محمد الحبيب ضد النيابة العامة

قضية مُنتهية الحكم يَحُد من حُرية التعبير

Key Details

  • نمط التعبير
    خطاب عام / علني
  • تاريخ الحكم
    يناير ٤, ٢٠١٨
  • النتيجة
    السَجن
  • المنطقة والدولة
    المملكة العربية السعودية, الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
  • الهيئة القضائية
    محكمة الاستئناف
  • نوع القانون
    القانون الجنائي, الفقه الإسلامي
  • المحاور
    التعبير السياسي
  • الكلمات الدلالية
    التمييز ضد الأقليات, عدم المساواة الاجتماعية

سياسة اقتباس المحتوى

حرية التعبير العالمية هي مبادرة أكاديمية، ولذلك، نشجعك على مشاركة وإعادة نشر مقتطفات من محتوانا طالما لا يتم استخدامها لأغراض تجارية وتحترم السياسة التالية:

• يجب عليك الإشارة إلى مبادرة جامعة كولومبيا لحرية التعبير العالمية كمصدر.
• يجب عليك وضع رابط إلى العنوان الأصلي للتحليل القضائي أو المنشور أو التحديث أو المدونة أو الصفحة المرجعية للمحتوى القابل للتنزيل الذي تشير إليه.

معلومات الإسناد وحقوق النشر والترخيص لوسائل الإعلام المستخدمة من قبل مبادرة حرية التعبير العالمية متاحة على صفحة الإسناد الخاصة بنا.

هذه القضية متاحة بلغات إضافية:    استعرضها بلغة أخرى: English

تحليل القضية

ملخص القضية وما انتهت اليه

حكمت المحكمة الجزائية المتخصصة في الرياض في المملكة العربية السعودية على رجل الدين الشيعي الشيخ محمد الحبيب بالسجن لمدة خمس سنوات، تُضاف إلى حكم سابق مدته سبع سنوات بتهمة عدم الإلتزام بتعهد قطعه والتحريض على الفتنة والطائفية.

الحبيب معروف بنشاطه في دعم الإصلاحات السياسية والاقتصادية والتنديد بالتمييز ضد الأقلية الشيعية في المملكة العربية السعودية. في العام ٢٠١٨، حُكم عليه بالسجن لمدة سبع سنوات لخرقه تعهداً وقّعه عام ٢٠١٢ بعدم إلقاء خطب غير مقبولة أو تدعو إلى الفتنة بحسب السلطات الحاكمة. وقد رُفِعت هذه القضية لاحقاً استناداً إلى اتهامات ذات صلة بالقضية السابقة ولكن بناءً على أدلة إضافية أثناء سجنه. اعتبرت المحكمة الحبيب مذنباً لمخالفته أحكام قانون جرائم الإرهاب وتمويله وذلك لتأييده الجماعات الدينية المتطرفة بحسب الأمر الملكي رقم ٤٤/أ. عن طريق تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، اعتبرت المحكمة أن الحبيب خرق تعهده، وهو مسؤول قانوناً عن كلماته وأفعاله التي اعترف بها. كما استندت المحكمة إلى عقوبة التعزير التي تمنح رئيس المحكمة سلطة تقديرية كاملة لتحديد العقوبة المناسبة. هذا القرار هو الأخير في سلسلة من قرارات المحكمة الجنائية المتخصصة ضد الحبيب لانتقاده التمييز الذي تعتمده الدولة.

في ١١ مايو ٢٠٢٠، أصدرت الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة، بما في ذلك المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير، بلاغًا عبروا فيه عن قلقهم البالغ إزاء اضطهاد واحتجاز محمد بن حسن الحبيب المستمر. تقوم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان حالياً بترجمة الرد الوارد من المملكة العربية السعودية.

