الخصوصية وحماية البيانات والاحتفاظ بها
قضيّة المواد الإباحية غير الرضائية المرسلة إلى والدي الضحية
الإكوادور
قضية مُنتهية الحكم ذو نتيجة مُتباينة
حرية التعبير العالمية هي مبادرة أكاديمية، ولذلك، نشجعك على مشاركة وإعادة نشر مقتطفات من محتوانا طالما لا يتم استخدامها لأغراض تجارية وتحترم السياسة التالية:
• يجب عليك الإشارة إلى مبادرة جامعة كولومبيا لحرية التعبير العالمية كمصدر.
• يجب عليك وضع رابط إلى العنوان الأصلي للتحليل القضائي أو المنشور أو التحديث أو المدونة أو الصفحة المرجعية للمحتوى القابل للتنزيل الذي تشير إليه.
معلومات الإسناد وحقوق النشر والترخيص لوسائل الإعلام المستخدمة من قبل مبادرة حرية التعبير العالمية متاحة على صفحة الإسناد الخاصة بنا.
هذه القضية متاحة بلغات إضافية: استعرضها بلغة أخرى: English
اعتبرت الدّائرة الكبرى لمحكمة العدل للاتحاد الأوروبي في حُكم أوّلي بأن توجيه الاتحاد الأوروبي عدد ٤٦/٩٥ الذي ينصّ على الحق في حماية الحياة الخاصة عندما يتعلّق الأمر بمُعالجة البيانات الشخصية الحسّاسة تنطبق أيضا على مُشغلي مُحرّكات البحث.
رفع أربعة أشخاص في فرنسا شكاوى ضدّ مؤسسة جوجل بعد إجراء عمليات بحث عن أسمائهم. شملت نتائج البحث معلومات حول إداناتهم الجنائيّة والتحقيقات القضائيّة ومواقفهم الدّينيّة والسياسية. رفضت اللجنة الوطنيّة للإعلامية والحُرّيات سنتي ٢٠١٥ و٢٠١٦ قبول شكاواهم عندها استأنف الأربعة أشخاص دعاواهم أمام المجلس الأعلى بفرنسا رفض اللجنة الوطنيّة للإعلامية والحرّيات.
أحال المجلس الأعلى أمام محكمة العدل للاتحاد الأوروبي أسئلة تتعلّق بمُعالجة البيانات الشخصيّة الحسّاسة وبالتزامات مُشغلي مُحرّكات البحث. اعتبرت محكمة العدل بأن مُعالجة البيانات الشخصيّة من قِبل مُحرّكات البحث يُمكن ان تؤثر بشكل كبير على الحق في الخصوصية للأشخاص المعنييّن. يُمكن لأصحاب البيانات المنشورة المُطالبة بإلغاء المرجعيات وفكّ الإحالة إلى البيانات الشخصيّة المعنيّة، وبإلزام مُحرّكات البحث عند تقييمها للبيانات، بالعمل على الفصل الجيّد بين حقوق الخصوصيّة لأصحاب البيانات وحقوق مُستخدمي الانترنت في البحث عن البيانات التي تعنيهم.
قام أربعة أشخاص يُشار إليهم بالحروف الأولى لأسمائهم أي ج.س وأ.ف وب.ه وإ.د بمُطالبة شركة جوجل بإلغاء الإشارة أو إلغاء التأشير على أسمائهم من نتائج الأبحاث التي تُؤدّي إلى صفحات واب تنشُرها أطراف أخرى.
