حرية الاجتماع و تنظيم التجمعات / الاحتجاجات, التعبير السياسي
المدعي العام ضد حركة بدنا نحاسب
لبنان
قضية مُنتهية الحكم يُعزز من حُرية التعبير
حرية التعبير العالمية هي مبادرة أكاديمية، ولذلك، نشجعك على مشاركة وإعادة نشر مقتطفات من محتوانا طالما لا يتم استخدامها لأغراض تجارية وتحترم السياسة التالية:
• يجب عليك الإشارة إلى مبادرة جامعة كولومبيا لحرية التعبير العالمية كمصدر.
• يجب عليك وضع رابط إلى العنوان الأصلي للتحليل القضائي أو المنشور أو التحديث أو المدونة أو الصفحة المرجعية للمحتوى القابل للتنزيل الذي تشير إليه.
معلومات الإسناد وحقوق النشر والترخيص لوسائل الإعلام المستخدمة من قبل مبادرة حرية التعبير العالمية متاحة على صفحة الإسناد الخاصة بنا.
هذه القضية متاحة بلغات إضافية: استعرضها بلغة أخرى: English استعرضها بلغة أخرى: Français
نطقت المحكمة الدستورية الأوغندية بعدم دستوريّة أحد بنود قانون إدارة النظام العام لأنه يخول لضباط الشرطة منع التجمعات العامة وتفريقها. صدر القانون المعنيّ سنة ٢٠١٣ بعد أن ألغت المحكمة الدستورية حكمًا مشابهًا سنة ٢٠٠٥ وقد تقدّمت بالطّعن مجموعة من المنظمات غير الحكومية وعضو في البرلمان وأحد الزّعماء المرموقين في الكنسية. بينما أقرت المحكمة بأن حماية النظام العام أمر ضروري وأن القوانين المتعلّقة بالنظام العام لها ما يبررها في الديمقراطيات، فقد شددت على أنّ النصّ لا يمكن أن يسمح بقمع التجمعات العامة أو أن يطالب بالحصول على إذن مسبق لعقد تجمع عام.
خلصت المحكمة إلى أنه على الرغم من اختلاف صياغة المادّة ٨ من قانون إدارة النظام العام والحكم المنصوص عليه سابقا فإن “الموضوع والشّأن والغرض والأثر” لم يعرفوا تغييرا وبذلك يكتسي النصّ طابعا زجريّا ولا تنظيميّا. كما انتقدت المحكمة محاولة البرلمان تقويض قرارها السابق بتمرير هذا القانون ورأت أن الحكم ينتهك الحظر الدستوري على إقرار البرلمان قوانين لإلغاء القرارات القضائية والحماية الدستورية للحق في حرية التجمع.
سنة ٢٠٠٥ ألغت المحكمة الدستورية في أوغندا المادة ٣٢ (٢) من قانون الشرطة، الباب ٣٠٣ في الدّعوى الدّستوريّة عدد ٩ لسنة ٢٠٠٥ التي رفعها كيفومبي ضدّ النّائب العام.
تحمل المادّة ٣٢ عنوان “سلطة تنظيم التجمعات والمواكب ” وجاء في المادّة الفرعيّة (٢) ” عندما يبلغ لعلم المفتش العام الاستعداد لتنظيم ايّ تجمّع أو تشكيل أي موكب في أي طريق عام أو شارع أو في أي مكان من الأماكن العامة وتكون لديه أسباب معقولة للاعتقاد بأن التجمع أو الموكب قد يتسبّب في تعكير السّلام، يجوز للمفتش العام بإشعار كتابي إلى الشخص المسؤول عن تنظيم التجمّع أو تشكيل الموكب، منع التجمّع أو الموكب”.
اعتمد برلمان أوغندا سنة ٢٠١٣ قانون إدارة النظام العام الذي اشتمل على أحكام تقيّد عقد الاجتماعات العامة والتجمعات والمواكب ومنح المفتش العام للشرطة صلاحية وقف وتفريق تلك التجمعات العامة وفرض عقوبات جنائية على منظمي التجمعات. تعرّضت المادّة ٨ من قانون إدارة النّظام العام لانتقادات من قبل مجموعات مختلفة باعتبارها إعادة سنّ للمادة ٣٢ (٢) من قانون الشرطة الذي أُعتبر غير دستوريّ.
