الأمن القومي, التعبير السياسي, العنف ضدّ المتحدّثين/الإفلات من العقوبة
منظمة العفو الدولية وآخرون ضد السودان
السودان
قضية مُنتهية الحكم يُعزز من حُرية التعبير
حرية التعبير العالمية هي مبادرة أكاديمية، ولذلك، نشجعك على مشاركة وإعادة نشر مقتطفات من محتوانا طالما لا يتم استخدامها لأغراض تجارية وتحترم السياسة التالية:
• يجب عليك الإشارة إلى مبادرة جامعة كولومبيا لحرية التعبير العالمية كمصدر.
• يجب عليك وضع رابط إلى العنوان الأصلي للتحليل القضائي أو المنشور أو التحديث أو المدونة أو الصفحة المرجعية للمحتوى القابل للتنزيل الذي تشير إليه.
معلومات الإسناد وحقوق النشر والترخيص لوسائل الإعلام المستخدمة من قبل مبادرة حرية التعبير العالمية متاحة على صفحة الإسناد الخاصة بنا.
هذه القضية متاحة بلغات إضافية: استعرضها بلغة أخرى: English
رأت مجموعة العمل المعنية بالاحتجاز التعسفي التابعة للأمم المتحدة أن احتجاز جيمي لاي الانفرادي من قبل سلطات هونغ كونغ كان تعسفيًا وينتهك حقوق الإنسان الدولية، ولا سيما الحق في حرية التعبير بموجب المادة التاسعة عشرة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. جيمي لاي، الناشط البارز المؤيد للديمقراطية ومؤسس صحيفة “آبل ديلي”، احتُجز لأكثر من ثلاث سنوات وتمت ملاحقته بموجب قانون الأمن القومي في هونغ كونغ إلى جانب تهم أخرى ناتجة عن مشاركته السلمية في الاحتجاجات وتعليقاته السياسية وعمله الإعلامي.
لاحظت مجموعة العمل أن احتجازه يفتقر إلى أساس قانوني سليم وأنه عوقب على ممارسته لحقوقه في حرية التعبير والتجمع السلمي وحُرم من محاكمة عادلة بسبب تدخلات سياسية وتعرض للتمييز على أساس الرأي السياسي. وانتقدت مجموعة العمل الأحكام الغامضة والفضفاضة لقانون الأمن القومي وإلغاء قرينة الإفراج بكفالة واستخدام القانون الجنائي لقمع المعارضة المشروعة.
وخلصت مجموعة العمل إلى أن حرمان جيمي لاي من حريته يُعد احتجازًا تعسفيًا، ودعت إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عنه وتعويضه وإجراء إصلاحات قانونية عاجلة ليتماشى إطار هونغ كونغ القانوني مع التزاماتها في مجال حقوق الإنسان الدولية.
جيمي لاي تشي-يينغ هو مواطن بريطاني ومقيم في هونغ كونغ. أسّس شركة “نيكست ديجيتال” وصحيفة “آبل ديلي“، وهي صحيفة ناطقة بالصينية واسعة الانتشار تُعرف بمحتواها المؤيد للديمقراطية والمناهض للفساد. اكتسبت “آبل ديلي” شعبية كبيرة مع الوقت، وبلغت نسبة توزيعها أربعمائة ألف نسخة. وعلى مدار سنوات، قاد لاي حملات نشطة من أجل الديمقراطية ووجّه انتقادات للسلطات المحلية، مما جعله هدفًا للترهيب، لا سيما في يناير عام ٢٠١٥، حينما ألقى رجال مقنّعون قنابل حارقة على منزله ومقر شركته الإعلامية.