قام الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي لدى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة (الفريق العامل) في ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٠ بتبني الرأي رقم ٢٠٢٠/٨٦ والمتعلق بالشيخ محمد بن حسن الحبيب المحتجز بالمملكة العربية السعودية. في هذا الرأي أشار الفريق العامل إلى أن “القبض على الشيخ الحبيب واحتجازه ومعاقبته” كان غير ضروريا وغير متناسبًا، وأن حرمان الشيخ الحبيب من حريته يتعارض مع المواد من ٢ ل ١١ والمادة ١٣ وكذلك المواد ١٨، ١٩ و٢٠ من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، مما يجعل احتجازه تعسفيًا. بالإضافة لذلك، طالب الفريق العامل حكومة المملكة العربية السعودية أن تتخذ الخطوات اللازمة لتصحيح وضع الشيخ الحبيب دون تأخير والتي تتمثل في الإفراج الفوري عنه ومنحه الحق في التعويض وسبل الانتصاف الأخرى المتوافقة مع المعايير الدولية ذات الصلة، بما في ذلك تلك المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

تشير مبادرة كولومبيا العالمية لحرية التعبير إلى أن بعض المعلومات الواردة في هذا التقرير مستمدة من مصادر ثانوية.

تم توفير المعلومات المتعلقة بهذه القضية من قبل جمعية منَا لحقوق الإنسان.


الوقائع

محمد الحبيب هو رجل دين شيعي. في المملكة العربية السعودية الشيعة هم أقلية دينية مسلمة، ووفقاً لـ هيومن رايتس ووتش ،” يقبع عشرات الشيعة السعوديين في السجن منذ عام ٢٠١١، لمشاركتهم في الاحتجاجات التي طالبت بالمساواة الكاملة والحقوق الأساسية لجميع السعوديين”. في عام ٢٠١٢، كانت المنطقة الشرقية التي يهيمن عليها الشيعة في المملكة العربية السعودية تمر بنسختها الخاصة من الربيع العربي، ودعا النشطاء إلى إصلاحات مدنية وسياسية. على وجه التحديد، احتجوا على عدم المساواة الاقتصادية والتهميش السياسي والاستبعاد الديني في النظم الاجتماعية والتعليمية والقضائية.

للحبيب تاريخ من الاضطهاد من قبل السلطات السعودية يعود إلى يوليو من العام ٢٠١٢ عندما ألقى خطبة ندد فيها بالتمييز ضد الأقلية الشيعية ودعا إلى إصلاحات تشمل حماية حرية التعبير وإطلاق سراح النشطاء المعتقلين. زعمت السلطات السعودية أن خطب الحبيب أهانت الزعماء الدينيين السنّة، وعززت الطائفية والتحريض على العنف. في محاولة لقمع المعارضة، فاضطر للتوقيع على تعهد في ١٧ ديسمبر ٢٠١٢ بعدم إلقاء خطب تعتبر “غير مقبولة” من قبل السلطات.

في ٨ يوليو ٢٠١٦، تم اعتقال الحبيب عند معبر الخفجي الحدودي بين المملكة العربية السعودية والكويت بحجة محاولته عبور الحدود بشكل غير قانوني. وبحسب أحد أفراد الأسرة، لم يكن الحبيب على علم بوجود قرار منع سفر ضده. في ٢٧ أكتوبر ٢٠١٦، اتهمت المحكمة الجنائية المتخصصة محمد الحبيب بانتهاك شروط التعهد الذي وقع عليه عام ٢٠١٢.

في البداية، تمت تبرئته من قبل المحكمة الجنائية المتخصصة في ٢٢ أغسطس ٢٠١٧، حيث اعتبرت أنه ملتزم بتعهده ولم تجد أدلة كافية تثبت أنه انتهكه. ومع ذلك، فسخت نفس المحكمة بدرجة الإستئناف هذا القرار في ٤ يناير ٢٠١٨ وحكمت عليه بالسجن لمدة سبع سنوات بتهم “الطائفية” و”دعوة الناس للتحريض على الفتنة”، استناداً إلى الفقرة (أ) من المادة ١ من قانون جرائم وتمويل الإرهاب والأمر الملكي رقم ٤٤/أ.

و في ابريل ٢٠١٨ وأثناء قضاء عقوبته، وُجهت إليه تهمة “السعي لزعزعة النسيج الاجتماعي والوحدة الوطنية من خلال دعم الاحتجاجات والتحريض على أعمال الشغب في محافظة القطيف”؛ حيازة الوثائق التي تشجع على عصيان الحاكم؛ انتهاك قانون الجرائم الإلكترونية؛ ومحاولة مغادرة السعودية إلى الكويت بشكل غير قانوني. تم توجيه الاتهامات الجديدة بناءً على أدلة تم العثور عليها على جهاز الكمبيوتر الخاص به، مثل صورة لرجل دين شيعي أعدمه النظام السعودي.

