حرية الاجتماع و تنظيم التجمعات / الاحتجاجات, التعبير السياسي
المدعي العام ضد حركة بدنا نحاسب
لبنان
قضية مُنتهية الحكم يُعزز من حُرية التعبير
حرية التعبير العالمية هي مبادرة أكاديمية، ولذلك، نشجعك على مشاركة وإعادة نشر مقتطفات من محتوانا طالما لا يتم استخدامها لأغراض تجارية وتحترم السياسة التالية:
• يجب عليك الإشارة إلى مبادرة جامعة كولومبيا لحرية التعبير العالمية كمصدر.
• يجب عليك وضع رابط إلى العنوان الأصلي للتحليل القضائي أو المنشور أو التحديث أو المدونة أو الصفحة المرجعية للمحتوى القابل للتنزيل الذي تشير إليه.
معلومات الإسناد وحقوق النشر والترخيص لوسائل الإعلام المستخدمة من قبل مبادرة حرية التعبير العالمية متاحة على صفحة الإسناد الخاصة بنا.
هذه القضية متاحة بلغات إضافية: استعرضها بلغة أخرى: English
وجدت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان وقوع انتهاك للمادة ١٤ (حظر التمييز) مقروءة بالاقتران مع المادة ١٠ (حرية التعبير) والمادة ١١ (حرية التجمع وتكوين الجمعيات)، وذلك بشأن دعاوى التمييز التي رفعتها القاضية السابقة مايا باكرادزه. وقد جادلت باكرادزه، التي كانت أيضًا رئيسة اتحاد قضاة جورجيا (وهو جمعية مهنية تدافع عن استقلال القضاء والشفافية)، بأن استبعادها من مسابقَتين لإعادة التعيين القضائي لم يكن قائمًا على مؤهلاتها المهنية، بل كان مدفوعًا بدورها القيادي في المنظمة غير الحكومية وانتقادها العلني للمجلس الأعلى للقضاء. ورأت المحكمة أنّ المقابلات التي أجراها المجلس الأعلى للقضاء ركّزت بشكل غير متناسب على دورها في المنظمة غير الحكومية وآرائها بشأن إصلاح القضاء، بدلًا من تقييم كفاءتها كقاضية. وخلصت المحكمة إلى أنّ هذا التعامل شكّل تدخّلًا تمييزيًا في حقوقها في حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات.
شغلت مايا باكرادزه منصب قاضية في محكمة استئناف تبليسي، وكانت عضوًا مؤسِّسًا ورئيسة لـ اتحاد قضاة جورجيا، وهي منظمة غير حكومية تُعنى بالدفاع عن استقلال القضاء والشفافية. وبعد انتهاء ولايتها القضائية التي استمرت عشر سنوات، تقدّمت بطلب لإعادة التعيين من خلال مشاركتها في مسابقتين للتعيين القضائي أجراهما المجلس الأعلى للقضاء. غير أنّ طلبيها رُفضا في نهاية المطاف.
وفي إطار عملية الاختيار، خضعت باكرادزه لمقابلة مع أعضاء المجلس الأعلى للقضاء. وقد وُجّهت إليها أسئلة بشأن تعليمها وخبرتها المهنية وأنشطتها المختلفة، بما في ذلك دورها القيادي في اتحاد القضاة. واللافت أنّه ابتداءً من الدقيقة الثامنة من المقابلة، طُرحت عليها عدة أسئلة تهدف إلى استجلاء آرائها بشأن الانتقادات العامة الموجَّهة إلى السلطة القضائية، ولا سيما فيما يتصل بحملة إعلامية تقودها منظمات المجتمع المدني، والتي اعتبر بعض أعضاء المجلس أنها تستهدف تقويض سمعة القضاء.
وسُئلت تحديدًا عمّا إذا كانت، بصفتها رئيسة لاتحاد القضاة، ترى أنّ مثل هذه الانتقادات التي تقودها المنظمات غير الحكومية تندرج ضمن الخطاب العام المشروع. وفي نهاية المقابلة، طُرحت عليها أيضًا أسئلة حول راتبها كرئيسة للمنظمة وخبرتها العملية الأخيرة.
وقد جادلت باكرادزه أمام المحاكم الوطنية بأن عدم إعادة تعيينها كان تمييزيًا ومرتبطًا بانخراطها الفعّال في المنظمة وبموقفها النقدي من التطورات داخل السلطة القضائية. وأكدت أنّ الأسئلة المطروحة خلال المقابلة لم تركز على كفاءتها أو مؤهلاتها المهنية، وإنما صُممت لاستكشاف آرائها الشخصية وانتماءاتها.
غير أنّ المستويات القضائية الثلاثة الوطنية رفضت دعوى التمييز التي تقدمت بها، معتبرة أنها غير مثبتة. ورأت المحاكم أنّها لم تُظهر أي تحيز فردي أو انحياز من جانب أعضاء المجلس الأعلى للقضاء، كما لم تُثبت وجود علاقة سببية بين انتمائها للمنظمة وبين قرار عدم إعادة تعيينها.
