Are you a cartoonist concerned about your freedom of expression online? Please take part in the largest survey ever conducted on cartoonists’ online experiences!

Deadline June 15, 2025 – see here for more info.



ب. ضد بولندا

قضية جارية الحكم يُعزز من حُرية التعبير

Key Details

  • نمط التعبير
    التواصل الإلكتروني / القائم على الإنترنت, خطاب مكتوب (التعبير بطريق الكتابة)
  • تاريخ الحكم
    فبراير ١٣, ٢٠٢٥
  • النتيجة
    المحكمة الأوروبية لحقوق الانسان, انتهاك للمادة العاشرة
  • رقم القضية
    ٥٦٣١٠/١٥
  • المنطقة والدولة
    بولندا, أوروبا وآسيا الوسطى
  • الهيئة القضائية
    المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان
  • نوع القانون
    القانون الدولي / الإقليمي لحقوق الإنسان
  • المحاور
    البذائة/الاباحية, التعبير عن نوع الجنس
  • الكلمات الدلالية
    الهوية الجنسية/الميول الجنسي, مجتمع الميم-عين

سياسة اقتباس المحتوى

حرية التعبير العالمية هي مبادرة أكاديمية، ولذلك، نشجعك على مشاركة وإعادة نشر مقتطفات من محتوانا طالما لا يتم استخدامها لأغراض تجارية وتحترم السياسة التالية:

• يجب عليك الإشارة إلى مبادرة جامعة كولومبيا لحرية التعبير العالمية كمصدر.
• يجب عليك وضع رابط إلى العنوان الأصلي للتحليل القضائي أو المنشور أو التحديث أو المدونة أو الصفحة المرجعية للمحتوى القابل للتنزيل الذي تشير إليه.

معلومات الإسناد وحقوق النشر والترخيص لوسائل الإعلام المستخدمة من قبل مبادرة حرية التعبير العالمية متاحة على صفحة الإسناد الخاصة بنا.

هذه القضية متاحة بلغات إضافية:    استعرضها بلغة أخرى: English

تحليل القضية

ملخص القضية وما انتهت اليه

خلصت الغرفة الأولى بالمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بالإجماع إلى وجود انتهاك للمادة ١٠ (حرية التعبير) في قضية تتعلق بمعلم بولندي تم فصله بسبب إدارته لمدونة شخصية تحتوي على محتوى مثلي. كان المدعي، وهو معلم حاصل على جوائز في مادتي اللغة البولندية والإنجليزية بإحدى المدارس الثانوية في مدينة كوشالين، قد خضع لإجراءات تأديبية في عام ٢٠١٣ بعد أن اكتشفت إدارة المدرسة مدونته على موقع إلكتروني مخصص للرجال المثليين وكانت تحتوي على محتوى كتابي وتصويري صريح يصوّر علاقات مثلية. كما أنه اصطحب شريكه من نفس الجنس في رحلات مدرسية دون الحصول على إذن رسمي وعرّفه على الآخرين باعتباره ابن عمه. على الرغم من استجابته الفورية لطلب المدير بحذف المدونة، إلا أنه واجه إجراءات تأديبية انتهت بفصله من العمل. رأت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أنه، ورغم أن المعلمين يشغلون مناصب تتطلب ثقة عامة وتمتد فيها بعض الواجبات إلى خارج نطاق أنشطتهم المهنية، فإن السلطات المحلية أخفقت في تقديم “أسباب ذات صلة وكافية” لتبرير هذه العقوبة الشديدة. أشارت المحكمة إلى أن المدونة كانت قانونية وموجهة للبالغين ولا ترتبط بالمدرسة ولم تُنقل إلى الطلاب بشكل فعّال. علاوة على ذلك، اعترفت المحكمة بالسياق الأوسع للمواقف المجتمعية السلبية تجاه أفراد مجتمع الميم-عين في بولندا وخلصت إلى أن التدخل في حرية التعبير الخاصة بالمدعي لم يكن يعكس حاجة اجتماعية ملحة ولا كان متناسبًا مع الهدف المشروع المتمثل في حماية أخلاق الطلاب.


