ترخيص / تنظيم وسائل الإعلام
الاتحاد البوروندي للصحفيين ضد المُدّعي العام
بوروندي
قضية مُنتهية الحكم يُعزز من حُرية التعبير
حرية التعبير العالمية هي مبادرة أكاديمية، ولذلك، نشجعك على مشاركة وإعادة نشر مقتطفات من محتوانا طالما لا يتم استخدامها لأغراض تجارية وتحترم السياسة التالية:
• يجب عليك الإشارة إلى مبادرة جامعة كولومبيا لحرية التعبير العالمية كمصدر.
• يجب عليك وضع رابط إلى العنوان الأصلي للتحليل القضائي أو المنشور أو التحديث أو المدونة أو الصفحة المرجعية للمحتوى القابل للتنزيل الذي تشير إليه.
معلومات الإسناد وحقوق النشر والترخيص لوسائل الإعلام المستخدمة من قبل مبادرة حرية التعبير العالمية متاحة على صفحة الإسناد الخاصة بنا.
هذه القضية متاحة بلغات إضافية: استعرضها بلغة أخرى: English استعرضها بلغة أخرى: Français
أيدت محكمة الدائرة بمُقاطعة كولومبيا على القواعد الجديدة المُتعلقة بحيادية الشبكات والصادرة عن الهيئة الفيدرالية للاتصال (FCC). صنّفت هيئة الاتصال خدمات البرود باند بكونها خدمات اتصال وبالتالي ناقلات لخدمات اتصالية في منظور القانون الفيدرالي. كما صُنف مُزوّدو خدمات الانترنت بصفتهم قنوات غير مُميّزة للخطاب ولا بصفتهم منتجي خطاب يُمكنهم الاستفادة من حماية التعديل الأوّل. طُرحت هذه المسألة للردّ على أمر صدر عن الهيئة الفيدرالية للاتصال وقد عُرف باسم أمر الإنترنت المفتوح الذي حاول إلزام مُزودي خدمات البرود باند بالإذعان لقواعد الحيادية أي مبدأ أن يُعالج مزوّدو خدمات البرود باند مختلف المُعاملات والمُبادلات على الانترنت بنفس الطريقة مهما كان مصدرُها.
تتعلق هذه القضيّة بقواعد أصدرتها الهيئة الفيدرالية للاتصالات للحفاظ على حيادية الأنترنت. فالإنترنت شبكة عالمية للاتصالات تُمكّن المُستخدمين والمُزوّدين من إرسال وتلقّي معلومات بأشكال مُتعددة. يشارك في هذه العملية أربعة أطراف أساسية: “المُستخدم النهائي ومُزوّدو البرود باند والشبكات الأساسية ومستضيفو المحتوى على شبكة الانترنت” (فقرة ٩):
المُستخدم النهائي يمثل الأفراد والمؤسسات الذين يستعملون الانترنت
مُزوّدو البرود باند يستعملون تكنولوجيات مثل كابلات المودم و د أس أل (DSL) والألياف الضوئية لتوفير التدفق العالي والسريع للأنترنت للمُستخدمين
الشبكات الأساسية تربط بين مُزوّدي البرود باند،
مستضيفو المحتوى على شبكة الانترنت “يوفرون المُحتوى والخدمات والتطبيقات على الانترنت” (slip op. at 9, quoting Verizon v. FCC). أمثلة عن مُزوّدي الحافة: جوجل و نتفلكس و إي إس بي إن و أمازون.
عبّر المستخدمون النهائيون ومستضيفو المحتوى على شبكة الانترنت ومناصرو حُرية الانترنت عن قلقهم من أن غياب قوانين تُحرّم مثل هذا السلوك الذي من شانه أن يُمكّن مزوّدي البرود باند من التأثير على الوصول الحُر للمُستخدمين النهائيين خاصة عند استعمالهم لبعض مستضيفي المحتوى على شبكة الانترنت على غرار نتفلكس.
يُعطي القسم الثاني من قانون الاتصال لسنة ١٩٣٤ الهيئة الفيدرالية للاتصال السلطة لتنظيم ناقلي الاتصالات والمؤسسات العامة للخدمات على غرار خدمات الاتصال الهاتفي. يفرض القسم الثاني على الناقلين العامين “توفير خدمات الاتصال حسب الطلب الرشيد ودون تمييز غير عادل أو غير معقول على مستوى الممارسات والتكاليف والتصنيف والقوانين والتسهيلات والخدمات” (قانون الاتصال بالولايات المُتحدة لسنة ١٩٣٤ الفقرة ٢٠١ (أ) و٢٠٢ (أ) و٢٠١ (ب).