تنصّ المادّة ٨ على ما يلي: “(١) مع مراعاة توجيهات المفتش العام للشرطة ، يجوز لضابط مفوض أو أي ضابط شرطة آخر بدرجة مفتش أو رتبة أرفع ، أن يوقف أو يمنع عقد اجتماع علني عندما يكون الاجتماع العلني مخالفا لهذا القانون ؛ (٢) يجوز للضابط المفوّض لأغراض المادّة الفرعيّة (١) إصدار أوامر بما في ذلك أمر بتشتيت الاجتماع العام على نحو معقول حسب الظروف؛ (٣) على الموظف المأذون له ، عند إصدار أمر بموجب المادة الفرعية (٢) ، أن يراعي حقوق وحريات الأشخاص الذين صدر الأمر بشأنهم وحقوق وحريات الأشخاص الآخرين ؛ (٤) يرتكب الشخص الذي يهمل أو يرفض الامتثال لأمر بموجب هذه المادة جريمة عصيان الأوامر القانونية ويكون عرضة للعقوبة بموجب المادة ١١٧ من المجلّة الجزائيّة”.
يوم ١٠ ديسمبر ٢٠١٣ رفعت ثلاث منظّمات غير حكوميّة (الشبكة الأوغنديّة لحقوق الانسان و الشبكة التنمويّة للجمعيّات التطوعيّة للسكّان الأصليّين و الجمعيّة الأوغنديّة للمحاميات) و شخصان ( مونقا كيفومبي، عضو بالبرلمان و مدّعي في قضيّة كيفومبي و الاسقف الدّكتور زاك نيرينقي) دعوى أمام المحكمة الدستورية في أوغندا للطعن في دستورية أحكام مختلفة من قانون إدارة النظام العام.
خلال جلسة الاستماع بتاريخ ٢٩ فبراير ٢٠١٩، أشار المدّعون إلى أنّهم يكتفون بالطّعن في أحكام المادّة ٨ محتجّين بأنّ تلك المادّة تنتهك المادّة ٩٢ من دستور أوغندا التي تنصّ على أنه ” لا يجوز للبرلمان تمرير أي قانون لتغيير قرار أو حكم صادر عن محكمة فيما بين أطراف القرار أو الحكم ” لأن سنّ المادّة ٨ تسبّب في إلغاء قرار المحكمة في قضية كيفومبي.
يحمي الدستور الأوغندي الحق في حرية التجمع في المادة ٢٩(١) (ث) من الدستور التي تنص على أن “لكل شخص الحق في … حرية التجمع والتظاهر مع الآخرين بشكل سلميّ ودون حمل سلاح والحقّ في تقديم العرائض “.
أصدر القاضي باريشاكي الحكم الأغلبي الذي اتّخذته المحكمة الدستورية المتكوّنة من خمسة قضاة وقد اتّفق القضاة موسوكي وكاكورو وكيريابوير في الرّأي بينما اتّخذ القاضي موسوتا موقفا مخالفا. كانت المسألة الرّئيسيّة المطروحة أمام أنظار المحكمة تتمثّل في النّطق في دستوريّة المادّة ٨ من قانون إدارة النظام العام.
اعتبر المدّعون أنّ المادّة ٨ من قانون إدارة النّظام العام تنتهك المادّة ٩٢ من الدّستور لأنّ اعتمادها كان يهدف فقط إلى إلغاء قرار المحكمة الدّستوريّة في قضيّة كيفومبي وذهبوا إلى أنّ المادّة ٩٢ تسعى إلى حماية الفصل بين السّلط من خلال منع البرلمان من نقض القرارات القضائيّة ” كلّما لم تنل قرارات المحكمة إعجابه” (ص.٧) معتبرين المادّة ٨ من قانون إدارة النّظام والمادّة ٣٢ (٢) من قانون الشرطة متماثلين جوهريّا إذ كلاهما “يكتسي طابعا جزريّا ولا تنظيميّا” (ص.٨).
