الحقوق الرقمية, إيقاف تشغيل الإنترنت, الإشراف على المحتوى, تنظيم المحتوى والرقابة عليه, الأمن القومي, الوصول إلى معلومات عامة
مشروع الحقوق الاجتماعيّة والاقتصاديّة والمساءلة ضدّ جمهوريّة نيجيريا الاتحاديّة
نيجيريا
قضية جارية الحكم يُعزز من حُرية التعبير
حرية التعبير العالمية هي مبادرة أكاديمية، ولذلك، نشجعك على مشاركة وإعادة نشر مقتطفات من محتوانا طالما لا يتم استخدامها لأغراض تجارية وتحترم السياسة التالية:
• يجب عليك الإشارة إلى مبادرة جامعة كولومبيا لحرية التعبير العالمية كمصدر.
• يجب عليك وضع رابط إلى العنوان الأصلي للتحليل القضائي أو المنشور أو التحديث أو المدونة أو الصفحة المرجعية للمحتوى القابل للتنزيل الذي تشير إليه.
معلومات الإسناد وحقوق النشر والترخيص لوسائل الإعلام المستخدمة من قبل مبادرة حرية التعبير العالمية متاحة على صفحة الإسناد الخاصة بنا.
هذه القضية متاحة بلغات إضافية: استعرضها بلغة أخرى: English
أمرت المحكمة العليا بغواهاتي بالاستئناف الفوريّ لخدمات شبكة الانترنت النقّال في ولاية أسام لغياب ما يدلّ على وجود تهديدات كافية للنّظام العام لتبرير التّقييد بعد أن حجبت ولاية أسام خدمات شبكة الانترنت النقّال وخدمات الانترنت ذات النّطاق التردّدي العريض بتاريخ ١١ ديسمبر ٢٠١٩ ردّا على الاحتجاجات وأعمال العنف في علاقة بتعديل قانون الجنسيّة المثير للجدل. لكن رغم أنّ المدينة عرفت هدوء اجتماعيّا نسبيّا مع رفع حظر التجوّل وعودة خدمات الانترنت ذات النّطاق التردّدي العريض يوم ١٧ ديسمبر إلّا أنّ خدمات الانترنت النقّال ظلّت محجوبة. أقرّت المحكمة بأنّ القانون يسمح بالحجب في بعض الأوضاع المحدّدة لكن لا بدّ من تقييم تلك الأوضاع على نحو متواصل ومن إعادة الخدمات ما أن يسمح الوضع بذلك. أشارت المحكمة إلى الدّور الخاصّ الذي تضطلع به خدمات الانترنت في الحياة اليوميّة وإلى أنّ الحجب من شأنه أن “يتسبّب في وقف كليّ للحياة”.
أمّا بالنّسبة إلى الحجج القانونيّة المتعلّقة بصلاحيّة واختصاصات السّلطات الحكوميّة لإصدار إشعارات طبقا للبند ٥ (٢) من قانون البرق الهندي الصّادر سنة ١٨٨٥ تقضي بحجب خدمات الانترنت، فسيتمّ التطرّق إليها عند النّظر في الأسس الموضوعيّة للقضيّة.
رفع المحامون بناشري قوقوي وديفا كنايا دولي ورنديب شارما والصّحفي أجيت كومار بهويان (المدّعون) أربع دعاوى للمصلحة العامة ضدّ الاشعارات التي أصدرتها حكومة أسام لحجب خدمات شبكة الانترنت الجوّال وخدمات الانترنت ذات النّطاق التردّدي العريض بتاريخ ١١ ديسمبر ٢٠١٩.
تمّ الأمر بالحجب في أعقاب الاحتجاجات وأعمال العنف التي اندلعت في علاقة بقانون الجنسيّة المعدّل. تحسّبا منها لمزيد تقويض القانون والنّظام ولتهديد الأمن العام احتجّت حكومة أسام بأحكام البند ٥ (٢) من قانون البرق الهندي الصّادر سنة ١٨٨٥ مقرونة بقواعد التّعليق الوقتي لخدمات الاتّصالات (في الطّوارئ العامّة أو السّلامة العموميّة) لسنة ٢٠١٧ لمنع خدمات الأنترنت الجوّال/المعطيات التي يسديها جميع مزوّدي خدمات الانترنت في عشر مقاطعات من ولاية أسام لمدّة ٢٤ ساعة ثمّ تمّ سحبها على كامل الولاية. تمّ في نهاية المطاف الغاء القيود المفروضة على خدمات الانترنت ذات النّطاق التردّدي العريض لكنّ تلك المتعلّقة بخدمات الانترنت الجوّال ظلّت قائمة.
