ترخيص / تنظيم وسائل الإعلام
الاتحاد البوروندي للصحفيين ضد المُدّعي العام
بوروندي
قضية مُنتهية الحكم يُعزز من حُرية التعبير
حرية التعبير العالمية هي مبادرة أكاديمية، ولذلك، نشجعك على مشاركة وإعادة نشر مقتطفات من محتوانا طالما لا يتم استخدامها لأغراض تجارية وتحترم السياسة التالية:
• يجب عليك الإشارة إلى مبادرة جامعة كولومبيا لحرية التعبير العالمية كمصدر.
• يجب عليك وضع رابط إلى العنوان الأصلي للتحليل القضائي أو المنشور أو التحديث أو المدونة أو الصفحة المرجعية للمحتوى القابل للتنزيل الذي تشير إليه.
معلومات الإسناد وحقوق النشر والترخيص لوسائل الإعلام المستخدمة من قبل مبادرة حرية التعبير العالمية متاحة على صفحة الإسناد الخاصة بنا.
هذه القضية متاحة بلغات إضافية: استعرضها بلغة أخرى: English
أصدرت المحكمة الدستورية في جمهورية سلوفينيا حكمًا يقضي بأن التخفيض التعسفي لتمويل هيئة البثّ الإذاعي والتلفزيوني العام، كما نصّت عليه أحكام قانون الإعلام المعدَّل والتشريعات الثانوية ذات الصلة، يُعد انتهاكًا للحق الدستوري في حرية التعبير. واعتبرت المحكمة أن هذا التخفيض يقوّض الاستقلال المالي والتحريري لهيئة البثّ العام من دون أي مبرر موضوعي.
نشأت القضية بعدما طعنت هيئة البثّ العام في التعديلات على قانون الإعلام، والتي نصّت على تحويل ٣٪ من تمويلها إلى برامج إعلامية أخرى، معتبرة أن ذلك يمسّ بقدرتها على العمل بشكل مستقل وينتهك الضمانات الدستورية المقررة لها. وعلى الرغم من اعتراض الحكومة وعدد من أعضاء البرلمان وهيئة البثّ نفسها، تم اعتماد التعديل من دون إجراء تقييم لتأثيره على عمل الهيئة.
رأت المحكمة أن السلطة التشريعية فشلت في تبرير تقليص التمويل أو تقييم أثره على الدور الدستوري لهيئة البثّ العام، مما يجعل القرار تعسفيًا. وشدّدت على أن حماية الاستقلال المالي لهيئة البثّ العام أمر جوهري لضمان حرية التعبير وحق الجمهور في الحصول على المعلومات.
المشتكية، مؤسسة راديو وتلفزيون سلوفينيا، هي محطة الباثة العامة الوطنية في سلوفينيا، وتعمل كمؤسسة عامة ذات أهمية ثقافية ووطنية خاصة. تقدّم خدمات إذاعية وتلفزيونية لتلبية الاحتياجات الثقافية والاجتماعية والديمقراطية للمجتمع السلوفيني، بما في ذلك الأقليات والسلوفينيين المقيمين في الخارج. يتم تمويل عملياتها من مصادر متعددة، من بينها الاشتراكات الشهرية الإلزامية التي يدفعها كل بيت في سلوفينيا للوصول إلى خدمات البث.
في ٢٧ أبريل ٢٠٠١، عدّل البرلمان السلوفيني قانون الإعلام، حيث فرض رسم اشتراك إلزامي على راديو وتلفزيون سلوفينيا، وخصّص ٣٪ من التمويل المجمّع لوسائل إعلامية أخرى. المادة المطعون فيها، وهي المادة ٨٢ من قانون الإعلام، أُدرجت خلال القراءة الثالثة في البرلمان من دون أن تكون متضمَّنة في مشروع الحكومة الأصلي.