قال النائب العام إن قانون إدارة النّظام العام يسعى إلى ” تنظيم الاجتماعات العامة وتحديد واجبات ومسؤوليات الشرطة والمنظمين والمشاركين فيما يتعلق بالاجتماعات العامة وإلى ضبط تدابير لحماية النظام العام والمسائل ذات الصلة “(ص. ٧-٨). وأضاف أنه رغم تمتّع الأفراد بالحقّ في ممارسة حرية التجمع والتظاهر، يحق ايضا لأجهزة إنفاذ القانون التأكد من أن ممارسة هذه الحقوق تدور وفقا لأحكام الدستور وأضاف انّه لا يمكن افتراض أن جميع المتظاهرين سيمارسون حقوقهم بشكل قانوني. كما أكّد النائب العام أن الهدف من المادّة ٨ من قانون إدارة النّظام العام ليس نقض قرار المحكمة في قضيّة كيفومبي.
أشارت المحكمة إلى أنه لا بدّ عند تحديد دستورية التشريع من مراعاة الغرض منه ومن أثره وشددت على أن “الواجب المفروض على المحكمة الدستورية ليس دفع القيود الدستورية المفروضة على صحة القوانين الصّادرة عن البرلمان التي تهدف إلى التّقليص من الحريات والحقوق بل إلى توسيع نطاق الرقابة عليها” (ص.٥)
نظرت المحكمة في قرارها في قضية كيفومبي التي قرّرت فيها بالإجماع أن المادة ٣٢ (٢) من قانون الشرطة تنتهك المادتين ٢٠ (٢) و(٢٩)(١) (ث) من الدستور. وقد ناقشت المحكمة في ذلك القرار طبيعة الحق في حرية التّنظيم وأشارت إلى أن الحقّ في حرية الدين والمعتقد والرأي والكرامة وحرية التنظيم والتجمع السلمي هي حقوق “متأصلة ولا تمنحها الدولة” وأن الحقوق تحمي نشر الآراء المثيرة للجدل (ص.١١). وأكدت على الدور الحاسم الذي تضطلع به التجمعات والاحتجاجات السلمية في الديمقراطية وأن “الحفاظ على حرية التجمع والتعبير عن آراء معارضة يظلّ مؤشرا قويا للصحّة الديمقراطية والسياسية التي تتمتّع بها البلدان” (ص.١٢) وقد اعترفت المحكمة في قضيّة كيفومبي بأن المجتمع الديمقراطي ينبغي أن يشجع حرية التعبير وأن يتسامح إزاء “الازعاج أو الفوضى” التي تتسبّب فيها ممارسة ذلك الحق (ص.١٢) وبإلغائها للمادّة ٣٢ (٢) رأت المحكمة أنّ السلطة الممنوحة للمفتش العام بموجب تلك المادّة من قانون الشرطة “ردعيّة و ليست تنظيميّة” وأن الأحكام المضمّنة في تلك المادّة تنتهك الحق في حرية التّنظيم. (ص.١٢) وشددت المحكمة أيضا على أن الشرطة مخوّلة بموجب تشريعات أخرى للحفاظ على القانون وأن القيود المفروضة على ذلك الحق بموجب المادة ٣٢(٢) تتجاوز “ما هو مقبول ومبرّر بشكل واضح في مجتمع حرّ وديمقراطي” (ص.١٣).
لدى تحليلها للمادّة ٨ من قانون إدارة النظام العام، اشارت المحكمة إلى أنّ تلك المادّة تمنح سلطة تقديّرية للمفتش العام (وغيره من الموظفين المأذون لهم من المفتش العام) لوقف الاجتماعات العامة أو منعها وإصدار أمر بتفريق التجمّعات العامّة (مع مراعاة حقوق المحتجّين) وأن عدم التقيّد بتلك الأوامر يمثّل فعلا إجراميّا.