• طالبت ج.س بإلغاء الإشارة على رابط يُؤدّي إلى مونتاج ساخر من الصّور تمّ وضعُه على الخط من طرف مجهول سنة ٢٠١١ يستعرضُها بجانب رئيس بلديّة شغلت فيها خطّة مُديرة ديوان ويُشير بصفة جليّة إلى أثر تلك العلاقة على مسارها السياسي،
• طالب أ.ف بإلغاء الإشارة على مقال يتعلّق بانتحار عضو من كنيسة العلمولوجيا سنة ٢٠٠٦ ذُكر فيه اسمه بصفته مسؤول العلاقات العامة بالكنيسة،
• طالب ب.ه بإلغاء الإشارة على مقالات صحفيّة صادرة سنة ٢٠٠٦ تتعلّق بتحقيقات قضائيّة حول تمويل حزب سياسي تمّت فيها مُسائلته. تمّ غلق الإجراءات القضائية ضدّه سنة ٢٠١٠ ولم تذكر المقالات المعنية هذا التطوّر في القضيّة،
• طالب إ.د بإلغاء الإشارة على مقالين يصفان جلسات جنائيّة أفضت إلى الحُكم عليه بالسّجن لمُدّة سبع سنوات بالإضافة إلى حُكم بالمراقبة الاجتماعية والقضائيّة لمُدّة ١٠ سنوات بسبب اعتداءات جنسية على أطفال لم يتجاوز سنّهم ١٥ سنة. ذكر أحد المقالين تفاصيل حميميّة تتعلّق بإ.د تداولتها بعض الجلسات.
رفضت شركة جوجل مُختلف الطلبات فاستأنف الأشخاص الأربعة قرارها أمام الهيئة الفرنسيّة لحماية البيانات (اللجنة الوطنية للإعلامية والحُريات أو الكنيل). رفضت الكنيل مطالبهم سنتي ٢٠١٥ و٢٠١٦ فرفع المُدّعون مطلب استئناف ثاني أمام مجلس الدّولة الفرنسي. اعتبر مجلس الدّولة بأن المطالب تطرح عددا من الإشكاليّات تتعلّق بتأويل توجيه الاتحاد الأوروبي عدد ٤٦/٩٥ وأحال هذه المسائل إلى محكمة العدل للاتحاد الأوروبي وهو ما يُمثل قضيّة الحال.
يهدف التوجيه ٤٦/٩٥ إلى حماية الحقوق والحُرّيات الأساسيّة للأشخاص وخاصّة حقهم في الخصوصيّة فيما يتعلّق بمُعالجة البيانات الشخصيّة وإزالة العراقيل أمام التداول الحر للبيانات الشخصيّة. يمنع التوجيه مُعالجة البيانات الشخصيّة أي كل المعلومات التي تتعلّق بشخص تكون هويّته مُحدّدة أو قابلة للتحديد دون موافقة الشخص المعني بالمُعطيات. تنصّ المادة رقم ٨ (١) و(٥) بالخصوص على ما يلي:
٨ (١): يجب على الدّول الأعضاء منع مُعالجة البيانات الشخصيّة التي تكشف عن الأصل أو العرق أو المواقف السياسيّة أو المعتقدات الدينية أو الفلسفية أو الانتماء النقابي، وكذلك مُعالجة البيانات المُتعلقة بالحياة الصحية أو الجنسيّة.
٨ (٥): لا يُمكن مُعالجة البيانات المتعلقة بالجنح أو بالإدانات الجنائيّة أو بالإجراءات الأمنية إلا بإشراف السُلطات الرسمية او إذا ما توفرت الإجراءات الوقائيّة المُناسبة في إطار القوانين الوطنيّة باستثناء الحالات الخاصة التي يُمكن ان تطرحها الدول الأعضاء بموجب قوانين وطنية توفّر إجراءات وقائيّة خصوصيّة. لكن لا يُمكن مسك سجلّ كامل للإدانات الجنائيّة إلا بإشراف ومُراقبة السُلطة الرسّمية. يُمكن للدّول الأعضاء الإقرار بضرورة مُعالجة جميع البيانات والمُعطيات المُتعلّقة بالعقوبات الإداريّة أو بالأحكام في القضايا المدنية بإشراف السُلطة الرّسمية.
لا يُعدّ هذا المنع باتا ونهائيّا إذ يُمكن لدولة عضو مُعالجة بيانات شخصيّة لضرورة المصلحة العامة.