وقد خلصت المحكمة العليا، بصفتها الجهة النهائية، إلى أنّ الأسئلة التي طُرحت خلال المقابلة كانت تهدف إلى تقييم قدراتها القانونية وآرائها بشأن مبادئ أساسية مثل استقلال القضاء وحرية التعبير. وأكدت المحكمة أنّ توجيه أسئلة مختلفة لمترشحين مختلفين لا يُشكّل معاملة غير متكافئة أو تمييزًا، ولاحظت أيضًا أنّ باكرادزه لم تعترض على الأسئلة أثناء المقابلة وأجابت عنها طوعًا.
وبعد استنفاد سبل الانتصاف المحلية، رفعت باكرادزه القضية أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، مدعيةً حدوث انتهاكات للمادة ١٠ (حرية التعبير) والمادة ١٠ (حرية التجمع وتكوين الجمعيات)، سواءً كلٌّ على حدة أو مقترنتين بالمادة ١٤ و البروتوكول رقم ١٢ (حظر التمييز).
المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان طُلب منها أن تنظر فيما إذا كانت السيدة مايا بكرادزه قد تعرّضت للتمييز في سعيها لإعادة تعيينها في منصبها القضائي بسبب ممارستها لحقوقها في حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات. وجوهر القضية هو الدور الذي لعبته بكرادزه بصفتها رئيسة جمعية قضاة جورجيا، وهي جمعية مهنية معروفة بانتقاداتها الصريحة للمجلس الأعلى للعدل، وهو الهيئة المسؤولة عن التعيينات القضائية في جورجيا.
وقد جادلت بكرادزه بأن استبعادها من إعادة التعيين لم يكن بسبب مؤهلاتها أو كفاءتها المهنية، بل نتيجة ارتباطها بجمعية القضاة وانتقادها العلني لإدارة السلطة القضائية. وأكدت أن جميع البيانات الصادرة عن الجمعية كانت تتعلق بعمل الجهاز القضائي، وهو مسألة ذات مصلحة عامة وتحظى بالحماية بموجب المادة 10 من الاتفاقية الأوروبية. ورأت أن قرار المجلس الأعلى للعدل شكّل تدخلًا غير مشروع في حقوقها في حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات.
لدعم ادعائها، أبرزت بكرادزه ثلاثة عناصر رئيسية. أولًا، قدّمت بيانات إحصائية تُظهر أن العديد من الأعضاء التنفيذيين لجمعية القضاة رُفضت طلباتهم لإعادة التعيين، بينما تمت إعادة تعيين آخرين بعد محاولات متكررة، ثم غادروا الجمعية لاحقًا. ثانيًا، أشارت إلى المقابلات التي جرت أثناء عملية الاختيار، حيث تم استجوابها مطولًا بشأن مشاركتها في الجمعية وانتقاداتها العلنية، ولاحظت أن نبرة تلك المقابلات كانت اتهامية، وأن الأسئلة بدت أقل اهتمامًا بتقييم مؤهلاتها القانونية وأكثر تركيزًا على آرائها وانتماءاتها. ثالثًا، شددت على انعدام الشفافية في العملية: إذ لم يُصدر المجلس الأعلى للعدل أسبابًا مكتوبة لقراراته، ورفضت المحاكم المحلية مراجعة سجلات المقابلات أو النظر بجدية في ادعاءاتها. وهذا، حسب قولها، جعل من المستحيل تقييم ما إذا كانت قد عوملت بعدالة وبما يتوافق مع معاملة المرشحين الآخرين.
بدأت المحكمة بالتأكيد على الدور الحيوي الذي يلعبه القضاة في المجتمع الديمقراطي وعلى ضرورة تمتعهم بالاستقلالية وثقة الجمهور. وأوضحت أنه رغم أن القضاة مطالبون بالتحفظ في تعبيرهم العلني، خصوصًا فيما يتعلق بحياد السلطة القضائية، إلا أنهم ليسوا مستبعدين من النقاش العام. بل على العكس، أكدت المحكمة أن للقضاة الحق في التعبير عن آرائهم بشأن القضايا التي تمس نظام العدالة وأن من حقهم الانضمام إلى جمعيات تمثل مصالحهم.
وشددت المحكمة على أنه في قضايا التمييز بموجب المادة ١٤، بمجرد أن يقدم المدعي حالة أولية، ينتقل عبء الإثبات إلى السلطات لإظهار أن أي معاملة مختلفة كانت مبررة.