اعتبرت المحكمة المادّة ٨ زجريّة وليست تنظيميّة كما سبق مع المادة ٣٢(٢) من قانون الشرطة وبناء على ذلك، رأت المحكمة أن المادّة ٨ ” لها نفس غرض المادة ٣٢(٢) الملغاة من قانون الشرطة” (ص.١٧) وأشارت المحكمة إلى أنّ الأحكام المختلفة في قضية كيفومبي قد وضّحت بالتفصيل لماذا لا يمكن للقوانين تمكين الشرطة من منع التجمعات العامة وأنه “من المؤسف أن يتجاهل البرلمان والسّلطة التنفيذيّة بازدراء التّفسيرات التي قدّمها القضاة لإبطال المادة ٣٢(٢) من قانون الشرطة ” من خلال اعتماد قانون إدارة النظام العام. (ص.١٧)
واعتبرت المحكمة أن البرلمان عندما سنّ المادّة ٨ من قانون إدارة النظام العام تجاهل المادّة ٩٢ من الدستور لأنّه كان يسعى من خلالها إلى “تخفيف” أثر الحكم الصّادر عن المحكمة في قضية كيفومبي وشددت المحكمة على أنه رغم اختلاف صياغة المادّة ٨ من قانون إدارة النّظام العام والمادّة ٣٢(٢) من قانون الشرطة، فإن ” موضوع المادّة ٨ وشأنها والغرض منها وتأثيرها ” هي نفسها بالنّسبة إلى المادّة ٣٢(٢) بل وصفت المادّة ٨ بكونها “استنساخ ” للمادّة ٣٢ (٢).
رفضت المحكمة احتجاج النائب العام بكون المادّة ٨ قد سُنّت لإنفاذ المادة ٢٩ من الدستور بل اعتبرت أنّ الغرض من المادة ٨ يتمثّل في “تمكين الشرطة من قمع ممارسة حرية التجمع المكفولة دستوريا باستخدام سلطة تقديرية تعسفية للغاية” (ص. ٢٠-٢١).
بالإشارة إلى قضية مابريزي ضد النّائب العام رقم (UGSC 6 2019) في ١٨ ابريل ٢٠١٩ أشارت المحكمة إلى أن المادّة ٨ مكنت من إساءة استخدام السلطة بمنح ضباط الشرطة سلطة تقديرية تعسفية لتفريق التجمعات: وقالت إن ” أحكام النصّ أصبحت أداة توجهها الشرطة إلى أغراض حزبية تحت ستار الحفاظ على النظام العام” (ص. ٢١). وعلى الرغم من الاعتراف بأن حماية النظام العام أمر ضروري وأن القوانين التي تنظم النظام العام لها ما يبررها في الديمقراطيات، فقد شددت المحكمة على أن هذه اللائحة لا يمكن أن تسمح بقمع التجمعات العامة أو تطالب بإذن مسبق لعقد تجمّع عام وأضافت أن العنصر الرئيسي الذي ينبغي اعتباره في الاحتجاجات هو ما إذا كانت سلميّة وعندما تثير تلك الاحتجاجات الازعاج أو تخلّف الفوضى فذلك لا يمسّ من شرعيّتها وبناء عليه رفضت المحكمة ادعاء النائب العام بأن “الاجتماعات العامة يجب أن تعقد دون إزعاج أي شخص” (ص. ٢٢). أكّدت المحكمة مجدّدا على أن ” الشرطة لا تتمتع مطلقًا بأي سلطة قانونية لوقف التجمعات العامة على أساس ما يُزعم من خرق محتمل للسلم “(ص. ٢٢) واعتبرت أن فرض حظر شامل على التجمعات التي لم تحصل على إذن مسبق غير دستوري وينتهك المادة ٢٩. أقرّت المحكمة بأن التجمعات على غرار المسابقات الرياضية قد تسبب إزعاجا وأشارت إلى أن “رفض التّعامل بنفس الطريقة مع التجمعات العامة ذات الصّبغة السياسية هو ببساطة انعكاس لعداء غير دستوري من قبل أجهزة إنفاذ القانون إزاء الأنشطة السياسية” (ص. ٢٣).