تمثلت الأسئلة التي بحثت فيها المحكمة الأوروبية فيما يلي:
١. ‘إن كان المنع واستثناءاته المتعلقة بمُعالجة أصناف خاصة من البيانات الشخصيّة المنصوص عليها في المادة رقم ٨ (١) و(٥) من التوجيه ٤٦/٩٥ تنطبق على مُشغلي مُحرّكات البحث،
٢. إن كان المنع ينطبق عليها:
– هل يتعيّن على مُحرّكات البحث الاستجابة لمطالب إلغاء الإشارة بخصوص الروابط إلى صفحات واب تحتوي على بيانات ومُعطيات خاصّة تشملها الأصناف الخصوصيّة التي تنص عليها المادة رقم ٨ (١) و(٥) من التوجيهية عدد ٤٦/٩٥،
– هل يُمكن لمُحرّكات البحث رفض مطالب إلغاء الإشارة التي تنصّ على القبول (المادة ٨(٢)(أ)) والمصلحة العامة (٨(٢)(ه)) وهي الاستثناءات التي أشار إليها التوجيه عدد ٤٦/٩٥،
– هل يُمكن لمُشغلي محرّكات البحث رفض الاستجابة لمطلب إلغاء الإشارة إن تمّ نشر البيانات المعنيّة فقط لأسباب صحفيّة أو فنية أو أدبيّة.
٣. هل يجب تأويل المادة ٨(٥) من التوجيه ٤٦/٩٥ بكونها تعني بأن المعلومات المُتعلّقة بالتحقيق حول شخص أو بوصف مُحاكمة أو بالإدانة أو الأحكام المُترتّبة عنها تُمثل بيانات تتعلّق بجنح أو بإدانات جنائيّة؟ وبصفة عامّة، هل يجب اعتبار صفحة واب تحتوي على بيانات تُشير إلى أو تُحيل على إدانات أو إجراءات قضائيّة تتعلّق بشخص بكونها تندرج تحت طائلة هذه الأحكام؟’
اعتبرت شركة جوجل في ردّها بأن خصائص عمليّة المُعالجة التي تقوم بها مُحرّكات البحث يجب أن تُعفيها من الامتثال لأحكام المادة ٨ (١) و(٥) من التوجيه ٤٦/٩٥ والمادّة ٩ (١) والمادة ١٠ من اللائحة ٢٠١٦/٦٧٩ للبرلمان الأوروبي وللمجلس المُنعقد يوم ٢٧ أبريل ٢٠١٦ حول حماية الأشخاص الطبيعيين بخصوص مُعالجات البيانات الشخصية والتداول الحر لهذه البيانات.
أصدرت الدّائرة العليا للمحكمة رأي كامل أعضائها إجابة على التماس الحكم المبدئيّ لمجلس الدّولة بفرنسا.
السؤال الأوّل:
بدأت المحكمة بتعريف مفهوم “مُعالجة البيانات الشخصيّة” بكونها نشاط مُحرّك البحث يشمل الكشف عن معلومات على الخط، وفهرستها آليّا وخزنها بصفة وقتية وتوفير النفاذ إليها لمُستخدمي الانترنت. اعتمادا على قرارها في قضيّة جوجل اسبانيا، أكّدت المحكمة على أنه بمُقتضى التوجيه عدد ٤٦/٩٥ فإنه يجب اعتبار مُحرّك بحث بكونه “مُراقبا” عندما يتعلّق الأمر بمُعالجة البيانات الشخصيّة.
وأضافت المحكمة بأن معالجة البيانات الشخصيّة من طرف مُحرّكات البحث تلعب “دورا جوهريا في نشر تلك البيانات على نطاق شامل” وتفتح النفاذ إلى صفحات ويب لفائدة “مستخدمي الانترنت الذين يقومون بعمليات البحث بالاعتماد على اسم صاحب البيانات بما فيهم مُستخدمي الانترنت الذين لن يتمكنوا بخلاف ذلك من التوصّل إلى صفحة ويب تحتوي على البيانات المعنية بالبحث” (الفقرة ٣٦). كما مكّنت مُحرّكات البحث من تحديد الملامح الدقيقة لصاحب البيانات وبذلك تكون قد أثرت بشكل كبير على الحق الأساسي في خصوصيّة الأشخاص وبالتالي يجب اعتبار أنشطتها بكونها تخضع لأحكام التوجيه عدد ٤٦/٩٥.