قامت المحكمة الجنائية المختصة في ٢٦ أغسطس ٢٠١٩ بمعاقبة السيد الحبيب بالسجن لمدة ٥ سنوات إضافية وكذلك بمنعه من السفر لمدة ٥ سنوات بعد انقضاء عقوبة السجن. تم تأييد هذا الحكم في الاستئناف وذلك بتاريخ ١٥ ديسمبر ٢٠١٩.

في ١١ مايو ٢٠٢٠، أصدرت الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة، بما في ذلك المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير، رسالة عبرت فيها عن قلقها إزاء اضطهاد واستمرار اعتقال محمد الحبيب. سلطت الإجراءات الخاصة الضوء على استخدام التعذيب وسوء المعاملة لانتزاع الاعترافات والأدلة الجنائية المحتملة، وكذلك الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك غياب العناية الواجبة وضمانات المحاكمة العادلة، وانتهاكات حقوق الأطفال، وعدم احترام حقوق السجناء، بما في ذلك ما يتعلق بالحصول على الرعاية الصحية الكافية واستخدام الحبس الانفرادي المطول. حتى كتابة هذه الأسطر في أغسطس ٢٠٢١ لا يزال الشيخ الحبيب رهن الاعتقال في سجن المباحث بالدمام، وبحسب ما ورد تم تعليق زيارات السجون بسبب فيروس كورونا المستجد حتى إشعار آخر وكذلك لا يمكنه الوصول إلى الرعاية الطبية المناسبة لحالته الصحية.

بالإضافة لما سبق وفي ٢٦ يونيو تلقى فريق العمل المعني بالاحتجاز التعسفي لدى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إفادة من أحد المصادر يدعي خلالها أن كل من الحالة الأولى والثانية والثالثة والخامسة من الحالات التي يعتبر فيها الفريق العامل الحرمان من الحرية اجراءً تعسفيًا تنطبق على حالة الشيخ الحبيب. ويعد الحرمان من الحرية اعتباطيًا إذا توافرت أي من الحالات الآتية:

الحالة الأولى: إذا كان واضحًا أن من المستحيل التذرع بأي أساس قانوني لتبرير الحرمان من الحرية (كأن يبقى الشخص قيد الاحتجاز بعد انتهاء مدة العقوبة المحكوم عليه بها أو على الرغم من صدور قانون عفو ينطبق عليه)؛

الحالة الثانية: إذا كان الحرمان من الحرية ناجمًا عن ممارسة الحقوق والحريات التي تضمنتها المواد ٧ و١٣ و١٤ و١٨ و١٩ و٢٠ و٢١ من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواد ١٢ و١٨ و١٩ و٢١ و٢٢ و٢٥ و٢٦ و٢٧ من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية؛

الحالة الثالثة: إذا كان عدم الاحترام التام أو الجزئي للقواعد الدولية المتصلة بالحق في محاكمة عادلة، المنصوص عليه في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وفي الصكوك الدولية ذات الصلة التي قبلتها الدول المعنية، من الخطورة بحيث يضفي على الحرمان من الحرية طابعًا تعسفيًا؛

الحالة الرابعة: إذا تعرض طالبي اللجوء أو المهاجرين أو اللاجئين للاحتجاز الإداري المطول دون إمكانية مراجعة هذا الاحتجاز أو التظلم منه سواء إداريًا أو قضائيًا؛

الحالة الخامسة: عندما يشكل الحرمان من الحرية انتهاكًا للقانون الدولي عن طريق التمييز على أساس المولد، أو الأصل القومي، أو العرقي، أو الاجتماعي، أو اللغة، أو الدين، أو الوضع الاقتصادي، أو الرأي السياسي أو غيره، أو الجنس، أو التوجه الجنسي، أو الإعاقة، أو أي وضع آخر، يهدف أو يمكن أن يؤدي إلى تجاهل المساواة بين البشر.

