ على انتماء الأفراد إلى سلك الصّحافة أو المراقبين القانونيّين المعتمدين هو وقوفهم إلى جنب دون الاختلاط بالمتظاهرين” ويمنع التدخل في قوات انفاذ القانون. (ص. 57) في الموازنة بين موازين القضيّة والمصلحة العامّة، قضت المحكمة بأن الأعمال غير القانونية التي ارتكبها عدد محدود من الأشخاص لا تفوق في أهميّتها الحقوق الهامة للصحفيين والمراقبين القانونيين و ” الجمهور الذي يعملون لفائدته.” المكفولة بمقتضى التّعديل الأوّل للدّستور (ص.57)
ابرزت الحجة النهائية التي قدمها المدعى عليهم الفدراليّون مصلحة الحكومة في الحفاظ على النّفاذ إلى مبنى المحكمة لكنّ المحكمة رفضت تلك الحجّة مشيرة إلى أن الاحتجاجات تحدث بعد ساعات العمل ولن يتم تقييدها بالسماح للصحفيين والمراقبين القانونيين بالبقاء رغم الأمر الصّادر بتشتيت المتظاهرين.
بناء على ذلك، اعتبرت المحكمة أن المصلحة العامة في تلقي تقارير دقيقة عن الاحتجاجات ورد قوات إنفاذ القانون عليها تفوق أيا من مصالح الحكومة المطروحة.
الاستنتاج
لذلك وافقت المحكمة على طلب المدعين إصدار أمر قضائي أولي ضد المدعى عليهم.
يمنع على المدعى عليهم الفيدراليين ووكلائهم وموظفيهم وجميع الأشخاص الذين يتصرفون تحت إشرافهم اعتقال أو التهديد بإلقاء القبض أو استخدام القوة الجسدية الموجهة ضد أي شخص يعرفون أنّه صحفيّ أو مراقب قانونيّ و/أو ينبغي على نحو معقول أن يعرفوه بتلك الصّفة” ما لم يكن هناك سبب محتمل لارتكابه جريمة. (ص.58)
ينص هذا الأمر على ما يلي: “إن المدّعى عليهم الفدراليّون ووكلائهم وموظفيهم وجميع الأشخاص الذين يتصرفون تحت إشرافهم ممنوعون من إلقاء القبض على أي شخص يعرفون أو ينبغي أن يعرفون بشكل معقول أنّه صحفي أو مراقب قانوني أو التهديد باعتقاله أو استخدام القوة البدنية ضدّه، ما لم يكن هناك سبب محتمل لارتكابه جريمة. (ص.58)
وعلاوة على ذلك، ليس الصحفيّون والمراقبون القانونيون مطالبون بالتشتّت عند صدور أمر بتشتيت الجماهير بل يتعيّن على الصحفيّين حمل بطاقة صحفية / شارة رسمية أو وثائق اعتماد رسميّ أو ارتداء ملابس مميزة تحدد هويتهم وانتماءهم إلى سلك الصحافة. ويتعين كذلك على المراقبين القانونيين ارتداء القبّعة الخضراء المعتمدة من قبل الرّابطة الوطنيّة للمحامين أو السترة الزرقاء للاتحاد الأمريكي للحريات المدنية. كما أن المدعى عليهم الفدراليّون لا يمكنهم التمتّع بالحصانة المشروطة في ايّ
دعوى ترفع ضدهم. (ص.60)
في 21 أوت / أغسطس، تحصّلت كلّ من دائرة الشرطة الأمريكيّة ووزارة الأمن الداخلي على الموافقة للطعن في الأمر القضائي الأولي لدى محكمة الاستئناف في الولايات المتحدة الأمريكيّة.
محكمة الاستئناف الأمريكيّة للدّائرة التّاسعة (27 أوت/أغسطس 2020)
قدّم القاضيان أريك ميلر ودانيال براس الرّأي الأغلبي لهيئة القضاة.