تنصّ المادة ٨ (١) من التوجيه ٤٦/٩٥ بأنه يتعيّن على الدّول الأعضاء منع مُعالجة البيانات الشخصيّة التي تكشف عن الأصل أو العرق أو المواقف السياسيّة أو المُعتقدات الدّينية أو الفلسفية أو الانتماءات النقابيّة وكذلك البيانات المُتعلّقة بالأوضاع الصحية أو بالحياة الجنسيّة. تُشير المادة ٨ (٥) بأنه لا يُمكن مُعالجة البيانات المتعلقة بالجنح أو بالإدانات الجنائيّة أو بالإجراءات الأمنية إلا بإشراف السُلطات الرسمية او إذا ما توفرت الإجراءات الوقائيّة المُناسبة في إطار القوانين الوطنيّة باستثناء الحالات الخاصة التي يُمكن ان تطرحها الدول الأعضاء بموجب قوانين وطنية توفّر إجراءات وقائيّة خصوصيّة. اعتبرت المحكمة بأن هذه القيود تنطبق على كُلّ شكل من أشكال مُعالجة الأصناف الخاصّة للبيانات بما فيها أنشطة المُعالجة التي تقوم بها مُحرّكات البحث.
رفضت المحكمة حُجّة شركة جوجل بكون نشاط مُشغلي مُحرّكات البحث يُعفيهم من الامتثال للتوجيه عدد ٤٦/٩٥. ذكّرت المحكمة بأن المُفوّضية الأوروبية أكّدت على أن مُشغل مُحرّك بحث يتحمّل المسؤوليّة لا بسبب ظهور بيانات شخصيّة على “صفحة ويب نشرها طرف ثالث لكن بسبب فهرسة تلك الصّفحة وخاصة بسبب نشر الرّابط إلى صفحة واب في قائمة النتائج المعروضة على مُستخدمي الانترنت نتيجة بحث قاموا به بالاعتماد على اسم شخص، بما أن عرض الرّابط في مثل هذه القائمة يُمكن أن يؤثر بشكل كبير على الحق الأساسي لصاحب البيانات في الخصوصيّة وفي حماية البيانات الشخصيّة المُتعلّقة به” (الفقرة ٤٦).
السؤال الثاني:
بإقرارها بأن أحكام المادة ٨ (١) و(٥) من التوجيه عدد ٤٦/٩٥ تنطبق أيضا على مُشغّلي مُحرّكات البحث، انكبّت المحكمة على تحديد ما إذا كان يتعيّن على المُشغل إلغاء الرّوابط التي تُحيل على صفحات واب تحتوي على أصناف مُحدّدة من البيانات الشخصيّة وما هي الاستثناءات التي يُمكن أن ينتفع بها.
حسب المادّة ١٧ من اللائحة عدد ٢٠١٦/٦٧٩، يجوز لصاحب البيانات المُطالبة بالحق في النسيان أو بالحق في أن “يحجب المُشغل جميع البيانات الشخصيّة المُتعلّقة به أو بها دون تأخير غير مُبرّر ويتعيّن على المُشغل فسخ البيانات المعنية في الإبّان عند وجود أي من الأسباب المذكورة في هذه الأحكام” (الفقرة ٥٥)، تشمل أسباب فسخ البيانات الشخصيّة الحالات التي “لم تعد فيها البيانات الشخصيّة ضروريّة في علاقتها بالأسباب التي تمت من أجلها مُعالجتها وعندما يسحب صاحب البيانات موافقته التي تمت المعالجة بمقتضاها وفي غياب أي سبب قانوني آخر لمُعالجتها ولمّا يُعارض صاحب البيانات عمليّة المُعالجة بالاعتماد على المادة ٢١ (١) أو (٢) من اللائحة التي تُعوّض المادة ١٤ من التوجيه ٤٦/٩٥ أو عندما تتم مُعالجة البيانات بصفة غير قانونيّة أو لما يتعيّن إلغاء البيانات لضرورة الامتثال لالتزام قانوني أو عندما يتمّ جمع البيانات في إطار معلومات توفرها المجموعة للأطفال” (الفقرة ٥٥).