في هذا الصدد تندرج الادعاءات التي صرح بها المصدر في قضية الحال تحت الحالة الثانية من الحالات الخمس السابقة، حيث إنها تؤثر بشكل مباشر على الحق في حرية التعبير. فعلى وجه الخصوص زعم المصدر أن الحكم على السيد حبيب بتهمة “الطائفية” و “دعوة الناس إلى الفتنة” و “السعي إلى زعزعة النسيج المجتمعي والوحدة الوطنية” ينتهك حقه في حرية الرأي والتعبير المحمي بموجب المادتين ١٨ و١٩ من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. أيضًا فقد نوه المصدر أن لجنة مناهضة التعذيب قد أشارت في تقريرها الدوري الثاني عن المملكة العربية السعودية (CAT/C/SAU/CO/2) إلى أن تعريف الإرهاب في المرسوم الملكي رقم ٤٤ قد جاء فضفاض للغاية بحيث يمكن أن يجرم أفعال تمثل شكل من أشكال حرية التعبير المحمية بموجب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وكذلك الميثاق العربي لحقوق الإنسان. [فقرة ١٥]

وفي رسالتها في يونيو، طالب الفريق العامل من الحكومة ما يلي: أولًا توفير معلومات مفصلة عن السيد الحبيب الوضع الحالي؛ ثانيُا توضيح الأحكام القانونية التي تبرر استمرار احتجازه، وكذلك مدى توافقها مع التزامات المملكة العربية السعودية بموجب القانون الدولي لحقوق الانسان؛ وأخيرًا ضمان سلامة الشيخ الحبيب الجسدية والعقلية.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن المملكة العربية السعودية ليست طرفًا في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

في ٢١ أغسطس ٢٠٢٠، ردت حكومة المملكة العربية السعودية على مطالب فريق العمل، منددة بالادعاءات التي نُقلت عن المصدر، وادعت أن الأخير لم يقدم أي دليل واستند في ادعاءاته إلى معلومات غير صحيحة. كذلك أكدت الحكومة أنها تتعاون مع جميع الآليات الدولية لحقوق الإنسان من خلال الرد على الخطابات والنداءات والتقارير المقدمة إليها، بل وتأمل أن تقوم تلك الآليات بالمثل عن طريق التحقق من دقة وموضوعية وسلامة الاستنتاجات التي توصل إليها المصدر. أكدت الحكومة أيضًا في ردها أن احتجاز السيد الحبيب ليس تعسفيًا وأنه لا يندرج تحت أي من الحالات الأولى أو الثانية أو الثالثة أو الخامسة موضحة أنه، من ضمن مبررات أخرى، كان للشخص المعني إمكانية التواصل مع محامي وفقًا لما قرره القانون، وأن القوانين السعودية لا تتضمن أي أحكام تمييزية ضد أي شخص، بل إنها تجرم التمييز وتنص على عقوبات لأفعال التمييز.

في ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٠، تبنى الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي لدى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الرأي رقم ٢٠٢٠/٨٦ بشأن احتجاز الشيخ محمد بن حسن الحبيب بالمملكة العربية السعودية. واستند الفريق العامل في رأيه للمراسلات الواردة من المصدر والرد الرسمي من حكومة المملكة لتحديد ما إذا كان اعتقال واحتجاز الشيخ محمد بن حسن الحبيب قد خالف القانون الدولي لحقوق الإنسان.

ولتحديد ما إذا كان احتجاز السيد الحبيب تعسفيًا أم لا، استند الفريق العامل إلى المبادئ المنصوص عليها في اجتهاداته القضائية للتعامل مع مسائل الإثبات. ووضح الفريق العامل إلى أنه ذكر مراراً في قراراته السابقة أنه حتى عندما يكون احتجاز شخص ما قد تم وفقاً للتشريعات الوطنية، يجب أن تكون هناك ضمانات أن الاحتجاز قد جاء أيضًا متسقًا مع أحكام القانون الدولي ذات الصلة. وأشار الفريق العامل إلى الفقرة ٦٨ من التقرير A/HRC/19/57، مؤكدة على أن مجرد تأكيدات الحكومة بأن الإجراءات القانونية قد اتُبعت لا تكفي لدحض ادعاءات المصدر.