شمل المدّعى عليهم كلّا من أمين الحكومة الهنديّة ووزير الدّاخليّة والشّؤون السياسيّة ووزير الاتصالات ووزير الاعلام والتّكنولوجيا وحكومة أسام والمدير العام للشرطة ومفوّض الشرطة.
أدلى القاضي مانوجيت بهويان بقرار المحكمة التي تألّفت من القاضيين الموقّرين مانوجيت بوهيانو سوميترا سايكيا. كانت المسألة الأساسيّة المطروحة أمام المحكمة تتمثّل فيما إذا كانت الدّولة تمسك بالأدلّة الكافية لتبرير استمرار حجب خدمات شبكة الانترنت الجوّال. تحفّظت المحكمة على حجج الطّرفين المتعلّقة بصلاحيّة واختصاصات السّلطات الحكوميّة لإصدار إشعارات طبقا للبند ٥ (٢) من قانون البرق الهندي الصّادر سنة ١٨٨٥، وكذلك على المسائل القانونيّة الأخرى المثارة التي تتطلّب اطّلاعا معمّقا في مرحلة لاحقة عند النّظر حصريّا في الأربع دعاوى للمصلحة العامّة من حيث الأسس الموضوعيّة.
شرعت المحكمة بالتّذكير بالأمر الصّادر عنها بتاريخ ١٧ ديسمبر ٢٠١٩ فيما يتعلّق بالقضيّة رقم PIL 78/2019 الذي رأت فيه أنّه رغم العودة إلى الأوضاع العاديّة (غياب أعمال العنف أو انقطاع حركة المرور) في ولاية أسام فإنّ الولاية لم تنجز تقييما للوضع مجدّدا وأنّ تواصل الحجب تسبّب ” في شلّ كامل للعمل داخل المدينة وفي الولاية” (ص.٥). فعلى سبيل المثال انقطع التيّار الكهربائيّ سهوا عن المنازل المجهّزة بعدّادات الاستهلاك المنزلي المدفوع مسبقا لأنّها تعتمد على الانترنت في تشغيلها كما أنّ المحاكم لم تتمكّن من النّفاذ إلى جداول الجلسات للقيام بعملها وتوقّفت الصّفقات التّجاريّة التي لم يستطع المعنيّون ابرامها. في هذه الحالة، لاحظت المحكمة أنّ حظر التجوّل قد تمّ التّخفيف فيه على نحو متدرّج كما تمّ استئناف خدمات الانترنت ذات النّطاق التردّدي العريض لكنّ خدمات الانترنت الجوّل مازالت محجوبة رغم الأضرار التي تسبّبت فيها على مستوى عمل الولاية. مع احترام الأولويّة التي يجب منحها ” لحفظ القانون والنّظام” أوصت المحكمة بإعادة خدمات الأنترنت الجوّال خلال المساء وأمرت الطّرف المدّعى عليه بتقديم حججه التي تبرّر الاستمرار في الحجب.
رغم الأمر الصّادر عن المحكمة تواصل الحجب واعتبر المدّعون أنّ مواصلة الحجب لا تعتمد على ايّ تبرير وذكّروا بأنّ خدمات الانترنت ذات النّطاق التردّدي العريض قد تمّت استعادتها وأنّ حظر الجولان قد رُفع لكنّ الولاية لم تنجز أيّ استعراض لتقييم التّهديدات العالقة ضدّ النّظام العام وبأنّ صياغة الاشعارات اللاحقة لم تأخذ بعين الاعتبار عودة الوضع الاجتماعي إلى حالته الطّبيعيّة. و أحتجّ المدّعون بكون مصطلح “القانون و النّظام” هو مصطلح غريب عن البند ٥ (٢) من القانون؛ و ساقوا في هذا الصّدد مثال قضيّة شرايا شنقهال ضدّ الاتّحاد الهندي (٢٠١٥) المرفوعة أمام المحكمة العليا في الهند لبيان أنّ تعبيري ” النّظام العام” و ” القانون و النّظام” لهما مدلول مختلف.