بين فبراير وأبريل ٢٠٢٠، اعتقلت الشرطة لاي من منزله بتهم تتعلق بتنظيم والمشاركة في تجمعات عامة غير مصرح بها في عامي ٢٠١٩ و٢٠٢٠. وفي ١٠ أغسطس ٢٠٢٠، اعتُقل مجددًا بسبب كتاباته السياسية واقتحمت الشرطة مكاتب “آبل ديلي” وصادرت مواد صحفية. في اليوم نفسه، تم القبض على بعض موظفي “نيكست ميديا”. وفي يونيو ٢٠٢١، جمّدت الشرطة أصولًا تابعة لشركة لاي بقيمة ١٨ مليون دولار هونغ كونغي، بالإضافة إلى حسابات مصرفية تتجاوز قيمتها ٥٠٠ مليون دولار هونغ كونغي وتمت ملاحقة شركات أخرى يملكها. وتحت ضغط شديد، أُجبرت “آبل ديلي” على الإغلاق بعد ستة وعشرين عامًا من العمل.
في ديسمبر ٢٠٢٠، ألغت السلطات الإفراج بكفالة عن لاي في قضية احتيال ثم أضافت إليه تهم التحريض والتواطؤ مع قوى أجنبية بموجب قانون الأمن القومي. رغم حصوله على إفراج مؤقت بشروط صارمة، استأنفت النيابة القرار، فعاد إلى السجن في ٣١ ديسمبر ٢٠٢٠. وبحلول سبتمبر ٢٠٢٢، كان لاي قد قضى عدة أحكام تتعلق بالمشاركة في الاحتجاجات. وهو الآن في الحبس الانفرادي في سجن ستانلي ويواجه تهمًا بموجب قانون الأمن القومي قد تؤدي إلى السجن مدى الحياة.
واجه لاي عدة ملاحقات قانونية في هونغ كونغ شملت: قضايا بموجب قانون الأمن القومي تتعلق بمنشورات تحريضية وتواطؤ مع قوى أجنبية؛ أربع قضايا جنائية مرتبطة بتجمعات احتجاجية في ٢٠١٩–٢٠٢٠؛ إجراءات تنظيمية ناجمة عن تجميد أصول أثرت على دوره في شركة “نيكست ديجيتال ليمتد”؛ قضية تتعلق بمخالفة شروط عقد الإيجار، حيث زُعم أنه ارتكب احتيالًا بالسماح لشركة استشارية باستخدام جزء من مقر “آبل ديلي”.
في قضايا الأمن القومي، استندت التهم إلى أعمال لاي الصحفية واجتماعاته مع شخصيات سياسية أجنبية — بمن فيهم سياسيون من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، بالإضافة إلى نشطاء في مجال حقوق الإنسان. زعمت النيابة أن مقالات لاي ومحادثاته شجعت على التدخل الأجنبي وهددت الأمن القومي. وقد حُرم من حقه في الاستعانة بمحامٍ دولي، إذ استخدمت السلطات مبررات أمنية لمنع المحامي الذي اختاره من تمثيله أمام المحكمة. بدأ محاكمته في ١٨ ديسمبر ٢٠٢٣ بعد عدة تأجيلات. وقبيل بدء المحاكمة، دعا وزير الخارجية البريطاني اللورد كاميرون إلى الإفراج عنه، واصفًا الملاحقة بأنها ذات دوافع سياسية. أغلقت النيابة قضيتها في ١١ يونيو ٢٠٢٤. وبعد رفض المحكمة لدفع الدفاع بعدم وجود قضية تستدعي الإجابة، تم تأجيل الجلسات حتى ٢٠ نوفمبر ٢٠٢٤، حين بدأ لاي في الإدلاء بشهادته.
في قضايا الاحتجاج، أُدين لاي في جميع القضايا الأربع. في القضية الأولى والمتعلقة باحتجاج حديقة فيكتوريا في ١٨ أغسطس ٢٠١٩، أدانته المحكمة بتنظيم والمشاركة في تجمع غير مرخص. على الرغم من أن التجمع كان سلميًا وحضره مليون وسبعمائة ألف شخص، حُكم عليه بالسجن لمدة ١٢ شهرًا. وألغت محكمة الاستئناف لاحقًا الإدانة بتهمة التنظيم، لكنها أبقت على تهمة المشاركة. في القضيتين الثانية والثالثة، بتاريخ ٣١ أغسطس و١ أكتوبر ٢٠١٩، أقر لاي بالذنب وحُكم عليه بالسجن ثمانية أشهر في كل منهما. أما في القضية الرابعة، المتعلقة بالوقفة السنوية لإحياء ذكرى مذبحة تيانانمن في ٤ يونيو ٢٠٢٠، فقد أُدين بالتحريض وحُكم عليه بالسجن ١٣ شهرًا، رغم أنه لم يحضر الفعالية إلا لمدة ١٥ دقيقة.
