التشهير / السمعة, الإشراف على المحتوى
الموقع الاخباري دلفي ضدّ استونيا
استونيا
قضية مُنتهية الحكم يُعزز من حُرية التعبير
حرية التعبير العالمية هي مبادرة أكاديمية، ولذلك، نشجعك على مشاركة وإعادة نشر مقتطفات من محتوانا طالما لا يتم استخدامها لأغراض تجارية وتحترم السياسة التالية:
• يجب عليك الإشارة إلى مبادرة جامعة كولومبيا لحرية التعبير العالمية كمصدر.
• يجب عليك وضع رابط إلى العنوان الأصلي للتحليل القضائي أو المنشور أو التحديث أو المدونة أو الصفحة المرجعية للمحتوى القابل للتنزيل الذي تشير إليه.
معلومات الإسناد وحقوق النشر والترخيص لوسائل الإعلام المستخدمة من قبل مبادرة حرية التعبير العالمية متاحة على صفحة الإسناد الخاصة بنا.
هذه القضية متاحة بلغات إضافية: استعرضها بلغة أخرى: English
قضت المحكمة الدستورية في الإكوادور بأن حظر المستخدمين أو تقييد تفاعلاتهم على صفحات المؤسسات العامة في فيسبوك ينتهك حرية التعبير. فقد قامت حكومة لاغو أغريو (الإكوادور) بحظر حساب كارلوس بيرميو على صفحتها في فيسبوك، مما منعه من الاطلاع على المحتوى أو التعليق على المنشورات. واعتبر بيرميو أن حكومة لاغو أغريو انتهكت حقه في حرية التعبير من خلال تقييد قدرته على إبداء الرأي في الشؤون العامة. أما حكومة لاغو أغريو فقد أنكرت قيامها بحظره، مدعيةً أن شركة فيسبوك هي التي أزالت محتواه لانتهاكه معايير المجتمع، وأن الصفحة لم تكن تحت سيطرتها الكاملة في ذلك الوقت. ورأت المحكمة أن قيام حكومة لاغو أغريو بالحظر أو تقييد التفاعلات أو تصفية المستخدمين ينتهك الحق في حرية التعبير، إذ إن هذه التدابير لم تسعَ إلى هدف مشروع، ولم تكن واضحة أو محددة مسبقًا أو مناسبة أو ضرورية أو متناسبة.
كان المدّعي هو كارلوس دافيد بيرميو هيدالغو، وهو مواطن استخدم حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن آرائه بشأن السلطات العامة وسوء إدارة الموارد العامة. وكان يشارك آراءه باستمرار عبر التعليق على المنشورات التي تنشرها صفحة حكومة لاغو أغريو (الإكوادور) على فيسبوك، المسماة “بلدية لاغو أغريو”. إلا أنه في ٢٦ مايو ٢٠٢٠ اكتشف أن الصفحة قد قيّدت قدرته على التعليق أو الاطلاع على محتواها.
وفي ١ يونيو ٢٠٢٠، قدّم المدّعي دعوى حماية دستورية ضد حكومة لاغو أغريو. وادعى أن حقه في حرية التعبير، المكرّس في المادة ٦٦ من دستور الإكوادور، قد انتُهك، لأن الحكومة “قيّدت قدرته على التعبير عن أفكاره حول مسائل ذات مصلحة عامة والمشاركة في النقاش العام”. [الفقرة ٢٩]
أما حكومة لاغو أغريو فقد جادلت بأن صفحة فيسبوك “بلدية لاغو أغريو” لا تعود إليها. ورغم إقرارها بأنها أُنشئت من قبل إدارة أخرى بين عامي ٢٠١٤ و٢٠١٩، إلا أنها لا تعلم إن كانت قد أُنشئت حينها بتفويض من أعلى سلطة في البلدية. كما أشارت الحكومة إلى أنه بين عامي ٢٠٢٠ و٢٠٢٤ كان لديها وصول جزئي إلى الصفحة، وفي عام ٢٠٢٤، وبعد عملية شكوى أمام شركة ميتا، تولّت الحكومة السيطرة الكاملة على الصفحة. وأكدت الحكومة أيضًا أنه لم يتم حظر المدّعي أو منعه، بل إن فيسبوك، وليس الجهة المدعى عليها، هو من قام بمراجعة محتوى المدّعي لأنه خالف معايير المجتمع، إذ إنه “نشر إهانات ضد العمدة ودعا السكان إلى عزله من منصبه”. [الفقرة ٣٦]
وفي ١٥ يونيو ٢٠٢٠، رفضت وحدة القضاء الجنائي متعدّد الاختصاصات (قاضٍ جنائي) الدعوى، معتبرةً أن أي حق دستوري لم يُنتهك، وأنه لم يتم تحديد ما إذا كانت صفحة فيسبوك تعود بالفعل إلى حكومة لاغو أغريو. وقدّم المدّعي استئنافًا ضد هذا القرار. إلا أن محكمة العدل الإقليمية في سوكومبيوس لم تحلل الموضوع وأمرت برفض القضية نظرًا لعدم حضور المدّعي جلسة الاستماع.