في الأيام الأولى للأنترنت أخضع قانون الاتصالات لسنة ١٩٩٦ “خدمات الاتصال” للقوانين المُتعلقة بالناقلين التقليديين بمُقتضى القسم الثاني، وذلك بفصل هذه الخدمات عن “خدمات الإعلام” (قانون الاتصالات بالولايات المُتحدة لسنة ١٩٩٦). وقع تعريف “خدمة اتصالات” بكونها “توفير اتصالات بمُقابل للعموم أو لأصناف من المُستخدمين بكيفية تجعُلها متوفرة فعليا ومباشرة للعموم دون اعتبار الوسائط المُستخدمة” (الولايات المتحدة المادة ٤٧ الفقرة ١٥٣(٥١)). كما وقع تعريف خدمة إعلامية بكونها “توفير الوسيلة لإنتاج أو تلقي أو تخزين أو تحويل أو مُعالجة أو استخراج أو توفير معلومات عبر وسائط للاتصال” (الولايات المتحدة المادة ٤٧ الفقرة ١٥٣(٥١)).
في ١٩٩٨ لما بدأت خدمات الانترنت في الانتشار بتكنولوجيا البرود باند صنفت الهيئة الفيدرالية للاتصال بعض خدمات DSL على غرار الاتصالات بإخضاعها للقوانين المُنظمة للناقلين التقليديين. (أمر الخدمات المُتقدّمة Advanced Serv. Order). وفي سنة ٢٠٠٢ صنّفت الهيئة الفيدرالية للاتصال خدمات الموديم (نوع من خدمات البرود باند) بكونها مُجرد خدمات إعلاميّة مستثناة من معاملات الناقلين التقليديين وهو مأ أكدته المحكمة العُليا سنة ٢٠٠٥ في قضية براند إكس (Brand X). بعد قضية براند إكس صنّفت الهيئة الفيدرالية للاتصال خدمات أخرى للبرود باند على غرار DSL والبرود باند الخاصة بالجوّال مثل الخدمات الإعلامية وحرّرت كل مُزوّدي البرود باند من الالتزامات التي يخضع إليها الناقلون التقليديون للاتصالات (في Wireline Broadband Order). وفي نفس الوقت صنّفت الهيئة الفيدرالية للاتصال خدمات البرود باند اللاسلكية بصفتها “خدمات الجوّال الخاصة” وحرّرتها من التعديل الخاص بالناقلين التقليديين على عكس “خدمات الجوال التجارية” التي تخضع لها.
لكن الهيئة الفيدرالية للاتصال أكدت على أنها ستعمل على الحفاظ على الحيادية وستُراجع قوانينها إذا ما انتهك مزوّدو خدمات البرود باند مبادئ الانترنت المفتوح. يبدو وأن مؤسسة كومكاست (Comcast) تدخلت سنة ٢٠٠٧ في وصول المُستخدمين للأنترنت فاسحة المجال للهيئة الفيدرالية للأنترنت للتدخل من أجل الحفاظ على حيادية الشبكة. أمرت هيئة الاتصال كومكاست بالكشف عن عدد من الممارسات لديها لكن المحكمة أبطلت هذا الأمر سنة ٢٠١٠ بسبب الفشل في تحديد سلطة تشريعية مُناسبة (قضية كومكاست ضد الهيئة الفيدرالية للاتصال Comcast Corp. v. FCC). ثُمّ وبعد فترة من التعليقات العامة نشرت الهيئة الفدرالي للاتصال أمر الأنترنت المفتوح لسنة ٢٠١٠ (2010 Open Internet Order) للتعريف بالقواعد والقوانين الدّاعمة للحيادية لكنها لم تُعد تصنيف البرود باند بصفته خدمة للاتصالات. وبالنسبة لمُؤسسة فيرايزون (Verizon) حددت المحكمة السلطة القانونية للهيئة الفيدرالية للاتصال وهي نشر قواعد الأنترنت المفتوح في إطار القسم ٧٠٦ من قانون الاتصالات. لكن المحكمة ألغت قواعد الأنترنت المفتوح التي جاء بها أمر سنة ٢٠١٠ لأنها صنفت مزوّدي البرود باند بصفتهم ناقلي خدمات اتصال تقليديين.