في القضايا التنظيمية، جمدت السلطات أصول لاي وسحبت منه حقوق التصويت في “نيكست ديجيتال ليمتد”. وقد أُجبرت الشركة، التي كانت تُعد أكبر مؤسسة إعلامية مستقلة في هونغ كونغ، على التصفية وتم شطبها من البورصة في يناير ٢٠٢٣. وقد عكست هذه الإجراءات النهج العقابي الذي تتبعه الدولة تجاه لاي وعملياته الإعلامية.
وأخيرًا، في قضية مخالفة عقد الإيجار، أدانت المحكمة لاي أكتوبر ٢٠٢٢ بتهمة الاحتيال بسبب سماحه لشركة استشارية بالعمل من مقر “آبل ديلي” دون ترخيص مناسب. فُرضت قيود شبيهة بقانون الأمن القومي على القضية، رغم أنها تُعد نزاعًا تجاريًا. وفي ١٠ ديسمبر ٢٠٢٢، حكمت عليه المحكمة بالسجن خمس سنوات وتسعة أشهر. جادل محامو الدفاع بأن القضية مدنية بطبيعتها وأن العقوبة غير متناسبة، خاصة بالنظر إلى عمره وسجله في الاحتجاز السابق وحالته الصحية. وهو حاليًا يستأنف الحكم والعقوبة.
لقد أثارت القضية قلقًا دوليًا متواصلًا. ففي ٢٢ يناير ٢٠٢٤، أصدر خمسة من المقررين الخاصين للأمم المتحدة بيانًا يدعون فيه إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن لاي. وبعد ذلك بوقت قصير، في ٣١ يناير ٢٠٢٤، أعلنت الأمم المتحدة أن المقرر الخاص المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، قد وجّه خطابًا رسميًا إلى السلطات الصينية أعرب فيه عن قلقه الشديد من احتمال أن تكون أدلة رئيسية في محاكمة لاي قد انتُزعت تحت التعذيب، ودعا إلى فتح تحقيق فوري في هذه المزاعم. وتوالى الضغط الدبلوماسي. ففي ١٦ أكتوبر ٢٠٢٤، أبلغ رئيس الوزراء البريطاني السير كير ستارمر البرلمان بأن قضية لاي تمثل أولوية بالنسبة للحكومة البريطانية، ودعا سلطات هونغ كونغ إلى إطلاق سراحه دون تأخير. وفي ٢٣ أكتوبر ٢٠٢٤، وردًا على أسئلة برلمانية بشأن زيارته إلى الصين، أكد وزير الخارجية ديفيد لامي أنه كرر دعوة المملكة المتحدة للإفراج الفوري عن لاي خلال اجتماعاته مع نظيره الصيني في بكين.
أصدرت مجموعة العمل المعنية بالاحتجاز التعسفي التابعة للأمم المتحدة رأيًا بشأن القضية. تمثلت المسألة المركزية أمام مجموعة العمل فيما إذا كان اعتقال ومحاكمة واحتجاز جيمي لاي من قبل سلطات هونغ كونغ الناتج عن ممارسته لحقوقه في حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات يشكّل احتجازًا تعسفيًا في انتهاك للقانون الدولي لحقوق الإنسان.
صنفت مجموعة العمل الاحتجاز التعسفي ضمن خمس فئات. تنطبق الفئة الأولى عندما لا يوجد أساس قانوني للحرمان من الحرية. تغطي الفئة الثانية الحالات التي يُحتجز فيها الأفراد بسبب ممارستهم لحقوقهم وحرياتهم الأساسية، مثل حرية التعبير أو التجمع السلمي أو تكوين الجمعيات. تتعلق الفئة الثالثة بالاحتجاز الناتج عن انتهاكات جسيمة للحق في محاكمة عادلة. تتناول الفئة الرابعة الاحتجاز الإداري المطوّل للمهاجرين أو طالبي اللجوء أو اللاجئين دون مراجعة قضائية مناسبة. وأخيرًا، تتعلق الفئة الخامسة بالحالات التي يكون فيها الاحتجاز ناتجًا عن التمييز على أساس الرأي السياسي أو الدين أو العرق.