وفي أكتوبر ٢٠٢٠، نظرت المحكمة الدستورية في الإكوادور في القضية.
أصدرت القاضية دانييلا سالاثار مارين الحكم باسم المحكمة الدستورية في الإكوادور. وتمحورت المسألة الأساسية حول ما إذا كانت حكومة لاغو أغريو قد انتهكت حق المدّعي في حرية التعبير من خلال منعه من نشر التعليقات على صفحتها الرسمية في فيسبوك.
ادّعى المدّعي أن حقه في حرية التعبير، المكرّس في المادة ٦٦ من الدستور، قد انتُهك، إذ مُنع من التعبير عن آرائه بشأن قضايا تهمّ المصلحة العامة والمشاركة في النقاش العام.
من جانبها، دفعت حكومة لاغو أغريو بأن صفحة فيسبوك لم تكن تعود إلى الإدارة الحالية، وأن شركة “ميتا”٬ وليس البلدية٬ هي من قيّدت محتوى المدّعي بسبب قيامه بنشر إهانات والتحريض على عزل العمدة من منصبه. وبالتالي، أنكرت الجهة المدعى عليها أنها قامت بحظر المدّعي أو الحدّ من مشاركته.
أولًا، تناولت المحكمة مسألة ما إذا كانت صفحة “بلدية لاغو أغريو” تعود بالفعل إلى حكومة لاغو أغريو. ولاحظت أن الحكومة قد اعترفت بالصفحة باعتبارها صفحة رسمية تقع تحت مسؤوليتها. ورأت المحكمة أن إنشاء الصفحة في عهد إدارة سابقة أو وجود مشاكل إدارية في الوصول إليها لا يُعفي الحكومة من مسؤوليتها عن المحتوى والتفاعلات التي تتم من خلالها. وحتى في حال فقدانها المؤقت لصفة “المشرف” على الصفحة، فقد كان يتعين على الحكومة إبلاغ المواطنين والسلطات المختصة الأخرى عبر وسائل رسمية بديلة –مثل المواقع المؤسسية أو شبكات اجتماعية أخرى– لاتخاذ تدابير تحول دون انتهاك حقوق المستخدمين.
ثانيًا، افترضت المحكمة أن الحكومة منعت المدّعي من التعليق على صفحتها بسبب الانتقادات التي وجّهها لرئيس تلك المؤسسة العامة. وفي هذا السياق، أكدت المحكمة أن هذه الخطابات تحظى بحماية خاصة بموجب الحق في حرية التعبير، لأنها تتعلق بقضايا المصلحة العامة.
وذكّرت المحكمة بأنه عندما تتصرّف المؤسسات العامة كجهات فاعلة على الإنترنت، فإن عليها واجب تكييف ممارساتها بما يتلاءم مع احتياجات وديناميكيات وإشكاليات الفضاء الرقمي. وأشارت إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي تؤدي دورًا محوريًا في نشر المحتوى المهم وتعزيز النقاش العام حول المسائل ذات المصلحة العامة. كما أن المشاركة في النقاش العام عبر هذه الوسائل تعزز جودة الديمقراطية، إذ تتيح الرقابة الشعبية ومساءلة السلطات وتنظّم المشاركة المجتمعية وتُسهم في ترسيخ الديمقراطية وسيادة القانون. وأطلقت المحكمة على هذا النوع من المشاركة اسم “الديمقراطية الرقمية.” [الفقرة 81] وبالنظر إلى ذلك، اعتبرت المحكمة أن حكومة لاغو أغريو، من خلال صفحتها على فيسبوك، ملزمة باحترام حقوق المستخدمين في حرية التعبير والمعلومات وحمايتها.
وبشأن حظر حساب المدّعي، رأت المحكمة مبدئيًا أن “حظر وصول مستخدم أو منعه من نشر التعليقات على الصفحة المؤسسية لجهة عامة يُمثل تقييدًا غير مشروع لحقوقه في حرية التعبير.” [الفقرة 90] ولهذا، شددت المحكمة على أن التدابير مثل الحظر أو تقييد التفاعلات أو تصفية المحتوى، عندما تتخذها مؤسسات عامة، يجب أن تستوفي الشروط التالية لتكون مشروعة:
1. أن تسعى إلى هدف مشروع؛
2. أن تكون محددة بوضوح وبشكل مسبق؛
3. أن تتسم بالشفافية؛
4. أن تكون مناسبة وضرورية ومتوازنة لتحقيق الهدف المشروع؛
5. أن تضمن وجود آليات إدارية وقضائية لمراجعة أو إنهاء القيود غير المبررة.
