الأمن القومي, التعبير السياسي, العنف ضدّ المتحدّثين/الإفلات من العقوبة, حرية الاجتماع و تنظيم التجمعات / الاحتجاجات, حرية الصحافة
قضية السيد جيمي لاي تشي-يينغ (هونغ كونغ، الصين)
هونغ كونغ
قضية جارية الحكم ذو نتيجة مُتباينة
حرية التعبير العالمية هي مبادرة أكاديمية، ولذلك، نشجعك على مشاركة وإعادة نشر مقتطفات من محتوانا طالما لا يتم استخدامها لأغراض تجارية وتحترم السياسة التالية:
• يجب عليك الإشارة إلى مبادرة جامعة كولومبيا لحرية التعبير العالمية كمصدر.
• يجب عليك وضع رابط إلى العنوان الأصلي للتحليل القضائي أو المنشور أو التحديث أو المدونة أو الصفحة المرجعية للمحتوى القابل للتنزيل الذي تشير إليه.
معلومات الإسناد وحقوق النشر والترخيص لوسائل الإعلام المستخدمة من قبل مبادرة حرية التعبير العالمية متاحة على صفحة الإسناد الخاصة بنا.
هذه القضية متاحة بلغات إضافية: استعرضها بلغة أخرى: English
أيدت محكمة الاستئناف في بلغراد حكم المحكمة العليا، وقررت أن موقع 24SEDAM قد أضرّت بسمعة المدّعي السيد يوفانوفيتش – تشوتا وكرامته من خلال إعادة نشر مقال رأي كتبته رئيسة وزراء صربيا آنذاك ونُشر في الأصل على الموقع الرسمي للحكومة. فقد أورد الموقع تصريحات لرئيسة الوزراء وصفت فيها المدّعي بأنه “مستثمر فاشل في محطات الطاقة الكهرومائية الصغيرة وحمار”. كما روّجت لمزاعم كاذبة وغير مدعومة بالأدلة ضد المدّعي، من بينها أنه يتلقى تمويلًا أجنبيًا بهدف الإضرار بالدولة ومؤسساتها.
استندت المحكمة في قرارها أساسًا إلى أن الموقع الإلكتروني أعاد نشر تصريحات من شأنها الإضرار بالسمعة، مكتفي بالاعتماد على كونها منشورة سابقًا على الموقع الرسمي للحكومة وصادرة عن رئيسة الوزراء، من دون القيام بعملية تحقق مستقلة وفقًا لمعايير العناية الواجبة الصحفية، أو تقييم ما إذا كان نشرها يخدم مصلحة عامة مشروعة.
وأشارت المحكمة إلى أنه رغم أن المدّعي نائب معارض في البرلمان، وهو بحكم منصبه العام يُتوقّع منه تحمّل قدر أكبر من النقد، إلا أن المقال الذي أعاد الموقع نشره لم يتضمن سوى خطاب تهويلي وتشهيري، وبالتالي لم يُسهم في نقاش سياسي أو ذي مصلحة عامة، وعُدّ غير مشروع.
وبناءً على ذلك، أمرت المحكمة رئيس التحرير المسؤول وناشر الموقع بدفع تعويض للمدّعي قدره ٤٠ ألف دينار صربي بالإضافة إلى الفوائد، عن الأضرار المعنوية (ما يعادل تقريبًا٤٠٠ دولار أمريكي) بسبب انتهاك شرفه وسمعته.
المدّعي ألكسندر يوفانوفيتش – تشوتا هو نائب معارض في الجمعية الوطنية لجمهورية صربيا، معروف بنشاطه الطويل في مجال حماية البيئة. ولعدة سنوات، شكّلت أنشطة شركة ريو تينتو متعددة الجنسيات قضية سياسية–بيئية بارزة في صربيا، خاصة فيما يتعلق بتعدين الليثيوم في غرب البلاد. وقد برز المدّعي كأحد أبرز الشخصيات القيادية في الاحتجاجات ضد أنشطة ريو تينتو، وهو ما دفع رئيسة الوزراء آنذاك، آنا برنابيتش، إلى نشر مقال رأي على الموقع الرسمي للحكومة، والذي أصبح لاحقًا أساسًا لدعوى التشهير التي أقامها المدّعي.