لم تتمكّن الهيئة الفدرالية للاتصال قانونيا من وضع قواعد للأنترنت المفتوح لأن مُزوّدي البرود باند ظلّوا مُصنفين بصفتهم خدمات إعلامية أي يتمتعون بالإعفاء من الالتزامات المفروضة على الناقلين التقليديين في نقل المعلومات دون تمييز (مثال قواعد تطبيق الحيادية على الشبكة). لكن مؤسسة فيرايزون (Verizon) حافظت على قاعدة الشفافية المنصوص عليها بأمر ٢٠١٠ المُتعلق بالأنترنت المفتوح.
بعد مُضي أشهر على صدور قرار المحكمة في قضية فيرايزون سنة ٢٠١٤ أصدرت الهيئة الفدرالية للاتصال مُذكّرة لصياغة القوانين المُقترحة (NPRM) من أجل “البحث على أفضل المُقاربات لحماية انفتاح الأنترنت وتعزيزه”. تلقّت هيئة الاتصال ملايين من التعليقات حول هذه المُذكرة قبل إصدار أمر الأنترنت المفتوح (2015 Open Internet Order) لسنة ٢٠١٥ والذي:
1. أعاد تصنيف خدمات البرود باند (على غرار DSL، والكابل والجوّال) بصفتها خدمات للاتصالات،
2. امتنع عن تطبيق بعض الأحكام الخصوصية المُنظمة للناقلين التقليدين للاتصالات “أخذا بعين الاعتبار المصلحة العامة”
3. ووضع خمس قواعد خاصة بالأنترنت المفتوح
تمثلت “القواعد الخمس للأنترنت المفتوح” في قاعدة مكافحة الحجب وقاعدة مكافحة الاختناق ومنع تحديد الأولوية بمُقابل و”قاعدة عامة للسلوك” لتعزيز حيادية الإنترنت على نطاق واسع باستخدام قائمة غير منتهية من العوامل وقاعدة “تعزيز” الشفافية والتي جاءت لتطوير قاعدة الشفافية المنصوص عليها بأمر الأنترنت المفتوح لسنة ٢٠١٠.
عارضت عديد الأطراف الأمر الصادر عن الهيئة الفدرالية للاتصال (“المُعترضون”) وتشمل الجمعية الأمريكية للاتصالات التي قدّمت عريضة لمحكمة الاستئناف الأمريكية بالدائرة القضائية لمُقاطعة كولومبيا لمُراجعة أمر الأنترنت المفتوح الصادر سنة ٢٠١٥. ذكر المُعترضون أن إعادة تصنيف خدمات البرود باند واعتبارُها خدمات اتصالات لتخضع للأحكام الخاصة بالناقلين التقليديين يمثل أمرا غير مُناسب وغير معقول وبأن الهيئة الفدرالية للاتصال تفتقد للصلاحية القانونية لإعادة تصنيف البرود باند أو لإصدار القواعد والقوانين وأن مُذكّرة صياغة القوانين المُقترحة (NPRM) لم تشرح كما يجب مفهوم إعادة التصنيف أو محتوى القوانين وبأن خدمة البرود باند للجوال لا يُمكن اعتبارها خدمة تجارية للجوال لكي يخضع للأحكام الخاصة بالناقلين التقليديين وبأن الهيئة الفدرالية للاتصال لا يُمكنها التغافل على بعض أحكام الجزء الثاني عند تنظيم مُزوّدي البرود باند وبأن بعض الأحكام انتهكت حقوق مُزوّدي البرود باند المنصوص عليها بالتعديل الأول و المتعلقة بحُرية التعبير. شاركت مؤسسات التفكير والمستثمرون والمقاولون ومستضيفو المحتوى على شبكة الانترنت والمُستخدمون والنشطاء ومنظمات المُناصرة في هذه القضايا من جانبي النزاع.
