الحقوق الرقمية, قطع الانترنت, الإشراف على المحتوى, تنظيم المحتوى والرقابة عليه, الأمن القومي, الوصول إلى معلومات عامة
مشروع الحقوق الاجتماعيّة والاقتصاديّة والمساءلة ضدّ جمهوريّة نيجيريا الاتحاديّة
نيجيريا
قضية مُنتهية الحكم يُعزز من حُرية التعبير
حرية التعبير العالمية هي مبادرة أكاديمية، ولذلك، نشجعك على مشاركة وإعادة نشر مقتطفات من محتوانا طالما لا يتم استخدامها لأغراض تجارية وتحترم السياسة التالية:
• يجب عليك الإشارة إلى مبادرة جامعة كولومبيا لحرية التعبير العالمية كمصدر.
• يجب عليك وضع رابط إلى العنوان الأصلي للتحليل القضائي أو المنشور أو التحديث أو المدونة أو الصفحة المرجعية للمحتوى القابل للتنزيل الذي تشير إليه.
معلومات الإسناد وحقوق النشر والترخيص لوسائل الإعلام المستخدمة من قبل مبادرة حرية التعبير العالمية متاحة على صفحة الإسناد الخاصة بنا.
هذه القضية متاحة بلغات إضافية: استعرضها بلغة أخرى: English
أبطلت المحكمة العليا في الهند قضية جنائية رُفعت ضد عضو البرلمان عِمْران براتابغادي بسبب مشاركته مقطع فيديو لحفل زفاف تضمّن إلقاء قصيدة بالأردية، معتبرةً أن القصيدة تُشكّل تعبيرًا فنيًا محميًا بموجب المادة ١٩(١)(أ) من الدستور. بدأت القضية عندما زُعم في شكوى أن أبيات القصيدة تروّج للفرقة وتُهين المشاعر الدينية، ما أدى إلى تسجيل محضر أولي. غير أن المحكمة وجدت أن المعنى الظاهر والسياق العام للقصيدة لا يستهدفان أي دين أو جماعة، كما أنهما لا يحرضان على العنف أو الكراهية. أكدت المحكمة أنه يجب على الشرطة استخدام سلطتها التقديرية بموجب المادة ١٧٣(٣) من قانون الإجراءات الجنائية، لتجنّب تسجيل المحاضر الأولية تلقائيًا في القضايا المتعلقة بحرية التعبير، لأن التقصير في ذلك يضر بحرية التعبير. وبإعادة تأكيدها على أن المعارضة والتعبير الفني يتمتعان بحماية دستورية ما لم يحرضا صراحةً على الكراهية، اعتبرت المحكمة أن المحضر بلا أساس وانتقدت المحكمةَ العليا لعدم حمايتها حرية التعبير وشدّدت على أن الديمقراطية تقوم على حماية مثل هذه الأشكال من التعبير.
المدّعي، عمران براتابغادي، وهو عضو حالي في الغرفة العليا في البرلمان، دُعي كضيف إلى حفل زفاف جماعي أقيم في مؤسسة سنجاري التعليمية والخيرية بمدينة جامناغار، كجرات، بتاريخ ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٤. بعد المناسبة، نشر براتابغادي مقطع فيديو على منصة التواصل الاجتماعي “إكس” من حسابه الموثّق. وقد تضمّن الفيديو إلقاءً في الخلفية لقصيدة أردية بعنوان “أي خون كِه بياسِه بات سونو” (“يا من تعطشون للدماء، استمعوا إلينا”). تناولت القصيدة موضوعات رمزية ومجردة حول الاضطهاد والمقاومة والتضحية، مستخدمةً استعارات مثل لهيب الشمعة والعرش. وفيما يلي ترجمة القصيدة إلى العربية:
“يا من تعطشون للدماء، استمعوا إلينا.
إذا قوبل نضالنا من أجل حقوقنا بالظلم،
فسنقابل ذلك الظلم بالمحبة.
إذا كانت القطرات المنسابة من الشمعة تشبه اللهب،
فسنستخدمها لإضاءة جميع الطرق.
إذا كانت أجساد أحبّتنا تهديدًا لعرشكم،
فنقسم بالله أننا سندفن أحبّتنا بسعادة.
يا من تعطشون للدماء، استمعوا إلينا.”
قدّم فرد من العامة شكوى ضدّ براتابغادي، زاعمًا أن كلمات القصيدة تُحرّض على الكراهية بين الطوائف وتثير الفتنة الطائفية وتُهين المشاعر الدينية وتهدّد الوحدة الوطنية. وبناءً على هذه الشكوى، قامت شرطة جامناغار بتسجيل محضر أولي ضدّه. وُجّهت التهم بموجب عدد من المواد في قانون العقوبات لعام ٢٠٢٣، الذي حلّ محل قانون العقوبات الهندي لعام ١٨٦٠، وهي:
تقدّم براتابغادي إلى المحكمة العليا في كجرات بموجبا ختصاصها في إصدار أوامر كتابية، طالبًا إلغاء المحضر على أساس أنه كيدي وينتهك حقّه الدستوري في حرية التعبير بموجب المادة ١٩(١)(أ) من الدستور.
المحكمة العليا في كجرات رفضت التماسه، معتبرة أن “نغمة” القصيدة وطبيعة ردود الفعل العامة على المنشور في وسائل التواصل الاجتماعي تشير إلى إمكانية المساس بالانسجام الاجتماعي. كما رأت المحكمة أن عضويته في البرلمان تُلزمه بتحمّل قدر أكبر من المسؤولية. وامتنعت المحكمة عن التدخل، مستندةً إلى السابقة القضائية نيهاريكا إنفراستركتشر برايفت ليمتد ضد ولاية مهاراشترا، والتي تنصّ على أن المحاكم يجب أن تتوخّى الحذر في التدخّل عندما تكون التحقيقات في مراحلها الأولية.
أدّى هذا الرفض إلى استئناف براتابغادي أمام المحكمة العليا الهندية.
أصدر القاضيان أبهاي س. أوكا وأوجال بويان قرار المحكمة. تمحور السؤال الرئيسي أمام المحكمة حول ما إذا كان تسجيل واستمرار المحضر الأولي، استنادًا فقط إلى القصيدة، يُشكّل انتهاكًا غير مبرر لحقّ المستأنِف في حرية التعبير المكفول بموجب المادة ١٩(١)(أ) من الدستور الهندي.
جادل براتابغادي بأن القراءة المباشرة للقصيدة والمحضر لا يدعمان وجود أي قضية أولية لأي من الجرائم المزعومة. وأوضح أن القصيدة عمل فني يحمل رسالة لاعنف وتضحية ولا تحتوي على أي إشارة مباشرة أو غير مباشرة إلى دين أو جماعة. واعتبر أن المحضر إساءة صارخة لاستخدام القانون، وأن الشرطة والمحكمة العليا في كجارت أخفقتا في واجبهما الدستوري بحماية الحقوق الأساسية. من جانبها، اتخذت الولاية (ممثلة بالمحامي العام للهند) موقفًا حياديًا، تاركة الأمر لتقدير المحكمة، لكنها تمسكت بأن الشرطة كانت مُلزَمة بتسجيل المحضر بناءً على محتوى الشكوى.
رأت المحكمة بدايةً أن القراءة المباشرة للقصيدة لا تكشف عن أي إشارة إلى دين أو جماعة أو طبقة، كما أنها لا تحرّض على الكراهية أو العداء بين الفئات. بل عبّرت عن رسالة رمزية ولاعنفية تشجّع الناس على مواجهة الظلم بالمحبة، حتى ولو تطلّب ذلك تضحية شخصية. وأوضحت المحكمة أن الإشارات إلى “العرش” كانت استعارات نقدية للبُنى السلطوية القمعية عمومًا وليست موجهة إلى سلطة بعينها. وبناءً على ذلك، لم تجد المحكمة أي أساس للقول إن القصيدة تُهدّد الوحدة الوطنية أو السيادة أو الانسجام العام.
ثم طبّقت المحكمة هذا الفهم على كل مادة جزائية وردت في المحضر. وقرّرت أن أركان الجرائم لم تتحقق في أي منها. فبالنسبة إلى المادة ١٩٦، شددت المحكمة على أن التحريض على العداء يجب أن يكون على أسس محددة مثل الدين أو الطبقة، وهي عناصر غير موجودة إطلاقًا في هذه الحالة. وقالت المحكمة “من القراءة العادية للقصيدة، نجد أنها لا علاقة لها بأي دين أو طبقة أو جماعة أو فئة بعينها.” [الفقرة ١٤] أما بشأن التهم المتعلقة بالإساءة إلى المشاعر الدينية (المادتان ٢٩٩ و٣٠٢)، فقد رأت المحكمة أن الادعاءات بلا أساس، إذ إن القصيدة لا تتناول أي دين.
كما فسّرت المحكمة الالتزامات الإجرائية للشرطة بموجب قانون الإجرائات الجنائية الجديد. وأجرت المحكمة تحليلًا مقارنًا بين المادة ١٧٣ من قانون الإجراءات الجديد والمادة ١٥٤ من قانون الإجراءات القديم، مبيّنة أن المادة ١٧٣(٣) تُدخل ضمانة جوهرية في الجرائم القابلة للتوقيف والتي يُعاقب عليها بالسجن من ٣ إلى ٧ سنوات، حيث يجوز لضابط الشرطة، بعد الحصول على إذن مسبق من مسؤول أعلى، أن يجري تحقيقًا تمهيديًا للتحقق مما إذا كانت هناك قضية أولية قبل تسجيل المحضر.
