الإشراف على المحتوى, التعبير السياسي, الحقوق الرقمية, المعلومات المضلِّلة, النزاهة والأصالة, تنظيم المحتوى والرقابة عليه, سلامة الحساب والهوية الأصيلة
فان هاغا ضد لينكد إن
هولندا
قضية مُنتهية الحكم يُعزز من حُرية التعبير
حرية التعبير العالمية هي مبادرة أكاديمية، ولذلك، نشجعك على مشاركة وإعادة نشر مقتطفات من محتوانا طالما لا يتم استخدامها لأغراض تجارية وتحترم السياسة التالية:
• يجب عليك الإشارة إلى مبادرة جامعة كولومبيا لحرية التعبير العالمية كمصدر.
• يجب عليك وضع رابط إلى العنوان الأصلي للتحليل القضائي أو المنشور أو التحديث أو المدونة أو الصفحة المرجعية للمحتوى القابل للتنزيل الذي تشير إليه.
معلومات الإسناد وحقوق النشر والترخيص لوسائل الإعلام المستخدمة من قبل مبادرة حرية التعبير العالمية متاحة على صفحة الإسناد الخاصة بنا.
هذه القضية متاحة بلغات إضافية: استعرضها بلغة أخرى: English
رأت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن روسيا انتهكت المادتين ١٠ (حرية التعبير) و٦ (الحق في محاكمة عادلة) من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، وذلك بفرض غرامات غير متناسبة على شركة غوغل لرفضها إزالة محتوى سياسي من منصة يوتيوب وبإجبارها على إعادة تفعيل حسابات قناة تلفزيونية خاضعة للعقوبات. وجدت المحكمة أن هذه التدابير تمسّ جوهر وظيفة الإنترنت كمنتدى لتبادل الأفكار بحرية، وأن الغرامات المفرطة قد تُحدث أثرًا مُجمِّدًا على حرية التعبير. كما قضت بأن تسبيب المحاكم الوطنية، سواء في الإجراءات الإدارية أو المدنية، كان غير كافٍ بشكل واضح، في انتهاك للمادة ٦(١) من الاتفاقية. وخلصت المحكمة، بالإجماع، إلى أن العقوبات وإجراءات التنفيذ كانت غير متناسبة وغير ضرورية في مجتمع ديمقراطي.
كان مقدّمو الطلب أربع شركات تابعة لغوغل: Google LLC (الولايات المتحدة)، وGoogle Ireland Ltd، وGoogle International LLC، وGoogle OOO (روسيا). توفر Google LLC خدمة الوصول إلى يوتيوب، بينما تقدم Google Ireland خدمة جيميل وخدمات أخرى، وتتولّى Google Russia إدارة عمليات الإعلانات المحلية.
في عام ٢٠٢١، وبعد دخول المادة ١٣.٤١ من قانون المخالفات الإدارية الروسي حيّز النفاذ، أصدر جهاز الرقابة على الاتصالات الروسي عدة طلبات إزالة محتوى موجّهة إلى يوتيوب، تطلب إزالة مقاطع فيديو تنتقد الحكومة أو تتناول الغزو الروسي لأوكرانيا أو تدعم حقوق مجتمع الميم. وعندما امتنعت غوغل عن إزالة بعض هذه المقاطع، فرضت محكمة الصلح في مقاطعة تاغانسكي في موسكو غرامة قائمة على حجم الإيرادات بلغت ٧.٢ مليار روبل (≈ ٨٧ مليون يورو) في ديسمبر ٢٠٢١، ثم غرامة ثانية قدرها ٢١ مليار روبل (≈ ٣٦٠ مليون يورو) في يوليو ٢٠٢٢. وقد احتُسبت كلتا الغرامتين بناءً على الإيرادات المجمّعة لشركة غوغل و”الكيانات المرتبطة” بها، استنادًا إلى شروط خدمة يوتيوب. وأيّدت المحاكم هذه الغرامات دون النظر في قانونية المحتوى أو موازنة اعتبارات حرية التعبير.
وبشكل منفصل، وفي عام ٢٠٢٠، رفعت مؤسسة Tsargrad TV الإعلامية الروسية دعوى ناجحة ضد غوغل أمام محكمة موسكو التجارية بسبب تعليق حساباتها على يوتيوب وجيميل. وتمتلك Tsargrad TV جهةٌ خاضعة لعقوبات أميركية وأوروبية لدعمها ضمّ روسيا لشبه جزيرة القرم. وقد أمرت المحكمة غوغل بإعادة تفعيل الحسابات، معتبرةً أن العقوبات الأجنبية تتعارض مع النظام العام الروسي، وفرضت غرامات يومية تصاعدية تتضاعف كل أسبوع إلى حين التنفيذ. وحتى بعد أن أعادت غوغل الوصول إلى الحسابات، استمر التنفيذ، مما أدى إلى تراكم غرامات ضخمة وأسهم في إفلاس الفرع الروسي لشركة غوغل.
وفي ١٦ سبتمبر ٢٠٢٢، قدّمت Google LLC وGoogle Ireland Ltd وGoogle Commerce Ltd وGoogle OOO طلباتٍ أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، مدعيةً حدوث انتهاكات للمادتين ١٠ و٦(١) من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، والمتعلقتين بحقوق حرية التعبير والمحاكمة العادلة، على التوالي.
أصدرت الدائرة الثالثة للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان حكمًا بالإجماع في ٨ يوليو ٢٠٢٥، وجاء فيه أن روسيا انتهكت المادتين ١٠ و٦ من الاتفاقية.
كانت القضايا الرئيسية أمام المحكمة تتعلق بما إذا كان فرض غرامات ضخمة على غوغل قائمة على حجم الإيرادات بسبب عدم إزالة محتوى يوتيوب، والأمر الإلزامي بإعادة تفعيل حسابات Tsargrad TV، متوافقًا مع حرية التعبير بموجب المادة ١٠ من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، وما إذا كانت الإجراءات القضائية المحلية احترمت ضمانات المحاكمة العادلة المنصوص عليها في المادة ٦(١) من نفس الاتفاقية.
جادل مقدمو الطلب بأن العقوبات كانت شديدة غير مسبوقة، وهدفت إلى الرقابة على الخطاب السياسي الذي تناول الغزو الروسي لأوكرانيا ودعم حقوق مجتمع الميم. وأكدوا أن تطبيق القانون الروسي كان تعسفيًا، إذ استخدمت المحاكم الوطنية مفاهيم غير متوقعة مثل “الكيانات المرتبطة” و”المكاتب التمثيلية بحكم الواقع” لتبرير العقوبات. كما ادّعوا أن إجبار يوتيوب على استضافة حسابات Tsargrad TV ينتهك الجانب السلبي لحرية التعبير: الحق في عدم إجبار أي جهة على نشر خطاب. ورأوا أن المحاكم الروسية تجاهلت اعتراضات حاسمة وأصدرت أحكامًا بتسبيب ناقص، مما يقوض حقوقهم بموجب كل من المادتين ١٠ و٦ من الاتفاقية.
لم تشارك الحكومة الروسية في الإجراءات أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، إلا أن السلطات المحلية أكدت أن الإجراءات استهدفت الأمن القومي والسلامة الإقليمية والنظام العام. وأوضحت المحاكم الروسية أن رفض غوغل حذف المحتوى المعلن عنه يشكل مخالفات إدارية متكررة، وأن حقوق Tsargrad TV التعاقدية تفوق اعتماد غوغل على قانون العقوبات الدولي.
فحصت المحكمة أولاً الغرامات المفروضة على عدم إزالة المحتوى المنشور من قبل المستخدمين. وأكدت أن المادة ١٠ من الاتفاقية تحمي كل من المحتوى ووسائل نشره، مشيرة إلى أنه “لا مجال تقريبًا… لتقييد الخطاب السياسي” [فقرة ٧٤]. وأكدت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن التدابير طُبقت بشكل غير تمييزي على الانتقاد الحكومي، والتقارير المستقلة عن الحرب، وأشكال التعبير السياسي الأخرى، وأن المحاكم المحلية “لم تبذل أي جهد” لتقييم صحة أو مخاطر أو تأثير المحتوى المستهدف. ورأت المحكمة أن العقوبات تمسّ “جوهر وظيفة الإنترنت كوسيلة لتبادل الأفكار والمعلومات بحرية” [فقرة ٨٠] وأنها قد تُحدث أثرًا مُجمّدًا [فقرة ٨١]. واستندت المحكمة في ذلك إلى سوابقها في سورِك ضد تركيا (رقم ١) وكاستيّس ضد إسبانيا، وجينغيز وآخرون ضد تركيا، لتأكيد الدور الفريد ليوتيوب في تمكين النقاش التعددي، لا سيما في سياق الحرب.
وبناءً على ذلك، اعتبرت المحكمة أن الغرامات، المحسوبة على الإيرادات العالمية والتي بلغت مليارات الروبل، قد يكون لها أثر مُجمّد على حرية التعبير. ولم تجد المحكمة أي هدف مشروع يبرر هذا التدخل، ورأت أنه غير ضروري في مجتمع ديمقراطي.