في ١ مارس ٢٠٢٤، طلبت مجموعة العمل معلومات من الحكومة بشأن احتجاز لاي وأساسه القانوني، لكنها لم تتلق أي رد.
الفئة الأولى: بشأن مشروعية الاحتجاز
اعتبرت مجموعة العمل أن احتجاز لاي السابق للمحاكمة تعسفي بموجب الفئة الأولى وخلصت إلى أنه انتهك المادة ٩(٣) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (الحق في الحرية والأمان الشخصي). وأكّدت أنه بموجب القانون الدولي، “تُعتبر الحرية مبدأً والاحتجاز استثناءً يُتخذ في مصلحة العدالة.” [الفقرة ٩٤] ووفقًا لمجموعة العمل، فشلت السلطات المحلية في تبرير ضرورة احتجاز لاي، وهو رجل مسن حسن السيرة، لفترة طويلة دون محاكمة. كان نظام الكفالة بموجب المادة ٤٢ من قانون الأمن القومي، الذي يعكس قرينة الإفراج بكفالة، إشكاليًا بشكل خاص. وكما أشارت مجموعة العمل، فإن النص يتطلب معايير غامضة وغير واقعية، مثل إثبات أن المتهم لن يستمر في ارتكاب أفعال تهدد الأمن القومي، مما يجعل من المستحيل على المتهم ضبط سلوكه أو الطعن في احتجازه بشكل فعّال.
وأكدت مجموعة العمل أن شروط الكفالة يجب أن “تُحدّد بدرجة الدقة اللازمة” وأن أي رفض للإفراج بكفالة يجب أن يكون مخصصًا ومبررًا. إن استمرار احتجاز لاي السابق للمحاكمة، دون مبرر كافٍ أو دراسة لبدائل أقل تقييدًا مثل الكفالة، فشل في تلبية هذه المعايير. [الفقرة ٩٥] وبالتالي، اعتبرت مجموعة العمل أن احتجاز لاي يفتقر إلى الأساس القانوني ويخالف المادة ٩ من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
الفئة الثانية: بشأن الحرمان من الحرية وحرية التعبير
وجدت مجموعة العمل أن اعتقال لاي واحتجازه المستمر تعسفيان بموجب الفئة الثانية لأنه نتج مباشرة عن ممارسته المشروعة للحقوق المحمية دوليًا، وتحديدًا حقوقه في حرية التعبير والتجمع السلمي بموجب المادتين ١٩ و٢١ من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، على التوالي. وقالت مجموعة العمل إن هذه الحقوق أساسية في أي مجتمع ديمقراطي ويجب أن تفي القيود المفروضة عليها باختبارات صارمة تتعلق بالشرعية والضرورة والتناسب.