لكن حق صاحب البيانات في النسيان ليس باتا ونهائيا إذ يجب أن يُراعي الحق في المعلومة المضمون بالمادة ١١ من الميثاق الأوروبي للحقوق الأساسيّة. كما يُمكن تقييد الحق في الخصوصيّة والحق في حماية المُعطيات الشخصيّة التي تضمنها تباعا المادتين ٧ و٨ من الميثاق الأوروبي “طالما نصّ القانون على تلك القيود التي يجب أن تحترم الحقوق والحُريات باعتبار مبدأ النسبيّة وأن تكون ضرورية وتستجيب بشكل جيّد لأهداف المصلحة العامة المُعترف بها من طرف الاتحاد الأوروبي أو للحاجة لحماية حقوق وحُريات الآخرين” (الفقرة ٤٨).
باعتبار هذه الاستثناءات، استوجب على المحكمة تحديد الشروط التي يتعيّن فيها على مُشغل مُحرّك بحث الاستجابة لطلب في إلغاء الإحالة. ذكرت المحكمة أنه تبعا للمادة ٨(٢)(أ) و(ه) للتوجيه ٤٦/٩٥، لا يجوز منع مُعالجة البيانات الشخصيّة عندما يمنح صاحب البيانات موافقته العلنية لعملية المُعالجة إلّا في صورة ما إذا رفضت إحدى الدّول الأعضاء المعنية هذه المُوافقة. بالإضافة إلى ذلك تُجيز المادة ٨(٤) للتوجيه ٤٦/٩٥ “مُعالجة أصناف من البيانات لضرورة مصلحة عامة بالغة الأهمية بالاعتماد على قانون الاتحاد الأوروبي أو على قوانين أحد الدّول الأعضاء على أن تتناسب تلك المُعالجة مع الأهداف المنشودة وأن تحترم الحق في حمايات البيانات وأن توفر إجراءات مناسبة وخاصة الحفاظ على الحقوق الأساسيّة ومصالح صاحب البيانات” (الفقرة ٤٣).
أكّدت المحكمة على أن الموافقة يجب أن تكون ” مُحدّدة” أي أن تتعلّق خصوصيا بالمعالجة التي يقوم بها مُحرّك البحث. أقرّت المحكمة بأنه في الواقع لا يبحث مُشغلو مُحرّكات البحث على الموافقة العلنية من لدى أصحاب البيانات قبل مُعالجة بياناتهم الشخصيّة وأكّدت على ” أن مُجرّد تقديم الشخص مطلبا لإلغاء الإشارة يعني مبدئيا وعلى الأقل عند تقديم المطلب بأنه لم يعُد موافقا على المُعالجة التي يقوم بها مُشغّل مُحرّك البحث” (الفقرة ٦٢). يُمثل سحب المُوافقة أحد الأسباب لتبرير تطبيق الحق في النسيان بموجب المادة ٩(٢)(أ) للّائحة ٢٠١٦/٦٧٩.
عندما يتلقى مُشغل مُحرّك بحث مطلبا لإلغاء الإشارة يجب عليه التأكّد عما إذا كان الحق في حرية المعلومات لمُستخدمي الانترنت يتفوّق على الحق في خصوصية صاحب البيانات. يجب على مُشغل مُحرّك البحث عند تقييم هذا الأمر أن “يعتبر طبيعة المعلومات المعنية وحساسيتها بالنظر إلى الحياة الشخصيّة لصاحب البيانات ومصلحة عامة الناس في الحصول على تلك المعلومات، وهي مصلحة يُمكن أن تتغيّر خاصة بالنظر إلى الدّور الذي يلعبه صاحب البيانات في الحياة العامة” (الفقرة ٦٦). بالإضافة إلى ذلك، عندما يتعلق الأمر بمُعالجة البيانات الحسّاسة، يكتسي التدخل في الحقوق الأساسية لصاحب البيانات المتعلّقة بالخصوصية والحماية أهمية بالغة.