في الطّرف المقابل، ذكر محامي المدّعى عليهم الإفادة الخطيّة بتاريخ ١٩ ديسمبر ٢٠١٩ لبيان أنّ الاشعارات تمثّل تبريرا ملائما لمواصلة حجب خدمات شبكة الانترنت النقّال رغم استعادة العمل بخدمات الانترنت ذات النّطاق التردّدي. أشار لسان الدّفاع بالتّحديد إلى الفقرة ١٥ من الإفادة الخطيّة للتّأكيد على أنّ سلطات الولاية قد عقدت اجتماعا في مساء يوم ١٨ ديسمبر ٢٠١٩ لاستعراض الوضع وأنّ المعلومات التي تلقتّها الولاية من مختلف الوكالات الاستخباراتيّة جعلت الاجتماع يفضي بالإجماع إلى قرار مواصلة حجب خدمات الانترنت الجوّال وحزمة الرّسائل القصيرة لمدّة ٢٤ ساعة إضافيّة من أجل الحفاظ على الأمن العامّ. وكدليل على كلامه قدّم المحامي رسالة أرسل بها مدير مكتب الاستعلامات في نيو دلهي تطلب من الشّرطة البقاء في حالة تأهّب وضمان الحفاظ على القانون والنّظام إزاء الاشتداد المتوقّع للمظاهرات.
أشارت المحكمة في تحليلها النّهائيّ إلى مزايا وعيوب خدمات الانترنت واعتبرت أنّ الطّرف المدّعى عليه لم يقدّم ما يفيد أو ما يقنع المحكمة بوجود اضطرابات وأعمال عنف أو تدهور القانون والنّظام بما يبرّر تواصل القيود المفروضة. أوردت المحكمة الملاحظات التّالية:
“أقلّ ما يمكن قوله هو أنّ تقدّم العلوم والتّكنولوجيا جعل خدمات الانترنت الجوّال تضطلع بدور محوريّ في مسار حياتنا اليوميّة إلى درجة تجعل قطع تلك الخدمة يتسبّب في شلل تامّ لسير الحياة وهذا لا يعني البتّة أن اغلاق الخدمات أو حجبها يجب أن يعتبر لعنة فالقانون يسمح بالحجب في حالات معيّنة. لكن هل للقطع أن يستمرّ عندما لا يبرّر الوضع الاستمرار فيه؟ عندما يتغيّر الوضع الذي تمّ بموجبه إصدار الاشعار الأوّل؟ عندما يتبيّن لنا بوضوح انّ حياة المواطنين قد عادت إلى وضعها العاديّ؟ وبعد أن تراجعت بوضوح حالة الطّوارئ العامّة التي فرضت حجب خدمات الانترنت النقّال…” (ص.٨)
بناء على ذلك أصدرت المحكمة أمرا مؤقّتا للمدّعى عليهم وخاصّة الطّرف الخامس من بينهم (أمين عام حكومة أسام، دائرة الشّؤون الدّاخليّة والسياسيّة) بإعادة خدمات الانترنت الجوّال لكافّة مزوّدي خدمات الانترنت في ولاية أسام مع حلول السّاعة الخامسة بعد الظّهر من يوم ١٩ ديسمبر ٢٠١٩. وأضافت المحكمة أنّها تتيح للمدّعى عليهم اتّخاذ إجراءات لكبح وإيقاف نشر الرّسائل أو أشرطة الفيديو المتفجّرة على منصّات التّواصل الاجتماعي التي تنحى إلى التّحريض على العنف وعلى الاخلال بالأمن العامّ وذلك بناء على مبرّرات مقبولة.
يشير اتجاه الحكم إلى ما إذا كان الأخير يُوسع من مدي التعبير أم يُضيقه بناءً على تحليل للقضية.
يوسّع هذا القرار بالتّحديد في حريّة تلقّي ونقل المعلومات دون تدخّل إذ اعتبر أنّه لا مبرّر لمواصلة حكومة أسام في حجب خدمات الانترنت الجوّال وهو قرار هامّ حيث أنّه يبرز الموقف القانوني الرّاسخ الذي يعتبر أنّه لا يمكن الحدّ من التّعبير بناء على مجرّد ادّعاءات أو مزاعم بوجود تهديدات للسلامة العامّة أو النّظام العام أو الأمن الوطني بل يتعيّن على الطّرف الذي يسعى إلى الحدّ من حريّة التّعبير بما في ذلك عبر الانترنت أن يقدّم إلى المحكمة الحجج الكافية التي تمكّنها من اثبات الادّعاء بوجود تهديد للسّلامة العامّة أو للأمن العامّ بما يسمح بفرض القيود أو مواصلة فرضها كما هو الحال في هذه القضيّة.
يوضح المنظور العالمي كيف تأثر قرار المحكمة بمعايير سواء من منطقة واحدة أو عدة مناطق.
تُشير أهمية هذه القضية إلى مدى تأثيرها وكيفية تغير مدى أهميتها بمرور الوقت.