التشهير / السمعة
صحيفة نداء الوطن ضد المدعي العام
لبنان
قضية مُنتهية الحكم يُعزز من حُرية التعبير
حرية التعبير العالمية هي مبادرة أكاديمية، ولذلك، نشجعك على مشاركة وإعادة نشر مقتطفات من محتوانا طالما لا يتم استخدامها لأغراض تجارية وتحترم السياسة التالية:
• يجب عليك الإشارة إلى مبادرة جامعة كولومبيا لحرية التعبير العالمية كمصدر.
• يجب عليك وضع رابط إلى العنوان الأصلي للتحليل القضائي أو المنشور أو التحديث أو المدونة أو الصفحة المرجعية للمحتوى القابل للتنزيل الذي تشير إليه.
معلومات الإسناد وحقوق النشر والترخيص لوسائل الإعلام المستخدمة من قبل مبادرة حرية التعبير العالمية متاحة على صفحة الإسناد الخاصة بنا.
هذه القضية متاحة بلغات إضافية: استعرضها بلغة أخرى: English
قضت المحكمة العليا في إنجلترا وويلز (دائرة كينغز بنش) برفض دعوى أقامها مواطن أفغاني ضد صحيفة الغارديان، زاعمًا أنها شوّهت سمعته بنشر صورته في مقال يتناول مقتل رجل مثلي على يد حركة طالبان. وقد تناول المقال حادثة مقتل حامد صبوري، وهو طالب طب مثلي، وتضمّن صورة صفی الله أحمدي الذي لا صلة له بالواقعة. ادّعى أحمدي أن إدراج صورته في المقال أوحى بأنه مثلي، مما أضرّ بسمعته داخل المجتمعات الأفغانية والإيرانية والمسلمة المقيمة في إنجلترا وويلز. أثناء نظر الدعوى، استعرضت المحكمة السوابق القضائية والإطار التشريعي في إنجلترا وويلز وخلصت إلى أن القيم الاجتماعية قد تطوّرت منذ ستينيات القرن الماضي وأنه لم يعد “أي من أفراد المجتمع متّسمي التفكير السليم يرى شخصًا في منزلة أدنى بسبب ميوله الجنسية أو بسبب كونه في علاقة مثلية.” وعليه رأت المحكمة أن صحيفة الغارديان لم ترتكب فعل التشهير بحق أحمدي.
في ١٨ أكتوبر ٢٠٢٢، نشرت صحيفة الغارديان البريطانية مقالًا بعنوان: “طالب أفغاني مثلي الجنس ‘قُتل على يد طالبان’ مع تصاعد العنف ضد مجتمع الميم”، مرفقًا بعناوين فرعية منها: “مقتل حامد صبوري هو الأحدث في موجة من الهجمات، في ظل تحذير جماعات حقوقية من أن الآلاف يختبئون أو يحاولون الفرار من البلاد.” [ص. ٧] وقد أورد المقال أن حركة طالبان قامت بخطف وتعذيب وقتل حامد صبوري، وهو طالب طب مثلي في كابول. كما تضمّن المقال صورة لصفی الله أحمدي، وهو مواطن أفغاني لا صلة له بصبوري، وذُيِّلت الصورة بالتعليق التالي: “أسرة وشريك حامد صبوري يقولون إنه احتُجز عند نقطة تفتيش في كابول في أغسطس وتعرّض للتعذيب ثلاثة أيام قبل أن يُطلق عليه الرصاص. الصورة: مقدمة.” [ص. ٨]
وفي وقت لاحق من اليوم نفسه، وبعد أن تبيّن أن الصورة المنشورة ليست لصبوري، قامت صحيفة الغارديان بحذف صورة أحمدي من المقال، وأدرجت ملاحظة موجزة تفيد: “تم استبدال الصورة الرئيسية في هذا المقال بتاريخ ١٨ أكتوبر ٢٠٢٢”، من دون أي إيضاح إضافي. [ص. ١٠]
وفي ٨ أغسطس ٢٠٢٣، وجّه أحمدي خطابًا قبل رفع الدعوى إلى صحيفة الغارديان طالب فيه بإصدار توضيح علني واعتذار، إضافةً إلى تعويض قدره ٢٥٠,٠٠٠ جنيه إسترليني عن التشهير. وقد ادعت الصحيفة أنها لم تتلقَّ هذا الخطاب الأولي، لكنها أقرت بتسلّمها خطاب متابعة بتاريخ ٢١ سبتمبر ٢٠٢٣، وردّت عليه بشكل مفصل. ولم تتلقَّ الصحيفة أي مراسلات أخرى حتى ٢٤ يناير ٢٠٢٤، حين قدّم ممثلو أحمدي تفاصيل الدعوى التي تم تسجيلها. وبعد مناقشات بين الطرفين بشأن المسائل الإجرائية، أُحيلت الدعوى إلى المحكمة العليا.