الوقائع

المتقدّم، ب.، كان مدرسًا مؤهّلًا للّغة البولندية والإنجليزية، عمل في مدرسة ثانوية بمدينة كوشالين في بولندا من ١ سبتمبر ٢٠٠٧ حتى ١٦ ديسمبر ٢٠١٣، حيث درّس لطلاب تتراوح أعمارهم بين خمس عشرة وثماني عشرة سنة. خلال فترة عمله، حصل على عدة جوائز تقديرًا لتفوقه في التدريس، بما في ذلك جوائز لأفضل معلم من سنة ٢٠٠٨ إلى ٢٠١٢ — منحها له مدير المدرسة — بالإضافة إلى جوائز وطنية لأفضل مربي فصل في سنتي ٢٠١٠ و٢٠١٣. أقرّ مدير المدرسة خلال إجراءات التحقيق التأديبي لاحقًا أنه منذ سنة ٢٠١٠، كانت لديه شكوك بأن ب. مثلي الجنس، لكنه لم يعترض على ميوله الجنسية واعتبره معلمًا ممتازًا. كان ب. يصطحب الطلاب أحيانًا في رحلات مدرسية ضمن مهامه الوظيفية.

بحسب قرار وزير التعليم الصادر سنة ٢٠٠١ بشأن السياحة المدرسية، كان يُطلب تسجيل جميع المشاركين في الرحلات المدرسية لدى مدير المدرسة قبل الحدث وكانت الممارسة المعتمدة في مدرسة ب. تمنع مشاركة أطراف خارجية في مثل هذه الأنشطة. رغم ذلك، في يونيو ٢٠١٣، اصطحب ب. شريكه من نفس الجنس في رحلتين مدرستين دون تفويض رسمي. خلال إحدى الرحلات، رافقه شريكه إلى حفل في القصر الرئاسي في وارسو، لكنه غادر مباشرة بعد الحفل. في كلا المرتين، قدم ب. شريكه للآخرين على أنه ابن عمه ولم يسجله كأحد المشاركين في وثائق الرحلة.

منذ حوالي أبريل أو مايو ٢٠١٢ وحتى ١ يوليو ٢٠١٣، كان ب. يدير مدونة شخصية على موقع إلكتروني موجه للرجال المثليين، حيث كان ينشر أحيانًا بشكل يومي، ليصل عدد التدوينات إلى حوالي ١٠٠. جمعت المدونة ٣٩٬٠٠٠ زائر خلال فترة نشاطها. كما شملت المحتويات صورًا ونصوصًا بأسلوب يوميات تصف رجالًا بمفردهم أو في تفاعلات مع رجال آخرين في مواقف مختلفة، من أنشطة الحياة اليومية إلى مواقف حميمة. أظهرت الصور رجالًا بملابس كاملة أو أو عراة جزئيًا أو كليًا، يقومون بأفعال مثل الإمساك بالأيدي والعناق والتقبيل، وفي بعض الحالات خلع الملابس الداخلية أو ممارسة الجنس، رغم أن أيا منها لم يُظهر الأعضاء الجنسية أو العلاقة الجنسية الصريحة. ظهرت في بعض الصور شخصية ب. نفسه، بمفرده أو مع رجل آخر.

اشتملت النصوص المكتوبة على وصف لحياة ب. اليومية ومشاعره وتجارب الحب والوحدة وأفكاره الحميمة عن شريكه. وتضمنت عدة مقاطع محتوى يصف ممارسات جنسية بين الرجال صراحةً. على الرغم من تأكيد ب. أنه أبقى المدونة سرية عن زملائه وطلابه، فإن الأدلة أشارت إلى أن موظفين في المدرسة قرأوها وعلقوا عليها. كما بدا أن الطلاب على دراية بنشاطه على الإنترنت، حيث ترك أحدهم تعليقًا على المدونة أو على صفحته على فيسبوك يقول فيه: “هذا الرجل…هو مدرّس اللغة البولندية لدي.” وخلال الإجراءات التأديبية ضد ب.، أدلى مدير المدرسة بشهادته أنه لم يتلقّ شكاوى من الطلاب أو أولياء الأمور حول المدونة، لكن المعلمين كانوا يطّلعون عليها.