وفي حالة بكرادزه، رأت المحكمة أن البيانات الإحصائية وحدها لا تكفي لإثبات التمييز، لكنها ـ عند النظر إليها إلى جانب طبيعة المقابلات والسياق الأوسع ـ كشفت أنماطًا مقلقة. وأشارت إلى أنه رغم أن للمجلس الأعلى للعدل سلطة تقديرية في أسئلته، إلا أن تلك الأسئلة يجب أن تهدف إلى تقييم الكفاءة المهنية والنزاهة. ومع ذلك، في مقابلات بكرادزه، خُصص أكثر من ثلثي الوقت تقريبًا لدورها في الجمعية وآرائها النقدية، وهو ما تجاوز التقييم المشروع للنزاهة وأوحى بأن الغرض هو معاقبتها على أنشطتها الجمعوية.
وأكدت المحكمة أن النقاشات المتعلقة بعمل السلطة القضائية تقع في صميم المصلحة العامة وأن القضاة يتمتعون فيها بهامش واسع من حرية التعبير. كما ذكّرت باجتهاداتها المتزايدة التي تقرّ بأنه في أوقات تهديد سيادة القانون أو استقلال القضاء، قد لا يملك القضاة الحق فحسب، بل قد تكون عليهم واجبًا، أن يرفعوا أصواتهم.
وبناءً على هذه الاعتبارات، خلصت المحكمة إلى أن بكرادزه قدمت قضية مقنعة بأنها عوملت بشكل مختلف بسبب انتمائها إلى جمعية القضاة. وقد فشلت المحاكم المحلية في فحص ادعاءاتها بجدية أو في نقل عبء الإثبات إلى السلطات كما هو مطلوب. كما أن المجلس الأعلى للعدل لم يقدم قرارات معللة، ورفضت المحاكم التدقيق في العملية.
وفي ضوء انعدام الشفافية والنبرة الاتهامية للمقابلات والتركيز المفرط على أنشطتها في التعبير والجمعيات، رأت المحكمة أن معاملتها تعكس انحيازًا وتمييزًا. وقررت وجود انتهاك للمادة ١٤ مقترنة بالمادتين ١٠ و١١ من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.
يشير اتجاه الحكم إلى ما إذا كان الأخير يُوسع من مدي التعبير أم يُضيقه بناءً على تحليل للقضية.
يمثّل حكم باكرادزه ضد جورجيا توسعًا مهمًا في نطاق الحماية الممنوحة لحرية التعبير القضائي بموجب الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. فقد أكدت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أنّ القضاة، رغم التزاماتهم بالتحفظ والحياد، لا يُستبعدون من المشاركة في النقاش العام، ولا سيما في المسائل المتعلقة بالقضاء ذاته. وشدّدت المحكمة على أنّ القضاة لا يملكون الحق فحسب، بل تقع عليهم — في ظروف معينة — واجب الدفاع عن استقلال القضاء وسيادة القانون، خصوصًا عندما تكون تلك القيم مهدَّدة.
يبني هذا القرار على اجتهاد المحكمة المتطور في قضيتي باكا ضد المجر وزورِك ضد بولندا، مؤكّدًا أنّ الخطاب القضائي المتعلق بإدارة شؤون العدالة يتمتع بالحماية بموجب المادتين ١٠ و١١ من الاتفاقية. كما يعزز المبدأ القائل إن الانخراط في الجمعيات المهنية أو المنظمات غير الحكومية التي تدافع عن إصلاح القضاء والشفافية يُعدّ شكلًا مشروعًا من أشكال حرية التعبير وتكوين الجمعيات، ولا يجوز أن يشكّل أساسًا لاتخاذ إجراءات عقابية أو لاستبعاد القضاة من فرص الترقّي المهني.
ويرسل الحكم أيضًا رسالة قوية بشأن الحاجة إلى الشفافية والعدالة في عمليات التعيين القضائي. فهو يوضح أنّ الممارسات التمييزية، وخاصة تلك المستندة إلى النقد المشروع أو الانتماء الجمعياتي للمرشحين، تُعد انتهاكًا للاتفاقية وتقوّض استقلال القضاء. ومن خلال ذلك، تعزّز المحكمة نزاهة المؤسسات القضائية في الدول الأعضاء بمجلس أوروبا، وتؤكد أنّ الخلاف الداخلي داخل السلطة القضائية قد يكون ضمانة أساسية لحماية الديمقراطية وسيادة القانون.
يوضح المنظور العالمي كيف تأثر قرار المحكمة بمعايير سواء من منطقة واحدة أو عدة مناطق.
تُشير أهمية هذه القضية إلى مدى تأثيرها وكيفية تغير مدى أهميتها بمرور الوقت.
https://digitallibrary.un.org/record/3806309?ln=en&v=pdf
قدّمها المقرر الخاص دييغو غارسيا-سايان بموجب قرار مجلس حقوق الإنسان رقم 35/11. وتركّز على ممارسة القضاة والمدّعين العامين لحقوقهم في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي.