النيابة العامة ضد ذبيان وناصرالدين

قضية مُنتهية الحكم يُعزز من حُرية التعبير

Key Details

  • نمط التعبير
    التعبير غير اللفظي
  • تاريخ الحكم
    نوفمبر ٢٩, ٢٠١٩
  • النتيجة
    رفض
  • رقم القضية
    ٢٠١٧/١٤١٠
  • المنطقة والدولة
    لبنان, الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
  • الهيئة القضائية
    محكمة أول درجة
  • نوع القانون
    القانون الجنائي
  • المحاور
    تعبير فني, التعبير السياسي
  • الكلمات الدلالية
    رموز وطنية

سياسة اقتباس المحتوى

حرية التعبير العالمية هي مبادرة أكاديمية، ولذلك، نشجعك على مشاركة وإعادة نشر مقتطفات من محتوانا طالما لا يتم استخدامها لأغراض تجارية وتحترم السياسة التالية:

• يجب عليك الإشارة إلى مبادرة جامعة كولومبيا لحرية التعبير العالمية كمصدر.
• يجب عليك وضع رابط إلى العنوان الأصلي للتحليل القضائي أو المنشور أو التحديث أو المدونة أو الصفحة المرجعية للمحتوى القابل للتنزيل الذي تشير إليه.

معلومات الإسناد وحقوق النشر والترخيص لوسائل الإعلام المستخدمة من قبل مبادرة حرية التعبير العالمية متاحة على صفحة الإسناد الخاصة بنا.

هذه القضية متاحة بلغات إضافية:    استعرضها بلغة أخرى: English

تحليل القضية

ملخص القضية وما انتهت اليه

أسقط القاضي المنفرد الجزائي في بيروت، لبنان ، جميع التهم بتحقير العلم اللبناني ، التي ادّعت بها النيابة العامة ضد متظاهرين اثنين من الحراك المدني عام ٢٠١٥، لمخالفتهما أحكام المادة ٣٨٤ من قانون العقوبات اللبناني. كان المدعى عليهما مشاركين في حراك “طلعت ريحتكم” الذي جرى في لبنان عام ٢٠١٥، وذلك بعد فشل الحكومة اللبنانية في معالجة أزمة النفايات التي ألمّت بالبلد في صيف ذلك العام، فجرىّ توقيفهما لكتابة عبارتي “طلعت ريحتكم” و “مستمرون” بالقرب من نسخة مطلية من العلم اللبناني على حائط وزارة الداخلية. اعتبرت المحكمة أن الأفعال التي قام بها المدعى عليهما لا تشكل تحقيراً للعلم بل تندرج تحت حرية التعبير المكفولة في المادة ١٣ من الدستور اللبناني، كما اعتبرت المحكمة أن هذه التصريحات لا تشير إلى العلم نفسه بل إلى فشل الحكومة في أداء واجباتها، وبالتالي، مع غياب العنصر المعنوي للجريمة، وهو القصد الجرمي لإهانة العلم اللبناني ، خلصت المحكمة إلى أنه لا يمكن أن تشكّل الأفعال المرتكبة جرماً، وبالتالي تمت تبرئة المدعى عليهما.


الوقائع

في العام ٢٠١٥، ضربت لبنان أزمة نفايات حادة عندما تجمعت النفايات في شوارع بيروت بعد إغلاق مكب النفايات الرئيسي في منطقة الناعمة. على إثر ذلك، نظمت حملة “طلعت ريحتكم” مظاهرات عدة للضغظ على الحكومة اللبنانية للتصرف بشأن أزمة النفايات.

في ٦ أكتوبر ٢٠١٥ جرى توقيف المدعى عليه الأول أسعد ذبيان بعد أن قام بكتابة شعار “طلعت ريحتكم” بواسطة فرشاة خاصة بالطلاء على حائط وزارة الداخلية المرسوم عليه العلم اللبناني، وكان قد رافق المدعى عليه الأول المدعى عليه الثاني زين ناصر الدين وكتب عبارة “مستمرون” بواسطة فرشاة طلاء على الحائط المذكور أعلاه.

اعتبرت النيابة العامة أن كتابة هذه العبارات على حائط مرسوم عليه العلم اللبناني هو فعل موجّه ضد العلم اللبناني نفسه، ويشكل جريمة تحقير العلم، وادّعت على المدعى عليهما بموجب المادة ٣٨٤ من قانون العقوبات اللبناني.

ردّ القاضي المنفرد الجزائي في بيروت الإدعاءات وأبرأ المدعى عليهما معتبراً أن الرسم المشكو منه يقع ضمن إطار حرية التعبير.


نظرة على القرار

استمع القاضي المنفرد الجزائي في بيروت المختص للنظر في المخالفات والجنح إلى المدعى عليهما في جلسة محاكمة علنية عُقدت بتاريخ ٢٠١٩/٠٧/١١ للتهم المتعلقة بتحقير العلم اللبناني وأصدر حكماً بتاريخ ٢٠١٩/١١/٢٩.

كانت المسألة المطروحة أمام المحكمة هي تحديد ما إذا كانت كتابة عبارتي “طلعت ريحتكم” و “مستمرون” على حائط مرسوم عليه العلم اللبناني، تشكل جرم تحقير العلم كما هو منصوص عليه في المادة ٣٨٤ من قانون العقوبات اللبناني.

تنص المادة ٣٨٤ من قانون العقوبات اللبناني على ما يلي: “من حقّر رئيس الدولة عوقب بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين. وتفرض العقوبة نفسها على من حقّر العلم أو الشعار الوطني علانية بإحدى الوسائل المذكورة في المادة ٢٠٩.”

وتنص المادة ٢٠٩ من القانون عينه على أنّ: ” تعد وسائل نشر:
١- الأعمال والحركات إذا حصلت في محل عام أو مكان مباح للجمهور أو معرض للأنظار أو شاهدها بسبب خطأ الفاعل من لا دخل له بالفعل.
٢- الكلام أو الصراخ سواء جهر بهما أو نقلا بالوسائل الآلية بحيث يسمعها في كلا الحالين من لا دخل له بالفعل.
٣- الكتابة والرسوم والصور اليدوية والشمسية والأفلام والشارات والتصاوير على اختلافها اذا عرضت في محل عام أو مكان مباح للجمهور أو معرض للأنظار أو بيعت أو عرضت للبيع أو وزعت على شخص أو أكثر. “
ادعت النيابة العامة على المدعى عليهما بإهانة العلم اللبناني لأنهما قاما بكتابة ما اعتبرته عبارات مهينة على الحائط المرسوم عليه العلم اللبناني، الأمر الذي اعتبرته النيابة العامة مخالفة لأحكام المادة ٣٨٤ من قانون العقوبات.

خلال جلسة المحاكمة أقرّ المدّعى عليه أسعد ذبيان أنه خلال المظاهرة قام بكتابة عبارة “طلعت ريحتكم” على حائط الوزارة الاسمنتي بهدف إيصال رسالة لحثّ الحكومة على القيام بواجباتها لوضع حدّ لأزمة النفايات وأوضح أن ما قام به كان فعل عفوي خلال مظاهرة أمام وزارة الداخلية وأنه لم تكن نيّته تحقير العلم اللبناني.

في الجلسة عينها، أفاد المدعى عليه زين ناصر الدين بأنه وبسبب أزمة النفايات السائدة في البلد وتقاعس الحكومة عن القيام بما يلزم لإدارة أزمة النفايات، أقدم على كتابة عبارة “مستمرّون” على الحائط المذكور التي كانت تهدف إلى إيصال رسالة إلى الحكومة اللبنانية، مفيداً أنّ هدف العبارة كان فقط إعلام المتظاهرين أنهم مستمرون في تحركهم لحثّ الحكومة على القيام بواجباتها.
طالب كلا المدعى عليهما إسقاط التهم عنهما لغياب الركن المعنوي للجرم المتهمان به على اعتبار أن العبارات التي دوّناها على الحائط المذكور لم تكن بالإشارة إلى العلم ولم تكن تهدف إلى تحقير العلم اللبناني بل كان هدفها إيصال رسالة إلى الحكومة لحثّها على القيام بواجباتها عندما كان من الواضح أنها فشلت في ذلك.

القانون المطبّق في القضية الحالية هو المادة ٣٨٤ من قانون العقوبات اللبناني المتعلّقة أساساً بتحقير رئيس البلاد، العلم الوطني والشعار الوطني. المادة تقع تحت النبذة الثالثة ” في التحقير” من الفصل الثاني ” في الجرائم الواقعة على السلطة العامة” من الباب الثالث ” في الجرائم الواقعة على الإدارة العامة”، الأمر الذي يعكس الأهمية المعنوية التي يوليها المشرع اللبناني للسلطة العامة.

اعتبرت القاضية عبير صفا – القاضي الناظر بالقضية – أنّه وللقول بنسبة الجرم المُسند إلى المدعى عليهما لجهة تحقير العلم اللبناني، يقتضي التحقّق من مدى توافر عناصر الجرم المذكور المادية والمعنوية في حقهما في الملف الراهن، وهو الأمر المتّبع في أيّة قضية جزائية.

في تحليلها، بدأت القاضي بالإشارة إلى الأهمية الرمزية للعلم الوطني، مشيرةً إلى أنّه رمز البلاد وسيادتها، ويجسّد معاني الشرف والكرامة والحرية ويرمز إلى مبادئ الإعتزاز والفخر بالإنتماء الوطني، واعتبرت بالتالي أنّ هذه المبادئ يقتضي حمايتها لضمان عدم التعرّض لها أو الإنتقاص منها.

كذلك، اعتبرت المحكمة أن العنصر المادي في جرم تحقير العلم كما هو منصوص عليه في المادة ٣٨٤ من قانون العقوبات يتمثّل في سلوك يصدر عن المدعي عليه يقوم بموجبه بتوجيه عبارة، إشارة، حركة أو رسم ما من شأنه أن ينال من المبادئ والمعاني المذكورة أعلاه، مثل الدوس عليه، إحراقه، أو تمزيقه أو حتى كتابة عبارات مسيئة عليه.

أما بشأن العنصر المعنوي في الجرم المذكور أعلاه، فاعتبرت المحكمة أنّه يتوافر في كل مرّة يكون فيها القصد الجرمي واضحاً – أي في حالة المادة ٣٨٤– توافر الإرادة الصريحة للنيل والحط من المبادئ التي يجسدها العلم بالنسبة للدولة والمواطنين.

من خلال التدقيق في إفادات المدعى عليهما، اعتبرت المحكمة أن عبارة “مستمرون” التي كتبها المدعى عليه زين ناصر الدين والتي كانت تهدف فقط إلى إعلام الحكومة بأن الحراك الشعبي سيستمر على حثها على القيام بواجبتها تأميناً لحقوق الشعب وحفاظاً عليها، هي عبارة لا تشكل بالمفهوم القانوني الوارد في المادة ٣٨٤ من قانون العقوبات أي تحقير للعلم اللبناني وللمبادئ التي يجسدها، لا مادياً ولا معنوياً. أما العبارة الأخرى التي أقدم المدعى عليه أسعد ذبيان على كتابتها بواسطة فرشاة الطلاء على الجدار المذكور، وهي “طلعت ريحتكم”، وإن كانت تخرج إلى حدٍّ ما عن حدود اللياقة وأصول التخاطب، هي عبارة تندرج ضمن إطار حرية إبداء الرأي والتعبير عنه والتي كفلها الدستور اللبناني في المادة ١٣ منه التي تنص على أنّ “حرية إبداء الرأي قولا وكتابة وحرية الطباعة وحرية الاجتماع وحرية تأليف الجمعيات كلها مكفولة ضمن دائرة القانون”.