كذلك أشار الفريق العامل، في رأيه بشأن كدى توافر الحالة الأولى، إلى “اجتهاداته المتعلقة بالمملكة العربية السعودية حيث رأت باستمرار أن أمر التوقيف، حتى على افتراض أنه صادر عن وزير الداخلية أو عن هيئات مفوضة مثل المديرية العامة للمباحث لا يتحقق به شرط أن أي قرار يشمل أي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن يجب أن يصدر عن، أو يخضع لرقابة فعلية من سلطة قضائية أو سلطة أخرى بموجب القانون، والتي ينبغي أن يوفر وضعها ومدة ولايتها أكبر قدر من أقوى ضمانات الكفاءة والحياد والاستقلال ،وذلك وفقًا للمبدأ رقم ٤ من مجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن”. [فقرة ٥٩]

ولاحظ الفريق العامل، بجانب اعتبارات أخرى، أن الشيخ الحبيب لم يُعرض على وجه السرعة أمام قاضٍ ولم يُمنح الحق في رفع دعوى أمام محكمة حتى يتسنى لها أن تبت على وجه السرعة في قانونية احتجازه. وفي هذا الصدد، اعتبر الفريق العامل أن الرقابة القضائية على الاحتجاز هي ضمانة أساسية للحرية الشخصية وهي ضرورية لضمان أن يكون للاحتجاز أساس قانوني.

كما وُجد أيضأ أن المادة ٦ من قانون الجرائم الإلكترونية، التي أدين بموجبها السيد الحبيب، يشوبها الغموض، وهو ما يتعارض مع مبدأ اليقين القانوني وبالتالي ليس لها أي أساس قانوني. اعتبر الفريق العامل أن مثل هذه القوانين الغامضة والفضفاضة يمكن أن يكون لها أثر سلبي على “ممارسة الحقوق في حرية الفكر والوجدان والدين، وحرية الرأي والتعبير، وحرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات، والمشاركة في الحياة السياسية والشؤون العامة، والمساواة وعدم التمييز وحماية الأشخاص المنتمين إلى أقليات عرقية أو دينية أو لغوية، لأن مثل هذه القوانين تنطوي على احتمال إساءة المعاملة، بما في ذلك الحرمان التعسفي من الحرية “. [فقرة ٦٨]

وفيما يخص الانتهاكات المزعومة والتي تقع تحت الحالة الثانية، فهي تتعلق بشكل مباشر بممارسة الشيخ الحبيب لحقه في حرية الوجدان وحرية التعبير في إلقاء الخطب السلمية. ووجد الفريق العامل أن المملكة العربية السعودية لم تقدم في ردها أي تفسير أو دليل على الأفعال الإجرامية التي ارتكبها الشيخ الحبيب أثناء إلقاء خطبه. بالإضافة لذلك، وجد الفريق العامل أن القيود المفروضة على الشيخ الحبيب لا مبرر لها بموجب المادة ٢٩ (٢) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، حيث إن أفعاله لا يمكن اعتبارها تهديدًا لحقوق الآخرين أو النظام العام أو الأخلاق أو المجتمع الديمقراطي، وبالتالي فإن “اعتقاله واحتجازه ومعاقبته” لم يكن ضروريًا ولا متناسبًا. [فقرة ٧٣] وانتهى الفريق العامل إلى أن حرمان الشيخ الحبيب من الحرية كان تعسفيًا وفيه انتهاك للمواد ١٣ و١٨ و١٩ و٢٠ من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. بناء على ذلك، تمت إحالة الانتهاكات التي تندرج تحت الحالة الثانية إلى المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير لاتخاذ “الإجراء المناسب”. [فقرة ٧٥]

أما بالنسبة للحالة الثالثة، فنظرًا لأن الشيخ الحبيب لم يُمكن من الطعن في شرعية احتجازه، بالإضافة للتعدي على حقه في عدم الاعتراف بالذنب تحت التهديد بالتعذيب، فإن حقوقه بموجب المادتين ١٠ و١١ من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وكذلك المادة ١٥ من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة قد تم انتهاكهم. [فقرة ٨١]

اختتم الفريق العامل رأيه بالتأكيد على أن حرمان الشيخ محمد بن حسن الحبيب من الحرية قد خالف المواد ٢ و٣ و٦ و٧ و٨ و٩ و١٠ و١١ و١٣ و١٨ و١٩ و٢٠ من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان مما يجعل من احتجازه أمرًا تعسفيًا، يندرج ضمن الحالات الأولى والثانية والثالثة والخامسة [فقرة ٩٤]

وبناءً على ذلك، طلب الفريق العامل من الحكومة السعودية أن تتخذ الخطوات اللازمة لتصحيح وضع السيد الحبيب وذلك دون تأخير، على أن يكون الانتصاف المناسب هو الإفراج الفوري عن السيد الحبيب ومنحه الحق في التعويض بالإضافة لسبل الانتصاف الأخرى بما يتماشى مع المعايير الدولية ذات الصلة، بما في ذلك تلك المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. كما حثت الحكومة على ضمان إجراء تحقيق مستقل وشامل في الظروف التي احاطت باحتجاز بالشيخ الحبيب ومحاسبة المسؤولين عن انتهاك حقوقه.