قارنَت المحكمة ذلك بالحكم في قضية لاليتا كوماري ضد حكومة ولاية أوتار براديش، حيث كان يُسمح بإجراء تحقيق تمهيدي فقط إذا لم تكشف المعلومات بوضوح عن جريمة قابلة للتوقيف. ورأت المحكمة أنه في القضايا المتعلقة بحرية التعبير، فإن استخدام هذا الخيار بموجب المادة ١٧٣(٣) “يُعتبر دائمًا مناسبًا” لتجنّب تقييد حرية التعبير المشروعة. [الفقرة ٢٩] واعتبرت أن إهمال إجراء هذا التحقيق في هذه الحالة يُعدّ خللًا إجرائيًا جوهريًا. أكدت المحكمة أن ضباط الشرطة، باعتبارهم جزءًا من “الدولة” وفق المادة ١٢ ومن المواطنين أنفسهم، يتحمّلون واجبًا دستوريًا بموجب المادة ٥١-أ(أ) يقضي بـ “الالتزام بالدستور واحترام مبادئه”، والتي تشمل “حرية الفكر والتعبير” المنصوص عليها في الديباجة. [الفقرة ٢٩] وانتقدت المحكمة “عدم حساسية الشرطة” وإخفاق المحكمة العليا في أداء دورها كحامية يقِظة للحقوق الأساسية، مؤكدة أن المحاكم يجب أن تكون في طليعة الدفاع الحازم عن الحقوق الأساسية للمواطنين، حتى لو لم يَرُق للقضاة الخطاب المعني شخصيًا. [الفقرات ٣٨–٣٩]
وفي تحديد المعيار القانوني لتقييم أثر الخطاب، أعادت المحكمة إحياء وتطبيق الاختبار الذي وضعه القاضي فيفيان بوز في قضية باغواتي شاران شوكلا ضد الحكومة الإقليمية (١٩٤٦)، حيث قررت أن “يجب تقييم تأثير الكلمات وفق معايير الأشخاص العقلاء والأقوياء والثابتين والشجعان وليس وفق معايير أصحاب العقول الضعيفة أو المترددة، أو أولئك الذين يرون خطرًا في كل وجهة نظر مخالفة.” [الفقرة ٣٢] استخدمت المحكمة هذا المعيار لرفض تفسير مفرط الحساسية للقصيدة، مؤكدة أن مجرد انتقاد أفعال الحكومة يندرج ضمن حرية التعبير المكفولة بالمادة ١٩(١)(أ)، ولا يشكّل بحد ذاته تحريضًا على الكراهية أو العنف. [الفقرة ٣٤]
كما استندت المحكمة إلى سوابق قضائية مثل منزر سيد خان ضد ولاية مهاراشترا وباتريشيا موخيم ضد ولاية ميغالايا لتأكيد أن القصد الجنائي أو النية في إثارة العداء أو الفوضى هو عنصر أساسي في الجرائم مثل تلك الواردة في المادة ١٩٦ من قانون العقوبات، وهو مفقود تمامًا في هذه القضية. وأوضحت المحكمة أن مجرد التعبير عن الرأي أو المعارضة بأسلوب فني لا يُعد جريمة ما لم يكن موجّهًا صراحةً للتحريض على الكراهية أو الإخلال بالنظام العام.
وفي ختام حكمها، رأت المحكمة العليا أن تسجيل المحضر كان إجراءً آليًا وتعسفيًا، ويمثل إساءة واضحة لاستخدام القانون وانحرافًا عن العدالة. [الفقرة ٣٦] وانتقدت رفض المحكمة العليا في كجرات إلغاء المحضر، مؤكدة أن المحاكم الدستورية تتحمّل واجبًا بحماية الحقوق الأساسية حتى في المراحل الأولية من التحقيق. وشدّدت على أن التعبير الفني أو النقدي جزء أساسي من الديمقراطية ولا يجوز قمعه لمجرد أنه يُثير الانزعاج.
وفي النهاية، ألغت المحكمة العليا الهندية قرار المحكمة العليا في كجرات، وأبطلت المحضر الأولي وجميع الإجراءات اللاحقة ضدّ المستأنِف.
يشير اتجاه الحكم إلى ما إذا كان الأخير يُوسع من مدي التعبير أم يُضيقه بناءً على تحليل للقضية.
يوسّع هذا القرار نطاق حرية التعبير. فقد أكّدت المحكمة من جديد أن الخطاب الفني والناقد محميّ ما لم يقع ضمن القيود الضيّقة والمعقولة المنصوص عليها في المادة ١٩(٢). كما أوجبت استخدام التحقيقات التمهيدية في القضايا المتعلّقة بخطاب التعبير بموجب القوانين الجنائية الجديدة وأعادت التأكيد على أن أثر الخطاب يجب أن يُقاس بمعايير “الشخص العاقل القويّ الذهن”، مما يوفّر ضمانات موضوعية وإجرائية ضدّ تجريم المعارضة. ومن خلال التشديد على أن القصد الجنائي لإثارة الكراهية أو العنف شرطٌ لا غنى عنه في مثل هذه الجرائم، يشكّل الحكم تذكيرًا قويًا لجهات إنفاذ القانون والمحاكم الدنيا بواجبها الدستوري في حماية حرية التعبير وبأن الديمقراطية تتطلّب التسامح مع التعبير الحاد والرمزي والناقد.
يوضح المنظور العالمي كيف تأثر قرار المحكمة بمعايير سواء من منطقة واحدة أو عدة مناطق.
تُشير أهمية هذه القضية إلى مدى تأثيرها وكيفية تغير مدى أهميتها بمرور الوقت.