وفي شرحٍ آخر اعتبرت القاضية أنّ عبارة “طلعت ريحكتم” هي شعاراً لمجموعة من الحراك المدني أطلقه على نفسه، وأنّ ما قام به المدعى عليهما جاء كردة فعل عفوية من قبلهما وتعبيراً احتجاجياً سلمياً عن تدهور وسوء الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية التي يعاني من تفاقمها واشتداد تأزّمها المجتمع اللبناني ككل. وعليه اعتبرت القاضي أنّ هذه الأفعال متوافقة مع أحكام المادة ١٣ من الدستور وتشكّل ممارسة للحق المنصوص عليه فيها، عبر وسيلة احتجاجية سلمية بهدف إيصال رسالة إلى الحكومة للقيام باللازم لمعالجة أزمة النفايات التي طالت المناطق اللبنانية كافة وعانى المجتمع اللبناني من تبعاتها الصّحيّة والبيئية.

بالتالي، اعتبرت المحكمة أنّ عدم توافر قصد النيل والحط من المبادئ التي يجسدها العلم اللبناني، تنفي وجود العنصر المعنوي لجرم تحقير العلم المنصوص عليه في المادة ٣٨٤ من قانون العقوبات اللبناني، بل إنها ذهبت أبعد من ذلك من خلال الإشارة إلى فشل الحكومة في القيام بواجباتها من خلال قولها أنّ الأفعال المشكو منها  ” لم تكن تهدف إلى تحقير العلم اللبناني والإنتقاص من المبادئ التي يجسدها العلم ألا وهي العيش بكرامة في بلد يُفترض أن يؤمن لمواطنيه حقوق ووسائل حياتية أساسية على أقل تقدير”.

في الختام، في ضوء غياب عناصر جرم تحقير العلم المنسوب إلى المدعى عليهما، قررت المحكمة إسقاط جميع التهم عنهما.


اتجاه الحكم

معلومات سريعة

يشير اتجاه الحكم إلى ما إذا كان الأخير يُوسع من مدي التعبير أم يُضيقه بناءً على تحليل للقضية.

الحكم يُعزز من حُرية التعبير

يشكّل القرار توسيع واضح لحرية التعبير عن الرأي، فالقاضية لم تكتف فقط بإبراء المدعى عليهما لغياب العناصر المادية والمعنوية للجرم المنصوص عليه في المادة ٣٨٤ من قانون العقوبات اللبناني، بل ذهبت أبعد من ذلك بتبرير أفعالهما من خلال مبدأ حرية التعبير الدستوري حيث اعتبرت أنّ الأفعال المشكو منها والتي تمّت خلال تظاهرة تنطوي تحت أحكام المادة ١٣ من الدستور اللبناني الذي يكفل حرية التعببير وحرية الإجتماع أيضاً.

كما تجدر الإشارة إلى أن تاريخ القرار في ٢٠١٩/١١/٢٩ أتى خلال أكبر حركة شعبية عرفتها البلاد (منذ ٢٠١٩/١٠/١٧) وفي وقت كانت تتم فيه اعتلاقات عديدة، الأمر الذي يكرّس حرية التعبير والإجتماع المنصوص عليهما في المادة ١٣ من الدستور.

المنظور العالمي

معلومات سريعة

يوضح المنظور العالمي كيف تأثر قرار المحكمة بمعايير سواء من منطقة واحدة أو عدة مناطق.

جدول المراجع المستند اليها

معيار أو قانون أو فقه وطني

  • Leb., Penal Code art. 384

    Authorizes imprisonment of six months to two years for insulting the president, the flag, or the national emblem.

  • Leb., Constitution of Lebanon (1926), art. 13.

    The freedom of opinion, expression through speech and writing, the freedom of the press, the freedom of assembly, and the freedom of association, are all guaranteed within the scope of the law.

اهمية القضية

معلومات سريعة

تُشير أهمية هذه القضية إلى مدى تأثيرها وكيفية تغير مدى أهميتها بمرور الوقت.

يُنشئ القرار سابقة ملزمة أو مقنعة داخل نطاقه القضائي.

يشكّل القرار اجتهاد يحتذى به نسبةً النطاق الذي صدر فيه.

وثائق القضية الرسمية

هل لديك تعليقات؟

أخبرنا إذا لاحظت وجود أخطاء أو إذا كان تحليل القضية يحتاج إلى مراجعة.

ارسل رأيك