وأخيرًا، طلب الفريق العامل من المصدر والحكومة موافاته بمعلومات عن الإجراءات التي تم اتخاذها بناء على التوصيات الواردة في هذا الرأي، وذلك في غضون ستة أشهر من تاريخ إرسال هذا الرأي، على أن تشمل هذه المعلومات ما يلي:

(أ) ما إذا كان قد تم الإفراج عن الشيخ الحبيب، وفي أي تاريخ إذا كان الأمر كذلك؛

(ب) ما إذا كان قد تم تقديم تعويضات أو أي شكل من أشكال الانتصاف الأخرى للشيخ الحبيب؛

(ج) ما إذا كان قد تم إجراء تحقيق فيما يتعلق بانتهاك حقوق الشيخ الحبيب، وما هي نتائج التحقيق إذا كان الأمر كذلك؛

(د) ما إذا كانت قد أجريت أي تعديلات تشريعية أو تغييرات على الجانب العملي من أجل مواءمة قوانين وممارسات المملكة العربية السعودية مع التزاماتها الدولية بما يتماشى مع هذا الرأي؛

(هـ) ما إذا كان قد تم اتخاذ أي إجراء آخر لتنفيذ هذا الرأي.


نظرة على القرار

أصدرت المحكمة الجنائية المتخصصة، التي تأسست في عام ٢٠٠٨ والمختصة بالجرائم المتعلقة بالإرهاب، الحكم في ٢٦ أغسطس ٢٠١٩.

القضية الرئيسية المطروحة أمام المحكمة كانت تحديد ما إذا كانت الخطب والخطابات التي ألقاها محمد الحبيب، والتي دعت إلى إنهاء التمييز ضد الأقلية الشيعية، تشكّل دعوة إلى التمرد وعمل إرهابي بحسب قانون جرائم الإرهاب وتمويله والأمر الملكي رقم ٤٤/أ.

يُعرِّف قانون جرائم الإرهاب وتمويله الجريمة الإرهابية بموجب الفقرة (أ) من المادة ١ بأنها:

“كل سلوك يقوم به الجاني تنفيذاً لمشروع إجرامي فردي أو جماعي بشكل مباشر أو غير مباشر، يقصد به الإخلال بالنظام العام، أو زعزعة أمن المجتمع واستقرار الدولة أو تعريض وحدتها الوطنية للخطر، أو تعطيل النظام الأساسي للحكم أو بعض أحكامه، أو إلحاق الضرر بأحد مرافق الدولة أو مواردها الطبيعية أو الاقتصادية، أو محاولة إرغام إحدى سلطاتها على القيام بعمل ما أو الامتناع عنه، أو إيذاء أي شخص أو التسبب في موته، عندما يكون الغرض -بطبيعته أو سياقه- هو ترويع الناس أو إرغام حكومة أو منظمة دولية على القيام بأي عمل أو الامتناع عن القيام به، أو التهديد بتنفيذ أعمال تؤدي إلى المقاصد والأغراض المذكورة أو التحريض عليها”.

استندت المحكمة إلى هذه المادة بالذات لإدانة محمد الحبيب بدعوته الناس إلى التحريض على الفتنة.

يدور الأمر الملكي رقم ٤٤/أ، الصادر في ٣ فبراير ٢٠١٤ عن الملك عبد الله، بالدرجة الأولى حول دعم الجماعات الإرهابية خارج المملكة العربية السعودية، إلا أنه يعاقب وفقًا للفقرة (٢) من المادة ١:

“الانتماء للتيارات أو الجماعات – وما في حكمها – الدينية أو الفكرية المتطرفة أو المصنفة كمنظمات إرهابية داخلياً أو إقليمياً أو دولياً، أو تأييدها أو تبني فكرها أو منهجها بأي صورة كانت، أو الإفصاح عن التعاطف معها بأي وسيلة كانت، أو تقديم أي من أشكال الدعم المادي أو المعنوي لها، أو التحريض على شيء من ذلك أو التشجيع عليه أو الترويج له بالقول أو الكتابة بأي طريقة”.