اعتبر القاضيان ميلر و براس أن الأمر القضائي الذي أصدرته محكمة المقاطعة لتعفي بموجبه “الصحفيين” و “المراقبين القانونيين” من واجب الانصياع لأوامر التشتت ” يفتقر لأساس قانوني مناسب.”(ص. 2 ، قرار الدائرة التاسعة) وجّهت الدائرة التاسعة أيضا نقدا للأمر القضائي معتبرة أنّه “فضفاض” و ينقصه” الوضوح “، خاصة فيما يتعلق بتحديد هوية” الصحفيين “و”المراقبين القانونيين”.”(ص. 2 ، قرار الدائرة التاسعة) دون فرض وقف إداري مؤقت ، اعتبر القاضيان أن الأمر القضائي من شأنه أن يسبب ” ضررا لا يمكن جبره لقوات و أعوان إنفاذ القانون.”(ض. 2، قرار الدائرة التاسعة)
أصدرت الرأي المخالف القاضية مارغريت ماكيون. عارضت القاضية ماكيون رأي زملائها من أعضاء هيئة القضاة معتبرة أن وزارة العدل قد فشلت في إثبات إما ” الحالة الطّارئة أو الضّرر الذي لا يمكن جبره لدعم الوقف الإداري الفوري.” (ص. 3، قرار الدائرة التاسعة) وأشارت القاضية ماكيون إلى أنه قد تمّ بعد استعراض الوقائع التي تدعم الأمر القضائي الأولي لتبيّن “الخطأ البيّن”. (انظر قضيّة Alliance for the Wild Rockies ضدّ كوترال، 632 F.3d 1127, 1131 (الدّائرة التّاسعة 2011)) اعتبارا لكون محكمة الاستئناف اعتمدت “مراجعة مترويّة” للاستنتاجات الموسّعة التي استخلصتها محكمة المقاطعة من الوقائع ولكون الأمر التّقييدي المؤقّت قد تمّ اتخاذه منذ 23 جويلية/يوليو، دون أي ضرر عيّن لا يمكن جبره، عارضت القاضية ماكيون الوقف الإداري الفوريّ.
محكمة الاستئناف الأمريكيّة للدّائرة التّاسعة (9 أكتوبر 2020)
قدّم القاضيان جوني ب. راولينسون ومرغان كري الرّاي الأغلبي لهيئة القضاة.
كانت المسألة الأساسيّة المطروحة أمام أنظار المحكمة تتمثّل في تمكين أو عدم تمكين المدعى عليهم الفدراليّين من وقف للأمر الإداري الذي تحصّل عليه المدّعون في انتظار الاستئناف.
في البداية، لاحظت المحكمة أن “الوقف لا يدخل في باب الحقوق حتى وإن كان يُخشى أن يقع ضرر لا يمكن جبره للجهة التي تقدّمت بالاستئناف”. (قضيّة Virginian Ry. Co. ضدّ الولايات المتحدة الأمريكيّة 272 U.S. 658, 672 (1926) ) (ص.8) علاوة على ذلك ، “يتحمل الطرف الذي يطلب الوقف عبء إثبات أن الظروف تبرر ممارسة تلك الصلاحية التقديرية”. . (قضيّة Nken ضدّ Holder ، 556 U.S. 418, 433–434 (2009) ) (ص.8)
لتحديد ما إذا كان يتعين أم لا الاستجابة إلى طلب المدعى عليهم الفدراليّين بالوقف في انتظار الاستئناف، نظرت المحكمة فيما يلي: “(1) ما إذا أثبت المدعى عليهم الفدراليّون إمكانيّة نجاحهم بناء على الأسس الموضوعية للقضيّة؛ (2) ما إذا كان المدعى عليهم الفدراليّون سيصابون بضرر لا يمكن جبره في غياب الوقف؛ (3) ما إذا كان الوقف سيلحق ضررا جسيما بالأطراف الأخرى المعنيّة بالإجراء؛ و (4) أين تكمن المصلحة العامّة.” (قضيّة Nken ضدّ Holder ، 556 U.S. 418, 433–434 (2009) ) (ص.9) يكتسي العنصران الأوّلان أهميّة قصوى أمّا العنصران الثانيان فلا يتمّ النّظر فيهما سوى بعد البتّ في العنصرين الأوّلين.
