المدعي العام ضد الماجري
قضية مُنتهية الحكم يَحُد من حُرية التعبير
Key Details
- نمط التعبير
التواصل الإلكتروني / القائم على الإنترنت - تاريخ الحكم
يونيو ١٨, ٢٠١٢ - النتيجة
عقوبات جنائية - رقم القضية
1056
- المنطقة والدولة
تونس, الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
- الهيئة القضائية
محكمة الاستئناف - نوع القانون
القانون الجنائي - المحاور
الحرية الدينية - الكلمات الدلالية
النظام العام, وسائل التواصل الاجتماعي
سياسة اقتباس المحتوى
حرية التعبير العالمية هي مبادرة أكاديمية، ولذلك، نشجعك على مشاركة وإعادة نشر مقتطفات من محتوانا طالما لا يتم استخدامها لأغراض تجارية وتحترم السياسة التالية:
• يجب عليك الإشارة إلى مبادرة جامعة كولومبيا لحرية التعبير العالمية كمصدر.
• يجب عليك وضع رابط إلى العنوان الأصلي للتحليل القضائي أو المنشور أو التحديث أو المدونة أو الصفحة المرجعية للمحتوى القابل للتنزيل الذي تشير إليه.
معلومات الإسناد وحقوق النشر والترخيص لوسائل الإعلام المستخدمة من قبل مبادرة حرية التعبير العالمية متاحة على صفحة الإسناد الخاصة بنا.
هذه القضية متاحة بلغات إضافية: استعرضها بلغة أخرى: English
تحليل القضية
ملخص القضية وما انتهت اليه
محكمة الاستئناف في المنستير بتونس أيّدت قرار المحكمة الابتدائية في المهدية، والتي قضت بسجن فرد لمدة ٧ سنوات و٦ أشهر وتغريمه بمبلغ ١٢٠٠ دينار تونسي (حوالي دولارًا أمريكيًا في عام ٢٠٢٠)، وذلك لنشره صورًا على فيسبوك تسيء إلى الإسلام. بعد أن قام هذا الفرد بنشر صور تُظهر النبي محمد على أنه مُتحرّش بالأطفال وعلى هيئة خنزير يأكل الفئران، وأعاد نشر كتيّب ينتقد الإسلام من تأليف شخص آخر، تم القبض عليه ووجهت له تهم تتعلق بتهديد الآداب العامة. رفضت المحكمة حجة المتهم بأن المعاهدات الدولية تحمي ممارسته لحقه في حرية التعبير، وقررت أن هذا الحق لا يمتد إلى التعبير الذي يسيء إلى الآداب العامة والمبادئ الدينية.
الوقائع
في ٥ مارس ٢٠١٢، علم مكتب المدعي العام في المهدية بتونس، بوجود صور نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي من قِبَل شخص يُدعى جابر الماجري، والتي اعتُبرت مسيئة لمشاعر المواطنين التونسيين ومهينة لشخصية النبي محمد. أظهرت الصور النبي محمد يتحرش بفتاة صغيرة أُطلق عليها اسم “عائشة” كما صورت النبي في شكل خنزير يأكل الفئران. أذن المدعي العام بإجراء تحقيق، فقامت الشرطة القضائية بإلقاء القبض على الماجري واستجوابه. وكشفت التحقيقات أن الماجري قد شارك صورًا وكُتيبًا أعده شخص ثانٍ يُدعى غازي بيجي بعنوان “وهم الإسلام” على الإنترنت. صادرت الشرطة حاسوب الماجري المحمول، كما تم استخدام قرص مضغوط يحتوي على الكتيب والصور المنشورة على صفحة الماجري في فيسبوك كدليل لاحقًا.
أثناء الاستجواب لدى الشرطة، اعترف الماجري بأنه قام بنشر الصور، وصرّح بأنه ملحد لا يعترف بالإسلام وأنه سبق أن طلب اللجوء السياسي من الولايات المتحدة وإسرائيل. وأكد أنه لا يطلب أي عفو وأنه لا يعاني من أي حالة نفسية ولم يسبق له أن خضع لعلاج نفسي. مع ذلك، في استجواب ثانٍ، طلب الماجري المغفرة وأكد نشر الصور المسيئة – بما في ذلك تلك التي تحتوي على إيحاءات جنسية والكتيب – على صفحته العامة في فيسبوك باستخدام بريده الإلكتروني الخاص، لكنه أوضح أن بيجي هو من زوده بالصور (والتي كانت جزءًا من الكتيب أيضًا). أضاف الماجري خلال هذا الاستجواب أن بيجي شجّعه وحرضه على مشاركة الصور ومحتوى الكتيب بصيغة PDF التي كانت موجودة على موقع بيجي الإلكتروني، وقد أشار الماجري إلى الموقع من خلال روابط على صفحته في فيسبوك. وصرّح الماجري أنه تصرّف تحت تأثير بيجي وأنه ينتمي إلى عائلة دينية محافظة. وبعد انتهاء الاستجوابات، تم إعلام الماجري بأنه يخضع للتحقيق بسبب أفعاله التي تحطّ من المعتقدات الدينية وتُخل بالنظام العام وتتضمن إيحاءات جنسية مخالفة للأخلاق الحميدة، وأنه لا يخضع للتحقيق بشأن معتقداته الشخصية.
وُجّهت إلى الماجري تُهم تتعلق بنشر وتوزيع نصوص تهدد النظام العام (بموجب المادة ١٢١ (الفقرة الثالثة) من قانون العقوبات)، وتعكير راحة الغير عبر شبكات الاتصالات العمومية (بموجب المادة ٨٦ من قانون الاتصالات)، وانتهاك الأخلاق الحميدة (بموجب المادة ٢٢٦ (الفقرة الثانية) من قانون العقوبات).
تنص المادة ١٢١ (الفقرة الثالثة) من قانون العقوبات على ما يلي: “يُمنع توزيع أو بيع أو عرض المنشورات أو النشرات أو الملاحظات للعموم أو حيازتها بقصد التوزيع أو البيع أو العرض لأغراض دعائية، سواء كانت ذات منشأ أجنبي أم لا، إذا كانت من شأنها الإضرار بالنظام العام أو الأخلاق الحميدة. وكل مخالفة لهذه المادة تعرض صاحبها، بالإضافة إلى الحجز الفوري، إلى عقوبة بالسجن لمدة تتراوح بين ٦ أشهر و٥ سنوات وغرامة ما بين ١٢٠ إلى ١٢٠٠ دينار (حوالي ٤٤ إلى ٤٤٠ دولار أمريكي في عام ٢٠٢٠).”
وتنص المادة ٨٦ من قانون الاتصالات على ما يلي: “يُعاقب بالسجن لمدة تتراوح بين سنة وسنتين وغرامة مل بين ١٠٠ إلى ١٠٠٠ دينار (حوالي ١٣٠ إلى ٣٦٠ دولار أمريكي في عام ٢٠٢٠) كل من يتعمّد الإساءة إلى الغير أو إزعاج راحتهم عبر شبكات الاتصالات العمومية.”
وتنص المادة ٢٢٦ (الفقرة الثانية) من قانون العقوبات على ما يلي: “يُعاقب بالسجن لمدة ٦ أشهر وغرامة قدرها ١٠٠٠ دينار (حوالي ٣٦٠ دولار أمريكي في عام ٢٠٢٠) كل من يخل علنًا بالأخلاق الحميدة أو بالنظام العام بواسطة إشارة أو قول أو يتعمّد إزعاج الغير بطريقة منافية للحياء. كما يُعاقب بالعقوبات نفسها كل من يلفت الأنظار علنًا إلى فرصة لممارسة الفجور، سواء كان ذلك بالكتابة أو التسجيل أو الرسائل الصوتية أو البصرية أو الإلكترونية أو الضوئية.”
أدانت محكمة الدرجة الأولى بالمهدية الماجري بجميع التهم الثلاث، وحكمت عليه بالسجن لمدة ٥ سنوات وغرامة قدرها ١٢٠٠ دينار تونسي (حوالي ٤٤٠ دولار أمريكي في عام ٢٠٢٠) لنشر نصوص تهدد النظام العام، وبالسجن لمدة سنتين لتعكير راحة الغير عبر شبكات الاتصالات العمومية، وبالسجن لمدة ٦ أشهر لانتهاك الأخلاق الحميدة.
وقد استأنف الماجري القرار أمام محكمة الاستئناف بالمنستير.
نظرة على القرار
القضية المركزية التي كان على محكمة الاستئناف البت فيها هي ما إذا كان جبور الماجري مذنبًا بالتهم الثلاث الموجهة إليه.