وأشارت مجموعة العمل إلى أن قضية لاي تتعلق بخطاب سياسي أساسي. ورأت مجموعة العمل أنه تم احتجازه ومحاكمته بسبب أفعال مثل نشر مقالات وافتتاحيات ناقدة للحكومة والمشاركة في الخطاب السياسي والمشاركة في احتجاجات سلمية والدعوة إلى الإصلاحات الديمقراطية والمساءلة. ذكرت مجموعة العمل أنه لم يتم تقديم أي دليل من قبل الحكومة يثبت أن سلوك لاي تضمن عنفًا أو تحريضًا عليه. على العكس من ذلك، كانت أفعاله تعبيرات غير عنيفة بوضوح عن المعارضة والرأي السياسي. وأكّدت مجموعة العمل أن على الدول التزامًا ليس فقط بعدم معاقبة التعبير السياسي السلمي، بل بتيسيره. وذكرت أن “التمتع بالحق في تنظيم والمشاركة في التجمعات السلمية… ينطوي على التزام إيجابي من الدولة” لتمكين هذه المشاركة.” [الفقرة ٩٩]
كما وجدت مجموعة العمل أن الإجراءات ضد لاي، سواء في التهم المتعلقة بالاحتجاج أو في القضايا التنظيمية (مثل تجميد الأصول وتصفية الشركة وانتهاك عقد الإيجار)، كان لها تأثير تراكمي يتمثل في إسكات صوته وتفكيك منصته الإعلامية، “آبل ديلي”. لم تكن هذه الإجراءات تدابير قانونية معزولة. ووفقًا لمجموعة العمل، شكّلت نمطًا من الانتقام السياسي. إن استخدام السلطات لأحكام غامضة وواسعة النطاق بموجب قانون الأمن القومي مكّنها من استهداف خطاب لاي وقمع المعارضة بشكل عام. وخصّت مجموعة العمل بالذكر الأحكام غير المتناسبة التي فُرضت على لاي بشأن مشاركته السلمية في التجمعات العامة. وقالت إن محاكم هونغ كونغ فرضت أحكامًا بالسجن حتى في غياب إرشادات للعقوبة وعلّلت العقوبات القاسية بالردع وبالملف الشخصي العام للاي. رفضت مجموعة العمل هذا النهج، مؤكدة أن العقوبات على المشاركة السياسية السلمية يجب أن تلتزم بمبدأ التناسب ولا يمكن أن تستند إلى الوضع السياسي أو التأثير المتصوّر. وأشارت إلى أن “انتهاكات القوانين التي تقيّد حرية التعبير لا يجب أن تُعاقب بالاحتجاز لأن هذه العقوبة غير متناسبة.” [الفقرة ١٠١]
وأخيرًا، أدانت مجموعة العمل استخدام قانون الأمن القومي في محاكمة لاي لافتقاره إلى الوضوح والدقة القانونية، مما يجعل من المستحيل على الأفراد التنبؤ بأي الأفعال قد تؤدي إلى المسؤولية الجنائية. إن اللغة الغامضة في القانون – وخصوصًا مفهوم “الأفعال التي تهدد الأمن القومي” غير المعرّف – تنتهك مبدأ اليقين القانوني وتسمح بتطبيق تعسفي وتمييزي. وأكّدت مجموعة العمل أن مثل هذا التشريع الغامض يجعل أي احتجاز ناتج عنه تعسفيًا بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان. بالنظر إلى ما سبق، خلصت مجموعة العمل إلى أن محاكمة لاي وسجنه لم يكونا غير مبررين فحسب، بل خُصّصا لردع حرية التعبير والمشاركة الديمقراطية. بناءً عليه، اعتبرت أن احتجاز لاي تعسفي بموجب الفئة الثانية، في انتهاك واضح للمادتين ١٩ و٢١ من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
الفئة الثالثة: بشأن مسألة المحاكمة العادلة
حددت مجموعة العمل انتهاكات جسيمة لحق لاي في محاكمة عادلة. وأعربت عن قلقها بشأن غياب استقلالية القضاء بموجب قانون الأمن القومي، نظرًا لسلطات الرئيس التنفيذي في تعيين وعزل القضاة (المادة ٤٤) وتأكيد المخاوف المتعلقة بالأمن القومي (المادة ٤٧) وفرض المحاكمات دون هيئة محلفين (المادة ٤٦). وذكرت مجموعة العمل أن هذه الأحكام سمحت للسلطة التنفيذية بممارسة تأثير غير مبرر على السلطة القضائية، مما يشكّل انتهاكًا لمبدأ “محكمة مستقلة ومحايدة” التي تضمنها المادة ١٤(١) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. [الفقرة ١١٠]
بالإضافة إلى ذلك، تم تقويض حق لاي في التمثيل القانوني عندما منعت السلطات المحامي الذي اختاره وأفاد محامون محليون بأنهم يخشون التعرض للانتقام إذا قاموا بتمثيله. وذكّرت مجموعة العمل بأن المحامي يجب أن يعمل “دون خوف من الانتقام أو التدخل أو الترهيب”. كما أشارت إلى الادعاءات التي تفيد بأن شاهدًا رئيسيًا للادعاء قد يكون أدلى بشهادته تحت التعذيب وهي مزاعم لم تُحقق فيها السلطات. وشكّلت هذه الإخفاقات مجتمعةً حرمانًا من العدالة والإجراءات القانونية الواجبة، مما جعل مجمل الإجراءات ضد لاي غير عادلة وتعسفية بموجب القانون الدولي.