لذلك، عندما يتلقى مُشغل مُحرّك بحث مطلبا لإلغاء إحالة رابط لموقع واب يحتوي على بيانات حسّاسة، يجب عليه أن يُحدّد ما إذا كان إدراج ذلك الرابط في نتائج البحث بالاعتماد على اسم صاحب البيانات أمرا ضروريا لحماية حُرّية المعلومات لمُستخدمي الانترنت الذين قد تكون لهم مصلحة في النفاذ إلى الصفحة المعنية باعتماد طريقة البحث تلك، المضمونة بمُقتضى المادة ١١ للميثاق.
تبعا لذلك، قضت المحكمة بما يلي:
– يجب على مُشغلي مُحرّكات البحث الاستجابة لمطالب إلغاء إحالة الروابط إلى صفحات واب تحتوي على بيانات شخصيّة تندرج في إطار الأصناف الخاصّة المُشار إليها في المادة ٨ (١) و(٥) للتوجيه ٤٦/٩٥، باعتبار الاستثناءات،
– يُمكن لمُشغّلي مُحرّكات البحث رفض الاستجابة لمطلب إلغاء الإحالة إن كانت المُعالجة كانت قد نُشرت على الملأ من طرف صاحب البيانات أو إن باتت ضروريّة لإثبات دعاوى قانونيّة أو إقرارها أو الدّفاع عنها،
– يتعيّن على مُشغل مُحرّك بحث عند تقبّل مطلب لإلغاء الإحالة تقييم المُعادلة بين الحق الأساسي لصاحب البيانات في الخصوصية وحماية البيانات الشخصيّة مُقابل حماية حرّية المعلومات لمُستخدمي الانترنت الذين قد تكون لهم مصلحة في النفاذ إلى الصفحة المعنية باعتماد طريقة البحث تلك.
السّؤال الثالث:
أخيرا تعيّن على المحكمة تحديد ما إذا كانت المعلومات المتعلّقة بإجراءات قانونية لإدانة سارية تندرج في إطار ما يُعرف “بالجنح والإدانات الجنائيّة” المنصوص عليها في المادة ٨(٥) للتوجيه ٤٦/٩٥، وإن كان على مُشغل مُحرّك البحث الاستجابة لمطالب إلغاء الإحالة بخصوص نتائج بحث تستعرض معلومات قديمة أو لم تعُد مُناسبة.
بالرجوع إلى تجارب الحكومات الفرنسية والإيرلندية والإيطالية والبولونية وكذلك المُفوّضية الأوروبية، ذكرت المحكمة بأن “المعلومات المتعلّقة بإجراءات قانونيّة مرفوعة ضدّ شخص كتلك المُتعلّقة بالتحقيقات والمُحاكمة والإدانات السارية إن وُجدت تُمثل بيانات تتعلّق “بجُنح” و”بإدانات جنائيّة” بقطع النظر عمّا إذا تمّت إدانة صاحب البيانات أم لا (الفقرة ٧٣). تجوز مُعالجة مثل هذه المعلومات على الرّغم من “أن المعالجة المشروعة الأوّلية للبيانات الصّحيحة يُمكن مع الوقت أن تتعارض مع التوجيه أو اللائحة لما تفقد تلك البيانات صبغتها الضروريّة بالنظر إلى الأهداف التي تمّ جمعها ومعالجتها من أجلها. (الفقرة ٧٤).