لا يحدد الأمر الملكي بنفسه الجماعات المصنفة على أنها إرهابية، لكن الفقرة ٤ من المادة ١ توجَّه إنشاء لجنة للقيام بذلك:

“تشكل لجنة من وزارة الداخلية، ووزارة الخارجية، ووزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، ووزارة العدل، وديوان المظالم، وهيئة التحقيق والادعاء العام، تكون مهمتها إعداد قائمة – تحدث دورياً – بالتيارات والجماعات المشار إليها في الفقرة (٢) من البند (أولاً) من هذا الأمر، ورفعها لنا، للنظر في اعتمادها”.

ثم اقتبست المحكمة عبارات من عدد من خُطَب الحبيب التي اعتبرت أنها تثبت أنه خالف تعهده وتحتوي على لغة محظورة، مثل “عندما يذهب شيعي إلى قاضي سني، فهل سيستقبله بتسامح؟ ولو كان من الداخل يشعر بالكراهية تجاهه!” اعتبرت المحكمة أنه بما أن المدعى عليه اعترف بإلقاء الخطب المنسوبة إليه، فهو كان “قادراً قانوناً، ومسؤولاً عن كلماته وأفعاله”. كما توصّلت المحكمة إلى أنه “تم الاتفاق على أن كل من ارتكب فعلاً محظوراً أو تخلى عن واجب، يستحق العقوبة، وإذا لم يتم تناولها من قبل الشريعة، فيعود للحاكم [لتحديد ما هو مناسب]، كما قرره ابن تيمية رحمه الله في كتابه (سياسة الشريعة)”.

كما اعتبرت المحكمة أن الامتثال والطاعة للحاكم هو عقيدة إسلامية يجب على المرء أن يلتزم بها، لأنها مرتبطة بطاعة الله العليا، وبالتالي فإن كل عصيان لأوامر الحاكم هو عصيان لله. وأوضحت المحكمة: “إن التقليد النبوي (يثبت الله من قبل سلطة الدولة ضوابط على الأشياء التي لا يفي بها القرآن)، وكما يتضح من نصوص الشريعة، فإنه يجب الاستماع إلى الإمام وطاعته. حيث يعتبر الامتثال والطاعة للحاكم عقيدة أهل السنة والمجتمع”.

في تقييم تهم الفتنة و “زعزعة” الوحدة الوطنية، استشهدت المحكمة بعلماء إسلاميين أثبتوا أن “الالتزام بالجماعة … هو إحدى الأولويات التي تسعى الشريعة الإسلامية إلى تحقيقها في المجتمع: الدعوة إلى وحدة الكلمة والصف ومساندة الحكام وطاعتهم، حيث يقول الله تعالى (تفسير المعنى): (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا). كذلك، أحالت المحكمة إلى بيان صادر عن المجلس الأعلى للعلماء في دورته التاسعة والخمسين عام ٢٠٠٣، بتاريخ ١٤٢٤/٦/١٤ هـ ، الذي جاء فيه: “يحذر المجلس من دعاة الضلال والفتنة الذين ظهروا في هذه الأوقات، لقد أربكوا المسلمين وحرضوهم على عصيان حكامهم، وهو تحريم كبير، في حين أنه يجب على المرء التمسك بهذا الإيمان الحقيقي والسير على الطريق المستقيم القائم على القرآن والسنة حسب فهم الصحابة”.

كما أشارت المحكمة إلى قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية لإدانة المتهم لحيازته وثائق تنتقد الدولة، وقانون وثائق السفر لمحاولته الهروب غير القانوني.

وبناءً عليه، وجدت المحكمة أن المدعى عليه مذنب بتهمة دعوة الناس إلى الفتنة والطائفية التي تقع تحت عصيان الحاكم، بالإضافة إلى محاولته مغادرة البلاد بشكل غير قانوني. لذلك، حُكم عليه بالسجن لمدة خمس سنوات إضافية، بالإضافة إلى السبع سنوات السابقة، بالإضافة إلى منع سفر لمدة خمس سنوات بعد أن ينهى مدة عقوبته البالغة اثني عشر عاماً.


اتجاه الحكم

معلومات سريعة

يشير اتجاه الحكم إلى ما إذا كان الأخير يُوسع من مدي التعبير أم يُضيقه بناءً على تحليل للقضية.