في ١ يوليو ٢٠١٣، وبعد اطلاعه على المدونة وبّخ مدير المدرسة ب. وطلب منه حذفها، ففعل ذلك في نفس اليوم. بعد ثلاثة أيام، في ٤ يوليو ٢٠١٣، طلب المدير من المسؤول التأديبي للمعلمين فتح إجراءات رسمية ضد ب. بسبب خرقه لواجباته وفقًا لقانون ميثاق المعلمين لسنة ١٩٨٢. بدأ المسؤول التأديبي من مكتب حاكم زاخودنيوبومورسكي الإجراءات مع اللجنة التأديبية وسعى لإصدار توبيخ بحق ب. بسبب اصطحابه طرفًا ثالثًا غير مصرّح به في رحلات مدرسية، و”إدارته لمدونة تحتوي على نصوص وصور لا تليق بمهنة التعليم.”

خلال جلسة الاستماع في ١٦ ديسمبر ٢٠١٣، ركّز الاستجواب على هذين الموضوعين، لا سيما التدوينات التي تضمنت “ألفاظًا نابية” وصورًا “فاحشة” يُزعم أنها تعكس “أخلاقيات المتقدّم”، إضافة إلى تعليقات مهينة بحق طلاب وزملاء. أكد أعضاء اللجنة خلال الجلسة أن الألفاظ النابية لا تتعلق بميول ب. الجنسية، والتي لم تكن موضع الإجراءات التأديبية. واعترف ب. بخرقه لقواعد الرحلات المدرسية وكتابته للمدونة، واصفًا المدونة بأنها شكل من أشكال العلاج و”خطأ أحمق”. وأكد للجنة أن المدونة قد حُذفت وأنه لن ينشر مثل هذه المحتويات مستقبلًا.

وبعد الجلسة، وجدت اللجنة التأديبية أن ب. قد ارتكب “خرقًا لكرامة مهنة التعليم ولمهامه المنصوص عليها في المادة ٦ من قانون ميثاق المعلمين” وأصدرت قرارًا بفصله من المدرسة. استندت اللجنة في قرارها إلى أن المدونة احتوت “نصوصًا ذات طابع إيروتيكي وصورًا فاحشة” وأن نشر المعلّم لتعليقات نابية على وسائل التواصل الاجتماعي يمسّ بكرامة المهنة، لكنها لم تقم بتحليل أو تقييم أي تدوينة بعينها ضمن القرار.

استأنف ب. القرار، معتبرًا أن العقوبة كانت مفرطة وأن اللجنة أخطأت في اعتبار أنه يفتقر إلى الأخلاق ويشكّل تهديدًا للتربية الأخلاقية للطلاب. أوضح أن القرار استند إلى معلومات عن “ميوله الجنسية المضطربة” (حسب تعبيره) وأنه رغم أن التدوين كان سلوكًا خاطئًا، إلا أنه كان نتيجة لظروفه الشخصية المعقدة ومشاكل في الهوية وتجارب طفولة مؤلمة وليس نتيجة “فساد أخلاقي”.

في ٢٤ سبتمبر ٢٠١٤، أبطلت اللجنة الاستئنافية القرار السابق وأنهت الإجراءات التأديبية ضد ب. وخلصت إلى أنه لا يوجد دليل على تقصيره في مهامه كمرافق خلال الرحلات وقبلت تبريره بأنه أنشأ المدونة لأسباب علاجية بناء على توصية من طبيبه النفسي لمعالجة صدمات الطفولة النفسية. مع ذلك، استأنف المسؤول التأديبي من وزارة التربية الوطنية هذا القرار، مجددًا التأكيد على أن ب. خالف تعليمات السلامة للرحلات المدرسية وخرق كرامة المهنة عبر مدونته. أوضح أن القضية لا تتعلق بتفضيلاته الجنسية، بل بالمحتوى “غير اللائق” الذي نُشر علنًا على المدونة، بما في ذلك “نصوص إيروتيكية” و”صور فاحشة” و”ألفاظ نابية” و”تعليقات مليئة بالألفاظ النابية” تخصّ الزملاء وشؤون المدرسة. واعتبر أن ب. قد “انتهك المبادئ الأخلاقية الأساسية” عبر “نشر تدوينات وصور تخالف الآداب العامة” وأن قرار الفصل كان مناسبًا.