في المقال المذكور، وصفت رئيسة الوزراء المدّعي بأنه “مستثمر فاشل في محطات الطاقة الكهرومائية الصغيرة وحمار”. كما روّجت لمزاعم كاذبة وغير مثبتة ضده، مدّعية أنه يتلقى تمويلًا أجنبيًا بهدف إلحاق الضرر بالدولة ومؤسساتها.
بناءً على ذلك، رفع المدّعي دعوى تشهير أمام المحكمة العليا في بلغراد ضد دراغانا ميلوفانوفيتش، رئيسة تحرير الموقع الإلكتروني 24SEDAM، ومارغريت ستانيتش، ناشرة الموقع، بعد أن أعاد المنبر الإعلامي نشر المقال. وقد جادل المدّعي بأن الإهانات الموجهة إليه لا تتعلق بعمله كمسؤول عام، وبالتالي لا تُعد خطابًا سياسيًا محميًا. كما أكد أنه قبل نشر أو إعادة نشر النص، لم يتواصل أي من ممثلي المنفذ الإعلامي معـه للتحقق من صحة المعلومات أو لطلب تعليقه.
أما المدّعى عليهم فقد دفعوا بأنهم اكتفوا بنقل تصريحات صادرة عن رئيسة الوزراء كانت قد نُشرت بالفعل على الموقع الرسمي للحكومة، وأن قواعد التشهير غير قابلة للتطبيق على هذه الحالة، باعتبار أن المحتوى يندرج ضمن الخطاب السياسي المحمي. وعلى هذا الأساس، أنكروا أي مسؤولية قانونية.
خلصت المحكمة العليا في بلغراد إلى أن بوابة الإنترنت 24SEDAM قد ألحقت ضررًا بسمعة المدّعي وكرامته. فاستأنف المدّعى عليهم أمام محكمة الاستئناف في بلغراد، بحجة أن محكمة الدرجة الأولى لم تستخلص الاستنتاجات الصحيحة من الوقائع ذات الصلة، وأنها أخطأت في تطبيق القانون.
أكدت محكمة الاستئناف في بلغراد قرار محكمة الدرجة الأولى، مستندة في حكمها إلى القواعد القانونية ذات الصلة الواردة في قانون المعلومات العامة ووسائل الإعلام الصربي. وكانت القضية الجوهرية التي حللتها المحكمة هي ما إذا كان المدعى عليهم قد ارتكبوا جريمة تشهير بالمدّعي من خلال إعادة نشر مقال رأي لرئيسة الوزراء آنذاك تضمّن ادعاءات كاذبة وغير مدعومة بالأدلة.
وأشارت المحكمة إلى أن المادة ٩(٢) من قانون المعلومات العامة ووسائل الإعلام الصربي تفرض واجب العناية الصحفية (معيار العناية الواجبة الصحفية)، والذي يتمثل في التزام المحررين والصحفيين بالتحقق الدقيق من المصادر، ومن صحة وشمولية المعلومات، خصوصًا عند التعامل مع وقائع قد تكون ضارة.
وبتحليلها للقضية، اعتبرت المحكمة أن القارئ العادي قد ينشأ لديه انطباع بأن المدّعي كان يتلقى بالفعل تمويلًا خارجيًا لتدمير الدولة. وعند الجمع بين ذلك وبين الإهانة العلنية المتمثلة في وصفه بـ “الحمار”، فإن ذلك يسهم في تكوين صورة سلبية عن المدّعي. وفي هذا السياق، خلصت المحكمة إلى أن هناك انتهاكًا لواجب العناية الصحفية، إذ لم يحاول المدعى عليهم التحقق من صحة التصريحات المعاد نشرها.