جادل الماجري بأن المواد التي نشرها هي شكل من أشكال التعبير المحمي بموجب الحق في حرية التعبير الذي يكفله الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي تعد تونس طرفًا فيه، وأن حريته في الاعتقاد محمية أيضًا بموجب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. كما جادل بأن المرسوم التونسي-القانون ١١٦ لسنة ٢٠١١ بتاريخ ٢ نوفمبر ٢٠١١ بشأن حرية الاتصال السمعي والبصري يضمن حريته في الرأي والتعبير. وقد قدم مجري أن المادة ٥ من هذا القانون قد عدلت ضمنيًا المادة ١٢١ من القانون الجنائي. تنص المادة ٥ على ما يلي:
“يتم ممارسة الحقوق والحريات المذكورة في المادتين ٣ و٤ من هذا القانون على أساس المبادئ التالية: احترام الاتفاقيات والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والحريات العامة؛ حرية التعبير؛ المساواة؛ التعددية في التعبير عن الأفكار والآراء؛ والموضوعية والشفافية. يخضع تطبيق هذه المبادئ للقواعد المتعلقة باحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم، ولا سيما: احترام كرامة الفرد والحياة الخاصة؛ احترام حرية الاعتقاد؛ حماية الطفل؛ حماية الأمن الوطني والنظام العام؛ حماية الصحة العامة؛ وتشجيع الثقافة والإنتاج في مجال الاتصال والإعلام الوطني.”
على الرغم من أن الدستور التونسي لعام ١٩٥٩ يحمي الحق في حرية التعبير ويتضمن تقييدًا لكل حق وحرية واردة فيه، إلا أن هذا الدستور قد تم تعليقه بموجب القانون الأساسي المؤقت لتنظيم السلطات العامة لعام ٢٠١١ الذي كان ساريًا حتى اعتماد الدستور الجديد في ٢٧ يناير ٢٠١٧. نتيجة لذلك، استند الماجري إلى المعاهدات الدولية التي ظلت سارية في تونس.
فحصت المحكمة محتويات الكتيب واعتبرت أنه هاجم الإسلام من خلال تصويره كدين مدمر وافترى على النبي محمد من خلال تصويره كمنحرف جنسي ومتحرش بالأطفال. ووجدت المحكمة أن المؤلف روج للأكاذيب وانتقص مما هو مقدس للمسلمين، وقدم الكتيب بشكل استفزازي لدولة إسرائيل والولايات المتحدة والرئيس الصربي السابق سلوبودان ميلوشيفيتش. اعتبرت المحكمة أن هذا الهجوم على معتقدات ومشاعر المسلمين يمكن أن يثير الغضب ويؤدي إلى ردود فعل تهدد النظام العام.
أقرت المحكمة بأن حق الماجري في حرية الاعتقاد محمي بموجب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة ١١ من الدستور التونسي، لكنها ذكرت أن الانتقاص من الإسلام يتجاوز حماية حرية التعبير. وأشارت إلى أن تونس دولة مسلمة، وأن الإساءة للإسلام تقوض العناصر المقدسة لعقيدة التونسيين. واعتبرت المحكمة أن الدستور وضع إطارًا قانونيًا لممارسة الحقوق والحريات، ورفضت حجة مجري بأن تعبيره محمي: حيث اعتبرت أن مجري لم يحترم ذلك الإطار.
فيما يتعلق بتهمة انتهاك الآداب العامة، أقرت المحكمة بأن القانون لا يحدد مفهوم “الآداب العامة”، لكنها ذكرت أن الاجتهاد القانوني قد حدد أن ذلك يعني مجموعة من القواعد الأخلاقية والعادات والتقاليد والمبادئ الدينية المنتشرة في المجتمع التونسي والتي لا يمكن انتهاكها. اعتبرت المحكمة أن المنشورات أهانت النبي والمعتقدات الدينية والأخلاق بطريقة تهاجم الحياء العام، وبالتالي انتهكت الآداب العامة وفقًا للمادة ٢٢٦ (فقرة ثانية) من قانون العقوبات.