شددت المحكمة عند إجراء تحليل مفصل لفقه القضاء المقارن على أنّ تجاهل الأوامر الصّادرة عن الشرطة على نحو غير قانونيّ لا يمكن أبدا أن يشكّل جريمة وأنه من واجب الدولة أن تمنع الاخلال بالسّلم أثناء التجمعات العامة السلميّة لكنّ ذلك لا يخوّل لأجهزة انفاذ القانون “تفريق التجمعات العامة على نحو عشوائيّ أو حظر تجمّعات النّشطاء السياسيّين المعارضين للحكومة القائمة” (ص. ٣٢). أقرّت المحكمة بأن الاخلال بالسّلم يمكن أن ينتج عن أعمال أجهزة إنفاذ القانون عندما تتدخّل في حقوق المتظاهرين أو من أفراد آخرين يتدخلون في الاحتجاج أو من المتظاهرين عندما يبتعدون عن أهداف الاحتجاج السلمي. ولاحظت المحكمة أيضا أن المادّة ٨ تمنح الشرطة سلطة شاملة لوقف التجمعات العامة وأن الشرطة تتمتع بصلاحيات بموجب قوانين أخرى للتصدي للتجمعات العنيفة. وشددت المحكمة – كما فعلت في قضية كيفومبي-على أنه إذا توقعت الشرطة أن يؤدي التجمع العام إلى إخلال بالسّلم، فإن واجبها يتمثّل في “تعزيز انتشار قواتها ولا في حظر التجمع المبرمج” وأن هذا الواجب لا يمكنه أن يشكّل عبئا ثقيلا على كاهل الشرطة (ص.١٧)
بناء على ذلك، رأت المحكمة أن المادّة ٨ غير دستوريّة وباطلة وأن البرلمان والسلطة التنفيذية تصرفا على نحو مخالف للمادة ٩٢ عند اصدار ذلك النصّ واشارت المحكمة إلى أنّ المادّة ٨ انتهكت المادّة ٩٢ والمادة ٢٩ وأنها كانت ستنطق بعدم دستوريّته حتى لو لم تبتّ في قضية كيفومبي من قبل.
في الرّأي المؤيّد الذي أبدته تجاوزت القاضية موسوكي مسألة دستورية المادّة ٨ لتفحص دستورية القانون ككل. وقبلت تعريف التجمّع السلمي الذي اعتمدته لجنة الأمم المتحدة المعنيّة حقوق الإنسان في تعليقها العام عدد ٣٧ واعتبرت أن تعريف “الاجتماع العام” في قانون إدارة النظام العام يشكّل محاولة من طرف البرلمان لتعريف التجمّع بعبارات تقييدية تسمح “بالتطبيق الانتقائي للقانون” (ص. ٦ من قرار القاضية موسوكي). بناء على ذلك، فهي تتّجه نحو الاقرار أيضا بعدم دستوريّة هذا العنصر من القانون وأشارت إلى أن الأثر المترتّب عن قانون إدارة النّظام العام هو تمكين الشرطة من سلطة تقديريّة لضبط قدرة الأفراد على ممارسة حقهم في حرية التجمع وأنّ القانون “يشمل نظاما قمعيّا” يحثّ الشرطة على “اعتبار أنّه يجب وقف التجمعات ما لم تأذن بها الشرطة” (ص.١٠ من قرار القاضية موسوكي). ولأنّها اعتبرت أن العديد من الاحكام الواردة في قانون إدارة النّظام العام غير دستورية، تنحى القاضية موسوكي نحو إلغاء نصّ القانون ككلّ.