اعتبر المدعى عليهم الفدراليّون أنّه يمكنهم النّجاح بناء على الأسس الموضوعيّة لادعاءاتهم للأسباب الثلاثة التّالية: أولاً، يرى المدّعى عليهم انّ المدّعي يفتقر إلى الصّفة القانونيّة لالتماس أمر قضائيّ أوّلي حيث لم يثبت احتمال حرمانه من حقوقه المكفولة بمقتضى التّعديل الأوّل للدّستور في غياب أمر قضائي ضد تدابير مكافحة الشغب التي يعتمدها المدّعى عليهم الفدراليّون. ثانيا، يرفض المدّعى عليهم الفدراليّون الاستنتاج الذي خلصت إليه محكمة المقاطعة بأن النشاط المكفول دستوريّا الذي يقوم به المدّعون كان “عاملا هامّا أو محفزا” في تدخّل المدّعى عليهم الفدراليّين لتشتيتهم. ثالثاً، يجادل المدّعى عليهم بأن الصحافة والمراقبين القانونيين لا يتمتعون بحق النّفاذ إلى الشوارع والأرصفة التي تشهد الاحتجاجات بموجب التّعديل الأوّل للدّستور عندما يصدر أمر بالتّشتيت.
رفضت المحكمة الحجّة الأولى التي تقدّم بها المدّعى عليهم الفدراليّون بكون المدّعين لم يظهروا احتمالاً كافياً بأنهم سيحرمون من حقوقهم المكفولة بمقتضى التّعديل الأوّل للدّستور. استندت الحجة الأولى التي تقدّم بها المدّعى عليهم الفدراليّون إلى قضيّة Lyons التي خلصت فيها المحكمة العليا إلى أن ” التعرض السابق لسلوك غير قانوني لا يثبت في حد ذاته قضيّة حاليّة أو جدلا بشأن الانتصاف الجزري … إذا لم تكن مصحوبة بتداعيات سلبية متواصلة.” (قضيّة مدينة لوس أنجلس ضد Lyons، 461 U.S. 95, 102 (1983) ) (ص.12) بيد أن المحكمة ميزت بين قضيّة Lyons و قضيّة الحال أوّلا و بالذّات لأن خطر وقوع الضّرر لم يكن من باب التّخمين بل “نمط سلوك مستمرّ و متواصل.” (ص.13) بعد أن خلصت محكمة المقاطعة إلى أنّ المدّعى عليهم الفدراليّين أثّروا سلبا على حقوق المدّعين المكفولة بموجبة التّعديل الأوّل للدّستور، أصدرت أمرا مطولا تدعمه استنتاجات مبنيّة على الواقع لم يطعن فيه المدعى عليهم الفدراليّون. واستنتجت محكمة الاستئناف أن المدعى عليهم الفدراليّين لم يثبتوا أرجحيّة نجاح الحجّة التي تقدّموا بها كما لم يثبتوا أن محكمة المقاطعة أساءت استخدام سلطتها التقديرية عند إصدارها للأمر القضائي الأوّلي.