استعرض القاضيان تاتل وسرينيفاسن أغلب ما جاء في قرار المحكمة. تعلّقت أهم النقاط ١. بما إن كانت الهيئة الفدرالية للاتصال صنفت كما يجب خدمات البرود باند بصفتها “خدمات اتصال” مما من شِأنه أن يُخضعُها للأحكام الخاصة بالناقلين التقليديين بما في ذلك ضرورة تطبيق قواعد حيادية الشبكة. و٢. إن كانت قواعد الانترنت المفتوح مُناسبة أو هل إنها انتهكت حق التعبير لمُزودي البرود باند المنصوص عليه بالتعديل الأول.
اعتمد المُعترضون على عديد الحُجج الإدارية والإجرائية والمنطقية رفضتها المحكمة برُمّتها. وقد استرشدت العديد من هذه القرارات بالمبدأين الأساسيين للمحكمة كمحكمة مراجعة: ١. ان “دورها في مُراجعة قواعد وقوانين الوكالات محدود” (صفحة ٢٢ مرجع الجمعية الأميركية للخطوط الحديدية ضد اللجنة التجارية بين الولايات 978 F.2d 737 (D.C. Cir. 1992) وأن المحكمة يُمكنها الحكم على ما إذا كانت السياسة حكيمة فقط عندما تحسم في مسائل قانونية.
تتمثل المُشكلة الأساسية الأولى فيما إذا قد أصابت الهيئة الفدرالية للاتصال في تصنيف خدمات البرود باند بصفتها خدمات اتصالات. ركّزت الهيئة الفدرالية للاتصال على نظرة المستخدمين لما “يعرضه” مُزوّد خدمات البرود باند أو المنتجات التي يعرضها على المستهلكين. اعتبرت المحكمة أن خدمات البرود باند توفر النقل النقي للرسائل من خلال مُعالجات معلوماتية فدورُها يتمثل في ربط المُستخدمين بمُحتويات صادرة عن أطراف أخرى. فالمُحتويات الصادرة مثلا عن نتفلكس ويوتيوب و أم أل بي تي في مثلا “حوّلت تقريبا كلّ مظاهر حياتنا وتشمل أنشطة هامة كاختيار قادتُنا وبناء مساراتنا المهنية أو ربط علاقات ود ومحبّة أو حتى طلب سيارة أجرة أو مُشاهدة شريط” (صفحة ٢٦). وبالتالي يمكن لمزود خدمات البرود باند “الاعتماد على نفسه في توفير الاتصال” فينطبق عليه إذا تعريف الهيئة الفدرالية للاتصال الخاصة “بمُزودي خدمات الاتصال” والتي أحسنت تصنيفه كذلك. لم يكفي اعتماد مُزوّدي البرود باند على خدمات المعلومات على غرار DNS والبيانات الخفية caching لتغيير النتائج التي توصّلت إليها الهيئة الفدرالية للاتصال لأنها تُمثل “مُجرّد استثناءات للتصرف في نظام الاتصالات.”
فشلت الحجج الإجرائية للطعن فيما يتعلق بكفاية الإشعار في إعادة تصنيف NPRM ، وكذلك حجة أن لجنة الاتصالات الفيدرالية تفتقر إلى السلطة القانونية لإعادة تصنيف الخدمات البرود باند. بالإضافة إلى ذلك، رأت المحكمة أن إعادة تصنيف لجنة الاتصالات الفيدرالية (FCC) لخدمة البرود باند للجوال على أنها “خدمة جوال تجارية” كان معقولاً ، بالنظر إلى الانتشار المتزايد لخدمة البرود باند للجوال منذ التصنيف الأولي في عام 2007 وتعدد استعمالاتها للتواصل مع جميع مستخدمي الإنترنت والهاتف. أدى هذا التحرك أيضًا لتجنب نتيجة متناقضة كان بموجبها سيتم اعتبار خدمة البرود باند للجوال شركة نقل مشتركة بموجب أحد التعريفات، و اعفائه من معاملته كشركة نقل مشتركة بموجب تعريف آخر.