الحكم يَحُد من حُرية التعبير

أُنشِئت المحكمة الجنائية المتخصصة في المملكة العربية السعودية عام ٢٠٠٨ لإصدار الأحكام في الجرائم المتعلقة بالإرهاب. إلا أنّ هذه المحكمة ظلت عرضة للإنتقاد لكونها أداة السلطات السعودية لإسكات المعارضين ومحاكمتهم لجرائم تتعلق بالإرهاب.

في قضية محمد الحبيب، استندت المحكمة إلى عقوبة التعزير لإدانته وهي عقوبة تعتمد فقط على تقدير وآراء ووجهات نظر القاضي الذي عادة ما يكون له تفسير واسع لسلطته.

كذلك، جرى اتهام الحبيب استناداً لأحكام قانون جرائم الإرهاب والتمويل، هذا القانون هو موضع انتقاد لأنّه مجموعة من “أحكام غامضة وواسعة بشكل مفرط تسمح للسلطات بتجريم حرية التعبير وإنشاء سلطات مفرطة للشرطة دون إشراف قضائي”. بموجب هذا القانون، تعتبر الأفعال غير العنيفة مثل إهانة سمعة الدولة إرهاباً، وكذلك الجرائم سيئة التعريف كالإضرار بالنظام العام أو “هز أمن المجتمع”.

طلبت مجموعة منَا لحقوق الإنسان تدخّل المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحرية الدين والمعتقد ومجموعة العمل المعنية بالاحتجاز التعسفي بحجة أن اعتقال الشيخ الحبيب يشكل انتهاكاً للقانون الدولي على أساس التمييز على أساس انتمائه إلى أقلية دينية مضطهدة ومهمّشة.

القرار هو تقييد واضح لحرية التعبير، لأنه يستهدف عضوًا من أقلية تنادي بأهمية إنهاء خطاب الكراهية والمواقف الحكومية المتحيزة في ما يتعلّق بالأقلية الشيعية. فبدلاً من الأخذ بهذه الآراء، والمطالبة بمعاملة متساوية لجميع المواطنين، اعتبر النظام القضائي السعودي ذلك بمثابة تمرد على الحاكم وحكم على المدعى عليه بالسجن لمدة اثني عشر عاماً، وهذا الأمر لا يشكّل فقط انتهاكاً فقط للحق في حرية التعبير إلا أنه كذلك غير متناسب إلى حد كبير مع التهم المنسوبة إليه.

إن الحكم على المدعى عليه بمنع السفر بعد خمس سنوات من انتهاء عقوبته بالسجن لمدة اثني عشر عاماً، يشكل انتهاكا آخر للحق في حرية التنقل، إلا أنه تم تفسيره على أنه امتداد للحكم.

تجدر الإشارة إلى أنّ المملكة العربية السعودية لم توقّع على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ولا على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، إلا، أنها صدّقت على الإتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، مع التحفظ على أنها ستطبق أحكام الاتفاقية طالما أنها لا تتعارض مع قانون الشريعة.

 

المنظور العالمي

معلومات سريعة

يوضح المنظور العالمي كيف تأثر قرار المحكمة بمعايير سواء من منطقة واحدة أو عدة مناطق.

جدول المراجع المستند اليها

معيار أو قانون أو فقه وطني

  • المملكة العربية السعودية، الشريعة الإسلامية
  • المملكة العربية السعودية، الأمر الملكي رقم ٤٤/أ (٢٠١٤) المادة ١ فقرة ٢
  • المملكة العربية السعودية، قانون جرائم الإرهاب وتمويله (٢٠١٣) المادة (١) فقرة (أ)
  • المملكة العربية السعودية، قانون مكافحة الجريمة الإلكترونية (٢٠٠٧) المادة (٦) فقرة (١)
  • المملكة العربية السعودية، قانون وثائق السفر (٢٠٠٠) المادة (٦) والمادة (١٠) فقرة (٧)

اهمية القضية

معلومات سريعة

تُشير أهمية هذه القضية إلى مدى تأثيرها وكيفية تغير مدى أهميتها بمرور الوقت.

يُنشئ القرار سابقة ملزمة أو مقنعة داخل نطاقه القضائي.

تمت الإشارة للحكم في:

وثائق القضية الرسمية

المرفقات:

هل لديك تعليقات؟

أخبرنا إذا لاحظت وجود أخطاء أو إذا كان تحليل القضية يحتاج إلى مراجعة.

ارسل رأيك