في تقييمهم لمطالب إلغاء الإشارة المتعلّقة ببيانات تتصل بجنح وإدانات جنائيّة، يجب على مُشغلي مُحرّكات البحث ضمان التوازن العادل بين حقهم في احترام الحياة الخاصة وحرية عامة الناس في المعلومات. “بالبحث عن هذا التوازن العادل، يجب اعتبار الدّور الأساسي الذي تلعبه الصحافة في مُجتمع ديمقراطي والذي يشمل الإعلام بالإجراءات القانونية والتعليق عنها. بالإضافة إلى ذلك وعلاوة على وظيفة الإعلام في تقديم المعلومات والأفكار يجب اعتبار حق الناس في الحصول عليها” (الفقرة ٧٦). في إشارتها لقضيّة م.ل و دابل يو دابل يو ضدّ ألمانيا، ذكّرت المحكمة بأن “مصلحة عامة الناس ليست فقط في الحصول على معلومات حول أحداث ذي شأن لكن أيضا في قُدرتهم على البحث في أحداث ماضية، مع العلم بأن مصلحة الناس في الإعلام بالإجراءات الجنائيّة تختلف من حيث الدّرجة، مع إمكانية تطوّرها مع الوقت حسب الظروف الخصوصيّة للقضيّة” (الفقرة ٧٧).
تبعا لذلك، اعتبرت المحكمة بأنه يتعيّن على المُشغل تقييم الحاجة إلى إلغاء الإشارة إلى معلومات حول إجراءات جنائيّة مرفوعة ضدّ صاحب البيانات تتعلّق بمرحلة سابقة من الإجراءات ولم تعُد تُمثل الأوضاع الحالية بالاعتماد على “طبيعة وخطورة الجنحة وعلى تقدّم ونتائج الإجراءات وعلى الفترة الزمنية المُنقضية وعلى دور صاحب البيانات في الحياة العامة وعلى سلوكه الماضي وعلى مصلحة العموم عند تقديم الطّلب وعلى مُحتوى وشكل النشر وعلى انعكاسات النشر على صاحب البيانات”. (الفقرة ٧٧).
بالإضافة إلى ذلك، حتى وإن قرّر المُشغل عدم إلغاء إحالة الرابط المعني، يتعيّن عليه “تعديل قائمة النتائج بصفة تعكس من خلالها بشكل عام الوضعية القانونية الحالية لمُستخدمي الانترنت” أي أن توضع المعلومات المستجدّة والأكثر تحديثا في أعلى القائمة (الفقرة ٨٨).
يشير اتجاه الحكم إلى ما إذا كان الأخير يُوسع من مدي التعبير أم يُضيقه بناءً على تحليل للقضية.
الحُكم يُعزز التعبير بما أنه يمنح لمُشغلي مُحرّكات البحث السلطة والصلاحية لتحديد الروابط التي يجب إلغاء الإشارة إليها والروابط المُعفاة من ذلك. بالإضافة إلى ذلك يحافظ الحُكم على نظام الإعلام والإبطال إذ يُمكّن مُحرّكات البحث من الإجابة على الطّلبات عوضا على أن يضعها في موضع يتعيّن عليها فيه بكل استقلاليّة متابعة البيانات الحسّاسة بشكل استباقي وإزالتها من الفهرسة.
كما يحمي الحُكم حق أصحاب البيانات في ضمان دقة المعلومات الحساسة المتعلّقة بهم والموضوعة على الخط بإلزامهم مُشغلي مُحرّكات البحث بتعديل قائمة النتائج بشكل تعكس فيه الصورة العامة المعروضة على مُستخدمي الانترنت الأوضاع الحالية. على الرغم من بعض المظاهر الإيجابيّة للحُكم، فإن مُطالبة مُحرّكات البحث بتعديل النتائج يُمكن أن يحدّ من دقة النتائج وأن يؤدّي إلى انعكاسات غير متوقّعة.
يوضح المنظور العالمي كيف تأثر قرار المحكمة بمعايير سواء من منطقة واحدة أو عدة مناطق.
تُشير أهمية هذه القضية إلى مدى تأثيرها وكيفية تغير مدى أهميتها بمرور الوقت.