بالتّالي رأت المحكمة أن المدعى عليهم الفدراليّين لم يثبتوا أنهم من المرجح أن ينجحوا بناء على الأسس الموضوعية لادعاء المدّعين تعرّضهم للانتقام بسبب ممارستهم لحقّهم المكفول بمقتضى التّعديل الأوّل للدّستور. فيما يتعلق بهذه الدّعوى، يجب على المدعين أن يبيّنوا أنهم كانوا يقومون بنشاط مكفول بمقتضى الدّستور وانّ تصرفات المدعى عليهم الفدراليّين “من شأنها أن تمنع شخصا يتمتّع بدرجة عاديّة من الحزم من الاستمرار في الانخراط في ذلك النشاط المكفول دستوريّا وانّ النشاط المكفول دستوريّا “كان عاملا جوهريا أو محفّزا” لسلوك المدّعى عليهم الفدراليّين (قضيّة Pinard ضدّ Clatskanie Sch. Dist. Dist. 6J, 467 F.3d 755, 770 (الدّائرة التّاسعة ، 2006). (ص.16) لم يعترض المدعى عليهم الفدراليّون على العنصرين الأولين لكنّهم احتجّوا بكون النّشاط المكفول بمقتضى التّعديل الأوّل للدّستور لم يكن “عاملا جوهريا أو محفزا” في سلوكهم. بناء على “الوقائع المستفيضة والدقيقة” التي توصّلت إليها المحكمة، أكدت محكمة الاستئناف الاستنتاج الذي خلصت إليه محكمة المقاطعة من أن ممارسة المدعين لحقوقهم المكفولة بمقتضى التعديل الأول للدّستور كانت “عاملا جوهريا أو محفزا” لسلوك المدعى عليهم الفدراليّين. لكنّ الحجّة التي تمّ تقديمها للدّلالة على “السلوك الانتقامي” من جانب المدّعى عليهم الفدراليّين لم تؤيّد الالتماس العاجل لطلب الوقف في انتظار الاستئناف.
إضافة إلى ذلك، خلصت محكمة الاستئناف إلى أن المدّعى عليهم الفدراليّين لم يثبتوا أنه من المرجح أن ينجحوا استنادا إلى الأسس الموضوعية لمطالبة المدّعين بحقّ النّفاذ بمقتضى التّعديل الأوّل للدّستور.
في البداية رفض القاضيان رولينسون و كريستن سوء التوصيف من جانب المدّعى عليهم الفدراليّين للأمر القضائي الأوّلي على أنّه “إعفاء خاص وواسع النطاق للصحفيّين والمراقبين القانونيين”. (ص. 20) معتبران أنّ السّؤال المطروح يتمثّل فيما إذا كان للمدّعين ” حقّ مكفول بمقتضى الدّستور للنّفاذ إلى الفضاء العامّ الذي تدور فيه الاحتجاجات” (ص.21)
طبّقت المحكمة الاختبار الوارد في قضيّة Press-Enterprise II لتحديد ما إذا كان للأفراد حقّ مكفول بمقتضى التّعديل الأوّل للدّستور يمكّنه من النّفاذ في ظل هذه الظروف الخاصّة. بعد الإشارة إلى أنّ المدّعين لم يحتجّوا بأنّ صفتهم المهنيّة تمكّنهم من حقّ خاصّ بالنّفاذ إلى الفضاءات غير المتوفّرة للعموم أقرّت المحكمة بأنّ اختبار Press-Enterprise II لا يختلف من مدّعي إلى آخر حسب مهنته. بدلا من ذلك، أيدت المحكمة ادعاء المدعين بأن الصحافة تتمتع على الأقل بذات حقّ النّفاذ الذي يتمتّع به العموم ومن المؤكّد أن حقّ الصّحافة لا يمكنه أن يكون أقلّ من الحقّ المخوّل للعموم. (قضيّة Pell ضدّ Procunier، 417 U.S. 817, 833–34 (1974) (ص.22) بالنّسبة إلى حقّ النّفاذ، اعتبرت المحكمة أن المظاهرات والاحتجاجات العامة محمية ” بشكل واضح” بموجب التعديل الأول للدّستور. (قضيّة Snyder ضدّ Phelps، 562 U.S. 443, (2011)) (ص.23) على ضوء الاعتراف الراسخ بحق الجمهور في الاحتجاج و الأحكام السّابقة الصّادرة عن الدّائرة التي تقرّ الحقّ في تسجيل السّلوك العامّ للشرطة والاعتراف المقبول على نطاق واسع بالدور الهام الذي تضطلع به الصحافة، أيدت محكمة الاستئناف الاستنتاج الذي خلصت إليه محكمة المقاطعة لصالح مطالبة المدّعين بحقّهم في النّفاذ بمقتضى التّعديل الأوّل للدّستور ورفضت المحكمة كذلك الحجة التي تقدّم بها المدّعى عليهم الفدراليّون التي تفيد بأنّ الأمر بتشتيت الصحافة كان إما ضروريا أو موجّها بالتّحديد نحو الحفاظ على المصالح الحكوميّة من خلال حماية الممتلكات الفدراليّة.