وبمناقشتها لدور الإعلام في المجتمع، أوضحت المحكمة أن “حرية العمل الصحفي تخضع، على وجه الخصوص، لالتزام وسائل الإعلام بالتصرف بحسن نية، وتقديم معلومات دقيقة وموثوقة وفقًا للأخلاقيات الصحفية، والالتزام بالمعايير المهنية الراسخة.” [ص. ٤]
كما استندت المحكمة إلى المبدأ الراسخ بأن نشر تصريحات غير مشروعة صادرة عن الغير، من دون النأي الصريح بالنفس عن مضمونها، أمر غير جائز ويشكل أساسًا قانونيًا للحكم بالتعويض عن الأضرار المعنوية الناتجة عن المساس بالشرف والسمعة. وأكدت أن مجرد كون الادعاء غير المشروع متداولًا بالفعل لا يبرر نشره مرة أخرى، وأن تكرار ادعاء غير مشروع للغير يُعامل قانونًا كما لو كان صادرًا عن الناشر نفسه. وبناءً على ذلك، رفضت المحكمة دفع المدعى عليهم بأنهم لا يتحملون مسؤولية قانونية عن التشهير.
ورأت المحكمة، بعد الموازنة بين المحتوى المعاد نشره وحقوق المدّعي الشخصية، أن هذه الحقوق لها الأولوية، حيث إن النص المعاد نشره لم يكن له أي دور في إثراء النقاش العام، بل أظهر مضمونه ونبرته التهويلية أن الهدف الوحيد كان تشويه سمعة المدّعي.
وأشارت المحكمة أيضًا إلى أن المادة ١١٦ من قانون المعلومات العامة ووسائل الإعلام الصربي تعفي الصحفيين من المسؤولية عن نشر معلومات ضارة إذا كانت هذه المعلومات واردة، من بين أمور أخرى، في وثيقة رسمية صادرة عن سلطة مختصة. إلا أن المحكمة أكدت أن النص المؤلف – حتى وإن كان كاتبه رئيسة الوزراء ونُشر على الموقع الرسمي للحكومة – لا يمكن اعتباره قانونًا وثيقة رسمية (مثل قرار أو حكم أو أمر). وبالتالي لا يمكن تطبيق أسباب الإعفاء المنصوص عليها في المادة ١١٦.
وبالإضافة إلى ذلك، رأت المحكمة أن التصريحات المهينة والعدائية الموجهة ضد المدّعي لم تكن مرتبطة بأدائه كمسؤول عام، ولم تُسهم في نقاش عام أو سياسي. وأكدت المبدأ العام بأن الجمهور ليست له مصلحة مشروعة في الاطلاع على معلومات كاذبة.
وبناءً على هذه الحجج، قضت المحكمة بإلزام المدعى عليهم بدفع تعويض للمدّعي قدره ٤٠ ألف دينار صربي بالإضافة إلى الفوائد (ما يعادل تقريبًا ٤٠٠ دولار أمريكي) عن الأضرار المعنوية الناتجة عن المساس بشرفه وسمعته.
يشير اتجاه الحكم إلى ما إذا كان الأخير يُوسع من مدي التعبير أم يُضيقه بناءً على تحليل للقضية.
طبّقت المحكمة في جوهرها المعيار المكرّس في اجتهادات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، والذي يوجب على الصحفيين أن ينأوا بأنفسهم بشكل منهجي ورسمي عن مزاعم أطراف ثالثة يمكن أن تسيء إلى الآخرين أو تستفزهم أو تضرّ بسمعتهم. فإذا انضمت وسائل الإعلام بأي شكل من الأشكال إلى مزاعم الغير من خلال تبنّيها كأنها صادرة عنها، فإن تلك المزاعم تُعتبر صادرة عنها هي نفسها. وانطلاقًا من هذا المبدأ القانوني، خلصت المحكمة إلى أن هناك خرقًا لمعايير العناية الواجبة الصحفية.
وعلاوة على ذلك، طبّقت المحكمة على نحو مناسب المبدأ المبيّن في قضية رُوياك ضد كرواتيا (الطلب رقم ١٢٣٤٥/١٢)، وهو أن المحتوى الذي يُعبَّر عنه بغرض إهانة شخص آخر فقط لا يمكن أن يكون محميًا بموجب المادة ١٠ من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.
يوضح المنظور العالمي كيف تأثر قرار المحكمة بمعايير سواء من منطقة واحدة أو عدة مناطق.
تُشير أهمية هذه القضية إلى مدى تأثيرها وكيفية تغير مدى أهميتها بمرور الوقت.