ورأت المحكمة أن الحظر والقيود المفروضة على حرية تعبير المدّعي غير مبرّرة لأنها لم تستوفِ متطلبات هذا الاختبار. وأكدت أن هذه التدابير لم يكن لها غرض مشروع. إذ إن الغرض المشروع يمكن أن يتمثل في حماية النقاش المنظّم على الشبكات الرسمية للمؤسسات العامة وصون حقوق الآخرين. غير أن المحكمة أوضحت أن تعليقات المدّعي كانت محترمة وتستفيد من حماية خاصة بموجب حرية التعبير، وبالتالي فإن الرقابة على محتواه لم تسعَ إلى غاية مشروعة.
كما رأت المحكمة أن التدابير غير مناسبة. إذ إن حسابات الدولة تُعد عاملًا أساسيًا في نشر المعلومات ذات المصلحة العامة وفي حماية النقاش العام. لذلك، لا يمكنها ولا ينبغي لها أن تُمارس الرقابة إلا في حالات محددة، مثل خطاب الكراهية أو التحريض على العنف أو المحتوى الإباحي أو العنيف. ونظرًا إلى طبيعة تعبير المدّعي –الرقابة الشعبية على السلطات العامة– خلصت المحكمة إلى أن التدابير لا ترقى إلى مستوى الملاءمة.
كذلك، لم تكن هذه التدابير ضرورية، إذ كانت هناك بدائل أقل تقييداً من الحظر الدائم، مثل إصدار تنبيهات أو حذف التعليقات التي تتجاوز حدود حرية التعبير أو حتى الإبلاغ عن المحتوى للمشرفين على الشبكة الاجتماعية للتعامل مع الإساءة المزعومة. ومع ذلك، وكما لاحظت المحكمة، فإن حكومة لاغو أغريو منعت المدّعي من التعليق بشكل دائم، وهو ما ولّد “عزلة تامة عن فضاء النقاش العام لا يلبّي مبدأ الضرورة.” [الفقرة 106] وأخيرًا، رأت المحكمة أن التدابير لم تكن متناسبة، بالنظر إلى أن التقييد كان شاملًا وكليًا.
وبناءً على كل ما سبق، خلصت المحكمة الدستورية في الإكوادور إلى أن حكومة لاغو أغريو انتهكت حق بيرميو في حرية التعبير.
وأمرت المحكمة بإلغاء القرارات الصادرة عن المحاكم الأدنى، ورفع أي قيد يمنع المدّعي من التعليق على شبكات التواصل الاجتماعي الخاصة بالجهة المدعى عليها. كما أمرت الجهة المدعى عليها بتقديم اعتذار علني لبيرميو ووضع بروتوكول خاص باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
يشير اتجاه الحكم إلى ما إذا كان الأخير يُوسع من مدي التعبير أم يُضيقه بناءً على تحليل للقضية.
إن قرار المحكمة الدستورية في الإكوادور في قضية بيرميو ضد حكومة لاغو أغريو وسّع بشكل كبير من نطاق حرية التعبير من خلال إرساء مبدأ مفاده أن المؤسسات العامة لا يجوز لها حظر أو تقييد الأفراد من التفاعل على صفحاتها الرسمية في وسائل التواصل الاجتماعي إلا وفق متطلبات دستورية صارمة. وبإعادة تأكيد أن الفضاءات الرقمية التي تديرها الدولة تُعَد جزءًا من المنتدى العام الحديث، اعترفت المحكمة بأن هذه المنصات أساسية للمشاركة الديمقراطية والرقابة والمساءلة والنقد. وقد تبنّى الحكم اختبار التناسب بشكل واضح لتقييم مشروعية ضبط المحتوى الذي تفرضه الهيئات العامة، وشدّد على أن انتقاد المسؤولين العموميين خصوصًا عندما يُعبَّر عنه بأسلوب محترم يُعَد خطابًا محميًا بشكل خاص. علاوةً على ذلك، ومن خلال الأمر بتقديم اعتذار علني وإدخال إصلاحات مؤسسية، بما في ذلك وضع بروتوكول لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي الرسمية، لم تقتصر المحكمة على معالجة الانتهاك الفردي، بل عززت أيضًا ضمانات هيكلية تحول دون الرقابة المستقبلية.
يوضح المنظور العالمي كيف تأثر قرار المحكمة بمعايير سواء من منطقة واحدة أو عدة مناطق.
تُشير أهمية هذه القضية إلى مدى تأثيرها وكيفية تغير مدى أهميتها بمرور الوقت.