ترأس القاضي جونسون من المحكمة العليا في إنجلترا وويلز (دائرة كينغز بنش) نظر القضية. وكانت المسألة الرئيسية المطلوب الفصل فيها هي ما إذا كانت صحيفة الغارديان قد شوّهت سمعة صفی الله أحمدي من خلال نشر مقال يتناول مقتل طالب أفغاني مثلي الجنس مستخدمة صورة أحمدي، بما يوحي بأنه مثلي.
جادل أحمدي بأن المقال أوحى خطأً بأنه رجل مثلي، في حين أنه رجل مغاير الجنس تتجذر حياته وهويته في المجتمع الأفغاني، حيث تُجرَّم المثلية الجنسية وقد تُعاقَب بالإعدام. ورأى أن المقال شوّه سمعته من خلال تصويره كرجل مثلي يعيش متخفّيًا خوفًا من طالبان. وأضاف أنه حتى لو أدرك القارئ أنه ليس الشخص الموصوف في المقال، فسوف يستنتج رغم ذلك أنه من أفراد مجتمع الميم. كما أكد أن المعيار في تحديد ما إذا كان الوصف تشهيريًا يجب أن يأخذ بعين الاعتبار آراء المجتمعات الأفغانية والإيرانية والمسلمة المقيمة في إنجلترا وويلز.
أما صحيفة الغارديان فقد تمسكت بأن المقال كان يشير بوضوح إلى حامد صبوري، وليس إلى أحمدي. واعتبرت أن أي قارئ يتعرف على أحمدي في الصورة سيفترض أن إدراجها كان خطأ أو أن هناك تشابهًا كبيرًا بين صبوري وأحمدي. ودفعت الصحيفة بأن المثلية أو الدخول في علاقة مثلية ليس أمرًا “يتعارض مع القيم المشتركة في مجتمعنا.” [ص. ٢٨] وأشارت إلى أن التشريعات الحالية التي تعترف بحقوق الأزواج المثليين وتحميها تعكس القيم السائدة في المجتمع وتدل على أن مثل هذا الوصف لا يمكن اعتباره تشهيريًا في ظل القانون الإنجليزي.
نظرت المحكمة فيما إذا كان المقال قد أثّر سلبًا على “نظرة أفراد المجتمع متّسمي التفكير السليم” إلى أحمدي وذلك لتحديد ما إذا كان يشكّل تشهيرًا في ظل القانون العام. [ص. ١٧] كما قيّمت ما إذا كان النشر قد أوحى للقراء بأن أحمدي ارتكب سلوكًا أو اعتنق آراءً تتعارض مع “القيم المشتركة للمجتمع، أو أنها غير قانونية أو، بحسب المعايير المجتمعية العامة، غير أخلاقية.” [ص. ١٩]
أشارت المحكمة إلى قضية Monroe v Hopkins [٢٠١٨]، والتي شكّلت خروجًا عن بعض السوابق القضائية السابقة، حيث رأت أنه “لا يُعدّ القول تشهيريًا إذا كان تأثيره السلبي سيقتصر على نظرة شريحة معينة من المجتمع.” [ص. ١٧] وبناءً عليه، رفضت المحكمة دفع أحمدي القائل بضرورة التركيز على وجهات نظر مجتمعات بعينها مثل الأفغانية أو الإيرانية أو المسلمة، أو الإشارة إلى قانون العقوبات الأفغاني لعام ٢٠١٨.
ثم استشهدت المحكمة بقضيتي Kerr v Kennedy [١٩٤٢] و Liberace v Daily Mirror Newspapers Ltd, The Times، حيث اعتُبر وصف الأفراد بأنهم مثليون أمرًا تشهيريًا. غير أن المحكمة لاحظت أن المواقف الاجتماعية قد تغيّرت جذريًا منذ ذلك الوقت؛ فعلى سبيل المثال في قضية Prophit v BBC [١٩٩٧] SLT 74 لم يُعتبر الوصف كـ”مثلية” تشهيريًا. كما أشارت المحكمة إلى قضايا أخرى مثل Quilty v Windsor (١٩٩٩) و Brown v Bower [٢٠١٧]، حيث رأت المحاكم أن وصف الأشخاص بأنهم مثليون لا يُعدّ عادةً تشهيرًا.
في سياق تقييمها لتحوّل القيم المجتمعية، استعرضت المحكمة كذلك الإطار التشريعي الداخلي في إنجلترا وويلز، بما في ذلك إلغاء تجريم المثلية بموجب قانون الجرائم الجنسية لعام ١٩٦٧ والحماية ضد التمييز على أساس الميول الجنسية بموجب الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان وقانون المساواة لعام ٢٠١٠ والاعتراف القانوني بحقوق الأزواج المثليين في التبني والزواج. ولاحظت المحكمة أن القضاء أكّد أن الأزواج المثليين يستحقون نفس القدر من الاحترام والكرامة الذي يحظى به الأزواج المغايرون.
كما أشارت المحكمة إلى أنه قد يُعدّ تشهيريًا وصف شخص بأنه “رُهاب المثلية” كما في قضية Alam v Guardian News and Media Limited [٢٠٢٣]. وأوضحت أن القانون سيفقد اتساقه إذا عُدَّت المثلية الجنسية من جهة ورُهاب المثلية من جهة أخرى، أوصافًا تشهيرية معًا.