اتفق القاضي كاكورو مع القاضية موسوكي على أنه رغم تخلي المدّعين عن بعض حججهم بشأن عدم دستورية أحكام قانون إدارة النّظام العامّ ينبغي تحديد جميع الأسباب الأوليّة التي جعلتهم يثيرون الدّعوى وقال إنه يعتبر أن قانون إدارة النّظام العامّ لا يخدم أي غرض لوجود قانون معمول به لتنظيم السلوك الإجرامي خلال التجمعات العامة، وأن القيود التي فرضها القانون على الحق في حرية التجمع لا يمكن تبريرها. إشارة إلى فقه القضاء المقارن، سلّط القاضي الضوء على الاحكام الواردة في القانون بشأن الاعلام المسبق واعتبر أن القيود المفروضة على الأفراد تجعل من المستحيل عقد تجمع عام دون الحصول أولا على إذن من الشرطة، وهو أمر لا يمكن تبريره في مجتمع حر وديمقراطي (ص. ٢١ من قرار القاضي كاكورو).
اعتبر القاضي كاكورو انّ قانون إدارة النّظام العام يجرّم “المعارضة السياسيّة المشروعة و الحوار و النّقاش وأي شكل آخر من أشكال التعبير السياسي العام ” و” الأعمال المشروعة للصحافة ووسائل الاعلام “و” الانخراط في المعارضة السياسية وغيرها من الهياكل الأخرى التي تعتبرها الشرطة عناصر غير مرغوب فيها في المجتمع ” (ص. ٢٩ من قرار القاضي كاكورو) وأشار إلى أن القانون يُستخدم لمنع التجمعات الخاصة في الفضاءات الخاصة. وبناء على ذلك، فهو يعتبر أن القانون غير دستوري في مجمله.
أصدر القاضي كيريابوير أيضا حكما مؤيّدا شدّد فيه على أهمية ضمان عدم إبطال البرلمان لمفعول الاحكام الصّادرة عن المحاكم بإلغائها من خلال التشريعات.
في الحكم المخالف، اعتبر القاضي موسوتا أن صيغة وطبيعة المادّة ٨ والمادة ٣٢(٢) تختلفان اختلافا جوهريا حيث رأى أن المادّة ٨ لا تسمح بوقف التّظاهر سوى عندما يتعارض مع القانون وهو ما يشكل قيدا مقبولا ومبررا للحق في التجمّع. وقال إنه لم يفسّر سنّ البرلمان للمادّة ٨ على أنه يلغي قرار المحكمة الدستورية في قضية كيفومبي لأنه يرى أنّ المادّة ٨ توفّر “اختبارا موضوعيا لتنظيم الجماهير” على عكس السلطة التقديرية المطلقة التي تمنحها المادة ٣٢(٢) لضباط الشرطة (ص. ١٦ من قرار القاضي موسوتا).
يشير اتجاه الحكم إلى ما إذا كان الأخير يُوسع من مدي التعبير أم يُضيقه بناءً على تحليل للقضية.
في حكمها بعدم دستوريّة المادّة ٨ من قانون إدارة النّظام العام شدّدت المحكمة الدّستوريّة على أنّ الاحكام التي تمنح ضباط الشرطة سلطة تقديرية لمنع التجمعات العامة أمر لا مبرر له في مجتمع ديمقراطي. كما وجّهت المحكمة برسالة قويّة تذكّر بالعلويّة الدّستوريّة عندما قضت بأنّه لا يمكن للبرلمان أن يلغي قرارها السابق. وعندما قضت بأنّ الاحكام التي يتمّ سنّها لتقويض قرار قضائيّ هي لاغية فقد كشفت المحكمة عن خيار دفاع مثير للاهتمام حيث لم تعد المحاكم مطالبة بالقيام بتحليل التقييدات المفروضة على الحريّات في القضايا المرفوعة بموجب ذلك الحكم الدّستوريّ ممّا من شأنه أن يبسّط عمليّة الغاء القوانين التي تنتهك حرية التعبير.
يوضح المنظور العالمي كيف تأثر قرار المحكمة بمعايير سواء من منطقة واحدة أو عدة مناطق.
تُشير أهمية هذه القضية إلى مدى تأثيرها وكيفية تغير مدى أهميتها بمرور الوقت.