خلال المناقشات البرلمانية، أثيرت عدة اعتراضات، سواء على طريقة اقتراح التعديل أو على مضمونه. فقد حذّرت أمانة الجمعية الوطنية للتشريع والشؤون القانونية من أن التعديل قد يكون غير دستوري وقد يخلق تعارضات قانونية مع مؤسسة راديو وتلفزيون سلوفينيا. وأعربت لجنة الثقافة والتعليم والشباب والعلوم والرياضة في الجمعية الوطنية عن المخاوف نفسها، وأوصت بحلول تمويل بديلة لدعم البرامج ذات الأغراض الخاصة خارج نطاق البث العام. كما أقرّ ممثلو الحكومة السلوفينية بالطبيعة الدستورية الإشكالية للتعديل المقترح، وأبدوا دعمهم لإمكانية لجوء مؤسسة راديو وتلفزيون سلوفينيا إلى الطعن القضائي في حال إقراره. كذلك عارض عدد من البرلمانيين وممثلي مؤسسة راديو وتلفزيون سلوفينيا هذا الإجراء، مبدين المخاوف ذاتها.
على الرغم من هذه الاعتراضات، أقرّ البرلمان التعديل، فتم تحويل ٣٪ من إيرادات اشتراكات مؤسسة راديو وتلفزيون سلوفينيا إلى برامج إذاعية وتلفزيونية محلية أو إقليمية أو طلابية، خارج خدمات البثّ العام التي يقدّمها مؤسسة راديو وتلفزيون سلوفينيا.
في سنة ٢٠٠١، تقدّمت مؤسسة راديو وتلفزيون سلوفينيا بطلب مراجعة دستورية للمادة ٨٢ من قانون الإعلام المعدَّل.
لاحقًا، في سنة ٢٠٠٢، اعتمدت الحكومة “اللائحة الخاصة بالمعايير المتعلقة بتمويل البرامج الإذاعية أو التلفزيونية ذات الأهمية المحلية أو الإقليمية أو الطلابية”، والتي حدّدت آليات توزيع الأموال المحوّلة وعرّفت نطاق المستفيدين.
وفي سنة ٢٠٠٣، وسّعت مؤسسة راديو وتلفزيون سلوفينيا طعنها الدستوري ليشمل هذه اللائحة، معتبرة أنها تقوّض أكثر الاستقلال المالي للباثّ العام وتنتهك الحماية الدستورية لحرية الإعلام.
القاضي ويدام لوكيش، رئيس المحكمة الدستورية في سلوفينيا، أصدر الحكم باسم المحكمة الدستورية لجمهورية سلوفينيا. تمثلت المسألة الأساسية أمام المحكمة في ما إذا كان التدخل في الاستقلال المالي للبثّ العام الوطني يُشكل انتهاكًا للمبدأ الدستوري لحرية التعبير، بما في ذلك حقوق الإعلام العام، نظرًا للأهمية الخاصة لراديو وتلفزيون سلوفينيا كمؤسسة عامة. وقد نظرت المحكمة في دستورية الأحكام المطعون فيها في قانون الإعلام واللائحة التي نصّت على إعادة توجيه ٣٪ من التمويل العام الإلزامي لراديو وتلفزيون سلوفينيا لدعم وسائل إعلام محلية وإقليمية وبرامج طلابية.
جادلت مؤسسة راديو وتلفزيون سلوفينيا بأن هذا التحويل المالي ينتهك المادة ٣٩ من الدستور، التي تضمن حرية التعبير، وأحكامًا خاصة من قانون راديو وتلفزيون سلوفينيا التي تكفل استقلال المؤسسة المالي. فيما دفعت الدولة بأن إعادة التوزيع تخدم مصالح عامة مشروعة من دون أن تعيق بشكل جوهري عمل المؤسسة.