واستشهدت المحكمة أيضًا بكتاب Gatley on Libel and Slander (الإصدار ١٣، ٢٠٢٤)، والذي جاء فيه: “في الماضي، اعتُبر وصف شخص بأنه مثلي أمرًا تشهيريًا، غير أن هذا الرأي من غير المرجح أن يسود اليوم…ومن غير المرجح أن يرى قاضٍ أن القول بأن رجلًا مثلي ممارس يُعتبر تشهيريًا.” [ص. ٣٩]
كما أشارت المحكمة إلى أحكام قضائية في أستراليا، مثل قضية Rivkin v Amalgamated Television Services Pty Ltd [٢٠٠١]، حيث رأت المحكمة أنه لا يوجد عضو عادي وعاقل من المجتمع سيُقلّل من شأن شخص بسبب مثليته. وبالمثل في قضية John Fairfax Publications Pty Ltd v Rivkin (٢٠٠٣)، رأت المحكمة العليا الأسترالية أن الادعاءات المتعلقة بسلوك مثلي اتفاقي خاص لا تُعد عادةً تشهيرية، وإن كان القرار قد يختلف بحسب “الزمان والشخصية والظروف.” [ص. ٣٤] كما أشارت المحكمة إلى السوابق الأمريكية مثل قضية Albright v Morton (٢٠٠٤)، حيث لاحظت المحكمة أنه تمامًا كما كان يُعدّ تشهيريًا في الماضي وصف شخص أبيض بأنه أسود ثم لم يعد كذلك، فإن الأمر نفسه قد حدث فيما يتعلق بالتوجّه الجنسي.
وبالنظر إلى التحولات الاجتماعية منذ ستينيات القرن الماضي، خلصت المحكمة إلى أنه لم يعد “أي من أفراد المجتمع متّسمي التفكير السليم يقلّل من شأن شخص بسبب ميوله الجنسية أو بسبب كونه في علاقة مثلية”. [ص. ٣٩]
وشدّدت المحكمة على أهمية تحديد “المعنى الطبيعي والاعتيادي الوحيد للنشر، وهو المعنى الذي سيفهمه القارئ العاقل الافتراضي.” [ص. ٢٠] وفي هذا الصدد، رأت المحكمة أنه باستثناء الصورة، لم يكن في المقال ما يمكن أن يُفهم بشكل معقول على أنه يشير إلى أحمدي، إذ كان يصف بوضوح شخصًا مختلفًا باسم وخلفية وظروف مغايرة. وبالنسبة إلى المحكمة، فإن القارئ العاقل الذي يعرف أحمدي لن يستنتج أن المقال يتعلق به أو يوحي بأنه مثلي. كما أكدت المحكمة أن الصورة نفسها، في سياقها، ستُفهم على أنها إما خطأ أو مجرد تشابه في الملامح. ورفضت المحكمة حجة أحمدي التي تقول إن القارئ العاقل قد يفسّر الصورة على أنها تُظهر عضوًا من مجتمع الميم غير صبوري.
ورأت المحكمة أن “القول لا يُعتبر تشهيريًا ما لم يكن نشره قد سبّب، أو كان من المرجح أن يسبّب، ضررًا جسيمًا” لسمعة المدّعي، وفقًا للمادة ١ من قانون التشهير لعام ٢٠١٣. [ص. ٢١] وبما أن النشر لم يكن تشهيريًا في ظل القانون العام، ولم يقدّم أحمدي أدلة على وقوع ضرر فعلي لسمعته في إنجلترا وويلز، فقد رفضت المحكمة دعواه، وأصدرت حكمًا موجزًا لصالح صحيفة الغارديان.
يشير اتجاه الحكم إلى ما إذا كان الأخير يُوسع من مدي التعبير أم يُضيقه بناءً على تحليل للقضية.
وسّع قرار المحكمة نطاق حرية التعبير من خلال تأكيده على أن التصريحات التي توحي بأن شخصًا ما مثلي الجنس لا تُعدّ تشهيرًا في ظل القانون الإنجليزي، وهو ما يعكس التغيرات في المواقف والقيم الاجتماعية. وقد شدّد الحكم على أن المدّعي يجب أن يثبت وجود ضرر واضح يلحق بسمعته في نظر أفراد المجتمع متّسمي التفكير السليم. بذلك أكّد القضاء على ضرورة مراعاة التطورات في المعايير الاجتماعية وأن الوصمات البالية لا يمكن أن تشكّل أساسًا لإقامة دعوى قضائية. وبهذا يحدّ الحكم من إساءة استخدام دعاوى التشهير.
يوضح المنظور العالمي كيف تأثر قرار المحكمة بمعايير سواء من منطقة واحدة أو عدة مناطق.
تُشير أهمية هذه القضية إلى مدى تأثيرها وكيفية تغير مدى أهميتها بمرور الوقت.