أما فيما يخصّ قواعد الأنترنت المفتوح اعتبرت المحكمة أنه يُمكن للهيئة الفدرالية للاتصال في إطار صلاحياتها القانونية حظر إعطاء الأولويّة بمُقابل وذلك حسب ما ينصّ عليه الجزء الثاني وقانون الاتصالات لسنة ١٩٩٦. كانت مُبررات هيئة الاتصال حول قواعد الأنترنت المفتوح كافية لأن المحكمة كانت قد اعتبرت في قضيّة فرايزون Verizon أن هذه القواعد “ستحمي وتدفعُ ‘بالدائرة الإصلاحية’ للتجديد حيث أن هذه القواعد ساهمت في الازدهار المُدهش للأنترنت” (صفحة ٩٥). ولم تكُن القاعدة العامة للسلوك غامضة تحت بند الإجراءات القانونية الواجبة الذي ينصّ عليه الدّستور إذ “وقع تصميمُه ليكون مرنا للاستجابة للمُمارسات الطارئة ولمنع الالتفاف على القواعد الواضحة والصريحة” (صفحة ٩٨).
أما المسألة الهامة الثانية فتمثلت في التعرف عما إذا انتهكت قواعد الأنترنت المفتوح حق مُزوّدي البرود باند في حُرية التعبير الذي جاء به التعديل الأوّل. كان على الأطراف في مرحلة أولى عرض الأدلة المُعترضة على قواعد الأنترنت المفتوح وهي مسألة بالغة الأهمية بالنظر على التعديل الأوّل. الطعن الوحيد الذي يجب البحث عنه في النزاع هو إن “وُجدت فعلا إساءة” يُمكن “اتباعها بصفة موضوعية” في قرارات الهيئة الفدرالية للاتصال والتي كان بالإمكان “تصحيحها من خلال قرار إيجابي”. تنصّ قواعد التعديل الأوّل أنه يُمكن عادة مُراجعة الأحكام قبل تنفيذها إذا ما عبّر الطرف المُعارض على نيّته في انتهاك القانون، لأن “رغبة المحاكم في السماح بالقيام بمُراجعة سابقة تكون في أشدّها عندما تتعلق الدعاوى بالتعديل الأوّل” (المرجع: قضية اللجنة الجمهورية للولاية بنيويورك ضدّ الوزارة N.Y. Republican State Comm. v. SEC). بما أن المُعترضين عبّروا عن نيتهم لخرق قواعد الهيئة الفدرالية للاتصال فقد كان على الأطراف تبرير اعتراضهم لقواعد الأنترنت المفتوح بالاعتماد على التعديل الأوّل.
أما بخصوص محتوى الدعاوى المُتعلّقة بالتعديل الأوّل تمثلت المسألة الجوهرية في العلامات الخصوصية والمشتركة بين مُختلف الناقلين بالولايات المُتحدة. فالناقلون التقليديّون “كانوا لفترة طويلة خاضعين لضرورة توفير وصول عادل وغير تمييزي لكُل المُلزمين بالقواعد دون مُساءلة ما جاء في التعديل الأوّل. وهذه الالتزامات تنطبق على الناقلين التقليديين عند بثهم لخطاب الآخرين ولا على ناقل يُذيع خطابه الخاص به” (الصفحة ١٠٨-١٠٩). تصحّ هذه الالتزامات عندما يتعلق الأمر بخدمات البريد وسكك الحديد والاتصالات الهاتفيّة دون أن يمسّ ذلك بحقوق هؤلاء الناقلين المنصوص عليها بالتعديل الأوّل.
أما بخصوص الوصول إلى الأنترنت (لا نتحدث على المُحتوى الأصلي أو تجربة موجّهة على الأنترنت) اعتبرت الهيئة الفدرالية للاتصال أن مُزوّدي البرود باند لا يُمثلوا سوى “مُجرّد ناقلين لرسائل الآخرين وليسوا وكلاء يُمارسون مهاما تحريرية” وبالتالي لا يُمكنهم الانتفاع بالحماية المنصوص عليها بالتعديل الأوّل (الصفحة ١١١ والمرجع أمر الأنترنت المفتوح لسنة ٢٠١٥ 2015 Open Internet Order). لم يلعب مُزوّدو البرود باند دور المراقبين التحريريين على غرار الناشرين فمُزوّد البرود باند لا “يتكلّم” ولا يتوقع منه المستخدمون أن يفعل ذلك فدوره يقتصر على توفير الوصول إلى محتوى الأنترنت كأي مرفق للخدمة العامة ولا يُمكنهم الانتفاع بحماية التعديل الأوّل بل يجب عليهم الامتثال لقواعد الأنترنت المفتوح التي تفرض عليهم الالتزام بالحيادية وعدم التمييز في تزويد الخدمات.
لكُلّ هذه الأسباب رفضت المحكمة قبول عريضة المُعترضين لإعادة المُراجعة وأكّدت أمر الأنترنت المفتوح الصادر عن الهيئة الفدرالية للاتصال سنة ٢٠١٥ كما أيدت نتائجه وقواعد الالتزام بالحياديّة من طرف مُزوّدي البرود باند.
اتفق من ناحية القاضي الرئيس ويليامز في الدائرة القضائية مع هذا الحكم لكنه عبّر عن اختلافه مع البعض من أركانه فبينما أيّد القليل مما جاء في موقف الأغلبية اعتبر أنه يجب إلغاء ِأمر الأنترنت المفتوح الصادر عن الهيئة الفدرالية للاتصال لثلاثة أسباب: ١- اعتبار إعادة تصنيف هيئة الاتصال لخدمات البرود باند من خدمات إعلامية إلى خدمات اتصالية عملية غير معقولة لأنها لم تعتبر أهمية الاعتماد على مزوّدي البرود باند ولم تأخذ بعين الاعتبار التغيرات والتطورات على مستوى الإدراك العام ٢- لا يُبرّر الجزء ٢٠١ من قانون الإعلام والجزء ٧٠٦ من قانون الاتصالات لسنة ١٩٩٦ قواعد الأنترنت المفتوح التي جاءت بالأمر ٣- قرار الهيئة الفدرالية للاتصال لرفض تطبيق البعض من أحكام القسم الثاني يتعارض مع قوّة السوق – فهي إما أن تكون غير قادرة على إعادة تصنيف البرود باند و أن تُطبّق جميع أحكام القسم الثاني.
يشير اتجاه الحكم إلى ما إذا كان الأخير يُوسع من مدي التعبير أم يُضيقه بناءً على تحليل للقضية.
يُمثل هذا القرار الانتصار الحقيقي الأوّل لضمان حيادية الشبكة وتفعيل الإنترنت المفتوح بالولايات المُتحدة. عززت هذه القضية من حُرية التعبير بمنع مُزودي خدمات الإنترنت عن صدّ أو تعطيل المُعاملات على الأنترنت أو تحديد معايير الأولوية بمُقابل أو التدخل في المحتويات المشروعة الصادرة عن المُستخدمين ومُزودي الحافة.
قررت الهيئة الفدرالية للاتصال إعادة تصنيف خدمات النطاق العريض كناقلين تقليديين ومُعاملتهم بصفتهم مرافق للخدمات على غرار شركات الخدمات الهاتفية. تفرض قواعد الهيئة الفدرالية للاتصال التي جاءت في أمر الأنترنت المفتوح لسنة ٢٠١٥ على مُزوّدي خدمات النطاق العريض أن يتعاملوا دون تمييز في نقل الخطاب ويعني هذا أنه لا يُمكنهم التدخل في الخطاب أو المُحتوى الصادر عن المُستخدمين أو مُزودي الحافة والحفاظ على أكبر قدر من حُرية التعبير.
يُمكن أن تدفع هذه القضية ببعض مُزوّدي خدمات الإنترنت لتحرير بعض المُحتوى أو تقديم خدمات “موجّهة” على الانترنت حتى لا يقع اعتبارهم مُجرّد ناقلين. ويُمكن أن يتغير المشهد إذا ما غيّرت في المُستقبل الهيئة الفدرالية للاتصال موقفها بخصوص الحيادية الآن وقد اتخذت موقفا تنظيميا قاطعا. يُتوقع أن يقع استئناف القرار من طرف المُعترضين عن أمر الهيئة الفدرالية للاتصال.
يوضح المنظور العالمي كيف تأثر قرار المحكمة بمعايير سواء من منطقة واحدة أو عدة مناطق.
تُشير أهمية هذه القضية إلى مدى تأثيرها وكيفية تغير مدى أهميتها بمرور الوقت.
تتمتع محكمة الاستئناف بالولايات المتحدة الأمريكية بدائرة مقاطعة كولومبيا بالولاية القضائية للبت في الطعن في لوائح لجنة الاتصالات الفيدرالية وهي ملزمة.إضافة لذلك فهي تتميز بإقناع وطني قوي، بل حتى يكون لها قيمة إقناع دولية في بعض الحالات.