انتقد الرّأي المخالف (الوارد أدناه) رأي الأغلبية الذي راعى استنتاجات محكمة المقاطعة. في ردّهما على ذلك، لاحظ القاضيان رولينسون وكريستين أن المراعاة هي ” بالتّحديد ما تتطلّبه السّوابق القضائيّة.” (قضيّة Walters ضدّ Reno، 145 F.3d 1047 (الدّائرة التّاسعة، 1998) (ص.32) وعوض “التخمين” في الوقائع التي توصّلت إليها محكمة المقاطعة، ترجع إلى محكمة الاستئناف مهمّة البحث عن ” خطأ واضح ” وهو ما لم تتوصّل إليه. انتقدت الأغلبية الرّاي المخالف لاستعراض للوقائع “مجدّدا” وإعادة طرح الاحتجاجات على كونها “أعمال شغب “واستنتاج القاضي اوسكانلين الموسّع الذي يعتبر أنّ المدّعى عليهم الفدراليّين يمكنهم تفريق الحشود” دونما قيود.” بدلا عن ذلك، أقرّ راي الأغلبيّة بأن معظم الاحتجاجات كانت سلمية وأنه كثيرا ما تمّ استهداف المدعين عندما كانوا على مسافة من الاحتجاجات.
مرّت المحكمة إلى دراسة العنصر الثاني: ما إذا كان المدعى عليهم الفدراليّون سيصابون بضرر لا يمكن جبره إذا لم يتمّ وقف الأمر القضائي الأوّلي في انتظار الاستئناف. جادل المدعى عليهم الفدراليّون بأنهم سيواجهون ضررا لا يمكن جبره في غياب الوقف لأن الأمر القضائي الأولي سيحد من قدرتهم على حماية الممتلكات الفيدرالية وسيضعهم في موقف يتطلّب منهم الاختيار بين المخاطرة بسلامتهم أو انتهاك الأمر القضائي. اتفق القاضيان رولينسون وكريستين مع الحكم الصّادر عن محكمة المقاطعة واعتبرا أنّ أحكام الأمر القضائي تناولت على نحو ملائم الشّكاوى التي تقدّم بها المدّعون. كما أنّ ادعاء المدّعى عليهم بأن الأمر القضائي غير قابل للتّطبيق لا يستقيم على ضوء الاتّفاق المبرم مع المدينة للعمل طبقا لأمر مماثل.
بعد أن أثبتت المحكمة أن المدعى عليهم الفدراليّين لم يستوفوا العنصرين الأوّلين أشارت بإيجاز إلى أنّ العنصرين الأخيرين يدعمان رفض طلب المدعى عليهم الفدراليّين. يطرح العنصر الثالث أسئلة عما إذا كانت “الأطراف الأخرى في التقاضي سيلحقها ضرر جسيم في حالة وقف الأمر القضائي الأوّلي في انتظار الاستئناف.” (Nken, 556 U.S. at 426)(ص.4) كانت محكمة المقاطعة قد أقامت الدّليل على تزايد نسق التوتر والعنف بعد وصول المدّعى عليهم الفدراليّين إضافة إلى عرض أدلة على الاستهداف المتعمد للصحفيين أو المراقبين القانونيين وهو سلوك أثّر سلبا على ممارسة المدّعين لحقوقهم المكفولة بموجب التّعديل الأوّل للدّستور. اعتبرت المحكمة أنّ المدّعى عليهم الفدراليّين لم يوفّقوا في إثبات أن المدعين لن يصيبهم ضرر كبير إذا ما تمّ اتّخاذ قرار بوقف الأمر القضائي الأوّلي في انتظار الاستئناف.
أما العنصر الرابع فهو يتعلّق بالصّالح العام وأين يكمن. (Nken, 556 U.S. at 435) (ص. 42) احتجّ المدّعى عليهم الفدراليّون بأنّ الأمر القضائي الأوّلي يحدّ من قدرتهم على حماية الممتلكات والموظفين الفدراليّين على نحو آمن. بيد أنّ المدّعين أكّدوا أنّ “المصلحة العامّة تكمن دائما في منع انتهاك الحقوق الدستورية لأيّ طرف”. (قضيّة Padilla ضدّ شرطة الهجرة والجمارك ، 953 F.3d at 1147–48 ) ( ص. 43) أمّا فيما يتعلّق بموازنة الصّالح العام ” دائما ما تعترف المحاكم بالمصلحة العامّة في الحفاظ على مبادئ التعديل الأول للدّستور”. (قضية Assoc. Press ضدّ Otter ، 682 F.3d at 826) (ص.43) أقرّت المحكمة بالمصلحة العامة الهامّة التي يعمل المدّعى عليهم الفدراليّون على حمايتها لكنّها قرّرت أنّ تلك المصلحة لم تكن تتطلّب تفريق المدّعين الذين لا يمثّلون تهديدا للأملاك الفدراليّة و يقدّمون خدمات حيويّة للعموم من خلال نقلهم للأحداث.
خلصت محكمة الاستئناف إلى أن المدّعى عليهم الفدراليّين لم يثبتوا احتمال النّجاح بناء على الأسس الموضوعية للطّلبات التي تقدّم بها المدّعون كما لم تجد المحكمة أن المدعى عليهم الفدراليّون قد يتعرّضون إلى اضرار لا يمكن جبرها بسبب الأمر القضائي. إضافة إلى أنّ وقف الأمر القضائي الصّادر عن محكمة المقاطعة من شأنه أن يلحق الضّرر بمدينة بورتلاند والمدّعين على حد السواء وعليه رفض القاضي رولينسون والقاضي كريستن الالتماس العاجل الذي تقدّم به المدّعى عليهم الفدراليّون لوقف الأمر القضائي في انتظار الاستئناف وتمّ رفع الوقف الإداري الذي دخل حيّز النّفاذ يوم 27 أوت/أغسطس 2020.
الرّأي المخالف
قدّم الرأي المخالف القاضي ديارمود اوشانلاين. خلافا لزملائه من أعضاء الهيئة، انتقد القاضي اوشانلاين “تحويل” حقّ العموم في النّفاذ إلى الإجراءات الحكوميّة المكفول بموجب التّعديل الأوّل للدّستور إلى “امتياز خاص لمن يقولون أنّهم صحفيّون” و ‘المراقبين القانونيين” لتجاهل أوامر تفريق الحشود الصادرة عن الأعوان الفدراليّين المكلّفين بإنفاذ القانون.” (ص.1 من الرّأي المخالف) اعتبر القاضي اوشانلاين أن القرار الأغلبي يشكّل “تحوّلا لحقّ تاريخيّ محدود للغاية معزّزا بألفيّة من التّقاليد القانونيّة إلى استحقاق واسع النّطاق وغير محدّد المعالم لا تدعمه ايّ من سوابقنا أو المصادر التاريخية للتعديل الأول”. (ص.2 من الرّاي المخالف) تماشيا مع الاستنتاجات التي خلصت إليها الأغلبيّة، رأى القاضي اوشانلاين ان الوقائع التي توصلت اليها محكمة المقاطعة “تكشف عن وجود نمط مزعج من سوء السلوك الجليّ من جانب بعض الأعوان الفدراليّين”. (ص.2 من الرّاي المخالف)
عوض الاعتماد على الوقائع التي جمعتها محكمة المقاطعة، أعاد القاضي اوشانلاين صياغة الأحداث للكشف عن “الصورة الكاملة” لسوء السّلوك المزعوم الصّادر عن المدّعى عليهم الفدراليّين. وعلى عكس ما ذهب إليه الرّأي الأغلبي في وصف الاحتجاجات بالسلميّة في أغلبها، أكد القاضي اوشانلاين على السّلوك “العنيف والمدمر” للمحتجّين. وفي هذا السياق، لم يعتبر القاضي اوشانلاين أن أفعال المدّعى عليهم الفدراليّين تشكل سبباً كافياً لمنح الصحفيين والمراقبين القانونيين “إعفاء خاصّا من الأوامر القانونيّة بالتّفريق “. (ص.2 من الرّاي المخالف)
كما رفض القاضي اوشانلاين اعتماد محكمة المقاطعة على سابقة Press-Enterprise II لتقييم “المطالبة بحق النّفاذ إلى الإجراءات الجنائية المكفول بموجب التّعديل الأوّل للدّستور”. (478 U.S. 1, 8-9 (1986)) (ص.12 من الرّاي المخالف) بل اعتبر أن حقّ النّفاذ بموجب التعديل الأول للدّستور “لا ينطبق قطّ على مكافحة الشغب وتفريق الحشود في الشّوارع العامّة.” (ص.13 من الرّأي المخالف) في قضيّة الحال، لم تناقش المحكمة العليا سوى الحقّ المشروط في النّفاذ إلى إجراءات جنائية محددة وليس حقّ النّفاذ الموسّع. وبينما وسّعت محكمة الاستئناف نطاق هذا المذهب وتجاوزت مجال تطبيقه الأوّلي، فقد اعتبر القاضي اوشانلاين أن “الاحتجاجات وأعمال الشغب الناجمة عنها ليست مجرد إجراءات حكومية يمكن المطالبة بالحق في النّفاذ إليها. ” (ص.14 من الرّأي المخالف). وفي نقده لتوسيع المحاكم الابتدائيّة لنطاق ذلك الحقّ ” دون دعم تاريخيّ مستفيض” اعتبر القاضي اوشانلاين: “بأنّ هذا الاضطراب المذهبي يتطلّب المزيد من التّنقيح “. (ص. 16 من الرّأي المخالف)