الفئة الخامسة: بشأن الحرمان من الحرية والتمييز التداخلي
خلصت مجموعة العمل إلى أن اعتقال لاي واحتجازه كانا تمييزيين بموجب الفئة الخامسة، لأنه استند إلى رأيه السياسي وهويته العامة كمدافع عن الديمقراطية. كما وجدت أن استهداف لاي يمثّل نمطًا أوسع من إساءة استخدام القانون الجنائي لإسكات الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والمعارضين السياسيين. وذكّرت مجموعة العمل بأن بروز لاي كمؤسس لصحيفة “آبل ديلي” وتغطيته الناقدة للحكومة الصينية ودعمه العلني للديمقراطية جعله هدفًا بارزًا. وكان التمييز واضحًا أيضًا في بعض تعليقات القضاة أثناء النطق بالحكم، حيث أكّدت المحكمة أن لاي والمتهمين معه “شخصيات معروفة” ومن المرجّح أن “يجتذبوا الحشود”، ما يشير إلى أن تأثيرهم يبرر عقوبات أشد. واعتبرت مجموعة العمل أن هذا المنطق عقابي بشكل غير مقبول وينطوي على تحيز سياسي. وأكّدت أنه لا يجوز لأي شخص أن يواجه معاملة غير متساوية في التمتع بحريته بسبب آرائه أو مكانته. وبالتالي، شكّل احتجاز لاي انتهاكًا للمادتين ٢(١) (عدم التمييز) و٩ و٢٦ (المساواة) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ويندرج بوضوح ضمن نطاق الفئة الخامسة.
في الختام، رأت مجموعة العمل التابعة للأمم المتحدة المعنية بالاحتجاز التعسفي أن اعتقال ومحاكمة واحتجاز جيمي لاي المستمر تعسفي وينتهك عدة أحكام من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ودعت مجموعة العمل إلى الإفراج الفوري عن لاي وتعويضه ومواءمة القوانين المحلية، وخاصة قانون الأمن القومي، مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
يشير اتجاه الحكم إلى ما إذا كان الأخير يُوسع من مدي التعبير أم يُضيقه بناءً على تحليل للقضية.
يوسّع هذا الحكم نطاق حرية التعبير من خلال تأكيده على أن التعليق السياسي السلمي والصحافة النقدية والمشاركة في الخطاب العام والدعوة إلى الإصلاح الديمقراطي لا تحظى بالحماية بموجب المادة ١٩ من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية فحسب، بل يجب على الدولة أيضًا أن تكفل حمايتها بنشاط، حتى في السياقات السياسية الحساسة. وقد شدّد الحكم على أن الدول لا يمكنها الاستناد إلى مبررات غامضة تتعلق بالأمن القومي لتجريم المعارضة أو إسكات أصوات الإعلام وأن هذا النوع من السلوك، خاصة من قبل الصحفيين والشخصيات العامة، لا يجوز أن يُواجَه بعقوبات غير متناسبة أو ملاحقات انتقامية. من خلال إدانة استخدام قوانين مبهمة مثل قانون الأمن القومي وتكرار عدم مشروعية معاقبة الخطاب الذي يدعو إلى مساءلة الحكومة أو ينتقد السياسات العامة، يعزز القرار مبدأ أن حرية التعبير تشمل الحق في نقل الأفكار السياسية ومساءلة السلطات والانخراط في الدعوة الديمقراطية السلمية دون الخوف من الاعتقال التعسفي.
يوضح المنظور العالمي كيف تأثر قرار المحكمة بمعايير سواء من منطقة واحدة أو عدة مناطق.
تُشير أهمية هذه القضية إلى مدى تأثيرها وكيفية تغير مدى أهميتها بمرور الوقت.