انطلق تحليل المحكمة في أربع مراحل رئيسية. أولًا، أكدت المحكمة أهلية مؤسسة راديو وتلفزيون سلوفينيا لتقديم الطعن، معترفة بدورها الدستوري الفريد في تمكين المواطنين من حقهم في المعلومات. وأشارت المحكمة إلى أن المؤسسة، بصفتها الجهة الأساسية المكلفة بتحقيق هذا الحق الجوهري، لها مصلحة قانونية مباشرة في حماية استقلالها التشغيلي. [فقرة ٦]
ثانيًا، بشأن الدور الأوسع لراديو وتلفزيون سلوفينيا، استشهدت المحكمة بقرارها السابق رقم U-I-172/94، مؤكدة أن: “الصحافة الحرّة، المستقلة عن السلطة، تساعد في إنشاء وتشكيل رأي عام محايد ومطّلع وتمكّنه من مراقبة جميع فروع السلطة وتضمن الفعالية السياسية للمعارضة.” [فقرة ٧] ورأت المحكمة أن المشرّع ملزم بضمان الاستقلال التحريري والهيكلي والاقتصادي للبثّ العام من خلال أطر قانونية مناسبة. ويُعد هذا الالتزام أكثر أهمية في حالة وسائل الإعلام التي أنشأتها الدولة مثل راديو وتلفزيون سلوفينيا، حيث تتمثل مهمتها الأساسية في حماية وتيسير الحق الدستوري للمواطنين في الوصول إلى المعلومات العامة. [فقرة ٨]
ثالثًا، أنشأت المحكمة رابطًا مباشرًا بين الاستقلال المالي والاستقلال التحريري. واستنادًا إلى اجتهاداتها، بما في ذلك القرار رقم U-I-174/94، قضت بأن: “التمويل من الميزانية العامة لا يعادل التمويل من الاشتراكات، إذ إن خطر خضوع البرامج الوطنية للإذاعة والتلفزيون لمراكز القوى السياسية والاقتصادية يكون أكبر في حالة التمويل من الميزانية.” [فقرة ١٢]
أخيرًا٬ وجدت المحكمة أن العملية التشريعية كانت معيبة من أساسها. فقد أُدخل تحويل التمويل أثناء القراءة الثالثة لمشروع القانون من دون تقييم عواقبه. ورأت المحكمة أنه رغم أن للمشرّع سلطة تقديرية في تعديل هياكل التمويل، فإن مثل هذه التغييرات تتطلب تبريرًا موضوعيًا لضمان عدم المساس باستقلال الإعلام. وكما جاء في الحكم: “لو أن المشرّع، بالتعاون مع راديو وتلفزيون سلوفينيا، قد قيّم بعناية العواقب المحتملة لتقليص الاشتراك وخلص إلى أن التخفيض لن يهدد الاستقلال المحمي دستوريًا للمؤسسة أو لن يؤثر في تنفيذ مهامها، لكان قراره مبرّرًا من الناحية الموضوعية.” غياب هذا التقييم جعل التعديل تعسفيًا وغير دستوري. [فقرات ١٦–١٧]
وبناءً على ذلك، خلصت المحكمة إلى أن التعديلات التي أُدخلت على قانون الإعلام في سلوفينيا قوّضت بصورة غير مشروعة الاستقلال المالي للبثّ العام الوطني، راديو وتلفزيون سلوفينيا، في انتهاك للحماية الدستورية لحرية التعبير.
يشير اتجاه الحكم إلى ما إذا كان الأخير يُوسع من مدي التعبير أم يُضيقه بناءً على تحليل للقضية.
حكم المحكمة الدستورية السلوفينية يوسّع من نطاق حرية التعبير من خلال تعزيز الاستقلال المالي والتحريري لهيئات البثّ العام. كما يؤكد على أهمية الإعلام العام المستقل، ويدعم بذلك حرية الإعلام بوصفها حقًا أساسيًا. في السياق السلوفيني، يعزّز هذا القرار من حماية البثّ العام باعتباره حجر الزاوية في الخطاب الديمقراطي.
يوضح المنظور العالمي كيف تأثر قرار المحكمة بمعايير سواء من منطقة واحدة أو عدة مناطق.
تُشير أهمية هذه القضية إلى مدى تأثيرها وكيفية تغير مدى أهميتها بمرور الوقت.