وحتى إذا كان الحق في النّفاذ صائبا، رفض القاضي اوشانلاين هذا التحليل حيث ينبغي تطبيقه بالتساوي على كل من الصحافة والعموم. (قضيّة منظّمة First Amendment Coalition في كليفورنيا ضدّ ودفورد، 299 F.3d 868, 873 n.2 (الدّائرة التّاسعة 2002) (ص. 17 من الرّاي المخالف) استشهد القاضي اوشانلاين بقضية برانزبورغ ضد هايس و أشار على أنّ “التعديل الأول لا يضمن للصحافة حقّا دستوريّا في النّفاذ الخاصّ على المعلومات غير المتاحة للعموم”. (قضيّة برانزبورغ ضدّ هايس، 408 U.S. 665, 684 (1972)). (ص.17 من الرّاي المخالف) لكن في قضيّة الحال، يمنح الأمر القضائي لمن يعرّفون أنفسهم على انّهم “صحفيّون” و “مراقبون قانونيّون” امتيازا خاصا يخوّل لهم عدم الامتثال لأوامر التّفريق التي يجب على عامة الناس الامتثال لها.” (ص.17 من الأمر المخالف) وعليه تبين أن الحكم يتعارض مع مبدأ التّعديل الأوّل للدّستور القائل بأنّ “وسائل الإعلام تتمتع بنفس الحقوق التي نتمتّع بها جميعا”. (ص.18 من الرّاي المخالف)
كما رأى القاضي اوشانلاين أن رأي الأغلبيّة لم يعتبر بما فيه الكفاية المصلحة الغالبة للحكومة في الدفاع عن الممتلكات والموظفين الفدراليّين. حسب ما جاء في قضيّة Press-Enterprise II ، يمكن لمصلحة الحكومة أن تتغلّب على حقّ النّفاذ المفترض إذا كانت تلك المصلحة ضرورية “للحفاظ على قيم اسمى” و عندما تكون الوسائل “مصممة حصريّا ” للحفاظ على تلك المصلحة. اعتبارا للاحتجاجات “الفوضوية والديناميكية” في بورتلاند إضافة إلى الأعمال غير القانونية التي اقترفها من يعرّفون بأنفسهم على كونهم صحفيين أو مراقبين قانونيين، خلص القاضي اوشانلاين إلى أن أوامر التّفريق كانت ضرورية للدفاع عن الممتلكات والموظفين الفيدراليين. دعما لهذا الاستنتاج، استشهد القاضي اوشانلاين بالعديد من القضايا التي كانت فيها مصلحة الحكومة، على نحو معقول، أقل إلحاحا تمّ فيها فرض نفس قيود على نفاذ العموم. (قضيّة ذياب ضدّ ترامب، 852 F.3d 1087, 1095 ( دائرة مقاطعة كولمبيا، 2017)؛ قضيّة الولايات المتحدة الأمريكيّة ضدّ Index Newspapers LLC، 766 F.3d 1072, 1087 (الدّائرة التّاسعة، 2014) (ص.23 من الرّاي المخالف)
بعد أن استنتج أنّ الحكومة قد تنجح في إثبات أن الأمر القضائي يفتقر إلى أساس قانوني كافي، أعرب القاضي اوشانلاين عن راي مخالف للرّاي الأغلبي ووافق على الالتماس العاجل لطلب الوقف في انتظار الاستئناف.
يشير اتجاه الحكم إلى ما إذا كان الأخير يُوسع من مدي التعبير أم يُضيقه بناءً على تحليل للقضية.
يتوسع القرار في نطاق حريّة التّعبير من خلال رفع الوقف على الأمر القضائي الأوّلي الذي أصدره القاضي لدى محكمة المقاطعة، مايكل سايمون ممّا يسمح للصحفيّين والمراقبين القانونيين بالبقاء على عين المكان عندما يعمل الأعوان الفدراليّون على تفريق المتظاهرين. وبينما لا يعترف رأي الأغلبية بحق النّفاذ الخاصّ بالصحفيّين والمراقبين القانونيّين بمقتضى التّعديل الأوّل للدّستور، فهو يعترف بالدور الهام الذي تضطلع به الصحافة. بيد أن الرّاي المخالف يدعو إلى توسيع نطاق سلطة الأعوان الفدراليّين لتفريق الصّحفيّين أثناء الاحتجاجات معتمدا في ذلك على تصوير مختلف للأحداث. كما أنّ قضيّة الحال جعلت المدعي العام في تلك الفترة، وليام ب. بار يصدر بياناً يؤيّد قرار الدائرة التاسعة بوقف الأمر القضائيّ بصفة مؤقّتة.
يوضح المنظور العالمي كيف تأثر قرار المحكمة بمعايير سواء من منطقة واحدة أو عدة مناطق.
تُشير أهمية هذه القضية إلى مدى تأثيرها وكيفية تغير مدى أهميتها بمرور الوقت.