في ٧ مايو ٢٠١٥، ألغت محكمة الاستئناف في شتشيتسين قرار اللجنة الاستئنافية ورفضت استئناف ب. وأيّدت فصله. واعتبرت المحكمة أن اصطحابه شخصًا غير مصرح به في رحلات مدرسية كان إهمالًا لواجباته وتهديدًا لأمان الطلاب. كما رأت أن “كتابة مدونة تحتوي على محتوى (بما في ذلك الصور) نابي وفاحشة وجنسي” لا يليق بمهنة التعليم وتشكل انتهاكًا لواجب تعزيز القيم الأخلاقية والمدنية لدى الطلاب. استشهدت المحكمة بمقتطفات صريحة من كتابات ب. عن شبابه وحياته، بما في ذلك إشارات جنسية وألفاظ نابية. وأشارت إلى أن زملاءه والمدير وصفوا الصور بأنها “إباحية” و”فاحشة” والنصوص بأنها “غير أخلاقية للغاية” و”نابية” و”جنسية”. وخلصت المحكمة إلى أن الفصل كان متناسبًا، رغم أنه أضرّ بالمتقدم، إلا أنه لم يقضِ على فرصه المهنية في مدارس أخرى. ولم يكن هناك أي سبيل للطعن بموجب القوانين البولندية المعمول بها.

بحسب الإحصائيات التي قدمتها الحكومة، فإنه بين عامي ٢٠١٣ و٢٠٢١، فتحت السلطات البولندية ١٠٩ إجراءً تأديبيًا ضد معلمين بسبب “نشاط غير مناسب على الإنترنت”، بما في ذلك التدوين ومنشورات فيسبوك ومراسلة الطلاب. وقد أسفرت ٩٦ من هذه القضايا عن عقوبات تأديبية بحق المعلمين المعنيين. ولم تتضمن بيانات الحكومة عدد الحالات التي تضمنت محتوى جنسيًا.

بعد صدور حكم المحكمة، تقدم ب. بطلب إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، مدّعيًا انتهاك المادة ١٠ (حرية التعبير) والمادة ١٤ (عدم التمييز) من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.


نظرة على القرار

أصدر القضاة إيفانا يليتش ولَطيف حسينوف وجيلبرتو فيليتشي وألان شابليه الحكم بالأغلبية في المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. أصدر القضاة كشيشتوف فويتشيك وألينا بولاكوفا وبيتر باتسولاي رأيًا معارضًا مشتركًا. تمحورت القضية الرئيسية أمام المحكمة حول ما إذا كان الإجراء التأديبي الذي اتخذته بولندا ضد معلم بسبب إدارته لمدونة تحتوي على محتوى مثلي صريح يُعد تقييدًا مشروعًا ومتوازنًا لحرية التعبير أم تمييزًا قائمًا على ميوله الجنسية. لتحديد ذلك، كان على المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن تقرر ما إذا كان هذا التدخل في حرية التعبير “منصوصًا عليه في القانون”، ويسعى لتحقيق “هدف مشروع” (مثل حماية أخلاق الطلاب)، وكان “ضروريًا في مجتمع ديمقراطي.”

جادل صاحب الطلب بأن الإجراءات التأديبية ضده كانت مدفوعة بتحيّز ضد المثليين. وأنكر احتواء مدونته على محتوى إباحي أو أن طلابه قد اطلعوا عليها. بخصوص العقوبة، أشار إلى أن فصله من العمل حال دون استئناف مسيرته التعليمية، إذ لن تقبله أي مدرسة أخرى بسبب سجله التأديبي. 

زعمت الحكومة أن التدخل في حرية التعبير يهدف إلى حماية أخلاق الطلاب وكان متناسبًا. وأكدت أن التعليم وظيفة تستند إلى الثقة العامة ويتعيّن على المعلمين أن يكونوا قدوة حسنة، مشيرة إلى أن المحتوى الإباحي والفاحش الذي نشره هدد مكانة المهنة. ركّزت على أن ردّ فعلها لم يكن مرتبطًا بميول المعلم الجنسية وأنه حين وافق على حذف المدونة فإنه عمليًا أدان سلوكه بنفسه. كما أكدت أن العقوبة جاءت نتيجة عدة مخالفات، منها خرق قواعد السلامة خلال الرحلات المدرسية والتدوينات التي اعتُبرت فاحشة وشهّرت بالطلاب والعاملين. كما أشارت إلى أن السجل التأديبي يُمحى تلقائيًا بعد مرور ثلاث سنوات، مما يزيل العقبات أمام عودة ب. لمهنة التدريس. 