بشأن جريمة إيذاء الغير أو الإخلال بطمأنينتهم عبر شبكات الاتصال العامة، لاحظت المحكمة أن مصطلح “الغير” كان واسعًا في القانون وبالتالي شمل الأفراد والجماعات الذين عانوا دون شك من هجوم على معتقداتهم وعقيدتهم في هذه القضية، وأن ذلك لا يحتاج إلى تفسير إضافي. وعليه، وجدت المحكمة أن عناصر الجريمة المتمثلة في إيذاء الغير عمدًا أو الإخلال بطمأنينتهم عبر الاتصالات العامة قد تم إثباتها.
رفضت المحكمة حجة الماجري بأن عنصر الوصول العام المطلوب لجريمة “انتهاك الآداب العامة علنًا” لم يتم تحقيقه. جادل الماجري بأن صفحته على فيسبوك كانت محمية بكلمة مرور شخصية لا يمكنه الوصول إليها إلا هو. أشارت المحكمة إلى أن تقرير الضابط المحقق قد ذكر أن الموقع كان متاحًا للجمهور، وأن كتيب “وهم الإسلام” تضمن دعوة مفتوحة من مجري لمناقشة الكتيب والصور، وأن مخبرين اثنين تمكنوا من الوصول إلى الكتيب والموقع بسهولة، وإلا لما تمكنوا من الإبلاغ عنه إلى السلطات.
كما رفضت المحكمة حجة مجري بأن المادة ٥ من قانون ١١٦ لسنة ٢٠١١ قد عدلت المادة ١٢١ من قانون العقوبات، وذكرت أنه لا يوجد ذكر صريح أو ضمني لتعديل المادة ١٢١ في المادة ٥.
عليه، أيدت المحكمة استنتاجات المحكمة الابتدائية وأكدت الإدانة بالتهم الثلاث جميعها. كما رفضت المحكمة حجة الماجري بأن جميع التهم ناتجة عن فعل واحد، وأنه يجب الاحتفاظ فقط بأعلى عقوبة ضده، حيث اعتبرت أن الماجري قد صرح في الاستجوابات بأنه نشر الصور والكتيب على مدى فترة زمنية، وأن فعل نشر كل صورة وكل جزء من الكتيب يشكل عملاً إجراميًا مستقلًا. لذلك أكدت المحكمة جميع الأحكام الثلاثة.
اتجاه الحكم
معلومات سريعة
يشير اتجاه الحكم إلى ما إذا كان الأخير يُوسع من مدي التعبير أم يُضيقه بناءً على تحليل للقضية.
الحكم يَحُد من حُرية التعبير
برفضها التعامل مع مضمون مفهومي “الأخلاق الحميدة” و”النظام العام” والاعتماد على تفسيرات غامضة سابقة، لم تقدم محكمة الاستئناف أي وضوح أو يقين قضائي بشأن كيفية تفسير هذه المفاهيم المبهمة. وبذلك، خالفت مبدأ تفسير القانون الجنائي الذي يتطلب تفسيرًا صارمًا بدلًا من تفسير واسع، ويميل لصالح المتهم. ومن خلال فشلها في التعامل بشكل جوهري مع الجريمة المنصوص عليها في قانون الاتصالات، فقدت المحكمة فرصة تقديم تفسير قانوني لجريمة مثيرة للجدل تُستخدم بانتظام ضد المواطنين. بالإضافة إلى ذلك، من خلال الإشارة المتكررة إلى الأحكام الدستورية – التي تم تعليقها – لم تقبل المحكمة المعاهدات الدولية التي كانت تتطلب حماية أكبر لحق حرية التعبير. لقد تم استخدام دستور ١٩٥٩ – والقيود التي يفرضها على الحقوق والحريات – بشكل منهجي للحد من الحريات الجماعية والفردية.
المنظور العالمي
معلومات سريعة
يوضح المنظور العالمي كيف تأثر قرار المحكمة بمعايير سواء من منطقة واحدة أو عدة مناطق.
جدول المراجع المستند اليها
معيار أو قانون أو فقه وطني
- تونس٬ قانون العقوبات، المادة ١٢١ (٢٠١٥)
- تونس٬ قانون العقوبات، المادة ٢٢٦ (٢٠١٥)
- تونس٬ قانون الاتصالات، المادة ٨٦ (٢٠١٦)
- تونس٬ المرسوم رقم ١١٦ لسنة ٢٠١١ المتعلق بحرية الاتصال السمعي البصري (٢٠١١)
اهمية القضية
معلومات سريعة
تُشير أهمية هذه القضية إلى مدى تأثيرها وكيفية تغير مدى أهميتها بمرور الوقت.