الإجراءات المدنية لـ Tsargrad ضد غوغل
فيما يتعلق بالإجراءات المدنية، وجدت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن الأوامر التي ألزمّت غوغل باستضافة حسابات Tsargrad TV أيضًا انتهكت المادة ١٠ من الاتفاقية. وأكدت أن المادة ١٠ تشمل الحق السلبي—الحق في عدم الإجبار على التعبير أو نشر المعلومات. وإجبار غوغل على استضافة محتوى Tsargrad تحت تهديد عقوبات متصاعدة وغير محدودة يتدخل مباشرة في هذا الحق. واستشهدت المحكمة بقضيتَي غيلبِرغ ضد السويد وسمير غوزيل ضد تركيا لتأكيد أن حرية التعبير تشمل الحق في التزام الصمت، كما استعانت بقضيتَي ديلفي ضد إستونيا وسانشيز ضد فرنسا لتوضيح أنه بينما يتحمل الوسطاء مسؤوليات معينة، لا يمكن أن تبرر هذه المسؤوليات إجبارهم على استضافة وسائل الإعلام الموالية للدولة.
ووصفت المحكمة الغرامات بأنها “مبالغ فلكية”، تتضاعف أسبوعيًا دون حد، وكانت واضحة التفاوت مع أي ضرر مثبت. كما لاحظت المحكمة أن التنفيذ استمر بسوء نية، إذ وسعت السلطات نطاق الأمر الأصلي عبر تقرير خبير أُعد دون مشاركة الخصوم—ممارسة تتعارض مع اليقين القانوني. وبناءً عليه، رأت المحكمة أن الإجراءات لم تكن ضرورية في مجتمع ديمقراطي وشكلت انتهاكًا للمادة ١٠. كما وجدت المحكمة أن المحاكم المحلية فشلت في معالجة الحجج الحاسمة، بما في ذلك قانونية تجميع إيرادات الشركات الأجنبية التابعة والأساس القانوني للتعامل مع غوغل روسيا كمكتب تمثيلي، مما “يقوّض جوهر” حق مقدمي الطلب في محاكمة عادلة بموجب المادة ٦ من الاتفاقية [فقرة ١٠٦].
رأي القاضي بافلي المتوافق
قدم القاضي بافلي رأيًا متوافقًا. وبينما انضم إلى النتائج بالإجماع، أبرز شدة العقوبات غير المسبوقة وانعكاساتها النظامية على الحريات الرقمية. وأشار إلى أن الغرامات لم تكن مجرد غير متناسبة، بل صُممت أيضًا “لترهيب وتعطيل” منصة عالمية ردًا على استضافة خطاب سياسي. وشدد رأيه المتوافق على الأهمية الأوسع للقضية، واصفًا إياها كمثال على كيفية استخدام الدول للآليات القانونية لتقويض البنية التحتية للإنترنت والنقاش التعددي.
يشير اتجاه الحكم إلى ما إذا كان الأخير يُوسع من مدي التعبير أم يُضيقه بناءً على تحليل للقضية.
يوسّع هذا الحكم نطاق الحماية الممنوحة لحرية التعبير في المجال الرقمي. فهو يقرّر أن المادة ١٠ من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان لا تحمي فقط الحق في نقل المعلومات، بل تحمي أيضًا الحق السلبي المتمثل في عدم إجبار أي جهة على استضافة خطاب أو نشره. وقد أدانت المحكمة استخدام روسيا لوسائل الضغط المالي ولأوامر التنفيذ لإجبار منصّات خاصة على قمع محتوى معيّن أو الترويج له. وبالاستناد إلى سوابق قضائية بارزة مثل ديلفي ضد إستونيا وجينغيز وآخرون ضد تركيا وسانشيز ضد فرنسا، يعزّز الحكم مبدأ أن التنظيم القسري أو العقابي للوسطاء الرقميين يقوّض البنية الأساسية للتعدّدية على الإنترنت. كما يضع الرأي المتوافق للقاضي بافلي القضية ضمن السياق الأوسع لحوكمة المنصّات، محذرًا من تسليح القانون بهدف تعطيل الوسطاء الذين يمكّنون من النقاش الديمقراطي.
يوضح المنظور العالمي كيف تأثر قرار المحكمة بمعايير سواء من منطقة واحدة أو عدة مناطق.
تُشير أهمية هذه القضية إلى مدى تأثيرها وكيفية تغير مدى أهميتها بمرور الوقت.