استنادًا إلى آراء لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، قدمت ثلاث منظمات غير حكومية (ILGA-Europe وحملة مناهضة رهاب المثلية والجمعية البولندية لقانون مناهضة التمييز) مداخلات كأطراف ثالثة، أكدت فيها أن الحق في حرية التعبير يشمل حق المثليين في التعبير العلني عن هويتهم الجنسية أو الجندرية والسعي لفهم المجتمع لها. واستشهدت ببيان مشترك لعدد من خبراء حقوق الإنسان رفضوا فيه رفضًا قاطعًا المزاعم بأن حظر المعلومات المتعلقة بالميول الجنسية ضروري لحماية الأخلاق العامة. كما لفتت إلى ترتيب بولندا المتدني في مؤشر Rainbow Europe لعام ٢٠٢١ الصادر عن ILGA-Europe (المركز ٤٣ من أصل ٤٩ دولة أوروبية والأخيرة بين دول الاتحاد الأوروبي)، بنسبة حماية قانونية لا تتعدى ١٣٪ لمجتمع الميم-عين. 

بدأت المحكمة بتلخيص مبادئها العامة بشأن حرية التعبير كما وردت في Medžlis Islamske Zajednice Brčko وآخرون ضد البوسنة والهرسك، حيث أكدت أن حرية التعبير تُعد ركيزة أساسية في المجتمع الديمقراطي وتشمل المعلومات غير المؤذية وكذلك الآراء التي قد تزعج أو تصدم. شددت المحكمة على أن أي تقييد لحرية التعبير يجب أن يُفسر تفسيرًا ضيقًا وأن يكون مدفوعًا بـ”حاجة اجتماعية ملحة”. مع أن الدول تمتلك هامش تقدير، إلا أن المحكمة تحتفظ بسلطتها الرقابية لتحديد ما إذا كانت القيود مبررة ومبنية على أسباب “وجيهة وكافية”. 

خلصت المحكمة إلى أن فصل المعلم من وظيفته بسبب تشغيله مدونة عامة بمحتوى اعتُبر غير لائق لمهنة التدريس يُعد تدخلًا في حقه في حرية التعبير. ووجدت أن هذا التدخل له أساس قانوني في المادة ٦ من قانون المعلمين، الذي يُلزم المعلمين بـ”تشكيل المواقف الأخلاقية” لدى الطلاب. ولاحظت المحكمة أن القضية تركزت على المحتوى الجنسي الصريح للمدونة وليس على طابعها المثلي وذكّرت بأن مفاهيم الأخلاق تختلف باختلاف المجتمعات والفترات الزمنية، كما ورد في قضايا مثل Pryanishnikov ضد روسيا ومولر وآخرون ضد سويسرا

من دون أن تحكم بشكل قاطع على مشروعية الأهداف التي سعت إليها الدولة، تابعت المحكمة فحص ما إذا كان التدخل ضروريًا في مجتمع ديمقراطي. وأشارت إلى أنه رغم أن الخطاب السياسي يتمتع بحماية قوية، فإن القضايا الأخلاقية تمنح الدول هامش تقدير أوسع، كما ورد في Mouvement raëlien Suisse ضد سويسرا. غير أن المحكمة وجدت أن السلطات الوطنية لم تفحص على نحو كافٍ المعايير الضرورية قبل تقييد حرية التعبير، رغم اعتراف صاحب الطلب بعدم ملاءمة التدوينات، ورغم أنه لم يُثر حرية التعبير صراحة كحجة. 

سجلت المحكمة عدة ثغرات في تعليل السلطات المحلية. أولًا، تجاهلت أن صاحب الطلب لم يرسل المحتوى المزعوم اللاأخلاقي مباشرة للطلاب، بل احتفظ بمدونة لا علاقة لها بالمدرسة. ورغم أن المدونة كانت عامة، وتم ربطها لاحقًا بالمعلم، إلا أن سلوكه لم يتعارض مع السياسات التربوية، ولا انتهك حق الأهل في تربية أبنائهم أخلاقيًا، خلافًا لقضايا مثل بايف وآخرون ضد روسيا. وأكدت المحكمة أنه لا يوجد دليل على أن الإجراءات التأديبية بدأت بناءً على شكاوى من طلاب أو أولياء أمور. كما تجاهلت السلطات أن نشاط المدونة لم يكن غير قانوني وكان ضمن ضوابط المحتوى المخصص للبالغين ولم يكن أكثر صراحة مما هو متاح علنًا للبالغين.

وأقرت المحكمة بأن صانعي المحتوى عبر الإنترنت، مثل الفنانين والكتّاب، قد يخضعون لقيود بموجب المادة ١٠(٢) من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، وأن “الواجبات والمسؤوليات” تختلف حسب السياق. ورغم أن المعلمين يُعتبرون في موقع ثقة عامة ولهم سلطة على الطلاب—ما يمدّ التزاماتهم إلى خارج المدرسة كما ورد في فوجت ضد ألمانيا—أكدت المحكمة أهمية السياق، مشيرة إلى أن المعلم لم يكن موظفًا في مدرسة دينية ولم يكن يُدرّس مواد تتطلب تقيدًا صارمًا بالمعايير الأخلاقية، كما هو الحال في قضايا مثل ترافاش ضد كرواتيا وتيمباو ضد رومانيا. لذلك، رأت المحكمة أنه من غير المعقول فرض التزام أخلاقي صارم يمنعه من التعبير عن ميوله الجنسية في مدونة قانونية موجهة للبالغين.

وأشارت المحكمة إلى أن الفصل لم يكن سببه الميول الجنسية لصاحب الطلب لكن مدونته تضمنت تصويرًا لعلاقات مثلية في دولة معروفة بمواقفها السلبية تجاه مجتمع الميم-عين، كما ورد في تقارير مفوض مجلس أوروبا لحقوق الإنسان ووكالة الاتحاد الأوروبي للحقوق الأساسية. بالنسبة لشدة العقوبة، لاحظت المحكمة أن الفصل كان أقسى من العقوبة الأصلية المقترحة، وهي التنبيه مع التحذير، ولم تأخذ السلطات في الاعتبار السجل التأديبي النظيف للمعلم. 

اختتمت المحكمة بأن السلطات المحلية فشلت في تقديم “أسباب وجيهة وكافية” لفصل المعلم، وأن التدوين الشخصي لم يهدد أخلاق القُصَّر بما يبرر العقوبة. وحتى ضمن هامش التقدير المسموح به، لم يكن التدخل مبررًا بـ”حاجة اجتماعية ملحة” ولا متناسبًا مع الهدف المشروع المُعلن. وبالتالي، رأت المحكمة أن التدخل لم يكن “ضروريًا في مجتمع ديمقراطي”، ويُعد انتهاكًا للمادة ١٠ من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. بعد الوصول إلى هذا الاستنتاج، رأت المحكمة أنه لا توجد مسألة منفصلة تستدعي النظر بموجب المادة ١٤ بالاقتران مع المادة ١٠.

وفي ضوء ما تقدم، أمرت المحكمة بولندا بدفع مبلغ ٢٬٦٠٠ يورو كتعويض معنوي لصاحب الطلب.

الرأي المعارض المشترك للقضاة فويتشيك وباتسولاي وبولاتشكوفا

اختلف القضاة الثلاثة المخالفون مع رأي الأغلبية فيما يتعلق بوجود انتهاك للمادة ١٠. جادلوا بأن التقييم النهائي استند إلى “استنتاجات واقعية خاطئة” وتحليل إشكالي لوسائل الانتصاف المحلية. وطعنوا في ادعاء الأغلبية بأن المدونة كانت مخصصة للبالغين فقط، مؤكدين أنه لم تكن هناك آليات فعالة تمنع القُصّر من الوصول إليها وأن الطلاب كانوا “يُدفعون للتحقق منها وقراءتها بنشاط”. كما رفض الرأي المخالف المشترك قلق الأغلبية بشأن عدم وجود آثار سلبية مثبتة على الطلاب، مشيرين إلى “الافتراض المقبول على نطاق واسع” الذي تستند إليه التشريعات التي تقيد وصول القُصّر إلى المحتوى الفاحش. وأكدوا أن بعض محتويات المدونة كانت “ذات طبيعة سوقية للغاية”، وهو ما تجاهلته الأغلبية رغم كونه “أحد أهم العناصر التي تبرر العقوبة.” [الفقرة ٢، الرأي المعارض]

وأشار القضاة المعارضون إلى أن العقوبة التأديبية كانت تهدف بشكل مشروع إلى حماية القُصّر وحقوق أولياء الأمور—”بما يضمن التعليم والتدريس بما يتوافق مع معتقداتهم الدينية والفلسفية”—وكذلك “سلطة المدارس والمعلمين.” [الفقرة ٤، الرأي المخالف] بالنسبة لهم، ونظرًا لأن صاحب الطلب اعترف بأن التدوين الذي قام به كان “سلوكًا مستهجنًا”، فإن العديد من المسائل لم تكن موضع نزاع أثناء الإجراءات، مما يجعل نهج الأغلبية “تدخلًا غير مبرر في نظام وسائل الانتصاف المحلي”. [الفقرة ٣، الرأي المعارض] وبينما اتفقوا على أن المادة ١٠ تنطبق على القضية، فقد رأوا أنه بالنظر إلى “الأثر المحدود للعقوبة على حياة صاحب الطلب”، فإن التدخل في حرية تعبيره لم يكن غير متناسب. وتساءل الرأي المعارض المشترك عما إذا كانت النتيجة ستختلف لو أن المحتوى صوّر علاقات جنسية بين أشخاص من الجنس الآخر بدلًا من علاقات مثلية، وخلص إلى أن الأغلبية قوضت “مبدأ التبعية في نظام الاتفاقية” من خلال إعادة تقييم القضية “كما لو كانوا في محكمة محلية أعلى”. [الفقرة ٦، الرأي المعارض]


اتجاه الحكم

معلومات سريعة

يشير اتجاه الحكم إلى ما إذا كان الأخير يُوسع من مدي التعبير أم يُضيقه بناءً على تحليل للقضية.

الحكم يُعزز من حُرية التعبير

يوسّع هذا الحكم من نطاق حماية حرية التعبير، لا سيما في السياقات التي تتعلق بتعبيرات المعلمين الخاصة حول ميولهم الجنسية. فمن خلال اعتباره أن الإجراءات التأديبية التي اتخذتها بولندا ضد أحد المعلمين تمثل انتهاكًا للمادة ١٠ من الاتفاقية، قررت المحكمة أن الأنشطة الشخصية للمعلم على المدونات، حتى تلك التي تتضمن محتوى جنسيًا صريحًا موجهًا للبالغين، تستحق الحماية طالما أنها لا تتداخل بشكل مباشر مع البيئة التعليمية أو تلحق ضررًا واضحًا بالطلاب. شددت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان على أن السلطات أخفقت في تقديم “أسباب ذات صلة وكافية” للعقوبة الشديدة المفروضة على المدعي، كما أنها لم تأخذ بالاعتبار بشكل كافٍ أن المدونة كانت قانونية وموجهة للبالغين ولم تُنقل إلى الطلاب بشكل فعّال.

يعزز هذا الحكم أن القيود المفروضة على حرية التعبير يجب أن تفي بمتطلبات صارمة من الضرورة في مجتمع ديمقراطي، حتى في حالة الموظفين العموميين مثل المعلمين الذين يشغلون مناصب تتطلب الثقة. من خلال الإقرار بالسياق الأوسع للمواقف السلبية تجاه أفراد مجتمع الميم-عين في بولندا وسّعت المحكمة فعليًا نطاق الحماية للتعبير الجنسي، لا سيما للأقليات الجنسية. يُكرّس هذا الحكم الفكرة التي مفادها أن الاعتبارات الأخلاقية وحدها، خاصة عندما تتأثر بالتحيّزات المجتمعية، لا يمكن أن تبرّر فرض قيود غير متناسبة على حرية التعبير.

المنظور العالمي

معلومات سريعة

يوضح المنظور العالمي كيف تأثر قرار المحكمة بمعايير سواء من منطقة واحدة أو عدة مناطق.

جدول المراجع المستند اليها

القوانين الدولية و/أو الإقليمية ذات الصلة

اهمية القضية

معلومات سريعة

تُشير أهمية هذه القضية إلى مدى تأثيرها وكيفية تغير مدى أهميتها بمرور الوقت.

يُنشئ القرار سابقة ملزمة أو مقنعة داخل نطاقه القضائي.

وثائق القضية الرسمية

وثائق القضية الرسمية:


التقارير والتحليلات والمقالات الإخبارية:


المرفقات:

هل لديك تعليقات؟

أخبرنا إذا لاحظت وجود أخطاء أو إذا كان تحليل القضية يحتاج إلى مراجعة.

ارسل رأيك